سيول كارثية أشبه بـ”تسونامي” شمالي تركيا.. عشرات القتلى وبنايات ضخمة انهارت وغُمرت بالمياه

إسماعيل جمال 
حجم الخط
0

أنقرة -“القدس العربي”: مع مرور الوقت تتكشف المزيد من الآثار الكارثية التي خلفتها السيول التي ضربت عدة ولايات على البحر الأسود شمالي تركيا، حيث أغرقت المياه أحياء كاملة وغمرت بنايات حتى وصلت إلى الطابق الثالث فيما تسببت بانهيار بنايات سكنية ضخمة وجُرفت مئات السيارات، في حين سحبت السيول العديد من الجثث إلى البحر حيث ارتفعت حصيلة القتلى المؤكدة إلى 27 وسط تخوفات من وجود عشرات المفقودين يمكن أن يكونوا في عداد القتلى.

وعلى مدار اليومين الماضيين ضربت السيول مناطق مختلفة من ولايات سينوب وبارتين وقسطمونو شمالي تركيا عقب سقوط كميات كبيرة من الأمطار غير المتوقعة، كان أضخمها ما تعرضت له ولاية قسطونو التي سقط فيها أغلب الضحايا وتحديداً حي “بوزكورت” الذي اعتبر المغردون ووسائل إعلام تركية أنه “اختفى عن الوجود تماماً”، حيث غُمر الحي الساحلي بمياه السيول التي تداخلت مع مياه البحر وهو ما أخفى معالم الحي الذي بدى وكأنه جزء من البحر، في مشهد أشبه بـ”تسونامي” هائل.

وإلى جانب مشاهد السيول التقليدية وما تتضمنه من تدفق كميات كبيرة من المياه التي سحقت وجرفت مئات السيارات وكأنها علب كبريت صغيرة، وصل ارتفاع المياه في بعض المناطق إلى مستويات غير مسبوقة، وبينما تحدث وزير الداخلية سليمان صويلو عن ارتفاع 4 أمتار، أظهرت مقاطع فيديو وصول المياه إلى الطابقين الثاني والثالث في بعض البنايات، ومن شدة تدفق المياه وما تسببت فيه من انهيارات عميقة للتربية انهارت بعض البنايات السكنية الضخمة والمكونة من عدد كبير من الطوابق في مشهد غير مألوف أو متوقع على الإطلاق.

وأظهرت مقاطع فيديو مجموعة من المواطنين تجرفهم السيول دون أن يتمكن أحد من مساعدتهم، وآخرون نجوا بصعوبة بالغة، فيما جرفت السيول التي تدفقت نحو البحر العديد من الجثامين التي قذفها لاحقاً نحو الساحل، وعلى الرغم من الحصيلة التي وصفت بـ”الصعبة” إلا أن جهود فرق الإنقاذ منعت وقوع كارثة أكبر بكثير وذلك بعدما نجحت مروحيات الجيش والشرطة وخفر السواحل من إنقاذ مئات المواطنين جواً بعدما لجأوا إلى الطوابق العليا من البنايات التي غمرتها المياه.

وحتى ظهر الجمعة، أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد”، ارتفاع عدد ضحايا السيول والفيضانات إلى 27 وفاة، لكن مصادر محلية ما زالت تتحدث عن عشرات المفقودين وسط خشية من ارتفاع كبير في أعداد الضحايا حيث لا تزال فرق واسعة من هيئات الكوارث وقوى الأمن بحصر الخسائر والأضرار والوصول إلى المفقودين.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن الأماكن المتضررة من السيول في ولايات بارتين وقسطمونو وسينوب “مناطق منكوبة”، موضحاً أن 4 آلاف و760 فردا، و19 مروحية وطائرة مسيرة واحدة، و66 سيارة إسعاف و41 فريقا للإنقاذ الطبي، و630 سيارة خدمات و437 آلية هندسية، والعديد من الآليات الأخرى، تعمل في المناطق المتضررة جراء السيول.

وتعهد أردوغان الذي زار المنطقة، الجمعة، بإعادة إعمار المناطق المتضررة جراء السيول بأسرع وقت ممكن، وقال أردوغان: “أقولها بكل وضوح، بإذن الله سنتغلب على هذه الكوارث أيضًا (الفيضانات)”، وأضاف: “لا تقلقوا أبدا، فهذا الشعب لم ولن ينحنِ أبدا، وهذه الدولة لم ولن تنهار، سنبذل قصارى جهدنا لتعويض كل الأضرار الناجمة عن الفيضانات في أسرع وقت ممكن”.

وتسببت السيول في انقطاع الكهرباء والخدمات عن مناطق مختلفة في الولايات الثلاث، كما جرى إخلاء مستشفى حكومي كبير من المرضى، في حين أدت الانهيارات الأرضية التي خلفتها السيول إلى قطع الكثير من الطرق الرئيسي وعزل الكثير من القرى وهو ما صعب من جهود الإنقاذ التي بات جزء كبير منها يعتمد على التنقلات الجوية بسبب تعذر وصعوبة التنقل براً في المناطق المنكوبة.

وما أن نجحت فرق الإطفاء التركية في السيطرة على الحرائق الهائلة التي اشتعلت غابات ولايات أنطاليا وموغلا وهاتاي جنوبي البلاد، حتى ضربت السيول شمالها، وهو ما تسبب في إرهاق كبير للجهات الرسمية وفرق الإنقاذ والهيئات الاغاثية التي بدأت على الفور بتركيز جهودها من اقصى جنوب البلاد إلى شمالها.

كما أدى ترافق الأزمات إلى زيادة الضغوط الاقتصادية على الحكومة التركية، حيث تعهد الرئيس التركي بتعويض كافة المواطنين المتضررين من السيول شمالي البلاد، بعد أيام فقط من تعهده بتعويض كافة المواطنين المتضررين من الحرائق جنوبها وما يشمل ذلك من دفع تعويضات ومساعدات والبدء بمشاريع لإعادة بناء آلاف الوحدات السكنية في فاتورة اقتصادية باهظة تأتي في وقت كانت تحاول فيه البلاد التعافي من الآثار الاقتصادية الصعبة لانتشار فيروس كورونا.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية