شادي الهبر: المنتسبات إلى دورات التدريب يبحثن عن الذات بعد نجاح عائلي ومهني

زهرة مرعي
حجم الخط
0

مسرح «شغل بيت» في العرض 24 للمتدربين في المستوى الأول ومشاريع مستقبلية

بيروت ـ «القدس العربي»: قبل ثماني سنوات ولد مسرح شغل بيت، وبدأ يُعلن عن عروض متنقّلة في مسارح بيروت. حضور لم يغب منذ استعادت مسارح المدينة حيويتها بعد الجائحة والأزمة الاقتصادية. مسرح بات له جمهور ومريدون ينتظرون عروض دفعات المتخرجين، أو عروض من باتوا محترفين.

مسرح يدير نفسه بنفسه، ويستمر من خلال اشتراكات المنتسبين والمتدربين. عرض «شي بروس شي بلا روس» في 14 تموز/يوليو الجاري في مسرح المدينة يشكل الدفعة الـ 24 لمجموعات المتدربين. إنما طموح مؤسس مسرح شغل بيت شادي الهبر أن يصبح مقرّه في فرن الشباك مختبراً للعروض المسرحية. وهذا ما سيتحقق قريباً مع عرض «ضاع شادي».
مع المخرج شادي الهبر هذا الحوار:
○ منذ نشوئه قبل ثماني سنوات كيف نما وكبر مسرح شغل بيت؟
• تطور مسرح شغل بيت بوتيرة سريعة، رغم معايشتنا للثورة، والأزمة الإقتصادية وجائحة كورونا، فعملنا لم يتوقّف. واصلنا مشروعنا لقناعتنا بضرورة متابعة العمل رغم الصعاب. حبنا للمسرح حفّز استمرارنا، وكذلك رغبة الناس بأن يكون لهذا المسرح وجود. صراحة الطلب كبير، والناس تُحبّ ما نقدّمه. يقصدون مسرح شغل بيت سواء في دورات التدريب، أو العروض المسرحية التي نقدّمها. بات لشغل بيت مساحته في عالم المسرح اللبناني، ما نزال في مرحلة التجارب والاكتشاف. عندما أنجزنا المستوى الأول من الدراسة المسرحية، وجدنا ضرورة للمضي نحو المستوى الثاني، ومع إنجاز المستوى الثاني توجهنا لإنجاز الدبلوم. وفي المراحل الثلاث نجد الاقبال من المتدربين، من أنجزوا المستويات الثلاثة باتوا متمكنين من تقديم عرض شبيه بالنظام الجامعي، إنما خارج السياق الأكاديمي. فمسرح شغل بيت مختبر لاكتشاف المواهب والتجارب المسرحية. مؤخراً تخرّج من مسرح شغل بيت المخرج داوود حداد وقدّم مسرحية «الحجرة». فيما قدّم خريجو المستوى الثاني مسرحيات «فاتورة أحلام، وسلامة قلبو». وتضاف هذه المسرحيات إلى أخرى قدّمها خريجو المستوى الأول، إذ في برنامجنا تخريج دفعة كل شهرين. هذا إلى جانب مسرحيات كما «كش ملك» التي عُرضت مؤخراً في المونو، من دون أن تكون ذات صلة بالمستويين الأول والثاني. أخترتها للكاتب المسرحي ديمتري مِلكي، وقد سبقتها مسرحية «قفير النحل» في نهاية أيلول/سبتمبر الماضي.
○ من يرغب بالانتساب إلى دورات مسرح شغل بيت؟ وما الذي يجمع بينهم؟
• الملاحظ أنّ كل مجموعة تلتقي على جامع مشترك، وهو أمر غريب بالطبع ولا أجد له تفسيراً. المستوى الأول يقتصر على إعداد الممثل، وصولاً لبلوغ الحد الأدنى من الاحتراف، ومن يطمح بمزيد من تطوير الذات يلتحق بالمستوى الثاني، حيث ندخل إلى المرحلة الأكاديمية من مدارس ونصوص مسرحية، وبالطبع المزيد من الاختبار. أشرف على تدريب المستوى الثاني بالطبع، بمساعدة رودي قليعاني الذي يتولى التدريب على الصوت والحكواتي والإيقاع الموسيقي ومسرح الأطفال.
○ وماذا عن زمن الدراسة في مسرح شغل بيت؟
• في المستوى الأول تستمر الدورة لتسعة أشهر، فيما تمتد في المستوى الثاني لسنتين. في المستوى الثاني تقتصر السنة الأولى على مقررات مُكثّفة، فيما تنتقل المهمات في السنة الثانية إلى اختيار نصوص مسرحية لإنجاز الدبلوم.
○ نعرف أن المسرح جزء من علاج نفسي. فماذا عن أهداف المنتسبين إلى مسرح شغل بيت؟
• في السنوات الأخيرة يلتقون جميعهم على حب المسرح، بغض النظر عن أية أهداف أخرى كمثل التعبير عن الذات وتطويرها، وزيادة الثقة بالنفس. لا أخفي أنه في البدايات تردد كثيرون إلى مسرح شغل بيت معلنين رغبتهم بالاستفادة من هذا المكان لتخطي أشياء يعيشونها. وبهدف اكتساب قوة شخصية، والتعبير عن الذات. أو للتواجد في مساحة حرّة خاصة بالشخص. حالياً بات أغلب المنتسبين إلى مسرح شغل بيت يبحثون عن فعل المسرح، فهم لم يقصدوا دراسة المسرح في البدايات لاعتبارات منوعة منها الممنوع، و«ما بيطعمي خبز» وووو. أكثر من يقصدون مسرح شغل بيت حالياً يجذبهم المسرح بذاته ونسبة ملحوظة يجذبها تعزيز الأنا.
○ أي ينشدون تعزيز الثقة بالنفس؟
• إلى جانب تعزيز الثقة بالنفس، ينشدون اكتشاف قيمة المسرح، والراحة التي يتمتعون بها. أداة المسرح هو الإنسان.
○ وهل يحترفون؟
• أكثرهم يحترف. ريما الحلبي التي تؤدي منفردة مسرحية «كش ملك» محترفة، تفضل العمل في إطار مسرح شغل بيت لأنها تشعر بالانتماء والراحة، سبق ومثّلت في الدراما، وفي مسارح أخرى غير شغل بيت، إنها موهوبة.
○ ماذا عن أعمار المنتسبين لمسرح شغل بيت؟
• نستقبل المنتسبين من عمر 18 وما فوق. كل من يستطيع الوصول إلينا سالماً متسلقاً الدرج لطابقين يمكنه الانتساب لعائلتنا. نستقبل كافة الراغبين، دون التفات إلى العمر والجنس والهوية. مسرحنا أخلاقي خال من التنمّر، ومن تبادل الملاحظات بين المتدربين، ومن يدخل مساحتنا مقدّر وإنسانيته محفوظة، فالهدف المنشود هو المسرح.
○ ما الذي يلفتك في المنتسبين إلى مسرحكم؟
• انتساب النساء إلى مسرح شغل بيت عددهنّ ملحوظ، وتتراوح أعمارهنّ بين أواخر الأربعينات وصولاً إلى الستينات من العمر. نساء أنجزن الكثير من العائلة إلى العمل والمال وغيرها، لكنّهن يشعرن بالحاجة لأمر ما. أتين إلى مسرح شغل بيت لاكتشافه، وجدن الحاجة للاهتمام بذاتهنّ أقله في الساعات الثلاث، وهو الزمن الذي تمضينه في المسرح أسبوعياً. عندما لفتني حضور هؤلاء النساء، وجدت ضرورة لتفكير بشمولية أكبر في مسرح شغل بيت، أي أن ندرس مرحلة أبعد من نطاق مسرحية تخرّج. انه مشروع متكامل تتخلله مسرحيات. في برنامج العام المقبل نحضّر لمسرحية «الخادمتان» لجان جينيه. كنت أتشوّق لتقديمها مع ممثلات ينتمين لهذا العمر. تمّ اختيار ممثلات ثلاث لديهنّ موهبة مميزة، حلمن بالمسرح منذ الصغر، لكنّ العمر أخذهنّ إلى أماكن مختلفة. كذلك نحن بصدد مشروع يطال سيدات يشعرن بأنهن ما عدن ذوات قيمة ومعنى في هذه الحياة. تلك النسوة يسألن ذاتهن إن صارت حياتهنّ مخصصة للأبناء والأحفاد فقط؟ وجودهن في المسرح أعادهنّ للحياة والاهتمام بالذات. إنه مشروع للمستقبل نسعى لوضع أسسه.
○ وهل أنتم قادرون على تمويل مشاريع مماثلة؟
• لا أخفي اننا نواجه مصاعب تكبر بالتدريج. لا تمويل نعتمد عليه. بدأنا البحث عن تمويل لمشاريع محددة من مؤسسات تدعم المسرح من دون شروط. والمشروع الثاني يتمثّل بتقديم عروض في مسرح شغل بيت، تقع تحت خانة المختبر، إنه سعي لتأهيل المكان، بحيث لا يتخطى الحضور في العرض 30 شخصاً. ويتناول المشروع الثالث الجمع بين الأدب والمسرح، عبر اختيار كاتب من لبنان ومسرحة أحد كتبه. وثمّة مشاريع في البال كما الإطلالة على مسرح أمريكا اللاتينية. أي أننا سنخصص في المقبل من الأيام جزءاً من عملنا للأبحاث، نستند في هذا التخطيط إلى المنتسبين لمسرح شغل بيت من شباب وشابات، وبالطبع إلى من دخلوا مرحلة العمر الثالث، ويرغبون مشاركتنا تجاربنا، ونسعى إلى تمويل لمشروعنا.
○ هل اطلعت على محيط اللواتي انتمين لمسرح شغل بيت بعد أربعينات العمر. وهل تركن فيه أثراً؟
• طبعاً. لنعود إلى ريما الحلبي وتقديمها لعرض «كش ملك» مؤخراً، فهي محاطة بمجموعة من عائلة مسرح شغل بيت في عمر العشرينات، وهم يستمدون حوافز من تجربتها، جميعهم لا يشعر بالمسافة العمرية مع ريما الحلبي، بل العكس.
○ وكم لريما من العمر؟
• إنها في الـ56 وكانت في الـ47 حين انتسبت لمسرح شغل بيت، وهي تواصل الطريق. «كش ملك» المسرحية الخامسة التي تقدّمها و«طلوع الروح» مسلسل مثّلت فيها مع المخرجة كاملة أبو ذكرى.
○ ديمتري ملكي كاتب غزير نصوصه مخصصة لكم والبعض في مسرح شغل بيت كتب تجاربة. فماذا عنها؟
• صحيح. في المستوى الأول الجميع يكتب تجربته وبمساعدتي، وفي المستوى الثاني كنّا حيال تجربة واحدة شعرتها ضعيفة، قدمنا المسرحية لأني امتلك جرأة الدعم. النقد الذاتي ضروري، ولهذا كان القرار بضرورة التركيز على قراءة النصوص المسرحية. إنها قراءات موجهة من قبلي لتعزيز ثقافة المتدربين المسرحية. على سبيل المثال قرأ الياس البيم الكثير من النصوص، لكنّ «مريض الوهم» لموليير لفته جداً، فطلب من الكاتب ديمتري ملكي وضعها للمسرح من خلال شخصيتين وليس خمس شخصيات، وهكذا لبننها الكاتب ونحن بصدد عرضها في المدارس العام المقبل.
○ أخرجت عشرات المسرحيات لماذا لا تعتمد أسلوب الإعادة؟
• قد يكون السبب أني ملول وأبحث عن التجديد. العام الماضي قدّمنا مع ريما الحلبي «دفاتر لميا» وقررنا إعادتها بعد عام. في الواقع الأفكار تتوالد، والمسرحيات التي تنتظر كثيرة. خطّ ديمتري ملكي حتى الآن 60 مسرحية، وفي كل جديد له ينجح في استفزازي، بات ممتلكاً النص السهل الممتنع.
○ يبدو أن حماسك يتوازى نسبياً مع اجتهاد ديمتري ملكي؟
• صحيح. إنما في الأفق أيضاً مشروع بات قريب الإنجاز. فأول مسرحية يستقبلها مختبر مسرح شغل بيت تحمل عنوان «ضاع شادي» وتتضمّن أحداثاً من 1976 إلى سنة 1990. إنها ليست نهاية الحرب الأهلية في لبنان بل نهاية عمل المدافع، إنها تجربتي خلال الحرب، مونودراما شخصية.
○ هو شادي الهبر الذي ولد في بحمدون وهجّرته الحرب إلى بيروت؟
• نعم هو شادي الذي لم يتقسّم كمواطن. هذا العرض سيكون فاتحة مسرحيات ستُعرض في مسرح شغل بيت.
○ إن لم تحققوا الربح فهل تخسرون؟
• نجتهد كي لا نخسر. الربح حُلُم، نستمر كأفراد ومسرح من خلال اشتراكات المنتسبين الشهرية. شخصياً أمتهن التصوير كعمل موازي، ومنه أدعم مسرح شغل بيت.
○ ماذا عن دراستك المسرحية؟
• تخرّجت من «مدرسة المسرح الحديث» لمنير أبو دبس. عملت في مسرحه لسبع سنوات، وأضفت لاحقاً لمعارفي دورات في علم النفس، والإدارة، والتواصل، والكثير من المسرح وقررت بدء مشروعي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية