لندن ـ «القدس العربي»: هيمنت الذكرى السنوية لثورة 25 يناير على اهتمامات المصريين الذين انشغلوا بالحديث عنها في ذكرى مرور 12 عاماً على اندلاعها، وهي الثورة التي أطاحت بالرئيس محمد حسني مبارك ثم أحدثت تغييرات عميقة في البلاد، فيما رآى الكثير من المعلقين على شبكات التواصل الاجتماعي أن الثورة ما زالت لم تحقق أهدافها رغم مرور هذه السنوات، بينما دعا آخرون إلى النزول مجدداً للشارع.
وتصدرت الوسوم المتعلقة بثورة 25 يناير قائمة الأوسع انتشاراً والأكثر تداولاً على شبكات التواصل في مصر خلال الأيام الماضية بالتزامن مع الذكرى السنوية للثورة، وتباين الجدل في أوساط المعلقين بين من دعا إلى تجديد الثورة والنزول إلى الشارع من جديد وبين الذي اكتفوا باستذكار بعض الأحداث أو نشر بعض المقاطع المصورة من أحداث الثورة. واندفع الكثير من المغردين والمدونين إلى انتقاد الأوضاع الراهنة التي تشهدها مصر، وتحدثوا عن الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار وانهيار الجنيه المصري وغير ذلك من الأزمات التي تمر بها البلاد والتي جعلت الأوضاع العامة أسوأ من تلك التي كانت سائدة عندما ثار الناس في العام 2011 وأطاحوا بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
وغرد الصحافي والإعلامي المقيم في لندن محمد أمين يقول: «ذكرى ثورة 25 يناير ستبقى محفورة في ذاكرة كل الربيعيين ملهما وفارقا في مسار توق المصريين والعرب، للتحرر، وسعيهم نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتي يضيق هامشها ويتسع بقدر تحرر الدولة من الاستبداد والحكم العسكري، وينتكس كل شيء بتسيد المستبدين للمشهد».
وكتب الصحافي المصري علاء بيومي معلقاً: 25 يناير كانت فرصة رائعة للتغيير الإيجابي في مصر، ولكننا رفضناها لأننا جميعا لم نكن مستعدين. من تقدموا صفوف 25 يناير لم يكونوا مستعدين لمواجهة تحدياتها الهائلة، والشعب لم يكن مستعدا للصبر عليها وتوجيهها، والنظام لم يكن مستعدا للتنازل عن مكتسباته. ولهذا نخشى اليوم من صعوبة الآتي».
أما المدير العام السابق لقناة «الجزيرة» ياسر أبوهلالة فغرد يقول: «25 يناير يظل من أجمل أيام العرب، فيه فرح المستضعفين وحزن المستكبرين. نترحم على الشهداء ونتضامن مع المعتقلين والمشردين في أنحاء الدنيا. نظل كلنا خالد سعيد بطلا عنوانا للكرامة والشرطة التي قتلته عنوانًا للخسة والوضاعة».
وكتب الدكتور محمد أسامة، مستذكراً والده خلال ثورة يناير، والمعتقل حالياً، حيث يقول: «أذكر يوم 28 يناير عندما كان والدي منهمكا في ميدان التحرير في التنظيم والتخطيط وكان يوما عظيما إذ بالمصابين في كل مكان وقد ارتقى من الشهداء الكثير. ثم يأتي بنا على منصة من منصات الميدان حافي القدمين، رث الثياب، متعباً ومهلكاً من المجهود الذي بذل، جائعاً إذ لم يأكل شيئا منذ أيام». ويضيف: «كان والدي يشرب محلول الغلوكوز ليعوض ما ينقصه من غذاء، ثم أتى بي أنا وأخي وقال لنا جعانين، تعالوا أأكلكم، وذهب إلى رجل يصنع ساندويتشات الجبن في العيش السوري، فرأيته ينظر إلى الساندويتش وهو يصنع أمامه ولم ينتظر حتى يغلق الرجل الساندويتش ثم التقطه سريعا من يده وبدأ يأكل بشراهة كبيرة، ثم نظر أبي إلينا وكأن شيئا لم يكن وكأنه ليس بجريح أو مصاب، بل على العكس كان مقبلا ومتحمسا ومتحفزا لمواصلة السعي والبذل.. فك الله أسرك يا والدي فكلنا نعلم لمَ يحاكمونك بالإعدام ولمَ يثأروا منك ومن كانوا معك أيام التحرير».
وغرد الإعلامي والمذيع في قناة «مكملين» أسامة جاويش يقول: «عندما سُئلت ماذا تمثل لك ثورة 25 يناير قلت: هي الحلم الذي يتحقق، هي النضال الذي ينتصر، هي الأمل الذي يدوم، هي الانتماء الذي يكبر يوما بعد الآخر، ثورة يناير، هي الروح التي تبقينا على قيد الحياة، لسه الدم في قلوبنا ثائر.. لساها ثورة يناير».
أما الباحث العسكري محمود جمال فكتب يقول: «بعدما استوحشت الشرطة في ضرب المتظاهرين يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011 هتف الثوار بأعلى صوتهم لينزل الجيش لحمايتهم بهتاف لن أنساه: سايبين الشرطة بتضرب فينا عايزين الجيش ينزل يحمينا. تلك الصورة الذهنية الجيدة عند كثير من المصريين تجاه جيشهم قد تبدلت بسبب السيسي ومجموعة إدارته».
ونشرت مغردة تدعى أماني أحد مانشيتات الصحف خلال الثورة، وقالت: «أرشيف صور ومانشيتات 25 يناير 2011 هيفضلوا كابوس كاتم على نفسك لحد ما تغور» في اشارة إلى الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
ونشر أحمد حسن فيديو لهتافات ألتراس أهلاوي الذي كان أحد أعمدة الثورة، وسبباً في بقاء الملاعب خالية من الجمهور حتى اليوم، وعلق: «في ذكرى ثورة 25 يناير.. لن ننسى هتاف جمهور ألتراس أهلاوي.. قولناها زمان للمستبد».
ونشرت الناشطة رشا عزب إحدى لافتات ميدان التحرير، وكتبت: «صباح الخيرات على أصحاب الفكرة والخطوة، رفاقنا في مثل هذا اليوم، أينما كنتم، في البيوت والمنافي والسجون وفي شقاء القاهرة الأبدي، كل سنة وانتوا فاكرين وبتحكوا لعيالكم عن ثورة يناير اللي سيرتها لسه فزاعة لسلطة قتلت وسجنت وأفقرت الناس. عاشت السيرة والقصص والحكايات».
واكتفى الإعلامي أسعد طه بالقول: «افرحوا فهذا يحزنهم… ثورة 25 يناير». واعتبرت الشاعرة مروة مأمون أنّ الثورة مستمرة ولكن بشكل مختلف، وغردت: «25 يناير صاحبة فضل عليا وعلى بنات وستات كتير، كسر حاجز الخوف من السلطة ما وقفش عند تحدي سلطة مبارك… ناس كتير وأنا منهم مابطلناش ثورة من يوم 25 يناير… ثرنا على نفسنا وع المجتمع وع المؤسسات والتقاليد الذكورية، وعلى كل حاجة كانت مكتفانا… ومكملين.. أنا ثورتي نجحت، أخبار ثورتك ايه؟».
وغرد الناشط الأردني أنس الجمل قائلاً: «في مثل هذا اليوم ودّ الجميع لو كان مصرياً» فيما كتب معاذ محمد: «المجد للثورة.. المجد للشهداء.. رحم الله شهداء 25 يناير».
وكتب محمد حجاب: «سيظل 25 يناير هو يوم ثورتي.. ويوم 30 يونيو يوم خديعتي، صحيح أنني لم انتصر، لكني لم أُهزم بعد». فيما غرد سليمان المصري قائلاً: «أحد قريباتي أمد الله تعالى في عمرها شهدت ربيع براغ حين كانت مبتعثه للتدريب في تشيكوسلوفاكيا السابقه، فشل ربيع براغ وأصبح خريفا بعد الغزو السوفييتي وإرهاب الدبابات للشعب وتنصيب حكومه دمى عميلة، بعد اكثر من عشرين سنة من سيطرة الطغاة الشيوعيين سقط نظامهم للأبد، الأيام دول».
وكتبت إحدى المعلقات على «تويتر» تقول: «ماما كانت في المظاهرات كل ما تشوف شاب بيتشد تجري عليه وتقولهم ابني سيبوا ابني وتمسك فيهم لحد ما تخلصه من إيديهم وتجريه، في مرة ظابط قالها جرى إيه يا حاجة كلهم عيالك قالتله الله أكبر هتحسدهم. وحشتني مغامراتها وحكاياتها وأعدتها».
يشار إلى أن ثورة 25 يناير انطلقت يوم الثلاثاء 25 كانون الثاني/يناير 2011 بدعوة من بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي دعت المصريين إلى التخلص من النظام والفساد وسوء معاملة الشرطة وحالة الطوارئ والأوضاع السياسية السيئة في فترة حكم مبارك. وانتشرت المظاهرات في البداية في الميادين العامة مثل ميدان التحرير ثم انتقلت الاحتجاجات إلى السويس حيث شهدت سقوط عدد من القتلى بالرصاص، كما بادرت الحكومة المصرية بقمع الاحتجاجات عن طريق قطع الإنترنت وكافة الإتصالات، ما دفع العديد من القوى السياسية والمعارضة للمشاركة في احتجاج جمعة الغضب يوم 28 يناير والتي شهدت أعنف المظاهرات وحدوث احتكاك من قوات الشرطة مع المتظاهرين والتعامل معهم بالأسلحة النارية والقنابل المسيلة.
واستمرت الاعتصامات والمظاهرات في عدة ميادين مصرية أبرزها ميدان التحرير وميدان مسجد القائد إبراهيم واستمرت طوال 18 يوماً، كما شهد ميدان التحرير احتفالات كبيرة يوم 11 شباط/فبراير 2011 بعد إعلان عمر سليمان رحيل حسني مبارك عن الحكم.