يمثل قرار الولايات المتحدة سحب دفاعاتها الصاروخية من السعودية والعراق والكويت والأردن، الخطوة الأولى لتحويل مشروع إقامة نظام دفاعي جديد للشرق الأوسط، من مجرد مقترحات إلى خطة عملية، تتشكل ملامحها تدريجيا منذ بداية العام الحالي. الهدف الرئيسي المعلن للمرحلة الحالية هو مواجهة إيران، وتأمين مصالح الدولتين وشركائهما في المنطقة، خصوصا دول الخليج. القرار الذي أبلغه وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مكالمة هاتفية في الثاني من يونيو الماضي، يتضمن بدء سحب بطاريات الحماية الصاروخية الأمريكية طراز باتريوت من العراق والسعودية والكويت والأردن (8 بطاريات)، إضافة إلى سحب نظام (ثاد) الأكثر تطورا من السعودية.
القرار يترك أجواء الدول الأربع مكشوفة لهجمات الصواريخ والطائرات المسيرة، بواسطة إيران ووكلائها في المنطقة، وهو ما يضع تلك الدول، أمام خيار واحد لمواجهة التهديد الإيراني، كما يعتقد الامريكيون، هو الدخول في تحالف دفاعي مع الولايات المتحدة وإسرائيل، الأهم من ذلك على المدى الطويل هو تكريس التطبيع مع إسرائيل في المجال العسكري، أهم مراكز القوة وصنع النفوذ.
وطبقا لتصريحات أدلى بها قائد القيادة الوسطى الأمريكية الجنرال كينيث ماكينزي، فإن عملية إقامة نظام دفاعي مشترك في الشرق الأوسط، تتم بعناية وبالتدريج وعلى مهل، وبفحص التطورات الجارية على الأرض، يبدو أن الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا على أولوية إنشاء شبكة مشتركة مضادة للصواريخ والطائرات المسيرة، تتكون من قواعد ومراكز للإنذار المبكر والصواريخ والطائرات والمواجهة الإلكترونية، كذلك أضاف رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي بُعدا مهما للاتصالات الحالية، مؤكدا أنها تجري على مستوى العسكريين، من أجل اتخاذ خطوات محددة، تتضمن وضع شبكة الدفاع الجوي المشتركة موضع التنفيذ. وقد تناولت في هذه الصحيفة، موضوع الدفاع الإقليمي للشرق الأوسط أكثر من مرة، من زوايا مختلفة، لكن انتخاب رئيس إيراني جديد، ورحيل نتنياهو عن الحكم، يدعونا لإعادة تقييم ما تم اتخاذه حتى الآن، خصوصا أن الإدارة الجديدة في إيران تبدو أكثر تشددا، بينما في إسرائيل تبدو الإدارة أكثر توافقا مع الولايات المتحدة من الإدارة السابقة، كذلك كنت قد أشرت إلى قرار الولايات المتحدة نقل إسرائيل إلى مسرح عمليات القيادة الوسطى، الذي يمتد من أفغانستان إلى الصحراء المغربية، ومن آسيا الوسطى إلى القرن الافريقي. هذا القرار لم يؤثر في وضع إسرائيل داخل القيادة العسكرية الأوروبية، وهو ما كشفت عنه المناورات الجوية/البحرية الأخيرة لحلف الأطلنطي، التي شاركت فيها طائرات إسرائيلية من طراز أف -35 بجانب طائرات وسفن وحاملات طائرات أمريكية وبريطانية وإيطالية، كانت تهدف لاختبار دور قوات حلف الأطلنطي في المنطقة الممتدة من شرق البحر المتوسط إلى البحر الأسود. وقد شملت الاتصالات الأمريكية الإسرائيلية منذ بداية العام الحالي زيارات قام بها الى إسرائيل وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، وقائد القيادة الوسطى الجنرال كينيث ماكينزي، وزيارات قام بها إلى واشنطن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، ومستشار الأمن القومي مائير بن شبات، ومدير الموساد يوسي كوهين. وقد تسببت حرب غزة في تأجيل زيارة الجنرال أفيف كوخافي رئيس الأركان الإسرائيلي، حتى تمت أخيرا في أواخر الشهر الماضي. وطبقا للبيان الذي أصدرته وزارة الدفاع الإسرائيلية، فإن الزيارة حققت كل أهدافها، التي كان قد تم إعلانها قبيل الزيارة.
طبقا لتصريحات الجنرال كينيث ماكينزي، فإن عملية إقامة نظام دفاعي مشترك في الشرق الأوسط، تتم بعناية وعلى مهل
أهداف زيارة كوخافي للولايات المتحدة كانت تتضمن: أولا، مناقشة التهديدات الأمنية المشتركة التي تواجه الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة، بما في ذلك التهديد الذي ينطوي عليه البرنامج النووي الإيراني، ووضع خطة مشتركة لمواجهة هذه التهديدات. ثانيا، وضع تصور لمواجهة محاولات إيران تعميق وجودها وتوسيع نفوذها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وأماكن أخرى في المنطقة. ثالثا، تتبع جهود حزب الله لتعزيز قوته العسكرية، وتأثير ذلك في حالة الجبهة الإسرائيلية الشمالية. رابعا، مناقشة النتائج والتداعيات المحتملة لبرنامج صناعة الصواريخ الدقيقة، التي يقوم بها حزب الله اللبناني، وكيفية مواجهة تلك التداعيات. خامسا، مناقشة وضع برنامج زمني وخطوات عملية لإنشاء قوة إسرائيلية – أمريكية مشتركة في المنطقة. سادسا، تبادل وجهات النظر بشأن تقييم حرب غزة الأخيرة، والدروس المستفادة منها. ويبدو من قراءة تطورات مباحثات كوخافي في واشنطن أن زيارته حققت ثلاث نتائج رئيسية شاملة: الأولى، الاتفاق نهائيا على إقامة النظام الدفاعي الجديد للشرق الأوسط ضمن إطار القيادة الوسطى الأمريكية للشرق الأوسط، وليس تحت قيادة إسرائيل، وهو ما يجعل الجنرال ماكينزي وليس كوخافي قائدا لها. والثانية، تحديد التهديد الرئيسي المشترك على أنه الطائرات المسيرة والصواريخ التي تستخدمها إيران، والتنظيمات الحليفة لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن ضد القوات الأمريكية وضد إسرائيل. والثالثة، تحديد المدخل العملي للرد على هذه التهديدات بإقامة نظام دفاعي مشترك مضاد للصواريخ والطائرات المسيرة، يمكن أن تنضم إليه دول الخليج وغيرها في ما بعد. بالنسبة للولايات المتحدة فإن الغرض من إقامة هذا النظام هو حماية القوات والقواعد الأمريكية في العراق وسوريا والسعودية ودول الخليج. وبالنسبة لإسرائيل سيلعب هذا النظام دورا جوهريا في حماية حدودها الشمالية والشرقية والحدود مع قطاع غزة. أما بالنسبة لدول الخليج فإنها ستكون أكبر المستفيدين من النظام في حماية حدودها ومدنها، وتأمين منشآتها النفطية والاستراتيجية في عموم البلاد، خصوصا بعد القرار الأمريكي بسحب أطقم بطاريات صواريخ الدفاع الجوي (باتريوت) و(ثاد). وسوف يتم بناء نظام الدفاع الجوي المضاد للصواريخ، وللطائرات المسيرة المقترح، على أسس عملياتية متطورة عالية التكنولوجيا، تعتمد على التسليح المتنوع والمتقدم جدا. وتشير متابعة ما تناثر من معلومات عن لقاءات كوخافي في واشنطن، أن النظام سيتضمن، إقامة ترتيبات دائمة لتبادل المعلومات، وشبكة مشتركة للإنذار المبكر، وشبكة مشتركة للدفاع الصاروخي المتعدد الطبقات، من حيث المدى، والمتنوع الأسلحة من حيث نوعية المضادات الصاروخية (طائرات، وصواريخ، وأجهزة إلكترونية للتشويش والإعاقة، وأسلحة ليزر للتدمير)، وإقامة نظام لبناء المهارات البشرية يتضمن برامج تدريبات عسكرية مشتركة، إلى جانب برنامج أمريكي – إسرائيلي لتطوير الأسلحة المستخدمة في الدفاع الجوي، بما في ذلك الأسلحة الحديثة، مثل أسلحة الليزر وغيرها، وتطوير التكنولوجيا المضادة للطائرات المسيرة، بما في ذلك أجهزة التشويش على إشارات توجيه تلك الطائرات، وتعطيلها أو إسكاتها تماما، أو التحكم فيها وإسقاطها، أو إعادتها بحمولتها من حيث أتت.
ويؤكد تشكيل الوفد الذي رافق رئيس الأركان الإسرائيلي وجدول المباحثات، هذا الطابع العملياتي للزيارة، فقد ضم الوفد الجنرال تال كالمان المسؤول عن الدائرة الثالثة للدفاع والعمليات، التي تغطي منطقة العمليات الممتدة إلى مضيق باب المندب، وخليج هرمز وإيران والعراق، حيث لا توجد حدود مباشرة مع إسرائيل، والجنرال عميت ساعر رئيس إدارة البحوث في وزارة الدفاع، إضافة إلى الجنرال يهودا فوكس ملحق الدفاع في واشنطن. وتضمن جدول الأعمال لقاءات مع الجنرالات لويد أوستن وزير الدفاع الأمريكي، ومارك مايلي رئيس الأركان المشتركة الأمريكية، وكينيث ماكينزي قائد القيادة الوسطى، وريتشارد كلارك قائد قيادة العمليات الخاصة. كما التقى جيك سوليفان مستشار الأمن القومي، وليس من المستبعد على الإطلاق أن يكون الوفد قد التقي وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية، الذي يفضل العمل وراء أبواب مغلقة.
ويتردد حاليا أن إسرائيل والولايات المتحدة تشتركان في تنفيذ برنامج لتدريب عسكريين من بعض دول الخليج على كيفية مواجهة الطائرات المسيرة، بالكشف المبكر عنها، وتتبعها وتدميرها، أو تضليلها باستخدام أجهزة إلكترونية متطورة محمولة. كذلك فإن دوائر التفكير العسكري والاستراتيجي في إسرائيل، تناقش جدوى بيع أنظمة دفاع جوي إسرائيلية إلى دول الخليج. وفي حال الاتفاق على ذلك، فإن بعثات عسكرية خليجية ستسافر إلى إسرائيل للتدريب على تشغيل هذه الأنظمة وصيانتها، كما ستستقبل دول الخليج بعثات إسرائيلية للغرض نفسه. وعلى ذلك فإن عملية إقامة نظام دفاعي مشترك ستصبح بوابة من بوابات إقامة وتعميق وتوسيع نطاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، وقد أكد الجنرال كينيث ماكينزي هذا المفهوم أكثر من مرة. وتعتبر شبكة الدفاع الجوي التي يتم بناء قواعدها حاليا، مجرد حلقة من حلقات نظام دفاعي إقليمي متكامل، يغطي مناطق الخليج وشرق البحر المتوسط وشمال افريقيا، ويضم دولا عربية، منها مصر والأردن والإمارات، وغير عربية مثل قبرص واليونان وفرنسا، ودول عربية وغير عربية من شمال افريقيا والقرن الافريقي، منها المغرب والسودان وتشاد. ويمكن تتبع خط إقامة هذا النظام من خلال تتبع خرائط التدريبات العسكرية المشتركة، والدول المشاركة فيها، والتنسيق العملياتي بينها. وفي هذا النظام الدفاعي تلعب إسرائيل دورا مركزيا تحت قيادة الولايات المتحدة.
*كاتب مصري
السلام عليكم الي الاستاذ ابراهيم نوار، أقول لك بان الصحراء الغربية ليست ارض مغربية بل هي ارض للشعب الصحراوي، وهي مسجلة في الامم المتحدة ضمن الاقليم الغير محكومة ذاتيا وتنتظر استفتاء تقرير المصير، ووجود الاحتلال المغربي لجزء منها لا يعطيه حق السيادة عليها مثل ماهو حاصل لاسرائيل مع فلسطين الحبيبة، الرجاء منكم كمثقفين الامتثال الشرعية الدولية.