الجزائر- “القدس العربي”:
وجّهت شخصيات جزائرية رسالة للرئيس عبد المجيد تبون من أجل استصدار عفو عن الصحافي إحسان القاضي الموجود في السجن منذ أكثر من سنة، واعتبروا أن ذلك سيكون إشارة قوية للحرية والعدالة وتصحيحا لصورة تضر بالجزائر.
وورد في الرسالة التي نشرتها جريدة الوطن الفرنكوفونية وخاطبت الرئيس تبون: “نحن مجموعة من الصحفيين والفنانين والمثقفين الجزائريين الذين نؤمن بالحق والعدالة، ونحب بلدنا. يشرفنا أن نكتب إليكم لنلفت انتباهكم إلى مصير إحسان القاضي”.
وقال الموقعون على الرسالة عن القاضي “البعض منا يعرفه شخصيًا، والآخرون تابعوا عن بعد مسيرته المشرقة التي تجعله شخصية بارزة في المهنة”، مطالبين الرئيس باستخدام صلاحياته “لمنحه العفو الرئاسي وتمكينه من حريته ورفع الثقل الكبير الذي يتعب كاهل أسرته وأصدقائه المقربين، والذي يؤثر أيضًا، على صورة الجزائر”.
وأبرز أصحاب الرسالة أنهم لا يرغبون في العودة إلى أسباب اعتقاله والإجراءات القضائية التي أدت إلى إدانته الثقيلة. وذكروا مخاطبين الرئيس بعد استنفاذ طرق الطعن القضائية، أنه الوحيد من يمكنه وضع حد لهذه “الحالة المؤلمة” بحكم السلطات التي تخول له الدستور.
وعادت الشخصيات الموقعة إلى تاريخ القاضي ومساره، والذي تأثر حسبهم بشكل كبير بمسار والده، المجاهد بشير القاضي وكان دائمًا يهتم بمصالح الجزائر. ولفتوا إلى أن مهنيّته والتزامه يكسبانه احترامًا مستحقًا في بلدنا كما في الخارج، بينما اختار هو دائما بإحساسه المتعاطف مع مواطنيه، حتى لو كانت الظروف صعبة، العمل في بلده.
ووجهت الرسالة التي جاءت بلغة هادئة، دعوة صريحة للرئيس الجزائري لأن يفعل العفو الرئاسي، لأن مصير إحسان القاضي تسبب حسب الشخصيات الموقعة، في إحباط كبير لدى الكثير من الجزائريين الذين يرغبون في رؤية تكريس الحريات في بلدنا.
وورد في ختامها: “نأمل أن تستخدموا صلاحياتكم الدستورية للإفراج عن إحسان القاضي بالإضافة إلى آخرين من معتقلي الرأي، والسماح لهم بقضاء السنة الجديدة مع أسرهم. سيكون مثل هذا العفو من جانبكم إشارة قوية للعدالة والحرية”.
وتضم الأسماء الموقعة العالمين الجزائريين في الولايات المتحدة نور الدين مليكشي العامل بوكالة ناسا وإلياس زرهوني الذي تقلد مناصب رفيعة في مجال الصحة في الحكومة الأمريكية، كما يبرز فيها شخصيات عامة مثل المجاهدة لويزة إيغيل أحريز وأسماء روائية وفنية كبيرة مثل الكاتب ياسمينا خضرا والفنان محمد فلاق. كما وقع على الرسالة المعلق الرياضي الشهير حفيظ دراجي والصحافي خالد دراني والباحث في علم الاجتماع ناصر جابي.
وسبق لإحسان القاضي أن حظي خلال مسار قضيته العام الماضي، بدعم مجموعة من المفكرين والشخصيات الدولية، بينهم عالم اللسانيات الأمريكي نعوم تشومسكي والروائية آني إرنو الحاصلة على جائزة نوبل للآداب (فرنسا) وغيرهم.
وكانت هذه الأسماء، قد توجهت بعريضة للرئيس الجزائري نشرتها جريدة لوموند الفرنسية في حزيران/جوان الماضي بالقول: “نسمح لأنفسنا السيد الرئيس عبد المجيد تبون، أن نكتب اليوم لنطلب منكم أن تفعلوا كل ما في وسعكم لوضع حد للمضايقات الأمنية والقضائية التي يتعرض لها إحسان القاضي وجميع معتقلي الرأي في الجزائر”. وتابعوا مخاطبين الرئيس: “من سلطتكم إطلاق سراح إحسان القاضي وجميع الصحفيين المسجونين وجميع معتقلي الرأي. استخدموا هذه السلطة من منطلق الوفاء لكفاح الجزائريين من أجل العدالة والحرية”.
ويقضي حاليا القاضي حكما بـ 7 سنوات سجنا منها 5 نافذة عن تهمة التمويل الأجنبي لغرض الدعاية السياسية وفقا للمادة 95 مكرر من قانون العقوبات التي تعاقب كل من يحصل على أموال أو هدايا أو امتيازات للقيام بأعمال من المحتمل أن تضر بأمن الدولة”. ويؤكد الصحفي ودفاعه أنه لم يتلق تمويلا أجنبيا، وذكروا في المحاكمة أن المبلغ الذي على أساسه كيفت هذه التهمة هو مساعدة من ابنته للمؤسسة على اعتبار أنها أحد مساهميها.
وكان القاضي قبل اعتقاله في 24 كانون الأول/ديسمبر 2023 يدير مؤسسة أنترفاس ميديا بالجزائر التي تصدر موقعي “راديو أم” و”مغرب إمرجنت”، وعرف بنشاطه في الميدان منذ فترة الثمانينات انخراطه في حركة الصحفيين الجزائريين القوية في ذلك الوقت كما أنه حائز على جائزة “عمر أورتيلان” لحرية الصحافة بالجزائر، وتشرف مؤسسته على منح جائزة للصحافة الاستقصائية كل سنة.