طرابلس – «القدس العربي»: مبادرات عديدة قدمت لحل الأزمة الليبية خاصة مع تعقدها مؤخراً بوجود حكومتين على الأرض تديران المشهد ووجود ميزانيتين إحداهما ما زالت تنفذ بسياسات الدبيبة والأخرى شرعنت من قبل البرلمان، مبادرات بعضها كان مفاجئاً نظراً لأنه صدر عن مسؤولين من حقبة بعيدة جداً لم تُسمع أراؤُهم منذ فترة طويلة.
فرغم عدم وجود دستور للبلاد والخلاف الذي لم ينته حول الدستور منذ سنوات كان لليبيا دستور واضح وصريح ويوصف بالجيد سابقاً وتحديداً في عهد المملكة الليبية وحتى انقلاب أيلول/ سبتمبر الذي قاده القذافي سابقاً، وفي ظل مباحثات المسار الدستوري والمجادلات ظهرت مطالبات باستخدام هذا الدستوري كمرجعية من قبل الأمير وولي العهد للمملكة الليبية سابقاً.
حيث أصدر الأمير محمد الحسن الرضا المهدي السنوسي حفيد الملك الليبي عبد الله السنوسي، بياناً تضمن رؤية لحل الأزمة الليبية المستمرة منذ 11 عاماً، تقوم أساساً على مد الصلات بين ليبيا وتاريخها عبر استعادة دستور ما قبل العام 1969، باعتبار ذلك السبيل الوحيد القابل للتطبيق لاستعادة وحدة ليبيا وشرعية مؤسساتها.
وقال إن تاريخ ليبيا الحديث هو نقطة انطلاق جيدة لربط البلاد بتاريخها، وأوضح لكل دولة هوية وطنية والتي تطور مؤسساتها، فبينما تشترك الديمقراطيات الكبرى في العالم في قيم متشابهة، إلا أنها تعبر عن هذه القيم بشكل مختلف، فمثلاً لن تنجح وثيقة الحقوق الأمريكية في فرنسا؛ ولن تنجح الرئاسة الفرنسية القوية في الولايات المتحدة، ومع ذلك فإن كلتا المؤسستين ديمقراطيتان وشرعيتان لأنهما تشكلتا من تاريخ مشترك، حسب الأمير.
وأضاف السنوسي أن التاريخ هو أساس الهوية الوطنية، التي تجبر الناس العاديين، وليس السياسيين فقط، على التفكير والاهتمام بمستقبل الأمة، مضيفاً أن ليبيا مثل أي دولة أخرى، تحتاج إلى صلات بالماضي، ولديها هذه الصلات. فالليبيون لا يبنون بلداً من الصفر، لكنهم يكملون من حيث توقفوا منذ أكثر من 50 عاماً.
وأشار إلى تأسيس المملكة الليبية العام 1951 بقيادة الأسرة السنوسية رغم المعاناة من الانقسامات الجغرافية والقبلية، مؤكداً دور الملكية الدستورية في توحيد أقاليم ليبيا الثلاثة التي تضم أكثر من مئة قبيلة.
ونوه السنوسي إلى أنه طيلة 18 عاماً، كانت ليبيا ديمقراطية برلمانية متطورة. كان لديها حق الاقتراع العام، والقضاء المستقل، والانتخابات الدورية، وحرية الدين وحرية الصحافة. وكان يمكن للمرأة أن تصوت في ليبيا قبل أن تتمكن من التصويت في سويسرا أو البرتغال. لكن في العام 1969- قبل يومين من تولي والدي، ولي العهد الأمير حسن، ملكاً- تمت الإطاحة بالديمقراطية الوليدة في ليبيا، في ظل حكم ملك دستوري، في انقلاب، اجتاح في موجة من القومية العربية والحرب الباردة، وأصبحت ليبيا ديكتاتورية لمدة 42 عاماً، حسب قوله.
وشدد السنوسي على أن استعادة دستور ما قبل العام 1969 هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق لاستعادة وحدة بلدنا وشرعية مؤسساته وإحساسه بالهوية الوطنية، مضيفاً أنه منذ العام 2011، لم يفكر العالم في هذا الخيار. وبدلاً من ذلك، شهدنا مبادرات قائمة على التخمين والتفكير القائم على التمني. وكانت النتيجة بمثابة مأزق أدى إلى إثراء وتمكين جهات فاعلة محلية وأجنبية لا تكترث لمعاناة الليبيين العاديين.
وتابع السنوسي أن هناك فرصة لاستئناف رحلة ليبيا الديمقراطية، معتبراً أن دستور ما قبل العام 1969 صاغ سابقة تاريخية في هذا المسار من قبل، ومضى قائلاً إنه إذا قرر الليبيون مرة أخرى أنهم يريدون نظاماً ملكياً دستورياً، فسيكون من واجبي المقدس- تجاه أجدادي وأسرتي وأمتي- أن أخدمهم. أطلب، نيابة عن جميع الليبيين، أن يُسمح لنا أخيراً بأن نقرر بأنفسنا.
وطالب الأمير السنوسي الأمم المتحدة بمساعدة الليبيين مرة أخرى على إنشاء ديمقراطية خاصة بهم من خلال الاستماع إلى الليبيين العاديين بدلاً من النخبة الصغيرة والفاسدة مؤكداً الحاجة إلى وضع خيار استعادة دستور استقلال ليبيا على الطاولة حيث ينتمي باعتباره فرصة تاريخية يجب ألا تضيع هباءً.
كلمة السنوسي جاءت في وقت ما زالت فيه مشاورات القاهرة حول الدستور لم تنته حيث تستمر اجتماعات المسار الدستوري في العاصمة المصرية القاهرة برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، على ما أعلن، الجمعة، الناطق باسم مجلس النواب، عبدالله بليحق.
وتستضيف القاهرة الجولة الثالثة والأخيرة من مشاورات لجنة المسار الدستوري المشتركة من مجلسي النواب والأعلى للدولة والتي بدأت الأحد الماضي وتستمر حتى 19 حزيران/ يونيو الجاري.
وفي وقت سابق، أعلنت ستيفاني وليامز أن عدد المواد المتوافق عليها إلى 180 مادة، التي بعد إعلان وليامز، الإثنين، التوافق على 43 مادة جديدة من مسوَّدة الدستور، تضاف إلى 137 مادة توافق عليها الوفدان خلال الجولة الثانية.
وفي ظل هذه المبادرات يبدو أن إجراء انتخابات في مدى زمني قصير أصبحت غير ممكنة في ليبيا، حيث أكد رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات «عماد السايح» أن تأخير استلام التشريعات الانتخابية بعد يوليو / تموز المقبل يعني أنه لا يمكن إجراء الانتخابات في 2022.
وتابع في مقابلة صحافية أن المفوضية ستكون قادرة على تحديد موعد يوم الاقتراع في ديسمبر المقبل في حال استلامها التشريعات الانتخابية التي تقرها القاعدة الدستورية في يوليو.
وأشار «السايح» إلى أن المفوضية تتابع عن كثب اجتماعات المسار الدستوري بالقاهرة بين مجلسي النواب والدولة، قائلاً إن البعثة الأممية تعمل على تقريب وجهات النظر بين الأطراف من خلال تيسير اللقاءات الحوارية لحل الأزمة.
وتابع أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا تدفع نحو إجراء الانتخابات كبديل للوضع المتأزم الحالي والذي ينبئ بتطور الأزمة نحو الصراع المسلح، وهو ما لا تحبذه معظم دول المنطقة خاصة في ظل الأوضاع العالمية الحالية.
ولفت «السايح» إلى أن مفوضية الانتخابات على تواصل مستمر على مدار الأسبوع مع خبراء من البعثة الأممية بهدف إبقاء المشاورات الفنية ذات العلاقة بالعمليات الانتخابية المرتقبة مواكبة للحوارات والمناقشات السياسية الجارية في القاهرة.
وبالحديث عن مراحل العملية الانتخابية التي تم وضعها العام الماضي ومدى إمكانية إعادة بعضها، قال إن المفوضية ستعمل على إعادة جزء كبير من مراحل العملية الانتخابية وعلى رأسها فتح سجل الناخبين أمام الليبيين.
الاستعجال واللجوء لأي دستور او نظام حكم، فالبلد يطفو على ثروات وطابور الانتظار الحصص يتململ ويفقد صبره! مع العلم أن قضية من قضايا الأمة الثرواتية البيئية الديموغرافية الجيوسياسية لا ينفع حلها بمعزل عن قضايا الأمة ككل، لأنه يصبح لهاث وراء سراب وحسرة على بحر الثروات!