الخرطوم ـ «القدس العربي»: أغلقت مجموعات من قبائل البجا، طريق بورسودان ـ الخرطوم القومي، الجمعة وذلك تنفيذا لدعوة «المجلس الأعلى لنظارات البجا» بقيادة الناظر محمد الأمين ترك، لإغلاق شرق السودان، احتجاجاً على مسار الشرق في اتفاق السلام، في حين رفض مجلس قبلي آخر ينشط فيها ناظر قبائل البني عامر، محمد دقلل، الخطوة، متوعداً بالتدخل لـ«حماية أهلنا وشعبنا والحفاظ على مصالحه وصون كرامته» حال عدم تحرك الحكومة.
وقال شهود عيان لـ«القدس العربي»: «تم إغلاق الطريق القومي من بورسودان للخرطوم، عبر مدينة عطبرة في عدد من المحطات، عبر حرق إطارات وضعت على الطريق، ومن غير المعروف، هل سيستمر الإغلاق الأيام المقبلة أم سيتوقف عند هذا الحد».
وفي ولاية كسلا، أكد شهود عيان، إغلاق الطريق القومي القادم من بورسودان عبر كسلا وود مدني، حيث أحرق محتجون إطارات السيارات في منطقة أروما، التي تعتبر مقر إقامة الناظر ترك، بالإضافة إلى محطة الزيرو في طريق القضارف إلى جانب إغلاق كبرى البطانة الذي يعد المنفذ الرئيس الذي يربط الشرق بوسط السودان. ولم يتسن لـ«القدس العربي» الحصول على تعليق من حكومة القضارف، التي أقيل حاكمها قبل نحو شهرين.
وأعلن المجلس الأعلى لنظارات البجا، بداية الإغلاق الشامل لشرق السودان، أمس مؤكدا «مشاركة كل أهل الشرق في الإغلاق» ووصف ما تداولته بعض المنصات الإعلامية عن تعديل موعد الإغلاق بـ«الشائعات».
واستقبلت، أمس الأول الخميس، حشود كبيرة في أوسيف في حلايب، الناظر محمد الأمين ترك، ناظر عموم البجا، الذي وقف على إغلاق الطريق البري إلى مصر، حسب مواقع اعلامية سودانية.
وقال ترك، إن «الإغلاق في مرحلته الأولى يشمل الموانئ والطريق القومي الخرطوم في بورتسودان عند منطقة العقبة والطريق البري إلى مصر».
مجلس البجا أكد أن «القرار يشمل المتحركات الحكومية ويستثنى السيارات الدبلوماسية والباصات السفرية ومطار بورتسودان». ويأتي تصعيد المجلس، بعد فشل التفاهمات مع الحكومة، بشأن مسار الشرق في اتفاق جوبا المرفوض من المجلس. في المقابل، أعلن «المجلس الأعلى للإدارة الأهلية» في شرق السودان، رفض إغلاق الطرق. وهذا المجلس، يعد منافسا لمجلس قبائل البجا، وينشط فيه ناظر قبائل البني عامر تنافس قبائل البجا، محمد دقلل.
«جريمة بحق الشعب»
وأكد، المجلس، في بيان، جاء ممهوراً بتوقيع مقرره، أحمد محمد عثمان كرار، «وقوفه بحزم ووضوح ضد تهديد مصالح الشعب السوداني وتعريض أمن واستقرار البلاد للخطر» مشيرا إلى «وقوفه مع الثورة ومكتسباتها في الحرية والسلام والعدالة» ورفضه «القاطع لإغلاق الطرق في شرق السودان وتعطيل المؤسسات الحيوية». واعتبر هذا «العمل جريمة بحق الشعب السوداني كله الهدف منها هو النيل من الثورة وخدمة لعودة الشمولية والاستبداد».
وحمل الحكومة «مسؤولية الفوضى والانفلات الأمني في شرق السودان، وكل ما يجري في شرق السودان، هو نتاج لضعفها ورضوخها للابتزاز» مبيناً أن «ما يجري في شرق السودان، يستدعي التعامل معه بقوة القانون الذي يمنع منعا باتا تعطيل المؤسسات الحيوية وتعريض حياة المواطنين للخطر».
وقف التفاوض
وأكد «لشعب شرق السودان صاحب القضايا العادلة والمظالم التاريخية، بأن الحكومة تتلاعب بقضية الشرق وتوظف الرافضين للوفاق لخدمة أجندتها في صراعها الداخلي، وعليه أصبحت قضية الشرق، محلا للمزايدات والأجندات الخاصة، هذا عوضا عن استثمار الفلول في هذا المزاد على حساب شعبنا الصابر عليه قرر المجلس الأعلى للإدارة الأهلية في شرق السودان وقف أي تفاوض مع الحكومة التي ليس لديها أي رؤية وإرادة لحل قضية شرق السودان».
ودعا الحكومة، إلى، «تحمل مسؤولياتها في منع إغلاق الطرق وتعريض حياة المواطنين للخطر» وأمهلها 48 ساعة للقيام بهذا الواجب وإلا سوف نقوم نحن بهذا الواجب ولن نتوانى في حماية أهلنا وشعبنا والحفاظ على مصالحه وصون كرامته».
احتجاجاً على بند في اتفاق السلام… وانتقادات لـ«ضعف» الحكومة
وأصدرت «مبادرة القضارف للخلاص» (أحد المكونات الرئيسة في الثورة من شرق السودان) بيان حول دعوة إغلاق الإقليم الشرقي، جاء فيه إن «في شرق السودان أزمة حقيقية، ينبغي للحكومة وكل القوى الثورية وأصحاب المصلحة العمل على إيجاد الحلول لها».
رفض المتاجرة السياسية
وزاد: «لا ينبغي لقضية الشرق أن تكون محلا للمتاجرة السياسية والتكسب الرخيص. كما يجب ألا نتعامل معها باعتبارها محض صراع قبلي، إذ أن هذا مدخل خاطئ وضار بإنسان الشرق والوطن، وسيقود إلى صراعات لا تفضي سوى إلى الموت المجاني لدماء عزيزة بريئة، والإضرار بإنسان الشرق الذي ظل يعاني الأمرّين».
وتابع أن «الدعوة إلى إغلاق الطريق القومي أو ما سمي بإغلاق الإقليم سلوك مرفوض، ولا يخدم سوى فلول النظام البائد، بل في حقيقة الأمر أن الفلول هم الذين يحركونه». وزاد «تؤكد مبادرة القضارف للخلاص، أن قضية الشرق من القضايا التي تهم كل المواطنين السودانيين».
وناشدت المبادرة، الحكومة الاتحادية والحكومات الولائية بـ«المسارعة والعمل الجاد على حل هذه الأزمة» كما أكدت «رفضها للبيان الذي خرج باسم المجلس الأعلى لنظارات البجا، لإغلاق الإقليم الشرقي، وما هذا البيان إلا محاولة إضافية لإرباك المشهد وتعقيده».
واجهة للفلول
وأضاف البيان «نحن نعلم جيدا أن ما يسمى بكيان أهل القضارف، الذي حاول إغلاق الطريق القومي في منطقة حي الملك في القضارف، ليس سوى واجهة لفلول المؤتمر الوطني، الذين يعبثون بالفترة الانتقالية بتواطؤ واضح من قيادات الشرطة والأجهزة الأمنية».
ودعت المبادرة «كل القوى الثورية والسياسية ومنظمات المجتمع المدنية ولجان المقاومة وحكماء الإدارات الأهلية للتصدي لهذا العبث بالإقليم ومحاولات زعزعة أمنه واستقراره» مبينة أن «تضافر الجهود الثورية والتوحد في قضية الشرق أضحى ضرورة ملحة». وواصل البيان: «إننا في المبادرة نؤكد رفضنا لما يعرف بمسار الشرق، في اتفاق جوبا، بما فيه من شوائب وعيوب وإقصاء للجميع «.
وزاد: «ندعو لمؤتمر شامل لأهل الشرق بكل مكوناته باستثناء الفلول، وفي مقدمة المؤتمر القوى الثورية، للخروج بحلول وتوصيات نعمل على تنفيذها جميعا حكومة مدنية وشعبا حتى نخرج من دائرة التشرذم والاختلاف ويكون هناك سلام حقيقي مستدام ينعم به أهلنا في الشرق الحبيب والوطن ».
في الموازاة، عبر مقرر لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد، صلاح مناع، امتعاضه من التراخي الأمني في البلاد، وإغلاق الطرق القومية وتعطيل مصالح الناس. وغرّد مناع، متسائلاً على صفحته في «تويتر» «من المسؤول عن صناعة الفوضى؟ حروب بين القبائل، قفل الطرق القومية. وهل تتريس الطرق القومية والجسور، عمل بريء، تقوم به مجموعة من شباب الثورة، قد كان سلاحا سلميا ما هو رأي وزير الداخلية ومجلس السيادة عندما تقوم نظارات بذلك من أجل المسار أو التغير؟».
إضرار بالمواطنين
وكتب رئيس مجلس إدارة صحيفة «السوداني» ضياء الدين بلال، على صفحته في فيسبوك قائلا «إغلاق الطريق القومي (الخرطوم ـ بورتسودان) ومنع عبور القطار، وتوقيف إنتاج النفط، أفعال سياسية، تُلحق الضرر بالوطن والمواطنين». وتابع «الذين كانوا يُمجِّدون إغلاق الطرقات الداخلية، وحرق اللساتك وقلع الانترلوك، سيجدون حرجاً أخلاقياً في إدانة إغلاق الطرق القومية». وزاد «التفكير والعمل على الإضرار بالخصوم السياسيين، بغض النظر عن الخسائر المُترتِّبة على المواطنين، هو أشبه بالقصف العشوائي على المناطق المدنية».
وأضاف: «النادي السياسي السّوداني، الحاكم والمُعارض، ناد انتهازيّ عقيم، يُعاني شحّاً أخلاقياً وجفافاً في المشاعر الإنسانية، وجدباً فكرياً مُريعاً، مع ذرائعية تُبرِّر له كلَّ ما يفعل، نادٍ تتغيّر فيه المواقف بتغيّر المواقع».