شرق سوريا: تواصل الاشتباكات الدامية ومسلحو عشائر عربية ينتزعون 24 قرية من قوات كردية مدعومة أمريكيا

هبة محمد
حجم الخط
0

دير الزور – دمشق – «القدس العربي»: سيطر مقاتلو العشائر العربية، أمس الجمعة، على نقاط عدة في ريفي دير الزور وحلب بعد معارك مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) حيث نفذ مقاتلو أبناء العشائر، هجوماً واسعاً على مواقع عسكرية مشتركة بين قوات النظام و”قسد” من جهة مناطق سيطرة المعارضة على محاور منبج في ريف حلب، انتهت بسيطرة المقاتلين على تلة عرب حسن وقرية محسنلي وتلتها شمال غربي منبج، والبوهيج في ريف مدينة الباب، كما سيطر مقاتلو العشائر العربية على قريتين ومقر لشرطة “قسد” في ريف دير الزور شرقي سوريا.
يجري ذلك وسط قلق روسي – تركي – أمريكي من إعادة رسم خريطة سيطرة جديدة في شرق سوريا. وتمكن مسلحو عشائر عربية من تحرير 24 قرية من سيطرة “قسد” في محافظة دير الزور شرقي سوريا. واندلعت الاشتباكات المسلحة قبل 5 أيام إثر قيام التنظيم باعتقال أحمد الخبيل الملقب بـ”أبو خولة” قائد ما يسمى “المجلس العسكري لدير الزور”، وزادت حدتها مع انضمام عشائر عربية جديدة للصراع. وأفادت مصادر محلية لوكالة “الأناضول”، بأن مسلحي العشائر العربية حرروا قرى الشعفة والهجين والبحيرة وغرانيج وأبو حمام وأبو حردوب والجرذي الشرقي والغربي والسويدان ودرنج والشنان والطيانة وذيبان وحوايج ذيبان والشحيل شرقي وغربي والرز والخشان والبصيرة وجديدة بكارة والحريزة وبشرم وصبحة والعزبة، الواقعة شرق وجنوب شرقي المحافظة وذلك خلال اليومين الأخيرة بعد اشتباكات عنيفة. وتتواصل الاشتباكات بين العشائر وعناصر “قسد” في المناطق المحاذية لنهر الفرات في محيط شرق دير الزور.

قصف روسي

تزامناً نفذ الطيران الحربي الروسي غارات على القرية في ريف حلب الشرقي بعد انتزاع مقاتلي العشائر العربية السيطرة عليها من قوات قسد. وقالت مصادر محلية، إن المقاتلين انتزعوا السيطرة على قريتي البوهيج والمحسنلي شرقي حلب، إضافة إلى تلة عرب حسن على جبهة منبج، وأجزاء من الطريق الدولي إم 4 في ريف الرقة.
وأفاد موقع “فرات بوست” بأن مقاتلي العشائر في ريف دير الزور الشرقي انتزعوا الليلة الماضية، السيطرة على مقر الشرطة العسكرية والمخفر في غرانيج، ومركز “الأسايش” في ذيبان، وحاجز المقسم في الطيانة، وحاجز البلدية في درنج، كما سيطروا على قريتَيْ برشم والحجنة عقب استسلام عناصر “قسد” دون قتال. واستولى مقاتلو العشائر على مدرعات أمريكية من نوع “هامفي” وسيارات دفع رباعي، وكميات من الأسلحة والذخائر في الطيانة وذيبان وحريزة وبرشم والحجنة، وسط مواجهات عنيفة في مدينة الشحيل، مع استمرار الطرفين باستقدام تعزيزات عسكرية إلى المنطقة.

الموقف التركي

واندلعت المواجهات عقب سماح الجيش الوطني السوري المقرب من أنقرة، لأبناء العشائر العربية، بالوصول إلى خطوط التماسّ من جبهة منبج شرقي حلب، وجاء ذلك، بعدما فتح “الجيش الوطني السوري” المقرب من أنقرة معبر الساجور الفاصل بين مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” وبين مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية في ريف مدينة جرابلس بمحافظة حلب، وسمح لشبان العشائر بمؤازرة أهالي دير الزور في معركتها ضد “قسد”.
مصدر عسكري من الجيش الوطني قال في تصريح لـ”القدس العربي” إن “ارتال العشائر جميعها وصلت منذ مساء الخميس إلى خطوط التماس، عبر معبر الساجور، وتوزعت على قطاع جرابلس تمهيداً لهجوم واسع على مواقع قسد”. وأوضح أن فصائل المعارضة ومقاتلي العشائر دفعوا بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى نقاط التماس مع قوات النظام وقسد في ريف منبج، مضيفاً أن “أرتال العشائر لا تزال تخرج من مناطق سيطرة الجيش الوطني إلى جرابلس، لمساندة العشائر في معركتها ضد قسد”.
وحول سلاح وأعداد المقاتلين قال المصدر “لا توجد إمكانية لمعرفة عدد المقاتلين، لأنهم غير منظمين ضمن غرفة عمليات، حيث توجه المقاتلون إلى قطاع جرابلس خط جبهة مع منبج، وهي منتشرة بكامل الريف الشمالي، أما بالنسبة للعتاد فهو سلاح شخصي بسيط”. وكانت العشائر العربية الموجودة في مناطق سيطرة المعارضة السورية، المعروفة بأسماء (درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام) شمالاً، وفي إدلب (شمال غرب)، قد أعلنت خلال الأسبوع الفائت، استعدادها لمؤازرة أهالي محافظة دير الزور، وتنظيم حملة عسكرية ضد “قسد”. الناطق الرسمي باسم مجلس منبج العسكري التابع لـ”قسد” شرفان درويش قال في بيان رسمي الجمعة: إن فصائل المعارضة شنت هجمات برية على محاور عدة في منبج ” المحسنلي، وعرب حسن، وأم جلود، والصيادة والدندنية ” وسط اشتباكات مستمرة.
وبعد انتزاع العشائر العربية السيطرة على قرية المحسنلي، نفذ الطيران الحربي الروسي غارات على القرية نفسها الواقعة في ريف حلب الشرقي. الباحث لدى مركز مشارق ومغارب عباس شريفة فسّر في تصريح لـ”القدس العربي” القصف الروسي على ريف حلب حيث طردت العشائر قوات قسد من قرية المحسنلي بأنه تخوف من إعادة رسم خريطة السيطرة على نحو لا يراعي النفوذ الروسي في المنطقة، وحصراً من روسيا على وقف إمدادات العشائر العربية، لمنع تشكيل واقع عسكري لا يرتبط بالقوى التي تدعمها روسيا بشكل أساسي. وقال شريفة، إن القصف الروسي لا يهدف الى منع العشائر العربية من مؤازرة عشائر دير الزور، بقدر ما يتخوف من إعادة رسم خريطة السيطرة على نحو يستعبد النفوذ الروسي ولا يراعي مصالحه.

منبج تحت النفوذ الروسي

ومن المعلوم، أنه وفق الاتفاق الروسي – الأمريكي حسب توزيع مناطق السيطرة وقواعد الاشتباك، تعتبر منبج منطقة تقع تحت النفوذ الروسي والغطاء الجوي الروسي، وبالتالي فإن أي تغيير بقواعد السيطرة في هذه المنطقة “يستهدف روسيا بشكل أساسي لذلك كان هذا التحرك بالطيران الروسي لوقف هذه الإمدادات، ومنع تشكيل واقع عسكري لا يرتبط بالقوى التي تدعمها روسيا”. وأضاف المتحدث: هناك تفاهمات بين “قسد” والنظام وروسيا لاحتواء العشائر العربية ومنعها من شن أي عمل عدائي باتجاه النظام وروسيا وإيران خصوصاً أنه يتم الحديث اليوم عن قطع الطريق بين العراق وسوريا وهو ما يستهدف المصالح الإيرانية بشكل أساسي، وبالتالي مصالح النظام وروسيا. وقال شريفة: إن الروس هواهم أقرب إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من العشائر العربية التي باتت اليوم تحاول إبرام تفاهمات مع الولايات المتحدة الأمريكية على حساب المصالح الروسية والإيرانية.

الموقف الأمريكي

في غضون ذلك، دعت الولايات المتحدة، في بيان جميع الأطراف شرق سوريا إلى وقف الاقتتال وحل الوضع سلمياً. وأعربت الولايات المتحدة عن “قلقها العميق إزاء أعمال العنف الأخيرة بما في ذلك الخسائر في الأرواح في دير الزور”. وأشار البيان إلى أن الولايات المتحدة “تركز على تخفيف معاناة الشعب السوري بما في ذلك عملها لضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش من خلال الشراكة مع “قسد”. وأضاف “نحن ندعم الجهود الجارية للحفاظ على الاستقرار في المنطقة وضمان تعايش جميع شعوبها بسلام”. واعتبر بيان التحالف أن “الانحرافات عن هذا العمل المهم تؤدي إلى عدم الاستقرار، وتزيد من خطر عودة ظهور داعش”.
ويأتي بيان الخارجية بعد ساعات من بيان مماثل صدر عن “قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب” أكدت فيه “الالتزام بدعم قوات سوريا الديمقراطية في مهمة الهزيمة الدائمة لداعش دعماً للأمن والاستقرار الإقليميين”. وشدد على أن “العنف في شمال شرقي سوريا يجب أن يتوقف، وأن تعود الجهود إلى إحلال السلام والاستقرار في شمال شرقي سوريا، خالية من تهديد داعش”.
وكان بعض شيوخ العشائر في دير الزور قد طالبوا التحالف الدولي بوقف العملية العسكرية التي تشنها قسد ودعم تشكيل “إدارة مدنية” جديدة في دير الزور. ودعا شيخ عشيرة العكيدات إبراهيم خليل الهفل، في تسجيل صوتي نشرته شبكة “فرات بوست”، إلى توحيد الصف والكلمة في مواجهة “قسد”، مؤكداً أن “الحراك عشائري بشكل مطلق وليس كما تدعي “قسد” أنه تحرك لخلايا إرهابية”.
ووجه رسالة للتحالف الدولي طالب فيها بتشكيل مجلس قيادة عسكري من أعيان عشائر دير الزور، على أن يكون الاتصال مباشراً مع التحالف الدولي “لضبط الأمن والأمان وتأمين الخدمات في المنطقة”. كما دعا ودعا الشيخ سعود فيصل النجرس أحد وجهاء قبيلة العكيدات أبناء دير الزور إلى توحيد الصف وسحب أبنائهم من صفوف “قسد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية