شرم الشيخ: قمة أوروبية وشهود عرب؟

حجم الخط
21

اقتصر الحضور العربيّ إلى «القمة العربية ـ الأوروبية» التي عقدت في شرم الشيخ أمس على ملوك وأمراء ورؤساء السعودية والعراق والكويت وتونس وفلسطين واليمن والبحرين والصومال وجيبوتي وليبيا (إضافة إلى مصر نفسها طبعا)، وفيما تمثل لبنان والمغرب برئيسي وزرائهما ودول أخرى بوزراء خارجيتها أو رئيس البرلمان، وكان لافتاً أيضاً تخفيض الإمارات، حليف النظام المصري الوثيق، لتمثيلها بإرسالها الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، فيما خفّفت قطر تمثيلها بإرسال السفير إبراهيم السهلاوي، وذلك نتيجة المخالفة المصرية المقصودة للبروتوكول بعدم توجيه الدعوة لأمير البلاد تميم بن حمد وإرسالها عبر السفارة اليونانية في الدوحة.
في المقابل فقد كان الحضور الأوروبي نوعيّاً وكثيفاً، مع حضور 27 من الزعماء السياسيين للدول الأوروبية (باستثناء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون)، وهذا يعني أن الأوروبيين لم يأتوا للاستمتاع بالطقس الحارّ والسياحة بل أحضر كل منهم أجنداته المهمّة التي يريد مناقشتها، سواء مع نظرائه الأوروبيين، كما هو حال رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي المشغولة بتعديل اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، أو للوصول إلى حلول مرضية لأوروبا في قضايا اللجوء من القارة الأفريقية والشرق الأوسط كما هو حال المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل (وهو ما يشغل زعماء دول أخرى كإيطاليا والنمسا واليونان واسبانيا وفرنسا).
هناك دلائل عديدة على أن هذه القمة أوروبية بالدرجة الأولى وعربية بالدرجة الثانية أو الثالثة، وأن الاجتماعات تجري حسب «الروزنامة» الأوروبية وليس بالتوقيت العربيّ، ومن هذه الدلائل غياب وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي صار «شخصا غير مرغوب برؤيته» من قبل الأوروبيين (persona non grata حسب الاصطلاح اللاتيني الشهير)، وكذلك الأمر مع الرئيس السوداني عمر البشير، الذي تطارده أحكام بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي والذي يعاني حاليّاً من هبّة شعبيّة كبيرة ضد نظام حكمه (ناهيك عن الرئيس السوري بشار الأسد الذي لم تنجح مناورة روسيا ومصر ودول خليجية بإعادته إلى الجامعة العربية… حتى الآن).
لكن ألا يمكن اعتبار انعقاد القمة في شرم الشيخ، بعد أيام قليلة من تنفيذ أحكام الإعدام الفظيعة بتسعة من الشبان المصريين بعد محاكمات مفبركة وتهم ملفقة، تواطؤا أوروبيّا خبيثا مع نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي خصوصا بعد تأكيد مصادر إعلامية أن المحادثات لن تشهد نقاشا حول قضايا حقوق الإنسان أو قضية الإعدامات وتزايدها؟
من الواضح، بداية، أن النظام المصريّ يقوم بـ«تطبيع» الأوروبيين مع انتهاكاته لحقوق الإنسان، ودليل ذلك أنه يوقّت إعداماته مع المناسبات الخارجية المهمة، كما حصل مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وحضور السيسي لفعاليات مؤتمر ميونيخ للأمن، وانتهاء بالقمة الأوروبية ـ العربية هذه، وأن هذه «الاستراتيجية» تقوم على المطابقة بين الانتهاكات المعممة ضد الشعب المصري (مع تخصيص «الإخوان المسلمين» بحصّة الأسد منها) مع اتجاه «مكافحة الإرهاب» المتفق عليها عالميّا ضد تنظيم «الدولة» و«القاعدة» ونظيريهما، وتبرر هذه المطابقة بالتالي كل الانتهاكات التي تقوم بها قوات الجيش والشرطة والأمن والقضاء والإعلام ضد خصوم السيسي ونظامه.
تحظى هذه المطابقة بين الانتهاكات المعممة و«الحرب العالمية على الإرهاب» على شعبيّة متزايدة ضمن الاتحاد الأوروبي وخصوصاً مع صعود اليمين المتطرّف إلى السلطة في هنغاريا والنمسا وإيطاليا، وازدياد وزن هذا اليمين العنصري ضمن الخطاب السياسي الأوروبي عموماً.
بهذا الدعم لـ«الاستثمار في الاستقرار» (كما يقول شعار المؤتمر) يعزّز اليمين العنصريّ الأوروبي صفوفه بدعم نظام السيسي، متوقعا منه، إضافة إلى «الاستقرار» الكاذب القائم على الوحشية، تقديم فروض الطاعة بأشكال أخرى، منها منع عمليات اللجوء، وتوطين اللاجئين في البلدان الأفريقية إضافة إلى الفروض السياسية الأخرى، كما هو شأن «صفقة القرن» الترامبية المزعومة، التي يجيء جاريد كوشنر مجددا للمنطقة للتحضير للإعلان عنها مع الانتهاء من الانتخابات الإسرائيلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول .Dinars:

    حضور القمة التي موّلها المنشار ولد سلمان وأمر بانعقادها مجرم الحرب ولد زايد على أرض الإنقلاب مصر إنما تؤكد مدى أقدمية دول أوروبا وأذيالها في الإجرام ضد الإنسانية.

  2. يقول سعدون الباهلي:

    (((( لكن ألا يمكن اعتبار انعقاد القمة في شرم الشيخ، بعد أيام قليلة من تنفيذ أحكام الإعدام الفظيعة بتسعة من الشبان المصريين بعد محاكمات مفبركة وتهم ملفقة، تواطؤا أوروبيّا خبيثا مع نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي خصوصا بعد تأكيد مصادر إعلامية أن المحادثات لن تشهد نقاشا حول قضايا حقوق الإنسان أو قضية الإعدامات وتزايدها؟ )))) أليس هذا المقطع يتناقض مع عبارتكم :
    (((( ومن هذه الدلائل غياب وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي صار «شخصا غير مرغوب برؤيته» من قبل الأوروبيين (persona non grata حسب الاصطلاح اللاتيني الشهير)))).

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    شرم الشيخ: قمة أوروبية وشهود زور؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول ابو حمزة الشامي:

    هذا المؤتمر دليل على كذب الدول الغربية و شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان يمكن هذه الشعارات تطبق في بلادهم و لكن في بلادنا لا يسعون إلى تطبيقها لأنهم يرون اننا لا نستحقها و لذلك يعينون علينا حكاما اذلاء كالسيسي و بشار و مشايخ الخليج و غيرهم لا يهمهم غير الكرسي

  5. يقول د. أبو أشرف - ماليزيا:

    والله كل من يتمكن من إحضار كل هؤلاء القادة الزعماء الأوروبيين، بتمويلات دول أخرى، بعد ترسيخ حكمه وإنقاذ بلده من الفوضى، يستحق أن نرفع له القبعة. إنه حقا عبقري قهر الأعداء وأذلهم وأصابهم بهيستريا (الإخوان) رغم المليارات المتدفقة عليهم منذ 2011 لكنهم من فشل إلى آخر ومن خيبة إلى أخرى.
    نقطة أخرى أن حضور نصف القادة العرب، وعلى رأسهم خادم الحرمين الملك سلمان، لا يحدث في القمم العربية، وهذا إنجاز آخر
    أما موضوع إعدام الإرهابيين المجرمين فكله موثق بالأدلة القاطعة، إحداها وصية أحدهم لأمه (لا تحزني فإني اخترت طريق الجهاد والسيف وغير نادم …)
    وتحيا مصر والأمة العربية

    1. يقول Dr. Walid Khier:

      المليارات تدفقت فعلاً على الاخوان كما سمعنا في التسريبات لهم….. 40 مليار من الامارات والسعودية والبحرين دخلت جيوب الاخوان…. وربنا يشفي.

      أما عن جمع القادة فإسرائيل جمعت قادة دول شرق أوروبا فلترفع لها هي الآخري القبعة.

    2. يقول تونس الفتاة:

      …..”أما موضوع إعدام الإرهابيين المجرمين فكله موثق بالأدلة القاطعة، إحداها وصية أحدهم لأمه (لا تحزني فإني اخترت طريق الجهاد والسيف وغير نادم …) ….شكرا على هذه المعلومة التى لم اكن اعرفها و التى أراد المثير إخفائها …لقد بحثت ووجدت الفيديو الذى وقع تمريره على قناة ” مكملين” و قد اصبت بالصدمة لانه كان لى شك فى مدى مصداقية الرواية المصرية و قد وصفت هؤلاء بضحايا الإرهاب ….لكن بعد رؤية فيديو الوصية تغير رأى تماما ….من ضحايا إرهاب….إلى إرهابيين ….و هنا الحكم كان موافق للجرم مع انى و لمعتقدى الخاص ارفض الأعدام مهما كان الجرم المقترف …..

  6. يقول good:

    بل قمـــة السادة والقادة والآدمييـــن في حضور عبيدهم وأدواتهم الارهابية التي تحولت الى السجاد الأحمر تدوسه أرجل قادتهم وسادتهم الغربيين….السادة الغربيين والعبيد الأعراب…

  7. يقول تيسير خرما:

    بعد حرب عالمية ثانية انسحبت دول استعمار أوروبي عسكرياً من العالم الثالث لصالح أمريكا وروسيا لكن استمرت بحلب اقتصادات دول العالم الثالث، وبدأ عدد من تلك دول الإنفكاك من ذلك ومنها دول شرق أوسطية عربية فحققت دولة الإمارات العربية نهضة تراكمية عبر عقود كما أطلقت دولة مصر العربية نهضة كبرى منذ بضعة سنوات واحتفلت المملكة العربية السعودية مؤخراً بنجاح وتقدم مشروع نهضة عربي تريليوني متعدد أبعاد ينهي هيمنة أوروبا الغربية العجوز وكل ذلك يتيح إقامة أوروبا جديدة بالشرق الأوسط بديلاً لأوروبا الغربية العجوز.

  8. يقول موناليزا- مصر:

    القمة منعقدة لليوم الثاني على التوالي بمشاركة 38 دولة عربية وأوروبية. إن انعقاد هذا الاجتماع له أهمية، فالقادة العرب، ومن منبر شرم الشيخ أكدوا، وكما قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته، أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية، ولا حل من دون دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. كما أن القمة فرصة جديدة لنبذ الدول الداعمة للإرهاب بالتمويل ومنصات الإعلام والإيواء. إن مشاركة كافة الدول العربية، باستثناء سوريا، يؤكد حرص العرب على التحاور مع الأوروبيين، كما أن مشاركة كافة دول الاتحاد الأوروبي، تعني تقديرا واهتماما بمصر العربية التي ترأس أيضا الاتحاد الأفريقي، والتي باتت تلعب الدور الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. إن المشكلات التي تعاني منها دول رئيسية في المنطقة، مثل تركيا وإيران والسعودية، يجعل القاهرة زعيمة الشرق بلا منازع.

  9. يقول د. أبو أشرف - ماليزيا:

    في القمم العربية لا يحضر حتى ربع القادة العرب وتوصف بالنجاح
    حضور النصف، مع كل قادة أوروبا إنجاز تاريخي كبير
    ومن يستطيع حشد كل قادة أوروبا في أرض الكنانة يستحق أن تُرفع له القبعة لعبقريته ودهائه
    السياسة دهاء وإدارة وقدرات عليا، وليس فشل وخيبة وتباكي ومتاجرة بالدين (إخوان)

    1. يقول الشربيني المهندس / مصر:

      وجهة نظر تستحق التوقف عندها طويلا

  10. يقول الوعد الحق مصر:

    تواطأ المجرمون أوربيون وعرب ومصاصوا دماء الشعوب (العربية والإسلامية فقط) على الإسلاميين خاصة الإخوان المسلمين وتهيأ المجرمون جميعا لمزيد من الإجرام والفجور متناسيين الله الذى بيده الخلق والأمر ويقول للشىء كن فيكون ومهما تلبدت السماء بالغيوم وتلاشت أسباب الفرج فلن نفقد أملنا فى الله وثقتنا فى نصره ولو بعد حين فهو حسبنا ونعم الوكيل ..

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية