شكرا لبرلين

حجم الخط
0

حدث هامشي حز لي في الذاكرة، لسبب ما. كان ابن خمس سنوات تقريبا. تجولت معه في دكان العاب في القدس. وصلنا من واشنطن لقضاء اجازة الاعياد في اسرائيل. على الرف في الدكان رأيت علبة حاملة طائرات، قاتمة كبيرة. «صنع في الصين» او شيء كهذا. هذه الدمية بالضبط، في ذات العلبة، ذات الكتابة، مع طائرات قتالية امريكية بأحجام صغيرة ومسار اقلاع حاملة الطائرات من البلاستيك، اشتريتها لابني قبل بضعة اسابيع من ذلك في الدكان الضخم «تارجيت» في ضاحية واشنطن.
الدمية القتالية كلفتني 9,99 دولار. نادر أن اسجل في رأسي سعر دمية او غرض، ومع ذلك، كان هذا هو السعر. ولكن في دكان الالعاب المقدسي تباع هذه الكتلة البلاستيكية بـ 250 شيكل. ستة اضعاف السعر الامريكي تقريباً اذا راعينا سعر الدولار في حينه. لم يكن لدي هاتف ذكي للتوثيق، ولا اصدقاء في الفيسبوك وحتى لم اسكن في اسرائيل، ولم يكن لي حق الاحتجاج. فأمام من على الاطلاق ستثور اعصابي وعلى اي حال لم أخطط لان اشتري في اسرائيل حاملة طائرات من بلاستيك بلون قاتم.
اعتقدت في حينه أن هذه صدفة. حاملات الطائرات تكلف هنا اكثر. وبعد ذلك انتبهت الى ان كل الدمى في اسرائيل اغلى وشرحت لنفسي بأن الفوارق تعود الى أن السوق الاسرائيلية صغيرة. ثلاثة اضعاف، وماذا عن مواد الانتاج؟ متوفرة. ظننت في حينه بأنه في بلادنا الصغيرة، عدد محدود من المستهلكين، وبالتالي طلب محدود، وبالتالي ترتفع الاسعار، اليس كذلك. ولاحقاً اتضح لي بأن جملة أخرى من البضائع أغلى بكثير. وحتى البضائع الهامة للحياة اليومية. وهناك من يمسك السوق الانتاجية من عنقها. كما يسيطرون على الاستهلاك المفرق، على الخلوي،على التأمين.
في كل صباح في اسرائيل رأيت الاسعار ترتفع. الوقود،المقاهي، ايجار الشقة. ولكننا كنا زائلي البصر. فالعودة الى اسرائيل حلم (ماذا لا؟ هكذا نشعر بعد سنوات طويلة في الخارج). ولكن اسعار الغذاء في المحلات في البقالات، اسعار السكن، نفقات الخلوي، الكوابل وغيرها – تعلمناه واستوعبناه فقط بعد ان عدنا للسكن هنا على النحو الدائم.
لا يوجد عندي اي ندم على اعادة العائلة الى اسرائيل، ولا ينبغي الشك في ذلك. ولكن الرسالة التي تصدر من برلين هذه الايام، من الاسرائيليين الذين يعيشون هناك بارتياح هي ايضا الرسالة التي يلتقطها اصدقاؤنا في ميريلاند، كليفورنيا وفلوريدا. من اجل العودة الى اسرائيل من الولايات المتحدة واوروبا او من أي مكان آخر في العالم يجب تجنيد كل المال العائلي، من الابوين، التوفيرات، والصبر.
لا حاجة للشعور بالاهانة من الدعوات للعودة للسكن في برلين، بل استخدام هذه المعلومات عن الاسعار الزهيدة في العالم لمواصلة فتح العيون لنا هنا. فالبرلينيون الجدد يساعدون الاسرائيليين القدامى للنظر الى الواقع في العينين،وبالتالي يجب ان نقول لهم شكراً على النظرة الحادة.
وبالتوازي مع الاضواء التي يوجهونها للبقالة في الحي، ينبغي ايضا الانتباه، بأنه رغم التصريحات السياسية والتعقيبات على الفيسبوك من السياسيين الذين يروون بين الحين والآخر كيف يحلون العقدة – ليس لبياناتهم اي معنى حقيقي عن حياة الاسرائيليين. فالاسعار هنا تواصل الارتفاع، والاسرائيلي الذي يريد العودة للسكن في دولته، هذا ما نقول احياناً للاصدقاء والعائلة الذين لا يزالون لنا في الولايات المتحدة – من الافضل الانتظار قليلا – لعل الاسعار تنخفض هذه المرة.

معاريف/الاسبوع 7/10/2014

تال شنايدر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية