الدولة التي حققت انجازات علمية وانسانية كبيرة، وتخطو بخطوات متقدمة ومتواصلة في موضوع الصناعة الحديثة والتكنولوجـــيا، التي شكلت رواجا في بلداننا العربية، بل غزت اسواق العالم. ان الشكر الذي تستحقه الصين بلد المليار ونصف المليار انسان او ما يزيد عن هذا العدد، مني ومن كل عربي، لكونها ساندتنا بشكل لا يمكن نسيانه او تناسيه في موضوع انتاج البضائع والسلع التي نحتاجها في حياتنا اليومية، بما في ذلك العقال واليشماغ الذي يرتديه الانسان العربي، والمؤسف انهم للان لم يتمكنوا من انتاجه في مصانع عربية. وفي صدفة جمعتني بشاب يعمل في اجهزة الموبايل، وخلال حديث جرى معه عن اجيال الموبايل ونوعياتها وتقنياتها المتطورة نطق كلاما احترمته لدقة تشخيصه ونقده اللاذع للواقع العربي، ولأهمية بلد مثل الصين على حياة العرب جميعا. اذ ان الشاب الواعي والمثابر في حياته قال ‘ علينا ان نقدم الشكر والعرفان للصين التي وقفت لنا وقفة مشرفة بانتاج افضل اجهزة الموبايل والالكترونيات والاجهزة الرقمية ومختلف السلع والبضائع من الملابس وحتى بعض الاكلات المعلبة، بينما نحن العرب لا نعرف سوى ان نأكل ونلبس ونشرب ونستهلك، ولولا هذه الدولة لحرمنا من هذه الاجهزة او أقحمنا لخيار صعب بشراء أجهزة باسعار عالية من مناشئ اخرى، ومن الطبيعي الا يلجأ اليها الا صاحب الجيب الثقيل’. بهذه الروحية والاندفاع تحدث هذا الشاب العراقي منزعجا، وتوقفت عند هذه الجملة التي تحمل في طياتها مشاعر العتب على العرب لعدم قدرتهم على الانفتاح على الواقع الجديد وانتاج صناعات حديثة، سواء الالكترونية او الثقيلة لانشغالهم بمشكلاتهم وتآمرهم على بعضهم بعضا، وربما من نطلق عليه بـ’المبدع’ في عالمنا العربي هو من يستطيع ايجاد برمجة لتلك الاجهزة التكنولوجية، وهو امر في غاية الازعاج والاحباط. في كل يوم نسمع ان هذه الدولة وتلك انتجت نوعا جديدا من سيارات او طائرات حربية ومدنية، او انتاج قطع غيار تدخل في صناعات عملاقة او خفيفة او تحوير جهاز يخدم الناس في جميع انحاء الارض، او تسيير قمر صناعي في الفضاء، او تمكنت من انتاج اصناف جديدة من الانواع الزراعية او التوصل الى صناعة عقاقير طبية لمرض مزمن وغير ذلك، كل ذلك يحصل هنا وهناك وتتناقله الالسن وبطون الصحف والكتب، بينما العرب مشغولون بحروب داخلية ومشكلات خارجية في اجواء الخسارة من نصيب العرب، وتباعد ما بين الشعوب والحكومات، لكن من دون اهتمام بمواجهة متطلبات الحياة الحديثة وطرح النموذج العربي في الصناعات والانتاج الجديد والبقاء على سياسة الدول المستهلكة وليس المنتجة. ان العالم يتقدم خطوات الى الامام والعرب يتراجعون بنفس الخطوات، لكنها الى الوراء ولا ندري الى اي مدى سيصل بنا التراجع بينما السير باتجاه التقدم اصبح سمة الآخرين، بما في ذلك بلدان المنطقة المحيطة بالعرب حتى أصبحت الفجوة كبيرة بيننا وبينهم. هو سؤال مطروح على صناع السياسة وقيادات الدول العربية هل سيبقى الانسان العربي مستهلكا بلا طموح بعيدا عن ولوج مرحلة الانتاج الصناعية ودخول مجال التطور الصناعي؟ العرب لم يفكروا اصلا باقتحام ميدان الصناعة والتكنولوجيا، ومقبول منهم حتى لو تكن بدايتهم مع ابرة خياطة فانها خطوة بالاتجاه الصحيح، الذي يزعجنا ان الشارع العربي تزدحم فيه السيارات وتزدحم في اجوائه الطائرات، ولكنهم ليسوا مساهمين سوى في الاستهلاك بينما الانتاج ليس من نصيبهم. ان العالم بأسره يشهد اوضاعا مضطربة في النواحي الاقتصادية والسياسية والامنية، وما يجعلنا لا نقبل بالواقع الذي نحن فيه ان المنطقة العربية اصبحت الاكثر اضطرابا من غيرها وانعكس ذلك على الملف الامني، ونحن نخشى ان يكون الانسان هو الهدف المباشر بالقتل والتشريد والتهديد، وهو امر يساهم في انتاج انسان معوق فكريا لا يحظى بقواعد الابداع والمشاركة في الاسهامات العلمية الخلاقة. لو ادرك حكامنا العرب ان ما صرفوه من مبالغ طائلة لمحاربة شعوبهم والاحتفاظ بكرسي الحكم على ثوراتهم، أو الذين قدموا الدعم المالي والعسكري لشراء الاسلحة من المناشئ الاجنبية دعما لاضعاف هذا وذاك من اصنافهم الحكام لوجدوا انفسهم في غاية الحرج والصعوبة، ولكن لا ندري بأية آلية حكم يحكمون؟ من هنا نستنتج ان الصين الشعبية دولة تستحق منا ان نقدم لها الشكر والعرفان لموقفها في طرح بضاعتها في اسواقنا ولكن الى متى سنبقى مستهلكين؟