ما تعيشه أحياء القدس والمسجد الأقصى في هذه الأيام من اعتداءات الشرطة والجيش الإسرائيليَين على الناس والحُرمات، هو مشهد من مسلسل متواصل تعوَّد عليه المشاركون فيه، وتقبَّله المشاهدون القريبون والبعيدون على السواء.
هي وقائع محلية، لكنها ذات أبعاد ومسببات إقليمية ودولية، وتشكل جزءا من المشهد الفلسطيني الأكبر الذي تجري تفاصيله الأخرى في الضفة الغربية وقطاع غزة. منذ عشرين سنة أو أكثر يتابع العالم، بكمٍّ كبير من اللامبالاة، المسلسل الفلسطيني/الإسرائيلي بكل آلامه، مع تصعيد هنا وتهدئة هناك وفق الظروف والسياقات.
أحداث القدس الحالية هي جزء من مواجهة غير متكافئة وغير عادلة، لأنها تدور بين شعب بلا قيادة وبلا توجيه وبلا دعم مهما كان، وحكومة إسرائيل، القوية والمجهَّزة والمستعدة لكل الاحتمالات، حتى أسوأها.
الهوَّة سحيقة بين الطرفين. وبسبب ظروف محلية وأخرى إقليمية ودولية، ما فتئت هذه الهوَّة تتسع إلى أن أصبحت مستحيلة الردم. فكان من نتائجها أن خسر الفلسطينيون في الخمس وعشرين سنة الأخيرة كل شيء تقريبا.
ما يعانيه الفلسطينيون اليوم ليس عفويا ولا صدفة. هو ثمرة ربع قرن من «الطبخ» على نار هادئة. تكاثرت خساراتهم وتراكمت وتشابهت حتى قضت على كل ما لديهم إلا إرادتهم وتمسكهم بالأرض.
خسروا خسارة فادحة عندما تحوَّلت سلطتهم إلى جهاز قمعي ينفذ المهام الأمنية نيابة عن شرطة إسرائيل وجيشها. وخسروا عندما أصبح ذلك الدور الأمني مألوفا ومقبولا. كانت الخسارة الداخلية على جبهتين، إذ التقى سحق إسرائيل لكل تحرك من لدنهم مع قمع السلطة الفلسطينية لهم. وزاد الطين بلَّة عجز السلطة بمختلف فصائلها ومكوناتها، الموالية والمعارضة، على تغيير شيء، مهما كانت بسيطا، من يوميات الفلسطينيين السياسية والاجتماعية والاقتصادية. الوجه الآخر للعملة: لا يضاهي التغوّل الإسرائيلي على الأرض إلا انحياز العالم «الحر» له و«تفهُّم» الحكومات الغربية لأسبابه. الصلة بين الاثنين قوية وحاسمة. ضف لها التواطؤ العربي فتكتمل صورة المأساة.
أسوأ أوجه خسارة الفلسطينيين خارجيا أن حلفاءهم إلى تراجع ودفاعهم عن أنفسهم في العالم أصبح مهمة مستحيلة. دعك من الاستثناءات المحدودة في بعض دول أمريكا اللاتينية ومجتمعات أو منظمات متفرقة ومغلوبة على أمرها أصلا. وأسوأ من عجز الفلسطينيين عن الدفاع عن أنفسهم وقضيتهم ألَّا أحد اليوم يستطيع أن يدافع عنهم في أوروبا وأمريكا دون أن يكلفه دفاعه ثمنا معينا.
ما تعيشه أحياء القدس والمسجد الأقصى في هذه الأيام من اعتداءات الشرطة والجيش الإسرائيليَين على الناس والحُرمات، هو مشهد من مسلسل متواصل تعوَّد عليه المشاركون فيه
هذا الواقع المؤلم دوليا هو أيضا ثمرة طبخ صبور استمر ربع قرن على نار هادئة. لعبت الدعاية الإسرائيلية دورا حاسما في تشكيل الصورة الجديدة، مستفيدة من تواطؤ العالم الغربي معها ومن جُبنه وإيثاره السلامة. وظَّفت الدعاية الإسرائيلية ظروفا موضوعية مثل انتشار الإرهاب واستهدافه اليهود في بعض الحالات. ووظَّفت الاضطرابات وموجات الهجرة ومشاكل المجتمعات الغربية فاستثمرت في كل هذا بلا هوادة. والنتيجة أن مالت الكفة في غفلة من الناس إلى أن أصبح الفلسطيني مرادفا للإرهاب، والدفاع عنه دفاعا عن الإرهاب، وانتقاد إسرائيل معاداة للسامية، والمطالبة بمحاسبة جيشها دعوة لإبادة دولة إسرائيل وحق شعبها في الوجود. كل الباقي لا يهم، ولا عزاء لعائلات سُويت بيوتها بالأرض لمجرد الشبهة ومزارعين جُرفت محاصيلهم وأطفال تعرضوا لإطلاق النار في طريقهم للمدارس وشيخ ضرير اغتيل بالرصاص في حاجز أمني.
لا يتوقف الأمر هنا، فقد تجاوزت إسرائيل مرحلة الإفلات من العقاب إلى انتزاع صمت العالم على ما تفعل. الكل مقتنع بأن إسرائيل ترتكب جرائم حرب، لكن من يجرؤ على الضغط لمحاسبتها؟
هو صمت متواطئ أكثر منه حيادا. قراءة سريعة في بيانات ومواقف الاتحاد الأوروبي، مثلا، كلما اشتعلت المواجهات في الضفة الغربية أو قطاع غزة تعطي لمحة كافية عن التوجه الأعوج: الحرص الشديد على لغة الترجي والتوسل والاعتذار. دعوة لضبط النفس تنطلق دائما من قناعة أن الجيش الإسرائيلي في حالة دفاع عن النفس. إصرار على لوم الضحية والتغاضي عن الجلّاد، وفي أحسن الأحوال المساواة بينهما في تجاهل أعمى لميزان القوى على الأرض بين طرف مدجج بالأسلحة والذخيرة وآخر مجرد من كل شيء إلا إيمانه بعدالة قضيته. من سخرية الأقدار أن حكومات بنيامين نتنياهو الأخيرة، وهي الأكثر تطرفا وعنصرية وانتهاكا لأبسط حقوق غير اليهود، هي أيضا أكثرها حظوة وحظا. سيذكر التاريخ أن إسرائيل لم يمر عليها رئيس وزراء يحرق الأخضر واليابس ثم يكافئه العالم مثل نتنياهو.
والحديث عن حظ نتنياهو مع العالم يقود إلى حظوته عند بعض الحكام العرب على الرغم من كل جرائمه وتطرفه. سيذكر التاريخ أن حكاما عربا اجتهدوا لإنقاذ نتنياهو من خلال مدّه بأطواق النجاة عندما كان في أسوأ أيام حكمه وفي ذروة غطرسته وانتهاكه للقوانين والأعراف.
سيضاف التطبيع الإماراتي والبحريني والسوداني والمغربي مع إسرائيل، إلى الصمت المتواطئ الغربي لإطلاق يد الحكومات الإسرائيلية وتشجيعها على التصرف بحرية ودون خوف من العقاب. كانت المقاطعة، أو عدم الاعتراف، آخر سلاح لثني الحكومات الإسرائيلية عن أفعالها، ففرَّط فيه الحكام العرب من دون أن يُجبرهم أحد وبلا مقابل يستحق. على الرغم من كل تناقضاته وصراعاته، لم يسبق لهذا العالم أن التقى، عن قصد أو غير قصد، في موقف متقارب مثلما هو حاله إزاء إسرائيل. الصمت، الخوف، اللامبالاة، التواطؤ.. النتيجة واحدة وفي صالح إسرائيل: إفلات هائل من العقاب.
مواقف الأمم المتحدة والرباعية والاتحاد الأوروبي حول أحداث القدس كلها متأخرة ومنافقة. ليس لدى هؤلاء ما يقدمون وليس في يدهم ما يغيّر الواقع. صمتهم الطويل ونفاقهم الشديد طيلة العقود الماضية هو ما قاد إلى ما يجري اليوم في القدس.
أما الجامعة العربية واجتماعها الوزاري الطارئ (مثلما تفعل مع كل تصعيد إسرائيلي) فوضعها يثير الشفقة هذه المرة، لأن الذين سيؤثِّرون في توجه الاجتماع هم ذاتهم الذين بتطبيعهم قالوا لإسرائيل افعلي ما تشائين. والخوف أن يخرج المجتمعون ببيان يدين المدافعين عن بيوتهم وحرماتهم من سكان القدس أكثر مما يدين إسرائيل ومستوطنيها ومؤسساتها الأمنية.
كاتب صحافي جزائري
و ماذا فعل العرب الغير المطبعين سوى التنديد الخافت!!!!!؟؟؟؟.
اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.
التطبيع يعني التركيع!
هل بمقدور المطبع رفع رأسه أمام ما يحدث الآن بالقدس؟ ولا حول ولا قوة الا بالله
أنا مغربي أرفع رأسي عاليا رغم أن الدولة التي أنتمي إليها أقامت علاقات سياسية و أمنية و اقتصادية و ثقافية مع إسرائيل.الدستور المغربي يقر بالروافد المتعددة للشعب المغربي: الأمازيغية و العربية و الإفريقية و الأندلسية و العبرية و المتوسطية و اليهود المغاربة مواطنون يحملون الجنسية المغربية أينما وجدوا؛ علما أنني أندد بكل من يساند منهم اعتداءات اسرائيل على الشعب الفلسطيني. الشعور الوطني الجمعي للشعب المغربي لم يتأثر بالتطبيع مع إسرائيل بل تقبل ذلك ضمنيا رغم أن مناهضي التطبيع ناشطون في المغرب بجمعياتهم و تحركاتهم. في المغرب وحده نظمت المظاهرات المليونية لمساندة فلسطين فلا تزايدوا علينا بالشعارات و الإدانات الجوفاء. الدولة و أغلب المواطنين المغاربة مع حل الدولتين و هو الحل الذي اعتمدته الأمم المتحدة منذ قرار سنة 1947 حول تقسيم فلسطين: الصهاينة رفضوا القرار لكنهم أسسوا الدولة في 15 ماي 1948 يوم خروج بريطانيا من فلسطين و الفلسطينيون رفضوا القرار أيضا لكنهم لم يعلنوا تأسيس الدولة التي يطالب بها أغلبهم في الوقت الحالي. منذ نكبة 1948 و الشعب الفلسطيني يعاني و ما يزال… ماذا استفادت قضية الشعب الفلسطيني من خيانة الحكام العرب و نفاقهم و من تهورهم السياسي على شاكلة ممارسات ملك ملوك إفريقيا في ليبيا ؟
وهل بامكان العربان أجمعين رفع رؤسهم أمام ما يحدث
بالأمس خرج عدد كبير في مختلف المدن المغربية تضامنا مع القدس…رغم .حالة الطوارئ بسبب كورونا…وهو شيء لم تعرف مثيلا له أغلب الدول العربية.. في الوقت الذي يقوم بعض المتاجرين بالتهجم على وحدة المغرب وتاريخه …والهتاف لمخططات ايزابيلا الكاثوليكية…التي احرقت المسلمين أحياء….فلانامت أعين المندسين الجبناء…..
ماذا تنتظر من المطبعين وغير المطبعين ؟ 73 سنة من الإحتلال وفلسطين تئن والمطبعون وغير المطبعين يتفرجون بل وصل الهوان إلى تغيير وجهة الرصاص إلى شعوب الغير المطبعين سواء في سوريا أو الجزائر
كل حكومات العرب و بدون اي استثناء متواطئة بشكل او بآخر و دعونا من الشعارات الفارغة، نعرف ان الشعوب مع اشقاءها لكن قلبيا و شفهيا.
ما النوع الدعم الذي قدمته الجزائر او غيرها مثلا؟ هاهي فلسطين مظلومة،اين الافعال؟
ومادا تفعل الدول الغير المطبعة غير التنديد وإرسال جنودها إلى مالي وحتى سفارات لا تمتلكها في فلسطين .بالمقابل لا تتورع في إرسال الغالي والنفيس للمترزقة من أجل اضعاف دول شقيقة . اما لفلسطين لا مال ارسلوا ولا سلاح او حتى كيلو تمر.
هههههه رجعنا الى قصة الطفل والحديقة. لا فائدة ولا مفر!!!!
وماذا فعلت الدول الغير مطبعة سوى الإدانة والإستنكار؟ أنا ضد التطبيع مع الإجرام الصهيوني لكن في الحقيقة لا أرى أي فرق بين ردة الفعل من الطرفين (المطبعين وغير هم).
المطبع هو محرض على ما يقوم به الاحتلال واعتراف بتصرفاته وهو مشارك في الجريمه قال تعالى ومن يتولاهم منكم فهو منهم اما الغير مطبع فذلك أضعف الإيمان. المطبع كمن يغرس خنحرا في خصر أخيه المطبع كمن يشارك السارق في سرقة بيته
و من يتولاهم منكم فهو منهم… من هم!!! أضن ان كل الدول العربية لها علاقات معهم سواء اليهود او النصارى فلا تستثني النصارى من الآية الكريمة
ومن يشتري لقاحات كورونا من إسرائيل ويبيعها الغاز بطرق ملتوية ألا يعتبر مطبعاً ؟ هناك مطبعون يعلنون عن أنفسهم صراحة وآخرون يطبعون تحت الطاولة ويملؤون الدنيا شعارات جوفاء. المفارقة أن 75% من ميزانية صندوق إعمار القدس تدفعها إحدى الدول “المطبعة” والتي تدير مستشفىً ميدانياً في غزة وهي نفسها التي شيدت مطار غزة…الخ. النضال ليس بالكلام والبروباكاندا …الشعب الفلسطيني يريد أن يرى أفعالاً على الأرض لقد مل من عبارات التنديد والشجب والاستنكار التي لا تطعم جائعاً ولا تشغل عاطلاً ولا تعالج مريضاً…تصحيح للآية القرآنية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)
من خلال تعليقات الكثير من الإخوة في جريدة القدس العربي، ورود فعل الكثير من الناس في الشارع وفي مجالسهم الخاصة، اتضح أنه أصبح من الصعب تغليط الشعوب العربية والإسلامية وخداعها من خلال اعتماد لغة تخوين أنظمة عربية بعينها ومحاولة النفخ – من طرف خفي- في أنظمة عربية أخرى! الناس يريدون ان يعرفوا ماذا قدم غير المطبعين للفلسطينيين عامة وللمقدسيين خاصة؟ وإذا لم ينصروهم الٱن وهم مظلومون وإسرائيل تعتدي عليهم وتقتلهم فمتى ينصرونهم؟!
مشكلة فلسطين الأساسية التي ضيعت القضية هي الإنقسام الفلسطيني و ليس التطبيع المشرقي
ما لا يدرك كله لا يترك كله