القدس المحتلة: بعد إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن انسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية، أبدى مسؤولون إسرائيليون وسياسيون معارضون إعجابهم بالدعم الذي قدمه ساكن البيت الأبيض لتل أبيب في حربها على غزة خلال ولايته الحالية والأخيرة.
لكن هؤلاء لم يسجلوا موقفا من قرار بايدن ترشيح نائبته كامالا هاريس لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة عن الحزب الديمقراطي، لمواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
فيما ألمح عدد من المحللين الإسرائيليين ومسؤولون أمريكيون إلى وجود قلق إسرائيلي من مواقف هاريس تجاه تل أبيب، خاصة فيما يتعلق بالحرب المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
والأحد، أعلن بايدن انسحابه من سباق الرئاسة، وتقديم دعمه الكامل لنائبته هاريس لتحل محله مرشحة رئاسية في الانتخابات المزمع إجراؤها في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
والاثنين، غادر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، حيث من المقرر أن يلتقي الرئيس بايدن الثلاثاء، (لم يتم تحديد المكان) ويُلقي خطابا في الكونغرس الأربعاء.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، إن نتنياهو سيلتقي أيضا نائبة الرئيس الأمريكي هاريس ومسؤولين آخرين بينهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان.
الاثنين، كتب عدد من المعلقين الإسرائيليين مقالات أشادوا فيها بما قدمه بايدن لإسرائيل، ووصفه أحدهم بـ”الرئيس الصهيوني الأخير في البيت الأبيض”.
وقال الكاتب بن درور يميني في مقال بصحيفة “يديعوت أحرونوت”: “كان بايدن ولا يزال صديقا حقيقيا لإسرائيل، ولعله آخر رئيس يعلن صراحة قائلا: أنا صهيوني”.
أما المعلق في ذات الصحيفة ناحوم بارنياع، فكتب: “جو بايدن، الرئيس الذي تدين له إسرائيل بالكثير، وربما آخر صهيوني في البيت الأبيض، اعترف الليلة الماضية بما لا مفر منه وانسحب من السباق لولاية أخرى”.
ورغم وجود هاريس منذ أكثر من 3 سنوات ونصف في البيت الأبيض، إلا أن الإسرائيليين لم يحسموا الموقف إزاءها.
فقد استنكر بن درور يميني، صمتها على اتهام أحد طلاب جامعة جورج ماسون الأمريكية في سبتمبر/ أيلول 2021 لإسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
لكنه استدرك قائلا: “إلى جانب ذلك، لديها تصريحات لا تعد ولا تحصى لصالح إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها”.
وما يؤخذ عليها أيضا، بحسب ما نقله يميني عن مطلعين على الإدارة الأمريكية أنها “ليست الخبيرة الأعظم في شؤون الشرق الأوسط، وليس لديها الارتباط العاطفي الذي يميز بايدن، إنها تأتي من مكان مختلف”.
وأضاف: “لكن في منزلها الخاص، لديها زوجها دوغلاس إيمهوف، وهو رجل يهودي”.
من جهته، قال جيكوب ماغيد، المحلل السياسي في موقع “تايمز أوف إسرائيل”: “تمت الإشارة بشكل دوري إلى هاريس على أنها شخصية الشرطي السيئ للرئيس بايدن عندما يتعلق الأمر بسياسة الحرب التي تنتهجها الإدارة بين إسرائيل وحماس”.
وأضاف: “يشير أولئك الذين يدفعون بهذا الإطار في كثير من الأحيان إلى كيف أصبحت أكبر مسؤول في الإدارة يدعو إلى (وقف فوري لإطلاق النار) في مارس/ آذار الماضي”.
واستنكر ماغيد تحدث هاريس “بالتفصيل عن الأزمة الإنسانية في غزة وانتقادها إسرائيل لتفاقم الأزمة، وإنذارها من أن الولايات المتحدة لا تستبعد أي خيارات إذا تجاهلت إسرائيل تحذيرها من شن هجوم شامل على مدينة رفح جنوب قطاع غزة”، بحسب ما جاء في الموقع.
واستدرك: “لكن بايدن فعل كل هذه الأشياء أيضا، بل ونفذ تهديد هاريس من خلال حجب شحنة من القنابل ذات الحمولة العالية (عن إسرائيل)”.
وفي مارس، أعربت هاريس عن قلقها العميق إزاء الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، وذلك خلال محادثات أجرتها في البيت الأبيض مع بيني غانتس، الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي آنذاك.
كما حذرت في ذات الشهر، خلال مقابلة مع شبكة ABC الأمريكية من “عواقب بالنسبة لإسرائيل في حال أقدمت على شن عملية في رفح”، واصفة حدوثها آنذاك بأنه “خطأ فادح”.
وفي هذا الصدد، نقل المحلل في صحيفة “هآرتس” بن صامويلز، عن مسؤول أمريكي، لم يسمه، إن “هاريس تشارك الرئيس بايدن دعمه لالتزام أمريكي صارم بأمن إسرائيل إلى جانب الالتزام بتعزيز حل الدولتين من أجل وضع حد لدوامة العنف هذه”.
وأضاف المسؤول الأمريكي: “أولئك الذين يشعرون بخيبة أمل من سياسات الرئيس جو بايدن في الشرق الأوسط سيشعرون بخيبة أمل مماثلة من سياسات الرئيسة كامالا هاريس”.
وعبر صامويلز عن اعتقاده بأن “سجل كامالا هاريس بشأن إسرائيل أصبح الآن تحت التدقيق الدقيق بعد تأييد بايدن لترشيحها”.
وأضاف في تحليل من واشنطن: “بافتراض أن هاريس أصبحت المرشحة الديمقراطية، فإن خطابها العام بشأن إسرائيل وحرب غزة سيخضع بلا شك لتدقيق شديد، سواء من قبل الناخبين الديمقراطيين المحبطين في الولايات المتأرجحة الرئيسية، أو من جانب الجمهوريين الذين يتطلعون إلى مواصلة استخدام إسرائيل كسلاح سياسي”.
وتابع: “تتمتع هاريس بعلاقات عميقة مع الجالية اليهودية الأمريكية بفضل زوجها الرجل الثاني دوغ إيمهوف، وهو الزوج اليهودي الأول لرئيس أو نائب رئيس أمريكي، وقد لعب دورا قياديا كحلقة وصل مع الجالية اليهودية الأمريكية، وقاد حرب إدارة بايدن ضد معاداة السامية”.
لكن رغم ذلك، فإنه يتم النظر لهاريس على نطاق واسع بوصفها “الشرطي السيء لإدارة بايدن بشأن إسرائيل في الأشهر الأخيرة، حيث بدا أن نتنياهو وحكومته يتجاهلان مناشدات البيت الأبيض لتحسين الاهتمام بالأضرار التي لحقت بالمدنيين في غزة، وتعزيز المساعدات الإنسانية للفلسطينيين بشكل كبير”، وفق قوله.
السفير الأمريكي السابق في إسرائيل ديفيد فريدمان، وهو من المقربين جدا من المرشح للرئاسة الأمريكية ترامب، اعتبر أن “الهامش التقدمي” لهاريس سوف يدفع اليهود الأمريكيين إلى ترامب.
وحذر في مقابلة مع صحيفة “جروزاليم بوست” الإسرائيلية، مساء الأحد، من أن “مغادرة بايدن ورئاسة هاريس المحتملة قد يشكلان مخاطر كبيرة”.
وشكك فريدمان في قدرة هاريس “على التعامل مع الشؤون الدولية بفعالية”، واصفا بايدن بـ”البطة العرجاء غير القادرة على قيادة مفاوضات هادفة”.
وقال فريدمان: “ارتكب بايدن العديد من الأخطاء فيما يتعلق بإسرائيل، لكنه يتقدم بأميال على هاريس من حيث دعم إسرائيل”.
وأضاف عن هاريس: “إنها على هامش الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، الذي يتعاطف أكثر مع القضية الفلسطينية”.
واعتبر فريدمان أن “ترشيح هاريس يمكن أن يؤدي إلى تحول تاريخي للناخبين اليهود إلى الجانب الجمهوري”.
وقال: “لقد دعم بايدن إسرائيل تقليديا، لكن هاريس لم تنجح في دعم إسرائيل بشكل حقيقي”.
وأضاف: “إذا أضفنا ذلك إلى كون الحزب الجمهوري مؤيدا تاريخيا لإسرائيل والحزب الديمقراطي من المرجح أن يكون مؤيدا لفلسطين، فسيكون لدينا تحول كبير”.
وانتقد فريدمان أيضا موقف هاريس من إسرائيل، قائلا: “لقد أظهرت من خلال أفعالها وارتباطاتها أنها تنحاز أكثر إلى الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي، الذي اتخذ موقفا عدائيا بشكل متزايد تجاه إسرائيل، إن دعمها للسياسات والشخصيات التي تنتقد إسرائيل بشكل علني أمر مثير للقلق بالنسبة لأولئك الذين يقدرون العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل”.
(الأناضول)