شهادات المعتقلين الغزيين عن المعاملة الإسرائيلية المهينة لهم وأسئلة المحققين

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا لمراسلتها في الشرق الأوسط رجا عبد الرحيم حول ما تعرض له السجناء في غزة من ضرب وتجريد من ملابسهم واختفائهم. وقالت إن مكتب الأمم المتحدة يتعامل مع معاملة إسرائيل للسجناء بأنه قد يصل إلى درجة التعذيب.

وقدر أن آلافا من الفلسطينيين ربما احتجزوا في ظروف “مروعة”، وتم تحرير بعضهم وهم يرتدون حفاظات أطفال. وقالت إن أيمن أبو لبد كان من بين فلسطينيين ركعوا نصف عراة ويشعرون بالبرد وحولهم الجنود الإسرائيليون المدججون ببنادق أم 16، وأجبروا على ترك بيوتهم في شمال غزة. كان ذلك، بداية كانون الأول/ديسمبر، وكشفت الصور وأشرطة الفيديو في حينه أنه كان وبقية المعتقلين بملابسه الداخلية واصطفوا في صفوف أحاط بهم الجنود.

وفي فيديو، صرخ جندي عليهم قائلا “لقد قمنا باحتلال كامل غزة، هل هذا ما تريدون، هل تريدون حماس معكم؟ لا تقولوا إنكم لستم من حماس”. واعترض المعتقلون الذين كانت رؤوسهم تحت أيديهم، وقال أحدهم “أنا عامل يومي” وجاء الرد من جندي “اخرس”. ويقول معتقلون أو أقاربهم قابلتهم “نيويورك تايمز” إن الغزيين ضربوا وجردوا من ملابسهم واعتقلوا في مكان مجهول.

 وقالت الصحيفة إن المنظمات التي تمثل السجناء الفلسطينيين قدمت نفس الشهادات في تقرير اتهم إسرائيل باعتقال عشوائي للمدنيين والمعاملة التي جردتهم من إنسانيتهم. وتقول الصحيفة إن القوات الإسرائيلية التي اجتاحت غزة اعتقلت الأطفال والنساء والرجال بالآلاف. وأمر بعضهم بالخروج من منازلهم فيما اعتقل آخرون وهم يهربون مشيا على الأقدام من منازلهم بحثا عن ملجأ آمن بعدما أمرتهم القوات الإسرائيلية بالمغادرة. وكشفت الصور التي التقطها صحافيون في غزة أن بعض المعتقلين الذين أفرج عنهم نقلوا إلى المستشفيات للعلاج، وظهرت الجروح العميقة حول رسغهم وجراحهم الملوثة وبسبب أسابيع من القيود التي أبقى الإسرائيليون عليها ولأسابيع.

وقال مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي إن معاملة إسرائيل للمعتقلين الفلسطينيين قد تصل إلى حد التعذيب. وقدر أن آلافا منهم احتجزوا في ظروف “مروعة” قبل الإفراج، وكان بعضهم بدون ملابس بل وبحفاظات أطفال.

وفي بيان للصحيفة من الجيش الإسرائيلي قال إنه يحتجز المشتبه بتورطهم في الإرهاب وأفرج عمن تم التأكد من عدم تورطهم. وقال إن السلطات الإسرائيلية تعامل السجناء بناء على القانون الدولي ودافع عن إجبار الأطفال والرجال على خلع ملابسهم قائلا إن هذا “للتأكد من عدم إخفائهم متفجرات أو أسلحة أخرى”. وقال الجيش “أعيد للمعتقلين ملابسهم عندما كان ذلك ممكنا”. وتقول منظمات حقوق الإنسان إن احتجاز إسرائيل ومعاملتها المهينة للغزيين قد يكونا خرقا للقانون الدولي.

وفي تقرير لمنظمات حقوقية فلسطينية، من ضمنها لجنة السجناء الفلسطينيين والضمير، جاء “منذ بداية القصف الإسرائيلي والغزو البري لغزة، اعتقل الجيش الإسرائيلي مئات الفلسطينيين بطريقة بربرية وغير مسبوقة ونشر صورا وأشرطة فيديو تظهر المعاملة اللاإنسانية للمعتقلين”. وأضاف التقرير “وحتى هذا الوقت، أخفت إسرائيل مصير المعتقلين من غزة، ولم تكشف عن أعدادهم ومنعت المحامين والصليب الأحمر الدولي من زيارة المعتقلين”.

 وقال متحدث باسم الصليب الأحمر، هشام مهنا، إن منظمته تتلقى يوميا تقارير من عائلات في غزة حول اعتقال أفراد منها. وتعمل المنظمة على حالات 4,000 فلسطيني من غزة ممن اختفوا، يعتقد أن نصفهم اعتقلته القوات الإسرائيلية”. وتحاول المنظمة الحصول على معلومات عن مصير وأوضاع المعتقلين إلا أنها تلقت معلومات عن عدد قليل منها.

ويقول بريان فينكون، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية والمسؤول السابق في وزارة الخارجية إن القانون الدولي وضع “معيارا عاليا” لاعتقال غير المقاتلين ويطالب بمعاملتهم بإنسانية. وفي الشهر الأول من القتال، حذرت إسرائيل من يرفض مغادرة منزله في الشمال وبناء على أوامر أصدرها جيشها أنه قد “يعتبر شريكا في منظمة إرهابية”. وفي الشهر الماضي، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن القوات الإسرائيلية تعتقل الرجال ممن هم في “سن الخدمة العسكرية”، مع أن قوات حماس لا تتعدى سوى 20,000 – 40,000 مقاتل حسب تقديرات الإسرائيليين والمخابرات الغربية من 2,3 مليون نسمة.

وعلق فينكون “افتراض أن من هم في سن الخدمة العسكرية مقاتلون مثير للقلق”. وفي تشرين الأول/أكتوبر قالت فرانسيسكا ألبانيز، المقررة الأممية في الأراضي الفلسطينية المحتلة إن تصنيف من لا يغادرون بيوتهم بالمتواطئين مع الإرهاب لا يعتبر تهديدا بالعقاب الجماعي فقط ولكن قد يكون تطهيرا عرقيا أيضا. وكشفت الصور وأشرطة الفيديو التي التقطها الجنود الإسرائيليون أو الصحافيون المرافقون لهم، المعتقلين وهم راكعون مع أيديهم مقيدة ومعصبة عيونهم وفي ملابسهم الداخلية وفي العراء.

وفي فيديو ظهر معتقلون في ملعب كرة قدم وهم يرتدون ملابس داخلية، الكثير منهم رجال يغطي الشيب رؤوسهم وبعضهم شباب. وظهر أطفال ونساء ولكن بملابسهم. وظهرت هديل دحدوح، 22 عاما، في صورة على ظهر شاحنة الشهر الماضي وسط رجال عراة. وفي الصورة كانت معصبة العينيين وخُلع حجابها. واعتقلت وزوجها رشدي الظاظا من مدينة غزة في الشمال في 5 كانون الأول/ديسمبر. وقال الظاظا “كانوا يضربوننا على رؤوسنا بالبنادق”، وقال آخر “كانوا يضربون زوجتي مثلما ضربوني” و”صرخوا عليها اخرسي ولعنوها”. وأفرج عن الظاظا بعد 25 يوما أما هديل فلا تزال مفقودة.

 وقال لبد الذي اعتقل في 7 كانون الأول/ديسمبر إنه كان في بيت أهله مع زوجته التي أنجبت طفلا قبل أسابيع، وفجأة سمع مكبر صوت يدعو الرجال للخروج وتسليم أنفسهم. وعندما خرجوا رافعين أيديهم واجهه جندي طلب منه الركوع وخلع ملابسه. وكان الجو باردا حيث بقي في صف من تسعة رجال وكلهم بملابسهم الداخلية. وبقي لبد، وهو عامل في مجال حقوق الإنسان، في المعتقل أسبوعا وأخبر نفسه بأنه سيفعل ما يطلبه الجنود منه “لم نكن ندري ما ينتظرنا”.

وكانت يداه مقيدتين بحبل بدأ بالحفر في بشرته ثم أمروا بصعود شاحنة وعيونهم معصوبة وبملابسهم الداخلية. وبقوا في الشاحنة لساعات حيث مضت نحو إسرائيل وتوقفت في بلدة بعير شيفا، حيث قدمت لهم ملابس رمادية. وأصبح لكل واحد منهم رقم وعلامة زرقاء وناداهم الجنود بأرقامهم وليس بأسمائهم. ووضع لبد في ثكنة واسعة وأمر ومن معه بالجلوس في وضع الركوع ما بين 5 صباحا حتى منتصف الليل، وكان وضعا مزعجا كما يقول. وأي شخص حاول تحريك وضعه كان يعاقب. ولم يحقق معه إلا بعد أيام حيث نقل لمركز احتجاز آخر في القدس.

وسأله المحقق أين كان في 7 تشرين الأول/أكتوبر وإن كانت لديه معلومات عن أفراد حماس أو الجهاد. وسئل عن أماكن الأنفاق في غزة. وعندما رد بأنه لا يعرف وأنه قضى وقته بين العمل والبيت، زاد غضب المحقق وضربه تحت عينه وشد العصابة على عينيه بطريقة تسببت له بالألم. وقضى أياما أخرى في المعتقل وبدون تحقيق، وبعد ذلك كان من بين عدة رجال نقلتهم حافلة نحو حدود غزة الجنوبية وطلب منهم المشي. وقدم معتقلون نفس الشهادة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية