شولاميت وشولا

حجم الخط
0

تتوفيت شولاميت في يوم الاربعاء الماضي. وتوفيت شولا في ليل يوم الخميس. ودفنت شولاميت في يوم الجمعة في جبال القدس وستدفن شولا اليوم في مقبرة كفار شمرياهو .
لم تعرف بعضهما بعضا وهما طرفان في حياتي الاولى في طفولتي والثانية في كبري. كانتا عالمين مختلفين منفردين، فمن شبه المؤكد أنهما لو عرفتا منفصلتين ومجتمعتين أنني أجمع بينهما في مقالة صحفية واحدة لهبتا لحظة من نعشيهما عائدتين الى الحياة غاضبتين جدا الواحدة على الاخرى، وعلي في الاساس.
كانت في نظري، وإن كانتا عاشتا في طرفي الشعب اليهودي، والاسرائيلي بيقين، الصورتين الاشد صدقا للاشخاص الذين يؤلفون هذه الفسيفساء البشرية التي تسمى دولة اسرائيل.’
إن شولاميت بن نريا كانت معلمتي في الصف الاول 3 في المدرسة الرسمية الدينية بيلو في تل ابيب. وقد نسيت لتباعد الزمان صورتها ودروسها وطريقتها في التربية. وأتذكر فقط اسمها والحقيقة الوحيدة التي لاجلها اتصل اسمها بتاريخ حياتي: فقد كانت في كل صباح في طريقها من بيتها في شارع ميخال الى المدرسة في جادة روتشيلد تمر دائما بالقرب من بيتي في شارع بوروخوف وكنت اختلس النظر دائما لأرى هل القاها في الطريق. لا يعني أنني كنت اخشاها بل ربما كان الامر عكس ذلك. كنت اعاملها باعظم احترام كما يعامل، كما آمل، كل طالب في الصف الاول معلمته اليوم ايضا. كنت أظن مدة سنين ان معلمتي الاولى توفيت مثل المعلمين الآخرين جميعا ومثل المدير حاييم ميشوري الذي سماه الجميع ‘موزيه’. الى أن نظم رفيقان من الصف قبل بضع سنين وهما يعقوب رزنبيرغ واسرائيل سلونيم، لقاء مرة واحدة في الحياة لطلاب الصف الاول 3 في بيلو. ووقعت المفاجأة اذ كانت المعلمة شولاميت حية ترزق معنا.
زرناها مرة واحدة في بيتها في مبسيرت في القدس. كانت المعلومة شولاميت دائما متدينة. وكانت تحافظ في ورع شديد جدا على الدقيق والجليل من الفرائض. كانت هادئة ومتواضعة وآمنت حتى النهاية برب السماء ومعجزاته. كان شيء من خيبة الامل في صوتها كما ظننا حينما اشارت اشارة خفية الى بعض ابنائها الذي لم يسر في طريقها الايمانية. وعلى حسب ايمانها ونهج حياتها كان يمكن ان يعدها معسكر اليمين المتدين بين مؤيديه.
‘وكانت شولا الوني ايضا معلمة لكنها تختلف غاية الاختلاف في شخصيتها وطبيعتها عن شولاميت بن نريا. فقد كانت عاصفة وشديدة الاطلاع ومناضلة بصوت جهير وكانت تقول كل ما تعتقد دون خوف ودون نفاق. وقد سمعتها مثل اسرائيليين كثيرين اول مرة اذ كانت صاحبة زاوية خاصة في الراديو تتعلق بحقوق الانسان.
وتابعت حياتها واعمالها الى ان هيأ القدر لقاءا بيننا في ديوان رئيس الوزراء اسحق رابين. كانت الوني آنذاك وزيرة وكانت تحارب الاحزاب المتدينة حربا لا هوادة فيها. ‘أنا لا احارب الدين لكن المتدينين ومقاولي الاحزاب والاحزاب’، اوضحت ذات مرة. وتبين انها خبيرة بالتوراة ومفسريها وتراث اسرائيل وتاريخ الشعب اليهودي على اختلاف اجياله بقدر لا يقل عن عدد من رجال الدين حتى من الكبار.
في احيان متباعدة جدا فقط اذا امكن ذلك اصلا، كان يمكن ان تجر الوني الى ‘تجارة خيول’ سياسية وهي ما اصبح اليوم جزءا لا ينفصل عن السياسة الاسرائيلية فقد كانت عندها مباديء حديدية وكانت امرأة مباديء. وكانت احاديث كثيرة معها تنتهي بزفرة ‘أوف ف ف’ طويلة.
ودفعت الوني عن ذلك ثمنا سياسيا شخصيا باهظا جدا ولم تتخل. وزرت بيتها مرة واحدة وحيدة في كفار شمرياهو. وقد كانت تصفي الحساب مع الاخرين حتى في شيخوختها ولم تكن ‘تحسب حسابا’ لاحد. وكنت اظن فيها دائما انها تحب الشجار. أوف.
ولم تعد الاثنتان موجودتين الآن. لم تلتقيا قط على وجه البسيطة فقد تلتقيان في السماء. وانا استطيع الان ان اسمع صراخ شولا الوني وتوبيخها وان ارى عيني شولاميت بن نريا الحزينتين. انهما وكلاهما بالنسبة الي ارض اسرائيل.
”’
يديعوت26/1/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية