برلين ـ «القدس العربي»: في لقاء جمع المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في برلين، تم الإعلان عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 1.4 مليار يورو. تشمل هذه المساعدات أنظمة الدفاع الجوي، المدفعية، والطائرات بدون طيار، ما يعزز القدرات الدفاعية الأوكرانية لمواجهة الهجمات المستمرة على بنيتها التحتية، بحسب ما نشرت القناة الإخبارية التلفزيونية الثانية.
وأعلن شولتس أن ألمانيا ستواصل دعم أوكرانيا بالتعاون مع الشركاء الغربيين من خلال تعزيز دفاعاتها ضد الهجمات الروسية، مع الاعتماد على قرض كبير مقدم من مجموعة السبع. وقال: “ألمانيا تقف بثبات إلى جانب أوكرانيا”، مشيرًا إلى أن الهجمات الروسية على البنية التحتية تستهدف كسر إرادة الشعب الأوكراني، لكنها لن تحقق أهدافها.
أوضح شولتس أن ألمانيا بالتنسيق مع شركائها الغربيين، ملتزمة بمواصلة تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا. وأضاف أن هذه الحزمة العسكرية تهدف إلى تعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية، التي أصبحت ضرورة ملحة نظرًا للهجمات الروسية المتزايدة على المدن الأوكرانية والمنشآت الحيوية. تشمل الحزمة أنظمة دفاع متطورة لمواجهة الصواريخ الروسية، بالإضافة إلى تعزيز قوة المدفعية والطائرات بدون طيار، التي تلعب دورًا حاسمًا في المعارك الحديثة.
إلى جانب المساعدات العسكرية، أكد أن أوكرانيا يمكنها الاعتماد على دعم مالي قوي من دول مجموعة السبع. ومن المقرر أن تحصل كييف على قرض مالي واسع النطاق للمساعدة في مواجهة الضغوط الاقتصادية التي خلفتها الحرب، ودعم جهود إعادة الإعمار والبنية التحتية المتضررة.
وأكد شولتس أن ألمانيا تقف بثبات إلى جانب أوكرانيا في نضالها ضد روسيا، مشددًا على ضرورة الاستمرار في دعم الشعب الأوكراني في مواجهة الهجمات الروسية التي تهدف إلى كسر إرادة المقاومة. وشدد على أن الهجمات الروسية التي تستهدف البنية التحتية الأوكرانية تعكس سعي موسكو لإضعاف الإرادة الأوكرانية عبر الضغط على المدنيين من خلال قطع الكهرباء والمياه.
وقال زيلينسكي في الاجتماع: “ساعدت ألمانيا بلادنا أكثر من الآخرين بأنظمة الدفاع الجوي”. وأضاف: “هذه هي الحقيقة، وقد أنقذت آلاف الأرواح الأوكرانية، ومنحت مدننا وقرانا الحماية من الرعب الروسي”.
وأشاد بأنظمة دفاع صواريخ “ايريس-تي” جو- جو ودبابات “جيبارد” المضادة للطائرات وصواريخ باتريوت، واصفاً إياها بأنها لا تقدر بثمن.
زيارة زيلينسكي إلى برلين جاءت بعد جولة شملت لندن، باريس، والفاتيكان، حيث التقى بزعماء تلك الدول لبحث سبل تعزيز الدعم لأوكرانيا. في كل من هذه المحطات، شدد زيلينسكي على ضرورة تحقيق “السلام العادل”، وهو ما يعني بالنسبة له استعادة الأراضي الأوكرانية وفرض عقوبات رادعة على روسيا. تعتبر هذه الزيارة هي الثانية للرئيس الأوكراني إلى ألمانيا خلال خمسة أسابيع، ما يعكس الأهمية التي يوليها للعلاقات الأوكرانية-الألمانية في ظل استمرار الحرب.
وأجرى زيلينسكي محادثات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، نفى بعدها تقارير إعلامية أفادت بأنه يبحث شروط وقف لإطلاق النار مع روسيا.
وقال للصحافيين في العاصمة الفرنسية: “هذا ليس موضوع نقاشنا”. وأضاف أن التقارير “غير صحيحة. تنخرط روسيا كثيراً في التضليل الإعلامي، لذا فإن ورود (تقارير من هذا النوع) أمر مفهوم”.
رفض زيلينسكي أي خطة للسلام تنصّ على التخلي عن أراض لصالح روسيا، مشدداً أن على موسكو أولاً سحب جميع قواتها من الأراضي الأوكرانية. وأفاد أيضاً بأنه وماكرون بحثا “خطة النصر” التي عرضتها كييف لهزيمة روسيا.
وقال: “نحتاج إلى دعمكم قبل حلول الشتاء”، مقراً بأن “الوضع صعب في الشرق” في ظل “نقص كبير” في بعض المعدات.
ولفت ماكرون بدوره إلى أن زيلينسكي قدّم إطار “خطة للأسابيع المقبلة” وبأنهما ناقشا الاستراتيجية “للأسابيع والأشهر” المقبلة، من دون تقديم تفاصيل.
وشدّد الرئيس الفرنسي أنه أكّد على دعم بلاده “للمقاومة الأوكرانية في مواجهة الغزو الروسي”. وأفاد زيلينسكي على تلغرام لاحقاً بأنهما ناقشا إمكانية إنتاج فرنسا وأوكرانيا أسلحة بشكل مشترك.
وتحمل هذا اللقاءات أهمية استراتيجية خاصة بالنظر إلى تصاعد الهجمات الروسية على مختلف الجبهات الأوكرانية، مع محاولة موسكو فرض سيطرتها على مناطق جديدة في الشرق. وفي ظل هذه التطورات، يصبح الدعم الغربي أكثر أهمية من أي وقت مضى. وتشير التقديرات إلى أن المساعدات العسكرية الغربية، بما فيها الحزمة الألمانية الأخيرة، ساهمت بشكل كبير في الحفاظ على تماسك القوات الأوكرانية وتمكينها من التصدي للهجمات الروسية.
من المتوقع أن تثير هذه المساعدات العسكرية الجديدة استياء موسكو، التي انتقدت مرارًا وتكرارًا التدخل الغربي في الحرب الأوكرانية. وقد سبق للكرملين أن وصف الدعم العسكري الغربي بأنه “تصعيد خطير” قد يؤدي إلى “عواقب غير محسوبة”. ومع ذلك، يبدو أن الغرب، بقيادة ألمانيا، مصمم على مواصلة تقديم الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا حتى نهاية الصراع.