هناك مصطلحات سورية كثيرة نرددها ببغائياً مع أنها قد لا تعني شيئاً على أرض الواقع، وهي مجرد كليشيهات لغوية لا أكثر ولا أقل. ماذا تعني كلمة «سوري» مثلاً؟ ماذا يعني مصطلح «الشعب السوري»؟ ماذا تعني «الثورة السورية»؟ ماذا تعني كلمة «السوريون»؟ ماذا يعني «النظام السوري» أو «الحكومة السورية»؟ هل هناك نظام سوري فعلاً إلا بالاسم فقط؟ بصراحة ومن خلال التجربة على أرض الواقع سنجد للأسف أنها مجرد كلمات جردها النظام الأسدي البعثي من معانيها. سأسأل بعض الأسئلة البسيطة، وإذا جاءت الأجوبة عليها بالإيجاب سأعترف عندئذ أنني مخطئ في التشكيك بالمفردات والمصطلحات «السورية» التي أوردتها أعلاه، لكني واثق أن غالبية السوريين إما أنها ستجيب بالنفي أو أنها ستهرش رؤوسها طويلاً قبل الإجابة عليها، أو أنها ستكتفي بالصمت لأنها ستخجل من الإجابة أصلاً.
سأسأل أولاً: هل هناك رابط يربط السوريين في الداخل والخارج غير الاسم فقط؟ هل هو أكثر من توصيف لجنسيتك على الهوية أو على جواز السفر؟ هل له أي معنى فعلاً على أرض الواقع؟ صحيح أن سوريا بلد متعدد الطوائف والمذاهب والأعراق والأديان، وهذا بحد ذاته ثروة كبيرة تضيف لأي بلد التنوع الجميل وتصنع منه «موزاييكاً» بديعاً، لكن هل سوريا فعلاً موازييك متماسك بديع؟ أم إن النظام حولها إلى قطع متناثرة ومبعثرة؟ هل الاختلاف في اللهجات أو الدين أو اللباس أو العادات كان فعلاً نوعاً من التنوع الجميل في سوريا، أم إن النظام جعلها عائقاً خطيراً دفع المختلفين إلى النفور والارتياب والشك ببعضهم البعض بطريقة مرعبة، وكأنهم أبناء ثقافات متصارعة ومختلفة، مع العلم أن المسافة بين مدينة وأخرى وقرية وأخرى في سوريا لا تزيد على بضعة كيلو مترات في بعض الأحيان؟ ما الذي يجمع بين هؤلاء الجيران المتباعدين ثقافياً ودينياً ولغوياً سوى الجنسية المكتوبة على الهوية؟ أرجو ألا يتهمني أحد بأنني أدعو إلى التقسيم والتجزئة، لا لا مطلقاً، بل أحاول هنا أن أسأل أسئلة تحتاج إلى إجابات قاطعة.
حين جاءت الثورة وبدت ملامح مواطنة وتوحد الهدف كان لا بد من تخويف الأقليات بالأكثرية ثم توصيف الأكثرية بالقاعدة والتكفير والإرهاب، وهكذا انتهينا للتقسيم المجتمعي الذي سيفضي إلى جدران نفسية أقوى من الجدران الاسمنتية بمرات ومرات
ما الذي يجمع بين ابن حلب الشمال وبين ابن درعا أو السويداء الجنوب؟ هل حاول النظام ردم الهوة بين الشمال والجنوب، أم زادها اتساعاً؟ هل الشعارات اللفظية التي كنا نسمعها في بداية الثورة في هذه المدينة أو تلك: «يا حلب أو يا حمص أو يا حماة حنا معاكي للموت» هل كانت فعلاً تعني ما تعني؟ أم إنها «خُلبية» مثل كل الكليشيهات التي صنعها النظام البعثي ولم تكن في الواقع إلا حبراً على ورق؟ دعكم من درعا وحلب حيث المسافة بين المدينتين شاسعة جداً، فالأولى في أقصى الجنوب والثانية في أقصى الشمال؟ لنأخذ مدن الجنوب كدرعا والسويداء؟ ما الذي يجمع بينهما مع أن المسافة بين المحافظتين لا تزيد على خمسة عشر كيلو متراً في بعض المناطق؟ كم هي المسافة بين قرية «عرى» في السويداء وقرية «بصرى الشام» في درعا؟ ضربة حجر. مع ذلك لماذا ثارت درعا على النظام وبقيت السويداء على الحياد؟ لماذا لم يتكاتف أهل السهل والجبل، أو أهل حوران للخروج صفاً واحداً في وجه النظام الفاشي؟ لماذا ثار جانب وصمت الآخر وكأن لا شيء يعنيه؟ لن أقول إن هذا وطني وهذا خائن على الطريقة البعثية، بل فقط أتساءل: لماذا ذهب كل طرف في اتجاه مع أنهم أبناء منطقة واحدة وأصحاب هموم وقضايا واحدة؟ لماذا كان التشكيك والارتياب سيد الموقف بين الجيران؟
لماذا ثار أهل حمص وفقدوا مدينتهم جراء الدمار وهجروها بمئات الألوف، بينما بقي جيرانهم أهل حماة صامتين، مع أنهم من دين واحد ومذهب واحد؟
هل يعقل أن السوريين في الساحل السوري وفي دمشق ذاتها كانوا يخرجون إلى الشوارع ويرقصون ويشربون الكحول ابتهاجاً بسقوط القذائف والبراميل والصواريخ الكيميائية على أهل غوطة دمشق أو على قرى حلب وإدلب؟ هل يعقل أن بعض سكان دمشق كانوا يسهرون حتى الصباح ويدخنون الشيشة بينما جيرانهم على بعد ضربة حجر في داريا والغوطة الشرقية كانون يموتون تحت القصف ويغرقون تحت حطام منازلهم؟
هل كان سكان حلب الغربية يتعاطفون مع سكان حلب الشرقية وهم أبناء مدينة واحدة، أم كان يبتهجون لكوارث بعضهم البعض؟
وكي لا نذهب بعيداً إلى الوراء، تعالوا ننظر إلى ردود أفعال السوريين في الداخل والخارج تجاه الكارثة الإنسانية في إدلب؟ ماذا فعل ملايين السوريين الذين لجأوا إلى الدول المجاورة أو إلى أوروبا على الأقل وجدانياً تعاطفاً مع أهل إدلب وبقية السوريين الذين لجأوا إليها من بقية المحافظات السورية وعددهم يزيد على خمسة ملايين سوري؟ لماذا بدأ بعض السوريين يخرجون إلى بعض المدن السورية الآن رافعين شعار «بدنا نعيش» من أجل تخفيض الأسعار وتأمين المازوت والغاز، بينما أشقاؤهم في إدلب يموتون تحت الأنقاض وينامون في البراري دون أدنى مستلزمات الحياة؟
ماذا فعل هذا النظام الصهيوني في سوريا والسوريين على مدى خمسين عاماً؟ كيف له أن يرفع شعارات الوحدة العربية والقومية بينما فشل في توحيد السوريين وإنتاج شعب واحد يمكن أن نسميه الشعب السوري؟ هل هو نظام سوري فعلاً؟ كيف تكون قومياً إذا لم تكن بالأصل وطنياً سورياً؟ كيف تدعو إلى توحيد العرب إذا كنت تدق الأسافين منذ عقود بين السوريين أنفسهم؟
لقد اشتغل النظام مثلاً على تعميق الهوة بين أهل درعا وأهل السويداء من خلال تأليبهم على بعضهم البعض، فكانت المخابرات العسكرية تخطف أشخاصاً من درعا وتتهم أهل السويداء والعكس كي ينشغل أهل حوران فيما بينهم. وكان رئيس المخابرات السورية في السويداء يقول للشباب يجب أن تلتحقوا بالجيش فوراً لأن أهل درعا إرهابيون إسلاميون. وقبل ذلك روجت المخابرات لفيديو يظهر فيه شيخ من درعا تطاول فيه على أعراض نساء السويداء لتعميق الشرخ بين أهالي المحافظتين ومنع أي تنسيق أو تكاتف بينهم ضد النظام.
لم يعمل ذلك النظام العصابة على بناء مواطنة في سوريا بحدودها الجيوسياسية، لم يلتق يوماً السوريون على هدف واحد، فقد قسمها الفرنسيون طائفياً ومذهبياً، وجاء حزب البعث ليقسمها إلى مناضلين وعملاء، ثم كرّس حافظ الأسد التقسيم المناطقي وتجنب التقسيم الطائفي رغم تكريسه لحكم الطائفة وسيطرتها على الدولة. وحين جاءت الثورة وبدت ملامح مواطنة وتوحد الهدف كان لا بد من تخويف الأقليات بالأكثرية ثم توصيف الأكثرية بالقاعدة والتكفير والإرهاب، وهكذا انتهينا للتقسيم المجتمعي الذي سيفضي إلى جدران نفسية أقوى من الجدران الاسمنتية بمرات ومرات. شو يعني «سوريا»؟
٭ كاتب واعلامي سوري
[email protected]
نعم نجح هذا النظام فی تمزیق الشعب السوری لکن للاسف السوریین وقعوا فی الفخ من جمیع الطوائف بدون استثنائ الاقلیات تخوفوا من الفراغ السلطه او شماعه داعش والاکثریه کانوا متعطشون للسلطه وجمیع الفصائل المسلحه المعارضه کانت تحمل اسامی الطائفیه بحته وعلی هذا اساس النظام نجح فی استمراریته ..کما قال الدکتور سوریا کانت موزاییک غنیه بتنویعها الی ان اتی الاسد …
تحية لك دكتور فيصل وللجميع.
بكل بساطة سوريا تعني المستقبل الزاهر. والسوري سيقود العالم الذي قدم لسوريا كل ما يحسبه أنه موت والحقيقة أن قوى الشر قد مسحت غبار الدهر عن سوريا لتبرز من جديد. أما عن الموت فهو سنة كونية فكل قد اختار لنفسه ميتة قبل خروجه للوجود.
للأسف،هذا الفسيفساء الجميل انكسر ويستحيل إعادته إلا بعد أجيال وأجيال.كيف يمكن أن يتعايش السني مع الدرزي والعلوي
وقد قتل عزيز عليه أو اغتصبت أخته وشردت عائلته.المسألة صعبة وقاسية تعبر عنها الصورة أعلاه،وهي نكبة لم يعشها حتى الفلسطينيين أنفسهم.لازالت هذه الحرب اللعينة لم تتوقف بعد 9 سنوات ولازال دراكيولا بشار لم يرتوي من دماء السوريين .سوريا سائرة إلى مؤامرة كبيرة تهدف إلى تغير ديموغرافي رهيب بالقضاء على المكون السني الذي يمثل 80 في المئة من الشعب السوري وهذا خطر جلل أمام تواطؤ دولي وعلى رأسهم الصهاينة والصفويين الذين يحاربوننا بعقيدتهم الفاسدة ولا نواجههم بالسلاح الذي يواجهوننا به.
فيصل القاسم يضع النقط على الحروف.
ما الذي يجمع ابن مدينة دمشق بابن دير الزور إذا رفضوا أهل مدينة دمشق استقبال أهل الغوطة لأن أهل مدينة دمشق ينظرون لأهل الغوطة
عدما استشهد انطون سعادة فرح الاسلاميين وخاصة السنة مهم ولكن القوميين السوريين عرفو كيف ينتقمو من ثلاثة رياض الصلح وحسني الزعيم والملك عبدالله لو استمر الحزب القومي الاحتامعي فى بلاد الشام لكنت عرفت الفرق اليوم سورية رح ترجع
كان السوريون رغم اختلافاتهم يحبون بلدهم ولكن البعض فضل الغريب على ابن بلده على أساس طائفي لم يكن موجوداً إلا بعد تغلغل الفكر الوهابي عند البعض و
أنت تعلم جيداً يا دكتور أجوبة أسئلتك. أنت تعرف أن البناية (العمارة) الواحدة كانت تضم أسراً من جميع الطوائف، بل والأديان، وكانوا يعيشون في تفاهم ومحبة. كفي سورية كان (الدين لله والوطن للجميع) وفي سورية كان (الواحد للكل والكل للواحد) سورية كانت عشقنا، والسوري هو ذلك الإنسان المنفتح على الآخر، المبدع في جميع المجالات.
فعلا” مقالك هذا ياأستاذ فيصل يثبت أنك سوري أصيل وأنك وضعت إصبعك علي مسبب الجرح وياليت كل السوريين يتداركوا ذلك قبل أن يودي بهم المجرم وعديم الأصل بشار الي الهاويه……
لن ينسى سُنة سوريا ما فعله الشيعة والعلويين بهم! أما الدروز فقد إنقسموا على بعضهم, ولن يثق السُنة بهم!! ولا حول ولا قوة الا بالله
الغرب ساعد بشار خوفاً على البقايا من طائفته! فمن يحمي الصهاينة من بعدهم!! ولا حول ولا قوة الا بالله