من عدة أيام دار سجال حاد بين شيخ الأزهر أحمد الطيب ومحمد الخُشْت رئيس جامعة القاهرة، في مؤتمر من المفترض أن الأزهر أقامه لتجديد وتطوير الخطاب الديني، وهو سجال انتهز فيه شيخ الأزهر الفرصة، ليمارس فيه نوعا من الجدل السفسطائي – الذي هو بالمناسبة موضوع دراسته – وليصب جام غضبه على الضيف الذي وقف مبهوتا، لأن الرجل يتحدث حسب كلامه من داخل البيت الفقهي نفسه لا من خارجه، وكانت وجهة نظر الكثيرين؛ أن الشيخ استغل الموقف لتفريغ شحنة ضد تيار بعينه، وليس الكتاب، ولا الضيف محل المناقشة المقصود بذاته، وهو ما نجح فيه الشيخ، إذ انتشرت فيديوهات هذا السجال سريعا بين القطاعات الفئوية العريضة المتعطشة لأي بطولة، والمُستًنفَرة دائما باسم الدفاع عن الدين تجاه أي بوادر فكر مغاير، ولأن الشيخ ليس فوق النقد، ولا أحد من رجال الدين أصلا فوق النقد، فإننا نورد هذه الملاحظات التالية على هذا السجال.
أولا: مقولة أن المشكلة ليست في التراث التي كررها شيخ الأزهر أكثر من مرة، هي مقولة مخاتلة.
لأن المشكلة فعليا وعمليا في التراث، وتحديدا في البنية الابستمولوجيا التي بنيت عليها المعارف الإسلامية في القرون الثلاثة الأولى، التي تأسست عليها الدعائم التراثية كاملة، وليست المنظومة الفقهية وحدها، التي أفرزت كهنوتين أساسيين؛ الكهنوت السياسي؛ والكهنوت الفقهي، وكليهما غير مفصول عن صاحبه، وهو ما أدى إلى توقف العقل المعرفي الإسلامي عند القرون المراحلية الأولى، وجعل من هذه القرون زمنا سكونيا مقدسا، لا تجوز مفارقته أبدا، بل الواجب علينا استنساخه على الدوام، إذا أردنا الفلاح، وهو ما أدى بنا أيضا إلى ديمومة الفشل، والإعاقة الحضارية التي نعاني منها حتى هذه اللحظة.
ثانيا: دائرة الفقه الإسلامي أصبحت مغايرة ومفارقة تماما لآنية الوقت والزمان والمكان، والتعامل معها بتاريخانية أصبح واجبا وضرورة، فضلا عن كمون عشرات الأحكام فيها التي تصب في صالح روزنامة الكراهية والقتل والدماء، أو الخلل العلمي – مثلا: مدة الحمل أربع سنوات حسب الفقه الشافعي، وليس أدل على ذلك من أن كل التنظيمات الإرهابية العنيفة؛ بدأ من «القاعدة»، مرورا بطالبان، وبوكو حرام، وحركة الشباب، وليس انتهاء بـ«داعش»، استقت أفعالها بشكل أو بأخر من تلك المنظومة الفقهية، التي تدافع عنها المؤسسات الرسمية باستماتة. وإذ لم تصدقني فأنا أتحدى أن يأتي أحدهم بفعل واحد، فعلته «داعش» باجتهاد منها، بدون الرجوع لمنظومة الفقه التقليدية، أوليس له أساس عموما من باطن كتب التراث.
دائرة الفقه الإسلامي أصبحت مغايرة ومفارقة تماما لآنية الوقت والزمان والمكان، والتعامل معها بتاريخانية أصبح واجبا وضرورة، فضلا عن كمون عشرات الأحكام فيها التي تصب في صالح روزنامة الكراهية والقتل والدماء
ثالثا: الحديث عن نسبية المعرفة، وظنية الأحكام، هو قول يتفق ويتناسق تماما حتى مع المنظومة التقليدية للدراسات الشرعية وليست مناهج التنوير الحديثة فقط. فمن المعلوم أن القرآن هو نص قطعي الثبوت، تنقسم آياته إلى ظنية الدلالة، وقطعية الدلالة، أما السُنة فإن تسعة أعشارها ظنية الثبوت ظنية الدلالة «أحاديث الآحاد» وهو ما يفتح المجال للتأويل والاجتهاد. ومن الغريب أن أحاديث الأحاد يُتَحرج منها في مجال العقائد، ولا يُتَحرج منها في الدماء؛ «حديث قتل المرتد، وغيره من الأحاديث التي بنيت عليها أحكام السبي والرق والوطء والرجم»، فهل يعقل أن يباح إزهاق الأرواح، ووطء الأعراض، اتكاء على نصوص ظنية الورود ظنية الفهم؟
رابعا: يقول شيخ الأزهر أن الدين يوظف من جانب الساسة، وعلى حد علمي، وعلم الجميع أيضا، أن الشيخ كان يمارس العمل السياسي تحت مظلة الحزب الوطني، إبان حكم مبارك، وكان ولايزال فاعلا ولاعبا في العديد من المواقف السياسية، حتى إن قرار تعيينه شيخا للأزهر، هو قرار سياسي بامتياز، لأنه لم يأت بانتخابات طالما طالبت بها هيئة كبار العلماء، كنوع من استقلالية الأزهر، بل تواترت الروايات عن توليه المشيخة، حين أفسح الرئيس مبارك المجال لحرمه بأن تسمي حفيدته، على أن يقوم هو بتعيينه شيخا للأزهر بدلا من أحمد عمر هاشم، وهي رواية تعكس عبثية اتخاذ القرارات في المستنقعات العربية خاصتنا، وتعكس أيضا مدى تفرد الشيخ بنفوذ وسلطة وتقرب من الدوئرالحاكمة، أيا ما كانت هذه الدوائر، فضلا عن تمتع فضيلته بصداقات كل حكام المنطقة لا نستثني منهم أحدا. وبهذا الشكل يصبح هو نفسه جزءا من توظيف الدين لخدمة السياسة بشكل أو بآخر. وعليه؛ فإذا كان فضيلته يلعب السياسة مقتنعا بحِل الخلطتين معا؛ إذن فقد سقط مذهبه، وإذا كان يذهب مرغما للمراعي السياسية، فالواجب ألا يحدثنا سماحته بعد ذلك عن تلاعب الساسة واستخدامهم للدين بعد ذلك، والكلام هذا بالمنطق نفسه الذي استخدمه في الحوار.
خامسا: وهو الأهم والأجدر وواجب الوقت الآن، وهو ما أًعِدُهُ مسبقا – ملزما نفسي- بالكف عن نقد التراث والوقوف خلفه، ما استطعت إلى ذلك سبيلا، إذا فعل ما يجب على رجل في مكانته فعله.
فمعلوم أن فضيلته ألهب حماس الجماهير المسكينة عن شعوره بالعار من ما يسمى بصفقة القرن، وتصفية القضية الفلسطينية، وهو كلام يشعرني أنا حرفيا بالعار، لأنه يتحدث كما لو كان مثلنا من المستضعفين في الأرض، الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا، لا بوصفه شيخا للأزهر، يتمتع بسلطة روحية هائلة لمليار وستمئة مليون مسلم، باستطاعته أن يجوب الأفاق وأن يملأ الأرض صخبا وضجيجا واحتجاجا، وأن يؤرق ليل المؤسسات الصهيونية العالمية، أو أن يعتصم بأضعف الإيمان ويغلق عليه باب الأزهر، كما فعلها من قبله الشيخ الخراشي، مدعوما بالعِمَم التي كانت تصفق له في المؤتمر كلما همس أو نطق أو أشار، مثل كورال داعم يذكرك بِصَيتَة المقرئين، أظن كان هذا أولى وأجدر بدلا من المخاتلة اللفظية التي جعلته يتصدر زفة وسائل السوشيال ميديا الباحثة عن بودار بطولة ولو كرتونية، فصورت الرجل كحامي حمى المسلمين، وقاطع شأفة التنويرين، ومخرس لسان المرجفين، قدس الله سره، آمين.
٭ كاتب وإعلامي مصري
هذا الطيب مشارك للسيسي في جرائمه العديدة إبتداءً من مذبحة رابعة! فالسكوت عن الحق تعتبر مشاركة بالجريمة!! ولا حول ولا قوة الا بالله
كلام شيخ الأزهر صحيح،وإن كانت مواقفه السياسية غير صحيحة. الذي أقام المؤتمر هو السلطة الانقلابية باسم الأزهر. نريد تجديد الخطاب العسكري العربي بحيث لا يخون أمته ولا يمارس القمع والقتل والاستبداد وحرمان الشعوب من حريتها وكرامتها وثرواتها. كما نتمنى من مثقفي التنوير أن يخرجوا من عباءة الاستبداد، إلى رحاب الحرية والنور!
روح الإسلام بأول نظام حكم مدني بالعالم أنشأه محمد (ص) بالمدينة سماحة وسطية عدالة مكارم أخلاق وحفظ نفس وعرض ومال وأسرة ومجتمع وحروبه طوعية دفاعية لتحصيل حرية تعبير وحماية مدنيين وليس استعباد وفوقية وقنص ثروات، ومرجعية الإسلام آيات قرآن نزلت على محمد (ص) مع أسباب وظروف نزول كل آية وتصرفاته قولاً أو عملاً تفسيراً أو تنفيذاً لكل آية إضافة لتصرفه قولاً أو عملاً مع كل ظرف فاكتمل الدين قبل وفاته، أما قصص التاريخ بعد محمد (ص) ليست مرجع بل يحدد صوابها أو انحرافها بنسبة تناغمها أو تناقضها مع الدين المكتمل
اولا صباح الخير للقدس ولكاتب المقال وللجميع :
١. اود ابتداءا ان اثني على صحيفة القدس التي نشرت حتى الان ثلاث مقالات حول المناظرة او السجال الذي دار بين شيخ الازهر والاستاذ الخشت ..ولدي الملاحظات التالية على ما تفضل به الاخ بكري ..يتبع لطفل
حديث الكاتب عن ( الجمود الفقهي والفكري) بصراحة يدل على سطحية مرعبة فقد كان الاسلام في تطور معرفي لافت واسس في العصر العباسي ما يعرف بدار الحكمة والتي تم فيها ترجمة كتب من كل الحضارات وعرفت القرون الوسطى حواضر الاسلام كمراكز اشعاع حضاري ومثل الفقهاء والفلاسفة على حد سواء تيارا تغييريا ثوريا على راس كل مئة الامام الفقيه الفيلسوف ابو حامد الغزااي وابن حزم الاندلسي وابن رشد الفقيه وكذلك ابن خلدون ( من خارج داىرة الفقهاء) وابن دقيق العيد وعددهم اكثر من ان يعدوا فلا ادري من اين جاء الكاتب ( بشطحته خول جمود المعارف الاسلامية منذ القرن الثالث ليشطب تراثا عالميا ومنظومة حضارية انصهرت فيها ثقافات الارض وياتي ويتحدث عن الجمود الفقهي ..المقالة غاضبة هي الاخرى من انتصار منطق على منطق .. وتحاول عبر شطحات لا علاقة لها بدراسة التطور المعرفي في النظرية الفقهية وغيرها من علوم الاسلام ان تلبس الفقه الاشلامي المجيد الذي قدم النظرية القانونية حتى للقانون الفرنسي وحكم لاربعة قرون استقاؤا من مدرسة الراي في الفقه الحنفي .. وما زال الى الن يباشر في محاكم كثيرة بانه جمود !!
تتمة
!!يا استاذ بكري الكهنوت لايقبل النقاش!! وعلم الفقه والاصول هو علم الخلاف اصلا ! فانا اسجل استغرابي من هذا التقييم الذي يبدو غاضبا على طريقة يا لغيرة الفكر على ( الحداثة ) !دون مراعاة تقديم الدليل المعرفي على ما يسميه الكاتب ( الجمود وانغلاق باب الاجتهاد ) يا عزيزي اغلب رسائل الماجستير الجامعية تقدم تحت عنوان اثر تغير الزمان بتغير الفتوى ! اكثر من ستين بحثا للعلامة القرضاوي في التجديد ومقررات مجامع الفقه الاسلامي . وكتب اقدم مما تتصور
اما جزمك ان الدواعش غرفوا من ( التراث ) وهو تسطيح لمشكلة داعش التي لها شق امني كبيييييير جدا يعرفه كل من احتك ببيىة الجهاد والتنظيمات والعمل الامني .. والخوارج في تاريخ الاسلام كانوا اقدم من داعش الصورة المعاصرة عنهم واسسوا لانفسهم نظرية مارقة غرفت منها داعش ومن غيرها فهل انتقائية الغرف تعني ان التراث الفقهي هو السبب ام سجون الدكتاتوريات والتعاطي الامني الممنهج مع التسلام لدفنه قبل ان ينتفض في وجه الدكتاتوريات هووالسبب ولماذا تقرا نموذج داعش كافراز لاخطاء التراث الفقهي ولا تقرا نموذج المقاومات للاستعمار والدكتاتوريات كافراز اوسع باضعاف من داعش وهذا لا يعني ان النزريات الفقهية لم تحتو صوابا وخطأ بل انها من سعتها وجد فيها من يريد ان يقتنص احكاما معينة مرتعا ووجد فيها الثوريون الصادقون مرتعا وباعثا ايضا
*(وغريب ان احاديث الاحاد يتحرج منها في العقائد يُتَحرج منها في الدماء!؛ «حديث قتل المرتد، وغيره من الأحاديث التي بنيت عليها أحكام السبي والرق والوطء والرجم»، فهل يعقل أن يباح إزهاق الأرواح، ووطء الأعراض، اتكاء على نصوص ظنية الورود ظنية الفهم؟)انتهى كلام الكاتب
هذه الاشياء لو سمحت لم تثبت باحاديث الاحاد بل بالمتواتر الفعلي في زمانها واخكامها النعاصرة تختلف جملة وتفصيلا
الاحكام التي ذكرتها على انه لا تحرج منها ليست كما ذكرت بتاتا
*فمدارس الفقه الاسلامي المعاصرة( التي تتهمها بالجمود والتخلف الفقهي تحرم الرق ) ولا تفتي بقتل المرتد الا ان قاد فتنة مسلحة ! وتبطل الرجم وعلى فكرة من افتوا بذلك ( بطلان الرجم ( وانا بالمناسبة ضد الراي الذي ابطل الرجم وارى ان الزاني المحصن يعدم رميا بالرصاص وان الرجم ثبت بتواتر فعلي لا باحاديث احاد فيرجى توخي الدقة) والرق وقتل المرتد ) وكل من انكر ذلك ونظروا لفتاواهم ازهريون اصلاء مثل العلامة ااشيخ المرحوم محمد ابو زهرة والعلامة القرضاوي
شيخ الأزهر و …التانوير ……خطان متوازنان لا يلتقيان …….
صدقت! التنوير لا يؤمن بالوحي ،يؤمن بموت الضمير!
سيبقى الجمود الفكري للاسلام مستمر الا اذا تغيرت القوانين العقابية التي فرضها رجال الدين على الدولة باسم الكفر او الالحاد او المس بالمقدسات فالمفكرين الكبار سيطالهم العقاب او التشريد وكذلك لن يسمح بوجود مذاهب جديدة كالقرانيين الذين لا يعترفون بصحة الاحاديث والسنة ويفسرون ابات القران بحسب فهمهم ومعارفهم العلمية