“شيطنة” و”تشويش” على العلاقات التونسية- الليبية.. من المستفيد؟  

حجم الخط
0

طرابلس/ تونس: أجمع خبراء عرب على أن حملة التشويش على العلاقات التونسية الليبية تقف وراءها أجندات لا ترتاح للخيارات الديمقراطية التي اتخذها البلدان.

وأكد الخبراء على سعي جهات معينة، عبر معلومات مضللة، إلى ربط الإسلاميين الذين اختاروا طريق الديمقراطية بالإرهاب لمزيد بث البلبلة.

والثلاثاء، قال رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة، في تغريدة عبر حسابه على “تويتر” إن “ما ورد من ادعاءات مغلوطة بشأن الأوضاع الأمنية بين البلدين لن يؤثر في عمق العلاقة الأخوية، وسنظل شعب واحد في بلدين”.

والأسبوع الماضي، بثت وسائل إعلام تونسية وليبية أخبارا لم تثبت صحتها عن الأوضاع الأمنية بين تونس وليبيا، منها استعداد عشرات الإرهابيين في قاعد الوطية غرب ليبيا للهجوم على تونس الأمر الذي فندته تصريحات رسمية من البلدين.

وتشهد المنافذ البرية بين تونس وليبيا، منذ 8 يوليو/ تموز الماضي، إغلاقا بسبب تفشي سلالة “دلتا” المتحورة من فيروس كورونا في البلد الأخير.

وبالرغم من إعلان الحكومة الليبية في 17 أغسطس/آب المنصرم، إعادة فتح المنافذ البرية وحركة الملاحة الجوية مع تونس، إلا أن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع.

سجالات لا فائدة من ورائها

وقال الباحث والمحلل السياسي التونسي المختص بالشأن الليبي بشير الجويني إنه “ليس من صالح ليبيا وتونس الدخول في سجالات، والمستفيد من أي سجالات هو طرف ثالث”.

وأضاف أن “هناك أطرافا من مصلحتها إغلاق الحدود التونسية الليبية، وهذه الأطراف تستفيد من خروج تونس من إعادة الإعمار وأيضا تستفيد من إقامة هذا التوتر بأن تجعل المنطقة الحدودية منطقة توتر وخلافات ونزاعات”.

وأردف “المستفيد من هذه الشيطنة ومن حالة التوتر هي جهات تقف وراء حملات إعلامية مختلفة، وهذه تأتي من توجهات تعادي الديمقراطيات وتعادي التداول السلمي على السلطة وتعادي المدنية، وهم جزء من سياسيين فشلوا في نيل ثقة الناخبين وجزء منهم مطلوبين”.

تمويل إماراتي؟

ويرى المحلل والكاتب الصحافي المصري المهتم بالشأن الليبي علاء فاروق أن “التحشيد الإعلامي الذي حاول ضرب العلاقات الليبية التونسية اعتمد في مراحله الأولى على مجموعة من الشائعات والأخبار المزيفة”.

وأضاف فاروق أن “هذه الحملة يقودها إعلام ليبي مموّل من قبل الإمارات، ودور الإمارات معروف في المنطقة، فهي تحاول إفشال أي تقارب في العلاقات بين الدول مثلما فعلت مع الجزائر ومصر، والآن هي تفعل ذلك بين ليبيا وتونس، في محاولة لإظهار الدولة الليبية بأنها دولة فاشلة وتصدر الإرهاب”.

وأوضح أن “هناك ثلاثة أوكار إعلامية ليبية موجودة في تونس وهي معروفة ومنها يتمّ شن الحرب على ليبيا ومحاولة إفشال أي محاولات استقرار”.

وتابع: “هذه الأوكار تتشكل من وكر يدعم خليفة حفتر ويقوده مجموعة من الصحافيين الذين يحاولون شن هجمة لإفساد العلاقة بين ليبيا وتونس، ووكر آخر يقوده العارف النايض السفير الليبي في الإمارات، وهو يقود مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة (غير حكومي)، ويشن بعض الهجمات على ليبيا، وهذا يؤكد دور الإمارات. ووكر ثالث يقوده بعض رجال الأعمال يتم عبر البرامج التلفزيونية وغير ذلك لمحاولة ضرب العلاقات بين البلدين”.

ربط الإسلاميين بالإرهاب

يقول فاروق إن “هناك محاولة لشيطنة حركة النهضة التونسية (إسلامية)، وهذا أسلوب الأنظمة الانقلابية التي تحاول شيطنة خصومها”.

وأوضح أن الحركة “تقدم تنازلات منذ أن وصلت إلى السلطة ومنذ أن تولت رئاسة مجلس النواب، وهذه التنازلات تؤكد أنها ليست حركة مسلحة وليست لها علاقة بالتنظيمات المتشددة مثل “داعش” و”أنصار الشريعة”، ورئيس الحركة راشد الغنوشي هاجم هذه التنظيمات عدة مرات”.

بدوره، أفاد المحلل السياسي الليبي بدر شنيبة بأن “هذه الحملة هدفها الأساسي، هو إدخال العلاقات الليبية التونسية في مرحلة توتر وعزل التيار الإسلامي في تونس عن نظيره في ليبيا، خاصة بعد أن أصبحت بصمات الإمارات واضحة في سلسلة التغييرات السياسية التي تشهدها تونس مؤخرا ومحاولة جرّ البلاد إلى خانة الحلف الإماراتي”.

وذكر أن “الدليل على ذلك هو إصرار القنوات التونسية على إقحام حركة النهضة في أي علاقة مباشرة مع الوجود الإرهابي المفترض في ليبيا، كما وصف بعض الضيوف على القنوات التونسية حركة الإخوان المسلمين بالإرهابية وهي أوصاف تتماهى مع وصف الحلف الإماراتي”.

وخلال الأيام الماضية، تناقلت وسائل إعلام تونسية، تصريحات لمحللين تونسيين، يتهمون خلالها حركة النهضة بالتورط في أعمال إرهابية، وآخرها اتهام الإعلامي ورئيس تحرير التلفزة التونسية السابق سعيد الخزامي، حركة النهضة بـ”تسريب مقاتلين من كتائب القسام (الفلسطينية) لتنفيذ أعمال عنف في تونس والانقضاض على الحكم”.

محاولات فاشلة

يقول الجويني: “ستمر هذه السحابة كما مرت سابقاتها في 2013 و2017، خاصة أن المسؤولين الرسميين المباشرين للعلاقات الثنائية اجتمعوا وتحدثوا بشكل مباشر وصريح وودي، وتم وضع النقاط على الحروف والشروع في صياغة بروتوكول صحي مشترك ملائم للبلدين”.

واعتبر أن “فرضية وجود إرهابيين أو ذلك العدد من الإرهابيين الذي سوقه الإعلام بأنه 100 أو 150 هو أمر أشبه بالدعابة، وهذا يبين أن من قام بفبركة هذه الأخبار بعيد كل البعد عن معرفة طبيعة جغرافية المنطقة”.

من جانبه، ذكر المحلل السياسي الليبي محمود إسماعيل أن “محاولات تسميم العلاقة بين ليبيا وتونس التي تربطنا بها علاقات تاريخية وأواصر قرابة موجودة، ولكن يبدو أن بعض الأنظمة تحاول العمل على تفعيلها من أجل أن يكون هناك أسفين يدق بين ليبيا وتونس ومن أجل العمل على صناعة نظام ربما يكون انقلابي والعمل على تشويه الدولة الليبية”.

الرئاسة التونسية: جهات لا تريد الخير للبلدين

وفي تصريحات لوكالة الأنباء التونسية الرسمية دعا وليد الحجّام، المستشار لدى رئيس الجمهورية، الأربعاء، ” إلى الكفّ عن التشويش وخلق الاثارة وبث البلبلة بين تونس وليبيا، لأن التاريخ والجغرافيا وروابط الدم والمصالح المشتركة بين الشعبين الشقيقين، لا يمكن أن تفرقها تصريحات غير مسؤولة أو تعاليق مغرضة أو محاولات يائسة من أطراف أصبحت مكشوفة للجميع”.

وأضاف الحجّام “إن ما يجمع تونس وليبيا، من روابط أخوة وتعاون وشراكة، أقوى وأكبر من أن يتأثر بإشاعات فيسبوكية ومعلومات مغلوطة وتحاليل مجانبة للصواب، صادرة عن جهات لا تريد الخير للبلدين والشعبين الشقيقين”.

واعتبر أن العلاقات التونسية الليبية “تاريخية وراسخة ومتينة واستثنائية بكل المقاييس ولا تخضع للمعايير التقليدية في إدارة العلاقات بين الدول”.

وأكّد أن تونس “ترفض أي محاولة للتشويش على الروابط الأخوية الصادقة التي تجمعها بليبيا، ولديها قناعة راسخة بأن ما يجمع البلدين من تاريخ مشترك، وأواصر حضارية واجتماعية هي مكتسبات صلبة ومبادئ ثابتة، أسمى بكثير من كل اعتبارات أخرى، وهي، كذلك، الرافد الحقيقي لتحقيق التنمية المتضامنة وإرساء صيغ شراكة استراتيجية بفكر جديد وبآمال كبيرة نحو مستقبل أفضل، بما يلبي تطلعات الشعبين في الاستقرار والنماء”،

وذكر الحجّام أن “كل الإجراءات التي تم اتخاذها على مستوى المعابر الحدودية لها دوافع صحية بحتة والهدف منها التحكم في تطور الوضع الوبائي في تونس وتجنب السيناريوهات الفارطة (السابقة) التي شهدتها تونس نتيجة الانتشار السريع والكبير لفيروس كورونا”.

وأوضح وليد الحجّام أن تبادل الزيارات على كل المستويات بين البلدين قائم وسيستمرّ في المستقبل، لكن الظرف الاستثنائي الذي تمرّ به تونس حاليا فرض تأجيل بعض الاستحقاقات الثنائية إلى تواريخ قريبة قادمة.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية