لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “صاندي تايمز” تحقيقا كشفت فيه عن عدم ارتياح أجهزة الاستخبارات البريطانية من صداقة رئيس الوزراء بوريس جونسون والثري الروسي يفغيني ليبيديف، مالك صحيفتي “إندبندنت” و”إيفننغ ستاندرد”. وقالت إن جونسون علم في 17 آذار/ مارس 2020 تحذير المخابرات البريطانية منح صديقه المقرب ليبيديف مقعدا دائما في مجلس اللوردات بناء على مخاوف تتعلق بالأمن القومي.
وبنى رجل الأعمال الروسي البالغ من العمر (41 عاما) ثروته من خلال والده الكسندر ليبيديف، العميل السابق في كي جي بي والذي أصبح مليارديرا ولديه استثمارات في شبه جزيرة القرم التي ضمها الرئيس فلاديمير بوتين في 2014. وكان ليبيديف الابن قد دافع عن بوتين وأثار شكوكا حول مقتل المعارض الروسي ألكسندر ليتفينكو الذي سمم في لندن. وبالإضافة لملكيته صحيفتين فهو على علاقة بالنخبة الفنية والمشاهير البريطانيين مثل الفنان ستيفن فراي وسير إيان ماككيلن وسير ألتون جون. وكلهم حضروا حفلات في لندن وقضوا إجازات في قلعته التي تعود إلى القرن الثاني عشر في إيطاليا. وكان رد جونسون على الرفض “دقيقة لو سمحت” “ما هي المشكلة؟ لماذا لم يخبرني أحد بالمشكلة قبل ذلك؟ لأنني أتحدث معه منذ سنوات طويلة، ولماذا سمح له بامتلاك صحيفتين من صحفنا والتحدث للكل؟”.
ولكن تأكيدات جونسون أن ليبيديف بات مشكلة بعدما أصبح رئيسا للوزراء وأن المخابرات تدخلت لمنع منحه لقب لورد لم تكن دقيقة.
فقد كانت المخابرات تعرف بهذا من قبل وهو مالك الصحيفة الوحيد الذي رفض مدير المخابرات الخارجية (أم اي6) جون سويرز (المعروف بسي) مقابلته في لقاءاته الدورية بمقر الجهاز الأمني مع ملاك ومحرري الصحف البريطانية. ورفض شمله في حفلة نظمت عام 2013 فقد اعتقد المسؤولون الأمنيون أن المواطن الروسي الذي أقام علاقات مع المشاهير والفنانين البريطانيين يحاول التقرب من المؤسسة البريطانية، ولهذا رفضوا مشاركته في الحفلة.
ومن المعروف أن والد ليبيديف، الكسندر عمل لصالح كي جي بي في لندن أثناء الثمانينات وواصل العمل مع الوكالة الجديدة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وهو “جهاز الاستخبارات الخارجية” ثم أصبح مليارديرا ومالكا لمصرف “بنك الاحتياط الوطني” وبحصة كبيرة في شركة الطاقة “غازبروم” وشركة الطيران الروسية “إيروفلوت” وشركة أخرى لتصنيع طائرات. وقدم ليبيديف الأب نفسه كمعارض ولكن الكثيرين رأوا أنه جزء من الطبقة الأوليغارشية الذين سمح لهم بوتين بالظهور بمظهر المعارض من أجل توسيع المصالح الروسية في الغرب. ودافع عن غزو بوتين للقرم واستثمر ملايين الدولارات في المناطق التي استولى عليها الروس ورفض علنا شجب الغزو لأوكرانيا. وكانت أم أي6 واعية لمظاهر القلق وأكثر من ذلك مخاطر استغلال يفغيني الابن علاقاته مع المخابرات البريطانية.
وتقول الصحيفة إن جونسون على علاقة مع ليبيديف الأب والابن. وقضى فترة في فيلا يملكها رجل الأعمال في أومبريا بإيطاليا وعلى حساب ليبيديف. ورغم قلق المخابرات، علم به جونسون أم يعلم، إلا أن علاقته مع ليبديف تطورت، لدرجة إعلانه بعد وصوله إلى 10 داونينغ ستريت عن ترشيح ليبديف لمقعد في مجلس اللوردات. ولم يتغير موقف المخابرات منذ ذلك الوقت وأن ليبيديف يمثل خطرا أمنيا ونصحته لجنة التعيينات لمجلس اللوردات باختيار شخص آخر.
ورفض عمل هذا معتبرا أن أي اعتراض هو نوع “معاداة الروس”. ومع غزو بوتين أوكرانيا ثارت التساؤلات حول سبب استمرار جونسون بعلاقته مع ليبيديف وكيف رفض نصائح مستشاريه والمخابرات بشأن منحه مقعدا في مجلس اللوردات. وتعود علاقة جونسون مع ليبيديف إلى عام 2009 وبعد عام من فوزه بمنصب عمدة لندن، وكان الكسندر ليبيديف (50 عاما) قد اشترى صحيفة “إيفننغ ستاندرد” التي تعاني من متاعب. ولكن صحف التابلويد اهتمت بليبيديف ووثقت مواعيده العاطفية مع فنانات وعارضات أزياء مثل جيري هول وجنيجر سبايس وجولي ريتشاردسون. لكنه لم يكن معروفا هو ووالده في داخل النخبة البريطانية.
وفي عام 2009 نظم هو ووالده حفلة في مقر إقامتهما في غرب لندن لجمع التبرعات دعما لمرضى السرطان تكريما لذكرى زوجة ميخائيل غورباتشوف الزعيم السوفييتي، رايسا التي توفيت عام 1999، وكان جونسون من الحاضرين بالإضافة لسارة براون، زوجة رئيس الوزراء السابق غوردون براون. وكانت بداية علاقة طويلة، ففي 3 آب/ أغسطس 2009 تناولا القهوة في مقهى معروف بتاور بريدج، وبدأت المراسلات عبر الهاتف تصبح منتظمة. ووجد جونسون فيه رجلا يحاول شق طريقه داخل المؤسسة البريطانية، حيث كان والده في روسيا وتولى مهام إدارة صحيفة “إيفننغ ستاندرد” التي حضر جونسون حفل العشاء السنوي لها في ذلك العام. وطلب جونسون من ليبيديف تغطية صحيفتيه نشاطات عمدية لندن. ووافق ليبيديف “أنا ممتن لدعم إيفننغ ستاندرد” كما كتب جونسون. وكان الأخير على معرفة بعلاقات ليبيديف مع المؤسسة الروسية، ففي تلك الفترة تقدم بفكرة عقد مهرجان ثقافي روسي في لندن. ورحب جونسون بالفكرة وفتح أبواب العمدية للنشاطات والنقاشات التي قال ليبيديف إنها ستؤدي لتعزيز العلاقات مع الحكومة الروسية. ورغم قلق جونسون حول إمكانية تمجيد المهرجان للماضي السوفييتي إلا أنه كان مرتاحا من التعامل مع “روسيا الآن” في ظل بوتين.
ومع نهاية فترته الأولى كعمدة في عام 2012 قررت إيفننغ ستاندرد دعمه بشكل كامل “الاختيار المناسب”. وبعد انتخابه للمرة الثانية تغيرت العلاقة بينهما وأصبحت أكثر قربا وبزيارات للقلعة في أومبريا حيث كانت حفلاتها معروفة ومن الصعب نسيانها، فودكا وكافييار وموسيقى وشوهد في بعضها توني بلير، رئيس الوزراء الأسبق ومسؤولون آخرون في حكومته. وكانت تبدأ بالشراب ثم العشاء المتأخر ثم الموسيقى والغناء. وكانت مزيجا من النجوم والساسة.
وفي كتاب أصدره جاكوبو إياكوبني، مراسل الشؤون المالية لصحيفة “لاستامبا” فحفلات ألكسندر ليبيديف في أومبريا ارتبطت بـ”التجسس والتدخل”. وكانت نشاطات الروس محلا لقلق المخابرات الإيطالية التي تساءلت عن مدى شرائهم لإيطاليا وحديث عن محاولات ليبيديف الأب، الذي يملك حصة في غازبروم التأثير على سياسة الطاقة. وأنه لم يقطع علاقاته مع المخابرات الروسية وهو ما نفاه ليبديف الإبن.
وأصبح جونسون على علاقة قريبة مع ليبيديف لدرجة زيارته القلعة التي يملكها كل عام من 2012- 2016. وكل نفقات الرحلة كانت مغطاة واستخدم مرتين سائق محررة “إيفننغ ستاندرد” إلى المطار مرتين. وقبل في الفترة ما بين 2013- 2015 نفقات رحلات وسيارات وإقامة بقيمة 7.150 جنيه استرليني واصفا إياها بأنها “بناء علاقات”. وفي الوقت الذي كانت فيه حفلات ليبيديف منضبطة إلا أن بعضها تميزت بالقصف حيث كشفت فيها عارضة اسمها كيتي برايس عن صدرها للحضور بمن فيهم جونسون. وخلال معرفة جونسون بليبيديف لم يخف الأخير مواقفه السياسية التي ردد فيها عبر تويتر وإندبندنت وستاندرد نفس خط الكرملين من تسميم المعارض ليتيفنكو إلى الحرب في سوريا.
وفي 10 آب/ أغسطس 2013 كتب تغريدة عبر فيها عن شكوكه حول الجهة التي سممت المعارض الروسي “هل قتل ليتفنكو على يد أم أي6؟ هناك قصة أكبر من ربطه ببوتين”. وظل ليبيديف يردد المواقف الشاكة رغم ما توصلت إليه التحقيقات البريطانية حول علاقة عملاء روس. كما وروج لمقالات ماري ديجيفستكي التي وظفها في إندبندنت عام 2015 وكتب “التواطؤ الروسي لم يتم اثباته”. وطالبت زوجة ليتفنينكو، مارينا بالتحقيق في منح لقب لورد لليبيديف.
وفي موضوع ضم القرم عام 2014 كان ليبيديف صريحا حول الضم ودعا إلى عدم المبالغة في تحرك بوتين. ودافع في آذار/ مارس 2014 في لقاء مع برنامج أندرو مار في “بي بي سي” عن الغزو للقرم التي قال إنها ظلت جزءا من روسيا. ورغم اعترافه بعدم قوة فيكتور يانوفوكيتش الذي أطاحت به ثورة عام 2014 إلا أنه اعتبر أن هناك عناصر يمينية “في هذه الثورة الأوكرانية تثير قلق روسيا” وهو نفس المبرر الذي استخدمه بوتين في غزوه الأخير، أي محاولة اقتلاع النازية. وأثنى على بوتين بأنه لم يقف عند أوكرانيا، ففي 2015 بدأ الطيران الروسي يقصف سوريا، قال ليبيديف إن بوتين “أظهر قيادة” وطالب الغرب بالتعاون من أجل بناء تحالف مضاد لتنظيم الدولة.
ونشر في نهاية الشهر نفسه مقالا ناقش فيه أن بشار الأسد هو أسوأ الشرين “من أجل أمننا ومصالحنا” و”عند هذه النقطة أقف بالتأكيد مع بوتين”. وبعد عودة جونسون للبرلمان نائبا عن منطقة أوكسبرغ توطدت العلاقة بينه وليبيديف حيث كانا يقضيان الإجازات معا ويتبادلان النصيحة. وفي بداية 2016 حضر اجتماعا بين جونسون ومايكل غوف قررا فيه دعم الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي. وبعد تعيينه وزيرا للخارجية كترضية في حكومة تيريزا ماي التي أفشلت خطته وليبيديف لقيادة الحزب واصل اتصالاته وعلاقته مع الثري الروسي لدرجة سببت قلقا للعاملين في الخارجية. ومنها رحلة في نيسان/ إبريل 2018 بعد محاولة تسميم العميل المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا في مدينة سالزبري. وعندما وصل إلى السلطة بأغلبية مطلقة أعلن في 2020 عن خططه لمنح ليبيديف لقب لورد الذي مرره رغم مخاوف الأجهزة الأمنية ووجود أشخاص آخرين أفضل منه للقب، منهم مساعدون لجونسون، وتم تعيين ليبيديف في مجلس اللوردات الذي لم يشارك فيه بنقاشات أو تصويات منذ ذلك الوقت. وفي ضوء الحرب على الطبقة الثرية في لندن طالب كير ستارمر، زعيم العمال بمراجعة منحه اللقب.
تبهدل الزلمة…طلع عميل مزدوج روسي -أميركي في بلاط صاحبة الجلالة ، يا عيب الشوم
الجلالة لله رب العالمين، وليست للبشر
بغض النظر عن موقفنا من بوتين كدكتاتور دموي لا يرحم
الا ان مثل هذه التفاصيل و مدى تغلغل مثل هذه الطبقة و تأثيرها في الحياة السياسية البريطانية عل أعلى المستويات و هيمنتها على صحف و اعلام مؤثر ناهيك عن امتلاكها لناصية مفاصل اقتصادية هامة و مؤثرة
و إذا أضفنا إليها ما تداول في حينه عن تدخل بوتين و المخابرات الروسية و تأثيرها على نتائج الانتخابات الأمريكية ناهيك عن الهجمات السيبرانية التي تثبت ان خلفها قراصنة روس، و كذلك اذا أضفنا إليها قوة مرتزقة فاغنر الروسية، و كل هذه الجهات و الأفعال يتبرأ منها فلاديمير بوتين رسميا و لم يتمكن احد من إثبات انها بامراته و توجيهه كليا لكن الجميع متأكد من ذلك
كل هذا يدل و بلا أي تردد على قدرة هذا الشخص و إمكانياته المخابراتية و ذكائه الخبيث الخارق
لا بد من الاعتراف بذلك لو أردنا تقييم الرجل بانصاف و لو ارادت الجهات المعادية له معرفة كيفية التعامل الأنسب معه
الرجل باساليبه تلك، لخبط الحياة السياسية و الاستخباراتية بل العسكرية و الاقتصادية في اهم دولتين غربيتين على الإطلاق
و نجح لحد اللحظة في دق اسفين عميق بين دول أوروبا نفسها ثم بين أوروبا ككل و بين الولايات المتحدة و التخبط واضح في مواجهته من خلال يوميات الحرب
لكن برأيي غروره و غطرسته تغلبت على ذكائه فانساق إلى هذه المواجهة العسكرية المدمرة بحماقة بالغة ليعطي فرصة ذهبية للمتخبطين لم يكونوا يحلموا بها لنزع مخالبه و أبطال تأثير اسلحته الجبارة هذه من خلال انكشافها.
و هذه طبيعة الأشياء حين يتعلق الأمر بالطغاة الدمويين مهما بلغ ذكائهم و براعة تخطيطهم.
هتلر و صدام أمثلة من أمثلة العصر الحديث!
بوتين يلتحق بالصف!
“من الطبقة الأوليغارشية الذين سمح لهم بوتين الظهور بمظهر المعارض من أجل توسيع المصالح الروسية في الغرب. ”
ذكاء و بعد نظر و تخطيط بارع .. هكذا تخترق و تستدرج الدول!
في العرب لا يحتاج لا هو و لا غيره الى مثل هذا ..!!