صاندي تايمز: عمران خان والدور الأمريكي في عزله.. زيارته لبوتين ويقظته الروحية والعودة للحكم مرة ثانية

إبراهيم درويش
حجم الخط
2

لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “صاندي تايمز” مقابلة حصرية مع رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان ناقش فيها موضوعات المرأة وطالبان وطموحاته السياسية، وأجرى المقابلة ماثيو كامبل وبني غالا وقالا فيها إن خان يعيش بطريقة مختلفة عما كان يعيشها كلاعب كريكيت دولي معروف يقضي وقته بين الملاعب والنوادي الخاصة محاطا بالنساء الجميلات.

وعندما قابله كامبل في الأسبوع الماضي لم تكن هناك فتاة، فالرجل الذي تزوج ثلاث مرات وكان رمزا للنساء الجميلات اكتشف الدين وأصبح ملتزما ومتعاطفا مع حركة طالبان. وفي قصره على تلة في إسلام أباد لم يُر إلا كلاب بوليسية وحراس.

وفي تصويت لنزع الثقة في 10 نيسان/ أبريل خسر خان السلطة وأنهى فترة حكم رئيس وزراء شعبوي، لكنه في سنه الـ69 عاما يحتفظ بقوام رياضي ولم يفقد شعره الكثيف ولا الرغبة بمغادرة الملعب. وأعلن عن محاولة لاستعادة حكومة أخطر وأكثر دول العالم فسادا. واعترف خان الذي تزوج ابنة الملياردير البريطاني جيمس غولدسميث، جمايما عام 1995 أنه كان يستطيع الحصول على حياة أفضل في بريطانيا والتعليق على الكريكيت وكتابة الكتب والحصول على قدر كبير من المال.

وفي جلسة بساحة بيته اعترف أنه عاش مرحلة يقظة روحية، بشكل جعل حياته الراقية كبلاي بوي في لندن لا معنى لها. وقال “تصل مرحلة في حياتك عندما تفهم معنى وجودك، وأن هناك حياة بعد الموت وأن هناك ربا ويجب أن تعيش كإنسان جيد”، وكان يتحدث وبيده مسبحة وصوت الأذان يتردد في السهول تحت القصر.

وقال إن مسار حياته غير العادي “مثل متسلق الجبال، فكلما صعد أعلى وكلما تحدى نفسه فإنك تشاهد المزيد ويتغير مدى نظرك وتغيرت فكرتك عن الحياة”. وواحد من مسارات تحوله هو زواجه عام 2018 من بشرى مانيكا التي يصفها بالمستشارة الروحية، ونشر صورة للزواج بالنقاب الكامل وزعم أنه لم يرها قبل زواجهما. وهناك من يشك في التزامه الديني وأنها “واجهة” ولم يتخل خان عن حياته الأولى كما زعمت زوجته الثانية، مذيعة أخبار الجو السابقة في بي بي سي رهام خان التي كتبت كتابا حول حياتها معه. ووصف مساعدون لخان بأن الكتاب “حزمة من الأكاذيب”.

وعندما سئل عن دوافعه لدخول المعترك السياسي، أجاب أنه يريد ببساطة تغيير بلاده وتوفير الرعاية للفقراء وإنهاء السياسة القائمة على العائلات والفساد وفرض حكم القانون، وجعلها مثل بريطانيا “في بريطانيا لا تكتشف كم أنت محظوظ”، وفي أول مقابلة مع صحيفة بريطانية منذ عزله قال: “عندما ذهبت إلى بريطانيا للعب الكريكيت في عمر الـ18 أثار انتباهي أمران وظلا معي منذ ذلك الوقت، الأول هو حكم القانون والثاني دولة الرفاه، وهو ما أردته دائما لباكستان”. وفي الوقت الحالي، يبدو هذا تفكيرا خياليا لدولة نووية يبلغ تعداد سكانها 220 مليون نسمة.

وفي الخارج، تواجه باكستان توترا مع الهند، أما في الداخل، فهي تعاني من الفقر والدين الكبير والتهديد الذي تمثله الجماعات الجهادية التي رباها الجيش الذي قام إلى جانب أرباب الإقطاع بالتحكم بالسلطة من خلف الستار.

وعندما يتحدث عن عزله، يحاول خان تجنب توجيه النقد المباشر للجيش الذي يحتاج إليه لو أراد العودة إلى السلطة، لكن التلميحات واضحة عندما يتحدث عن “المؤسسة” والولايات المتحدة والتي انزعجت من رفضه الانصياع لسياساتهما وقاموا بترتيب عملية تصويت لسحب الثقة، ومن أجل رشوة نوابه ودفعهم للتخلي عنه. وقال “معدل الرشوة كان مليون دولار” وهز كتفه معلقا على فساد الساسة و”تعتقد أن لديك مشكلة في بريطانيا؟”.

وقال إن السفير الأمريكي في إسلام أباد أرسل إليه برقية دبلوماسية قبل التصويت بشأن لقاء مع المسؤول البارز في الخارجية دونالد لو. وزعم أن لو أخبر السفير أنه لو لم يتم خلع خان من الحكومة فستواجه باكستان “تداعيات” ولو تم عزله “فسيغفر لها”. وقال خان إنه قرأ البرقية أمام حكومته، لكنه لم ينشرها علنا حتى لا يعطي الأعداء فرصة لملاحقة البرمجية التي استخدمت لنقلها.

ونفت الولايات المتحدة التي لديها مجمع هائل في إسلام أباد، يقال إن فيه ملجأ من الهجمات النووية، أي دور لها في عزل خان. إلا أن دبلوماسيا غربيا شكك بالموقف الأمريكي “في هذا المكان تعلمت أن كل شيء ممكن”.

وترى الصحيفة أن اتهام أمريكا بـ”الغطرسة الإمبريالية” والتدخل في السياسة الداخلية جيد لجذب قاعدته الشعبية ومحاولاته استعادة الحكم. وقال “خلال الأربعين عاما الماضية، خضعت قيادتنا لأي شيء طلبته الأمم المتحدة منا”، واستعاد ما قاله ريتشارد أرميتاج، مساعد وزير الخارجية في إدارة جورج دبليو بوش بأنهم “سيعيدون باكستان للعصر الحجري” في حالة عدم انضمامها للحرب على الإرهاب. وفعلت، لكن الثمن كان 80 ألف ضحية ومئات من الهجمات بالطائرات المسيرة و3.5 مليون مشرد.

وانتقد خان بشدة التدخل الأمريكي في أفغانستان “ظللت أقول للأمريكيين: لن تستطيعوا حل المشكلة عسكريا” و”أطلقوا علي خان طالبان”. ودعمت المخابرات الباكستانية طالبان التي يقول خان إنها “متجذرة” في الشعب وعلى خلاف الحكومة “الدمية” التي فرضتها الولايات المتحدة على كابول. وقال خان “لم يفهم الأمريكيون أبدا ثقافة البلد أو الشعب الذي يتعاملون معه”.

وتساءل عن التدخل الأمريكي في أفغانستان “ماذا كان يريد الأمريكيون تحقيقه؟ هل كانوا يريدون تحرير المرأة؟ وهل حدث أن قامت قوة خارجية بتحرير المرأة؟ وهل تستطيع قوة أجنبية حماية الشعب وحقوقه؟ هل جلبوا معهم الديمقراطية؟ والماركة الديمقراطية كانت فاسدة في العمق. وكان الجميع يعرفون هذا، ولم يكن للحكومة جذور بين الشعب”. ولا يعتقد أن سياسات طالبان تجاه المرأة الأفغانية أمر يهم كل شخص في الغرب “المرأة الأفغانية قوية” و”تستطيع المطالبة بحقوقها”.

وتعلق الصحيفة أن هذا الرجل النحيف بشروال قميص وصندل هو نفسه الذي كان يلاحقه المصورون في لندن ويرقص بنوادي مير فير فيها. وعن زواجه من جمايما الذي انتهى بعد تسعة أعوام حيث ولدت له ولدين في العشرينات من عمرهما، قال عن جمايما “من الصعب أن تتوقع من شخص تجذر في حياة عائلته العيش في بلد آخر” و”ثانيا، كان من الصعب لشخص آخر الشعور بنفس العاطفة لما أفعله لبلدي، وهذا عن تضحيات”.

وانتخب حزب العدالة عام 2018 على برنامج محاربة الفساد وإنشاء دولة رفاه وإنهاء حكم العائلات. وعندما دخل السياسة كان محلا للسخرية من المعلقين، لكنه اليوم يشعر بالفخر لاندلاع الغضب العام على عزله. و”هو أمر لم أتوقعه، ولكن الملايين خرجوا إلى الشوارع محتجين ضد نظرية تغيير النظام. ولم يحصل أن حضر الكثير من الناس التجمعات”.

ويشعر أنصار خان اليوم بالدهشة كما شعر أباؤهم بالفرحة عندما قاد خان فريق بلاده للكريكيت للفوز بكأس العالم في 1992 ولم يستطع الفريق الوصول إلى لاهور إلا بعد ساعات من وصولهم المطار بسبب الحشود التي كانت تنتظره. وبعد 3 عقود يقود خان تجمعات مختلفة من السيارات والحافلات الصغيرة إلى لاهور ومدن أخرى مطالبا بانتخابات قبل نهاية العام.

وتهدف التظاهرات لإقناع الجيش السماح له بالمشاركة في انتخابات حرة. والسؤال هو أن هذه المؤسسة التي أخرجته بصعوبة، فهل ستسمح له بالعودة مرة ثانية؟ واليوم تنتشر في العاصمة الباكستانية شائعات ونظريات مؤامرة تقول إن الساسة المشاكسين، بمن فيهم بناظير بوتو التي كانت زميلة خان في جامعة أوكسفورد يقتلون.

وتلقى خان تقارير أمنية تحدثت عن تهديدات تحيط به، لكنه أكد أنه ليس خائفا “كان علي هزيمة خوفي من الموت وقبل عدة سنوات عندما دخلت السياسة الباكستانية” و”نعيش في منطقة صعبة وأعرف أنني سأواجه مجموعة من المحتالين”. عن عائلتي بوتو وشريف اللتان تبادلت حكم باكستان ولعدة عقود قال خان عن أفرادها “أصبحوا مثل المافيا” و”ارتبطت بهم مصالح راسخة وقوية”.

وكان شهباز شريف (70 عاما) الذي حل محل خان محور تحقيق في غسيل الأموال. وهو الشقيق الأصغر لنواز شريف الذي ترأس الوزراء ثلاث مرات ويعيش اليوم بمنفى اختياري في لندن وحكم عليه بالسجن عشرة أعوام بتهم فساد. ويزعم خان أن شريف ساعد بعودة العائلة إلى الحكومة لحل قضايا الفساد وسيطر شخصيا على دائرة المحاسبة الوطنية “كأنك في محاكمة وقررت نتائج قضيتك”.

وفي الوقت الذي تعامل فيه هؤلاء الساسة مع السياسة كفرصة تجارية، يفتخر خان بأنه بنى مستشفيات لمعالجة السرطان، واحدة في ذكرى والدته، وأدخل نظام التأمين الصحي للفقراء ويريد بناء جامعة قوية مثل أوكسفورد. ويعتقد خان أن القشة الأخيرة للأمريكيين كانت زيارته لفلاديمير بوتين في شباط/ فبراير.

ودافع عن زيارته قائلا “لم تكن لدينا فكرة أنه سيرسل قواته” و”اكتشفنا عندما كنا هناك. وكنا نحاول إصلاح العلاقات مع روسيا، ولم يزر أي مسؤول باكستاني كبير البلد منذ سنوات”. وأراد الجيش شراء بعض الأسلحة الروسية و”أردنا مليوني طن من الحبوب ونفط روسي بأسعار مخفضة”. وعندما خرجت الأخبار تساءل “هل علينا المغادرة، والتخلي عن الزيارة والعودة. وربما حصلت على نقطة، لكن علاقتنا مع روسيا المجمدة ستنتهي وللأبد، وفي النهاية فكرنا ببلدنا وما يجب علينا عمله من أجل مواطنينا الضعاف”.

وقال إن الهواجس بشأن الحقد الروسي هي “رفاهية تستطيع الدول الغربية فقط تحملها”. ورفض شجب الغزو الروسي. وربما أغضب بزيارته بوتين، لاعبين في السياسة الباكستانية إلا أنه مقتنع أنه سيحصل على نقاط. وختم بالقول “ستنجح وبلا شك” و”لا حزب لديه هذا الدعم، ولن تستطيع المؤسسة وقف هذا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حميد:

    نهاية الظالمين تقترب رويداً رويداً وعلى المخلصين الصبر فإن بزوغ الفجر يبدأ مباشرة بعد ظلام حالك في نهاية الليل « ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون… »

    1. يقول سلوم العمله:

      من هم المخلصين و من هم الظالمين؟

إشترك في قائمتنا البريدية