لندن – “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “صاندي تايمز” تقريرا أعدته كريستيان لامب قالت فيه إن مصير الزعيم الفلسطيني المعتقل مروان البرغوثي قد يوقف حرب غزة.
وقالت إن نجل المعتقل السياسي الأشهر لدى إسرائيل ويطلق عليه أنصاره نيلسون مانديلا فلسطين، عبر عن مخاوف عائلته من إمكانية قتل الزعيم الفتحاوي انتقاما لهجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر رغم أن فتح هي منافس لحماس.
ويعتبر البرغوثي، 65 عاما، من أشهر السياسيين الفلسطينيين وعلى رأس قائمة السجناء الذين قد يطلق سراحهم مقابل الإفراج عن 108 محتجزين إسرائيليين لدى حماس في غزة. وتقول لامب إن البرغوثي الذي سجن قبل عقدين وحكم عليه بالسجن المؤبد بعد الانتفاضة الثانية في عام 2000، شجع القوى الغربية التي ترى فيه الزعيم الفلسطيني القادر على توحيد الفصائل الفلسطينية المتنافسة وحل الأزمات التي تغمر الضفة الغربية وغزة اليوم. وعلق دبلوماسي غربي قائلا: “هو أشهر سجين سياسي في العالم الآن”، فيما علقت جولي نورمان، أستاذة السياسة الدولية والوطنية الفلسطينية في كلية لندن الجامعية (يو سي أل)، ومؤلفة كتاب عن السجناء الفلسطينيين بأن “الإفراج عنه سيغير قواعد اللعبة في السياسة الفلسطينية والقومية الفلسطينية”، لكن العالم لم ير البرغوثي منذ سنين، فهو مثل مانديلا سجين منذ أكثر من 20 عاما.
وقال نجله عرب البرغوثي، 33 عاما “لا يزال الرجل الذي يمنح الأمل” و”أعتقد أن قوة والدي الكبرى هي قدرته على توحيد الفلسطينيين، فهو رمز وحدودي ونحن متعطشون للوحدة، وقد أضرت بنا الفرقة كثيرا”.
وأضاف وهو يشير للمقارنة بين والده ومانديلا: “إن الغرب يريد أن يجعل من مانديلا رجلا مسالما وهدفه هو السلام ولكنه كان على استعداد للذهاب إلى النضال المسلح من أجل الحصول على حقوق شعب جنوب أفريقيا، ووالدي ليس مختلفا عنه”.
والتقت لامب مع عرب في مدينة رام الله التي تعتبر عاصمة السلطة الوطنية، حيث أصبح الجو متوترا في الضفة وأكثر مما كان عليه عند اعتقال والده في 2002، فلم يزد المستوطنون من عنفهم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية فقط، ولكن القوات الإسرائيلية بدأت أكبر عملية عسكرية لها هي الأوسع منذ 20 عاما وشارك فيها مئات الجنود واستخدمت فيها الدبابات والجرافات والغارات الجوية والمسيرات وهاجمت البلدات ومخيمات اللاجئين وقتلت أكثر من 20 فلسطينيا.
وعلق عرب قائلا: “هذا أسوأ وضع يمر علي في حياتي” و”يريدون أن يقلصوا [وجودنا] ويحشرونا في غيتوهات لكي نشعر أننا بلا وطن ولإخافتنا. وتستفيد الحكومة الإسرائيلية من التركيز على الإبادة في غزة لكي تفعل ما تريد في الضفة الغربية”.
ومن هم في المعتقل، مثل البرغوثي تعرضوا للمعاملة السيئة في سجن مجدو سيئ السمعة. وعلق عرب أن ما يجري للمعتقلين “يجري تحت الرادار” و”لم أر سلطات السجن الإسرائيلية بهذا الجنون أو التصرف بدون إنسانية. ويخرج الكثير من المعتقلين من السجون وبالكاد نستطيع التعرف عليهم. وهناك ما بين 55- 60 حالة موثقة لوفاة سجناء منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، ونحن خائفون من أنهم سيقتلون والدي”. وأضاف: “أولا، جاء رئيس السجن بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر وطلب منه أن يضع يديه خلف ظهره وليظهر أمام السجناء: لو جعلت قائدكم يستسلم فإنني أستطيع دفعكم للاستسلام، ورفض والدي ولكنهم أجبروه وخلعوا كتفه”.
وقال إن حرس السجن نقلوه ما بين أربعة أو خمسة سجون وعذبوه ووجهوا رأسه إلى أضواء ساطعة ووضعوا مكبر صوت صاخب يعزف النشيد الوطني الإسرائيلي ولعدة ساعات بحيث لم يكن قادرا على النوم. و”في بداية آذار/مارس اعتدى الحرس عليه وضربوه على وجهه وكتفه”.
ويعتقد عرب أن التدخل الغربي هو ما أنقذ حياة والده و”قد كان ممتنا لتدخل الكثير من الحكومات الغربية، التي ضغطت على الإسرائيليين، وبخاصة الأمريكيين والفرنسيين الذين يفهمون أهميته في الضفة الغربية” و”يعتقدون أن والدي يمثل الحل”، وأشار إلى أن والده يتصدر استطلاعات الرأي و”ليس سرا بأنه أشهر زعيم فلسطيني، وحصل هذا لسبب، فهو سياسي منفتح وليس مشوها بالفساد ويرغب بالسلام والازدهار ولكن ليس على حساب الشعب الفلسطيني”. وعبر عن خوفه على وضع والده و”في هذه الأيام فهو ليس في وضع جيد، وفقد وزنه لعدم توفر الطعام ولم يحصل على علاج من جروحه”.
ودعم البرغوثي اتفاقية أوسلو عام 1993 لكنه شعر بالإحباط من غياب التقدم ولهذا أصبح “متشددا” وأدانته محاكم إسرائيلية بعدة تهم منها إرسال مسلحين لقتل الإسرائيليين، وحكم عليه بخمسة مؤبدات. ويقول عرب “قالت أمي إنها ستكون عدة سنوات” و”لم نتوقع أن تمتد إلى عقود”. وكشاب شعر عرب بالحنق “عندما كنت شابا عانيت من هذا الأمر. بالنسبة لي، تم أخذه مني بسبب الشعب الفلسطيني. وفقط في وقت لاحق عندما كبرت وأدركت مدى نبل القضية التي كان يضحي من أجلها، شعرت بمسؤوليتي أن أتحدث عن الحملة التي أطلقتها والدتي”.
ويعمل عرب في شركة كمبيوتر تدير أكاديمية تدريب للفلسطينيين على البرمجة و”أدركت أننا بحاجة إلى إعادة صياغة صورة فلسطين ومواجهة الإسرائيليين في مجال البيانات. قال والدي إن المقاومة لا تقتصر على حمل السلاح والتجول في أنحاء البلاد للقتال، بل هي عن التعليم”.
ورأى عرب والده قبل عامين، و”بالكاد كانوا يسمحون لنا برؤيته – وبمعدل مرة كل عامين” و”كانت والدتي تراه مرة في السنة، ولكنها عوقبت بالمنع من زيارته لمدة أربعة أعوام بعدما قاد إضرابا عن الطعام في 2017 مع 1,500 سجين”. وحتى عندما كان يسمح لهم بزيارته، فلم تكن الزيارة تمتد إلا عدة دقائق وكانوا يستمعون لكل شيء. ورغم أن عرب لم يتعرض للاعتقال قط، إلا أنه يخشى الآن أن يتعرض للاعتقال في أي وقت. ويقول: “منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تم اعتقال العديد من أبناء عمومتي من قريتنا كوبر، لذا فإن هذا التهديد يخطر ببالي دائما. فنحن بالكاد نغادر رام الله بسبب إغلاق العديد من الطرق ونقاط التفتيش”.
وعندما سئل عن إمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة كما يتوقع البعض، بدا هادئا، وقال: “أتذكر دائما كلمات والدي في المحكمة: أنا رجل مسالم، ولكن يتعين على الإسرائيليين أن يفهموا أنه لن يكون هناك سلام أو أمن للشعب الإسرائيلي طالما أن هناك احتلالا غير قانوني لأرضنا”. ولو أفرج عن البرغوثي فسيرشح نفسه ليحل محل الرئيس الثمانيني محمود عباس. ورغم توقف المفاوضات في غزة إلا أن ابنه يصر قائلا: “نحن واثقون من الإفراج عنه، وحان الوقت وننتظر اليوم الذي سيرى فيه أحفاده الستة الذين لم يرهم”.