لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “صاندي تايمز” تقريرا أعده توم كالفر، قال فيه إن البيوت البريطانية تعيش حالة انقسام كتلك التي شهدتها أثناء النقاش حول موقع بريطانيا من أوروبا، والانقسام الحالي هو حول موقع الأمير هاري وزوجته ميغان ماركل، من المجتمع البريطاني.
وأطلق على تلك النقاشات “بريكسيت”، أما اليوم فهي “ميغكست” على اسم ميغان التي ينظر إليها تيار في الحياة البريطانية، بأنها وراء الاتهامات والمعلومات التي يكشفها هاري في تصريحاته الصحافية، وفي الفيلم الوثائقي “هاري أند ميغان” الذي عرضته شبكة “نتفلكس” إلى جانب المذكرات التي أصدرها هاري على عجل بعنوان “احتياطي” (سبير) أو قطعة غيار، والتي كشف فيها أن شقيقه ولي العهد الأمير ويليام، أمير ويلز، صفعه بقوة لدرجة أنه وقع على ظهره وأصيب برضوض، أثناء مشادة حول ميغان.
وتقول الصحيفة أن مآدب الكريسماس الشهر الماضي، شهدت نقاشات حول فريق ويندسور الذي يمثله الملك تشارلز، وفريق الخارجين عن العائلة، الأمير هاري وزوجته. وقالت إن الجيل القديم الذي انتظر مشاهدة أول رسالة للملك تشارلز، وجد نفسه في مشادة مع جيل “زيد” أو جيل ما قبل الألفية وبعدها الذي اتخذ موقف الدفاع عن هاري وميغان. وأضافت أن جستين روبرتس ربطت الانقسام في البيوتات الإنكليزية بالجدل الحار الذي اتسم أحيانا بالحديث اللاذع الذي رافق اختفاء الطفلة الصغيرة مادلين ماكين في البرتغال دون أن يعثر لها على أثر.
وقالت مؤسسة موقع “ماسينت”: “لدى الناس مواقف قوية ولاذعة لم أتوقعها. كما لديهم مواقف معادية لميغان أكثر مما توقعت. كان علينا عمل مع ما عملناه مع مادلين ماكين وتجميعه في موضوع واحد، ومعظم المحتوى يبدو مشوشا. ونسبة 90% من المحتوى داعم بشكل لا يصدق، ولكن تم لفت الانتباه إلى الموضوعات المثيرة للجدل والتي كانت نشطة وتعبر عن مشاعر قوية”. وقالت إن “ميغكست” أصبحت “البريكسيت الجديدة” التي تقسم الجماعات إلى قسمين، فالجيل الداعم للأمير وزوجته، دعم في معظمه البقاء بالاتحاد الأوروبي، أما الجيل المحافظ، فقد كان داعما للخروج.
وعندما يتعلق الأمر بهاري وزوجته، فالموقف هو تعبير عن الجيل الذي تنتمي إليه، لكن بعد فضائح الأسبوع الماضي، هل بقي لديهما معجبين؟
ويشير الاستطلاع الجديد الذي نظمه “يوغف” حديثا، وبعد صدور مذكرات هاري إلى أن الدعم له ولزوجته قد انهار، فنسبة 23% فقد داعمة لميغان، مقارنة مع 49% عام 2017. أما هاري فنسبة الدعم له الآن هي 26% مقارنة مع 81% عام 2017. ومع ذلك، فالدعم الإجمالي لدوق ودوقة ساسكس لا يزال قائما، فالفئة العمرية ما بين 18-24 عاما، تدعم الزوجين، نسبة 41% لهاري و42% لميغان أكثر من المواقف السلبية ضدهما.
والسؤال هو حول سبب حفاظ ميغان وهاري على الدعم، في وقت تراجع في أماكن أخرى؟
ولم يكن هذا هو الحال، ففي عام 2017، كان دعم الأمير هاري من المتقاعدين بنسبة 90% ممن لديهم مواقف “إيجابية” مقارنة مع 70% بين الفئة العمرية ما بين 18-24 عاما.
وتشير البيانات إلى أن الدعم لهما جاء بسبب ما نظر إليه كـ”نهضة ملكية” في عيون الكبار. ولكن هاري أصبح خارجا عن مؤسسة الملكية وبدأ بمهاجمتها، فالدعم له جاء من المعادين للملكية. ولكن هل يفسر العداء للملكية هذا الدعم فقط؟
ويقول مارك بوركوسكي، الخبير في العلاقات العامة: “يجسد هاري وميغان كل ما يريد الشباب وجمهور الألفية الحديث عنه”، وأضاف أن هذه الأمور تشمل “حياة السود مهمة، البيئة، حالة الكرة الأرضية، حقوق المثليين إضافة إلى أنها أميرة هوليوود تمسك بالخيال، أما جيل الطفرة فهو مركز على مخالفة كل هذا، ولا يفهمها، ويعتقد أنها غير مسؤولة”.
ويعمل كل من هاري وميغان في مجالات توصف عادة بـ”الحرب الثقافية” والصحوة، وهي مجالات تقسم جيل الكبار والشباب. ويقول البروفيسور في كينغز كوليج بلندن، بوبي دافي: “دائما ما وُجد توتر بين الأجيال.. وهذا أمر جيد”. وناقش في كتابه “أجيال” أن الحروب الثقافية يتم المبالغة فيها، فجيل الكبار في بريطانيا متحرر أكثر مما يتصوره الكثيرون، ويعرفون أنفسهم داخل فئتهم وأكثر مع جماعتهم ويميزون أنفسهم عن الآخرين. وبعبارة أخرى، فالجيل الجديد لا يكره كل شيء يقوم به هاري وميغان ويتحدثان عنه، وربما عارضوا الكيفية التي عبّرا فيها عن آرائهما. والعمر ليس هو العامل الذي يفرّق ما بين فريق القصر وفريق ميغان.
و”لو نظرنا إلى ما يقسم هاري وميغان على خطوط الصحوة وضد الصحوة فإنني أستخدم خط الانقسام في الاستفتاء”، كما قال البروفيسور جون كيرتيس، من جامعة ستراثكلايد في اسكتلندا، مضيفا: “هناك رابطة جيدة حول الطريقة التي صوّت فيها الناس عام 2016 ومواقفهم من القضايا الثقافية”.
وتشير الصحيفة إلى أن البيانات مهمة في استفتاء “يوغف”، حيث قسّمت الدعم ما بين الرافضين للخروج والداعين للخروج من الاتحاد الأوروبي. فبعد عقد قرانهما عام 2017، كانت نسبة الدعم لهاري وميغان متساوية، لكن الانقسام حصل عام 2019، حيث أظهر الاستطلاع أن 31% من الذين صوّتوا للبقاء، يحملون مواقف إيجابية من هاري، وهي نسبة أعلى من 16% لدى معسكر الخروج. ونفس الأمر بالنسبة لميغان، فالنسبة أكبر، 29% لدى معسكر البقاء، و12% لدى معسكر الخروج.
والحقيقة غير المريحة لهاري وميغان، هي أنهما وإن حصلا على دعم بين معسكر البقاء أكثر من معسكر الخروج، إلا أن النسبة الإجمالية من معسكر البقاء تظهر أن 59% لديهم مواقف سلبية منهما. ويقترح لوك تيلر، مدير معهد “مور إن كومون” أن الدعم لهاري وميغان يأتي من قطاع فرعي من الشعب، وليس من دعاة البقاء أو الشباب، وهم لا يشكلون سوى نسبة 8% من الشعبن لكن صوتهم عال بطريقة غير متناسبة على منصات التواصل الاجتماعي، ومن أصحاب الدخل العالي بدون ثروة متراكمة، وعادة ما يصوتون للعمال.
وفي عام 2019، كانت نسبة الداعمين لميغان بين من صوّتوا لحزب العمال هي 36% واليوم هي 8%. ويقول تيرل إن التيار التقدمي هو من يدعم ميغان، لكن هناك نقطة أوسع عن فشلها وزوجها في استغلال الحروب الثقافية في بريطانيا “ففي الولايات المتحدة، لو استمعت لجماعات معينة ماذا يفكرون عن السلاح، عندها تعرف رأيهم من الإجهاض”. ولكن في بريطانيا “فالأمر يعتمد على قضية بقضية. وفي النهاية هل سينهار الدعم للزوجين بعد نشر مذكرات “احتياطي”؟ من الصعب التكهن، فشعبية هاري تراجعت من 33% إلى 26% بعد بث الحلقات الأولى على “نتفلكس”. أما شعبية ميغان فلا تزال مستقرة، وتراجعت من 25% إلى 23%. وبالنسبة لمؤسسة الملكية فقد تراجعت قليلا من 60% إلى 54%.