صاندي تايمز: هل أنقذت أزمة أوكرانيا بوريس جونسون من أزمته الداخلية؟

إبراهيم درويش
حجم الخط
2

لندن- “القدس العربي”: قالت صحيفة “صاندي تايمز” في تقرير أعده تيم شيبمان، إن أزمة أوكرانيا جاءت كمنحة من السماء لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، فهذه الأزمة لم تكن لتأتي في وقت أفضل لجونسون، وخلصته من أزماته المتعلقة بحفلات الإغلاق وتداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي، وكل الأسئلة الصعبة حول مصيره السياسي، وبدا في مؤتمر ميونيخ للأمن أكبر داعية لمواجهة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي قال إنه يخطط لحرب على أوروبا أكبر من حرب 1945.

وقال شيبمان: “لو كان الأسبوع في السياسة زمنا طويلا، فالشهر سيكون بمثابة عصور جيولوجية في قطار جونسون السياسي. فقبل أسابيع كان رئيس الوزراء محل سخرية في البيت الأبيض بسبب حفلات 10 دوانينغ ستريت أثناء الإغلاق لمواجهة كوفيد-19، ونشرت رسوم الكاريكاتير الساخرة منه حول العالم، لكن مشاركته في مؤتمر أوروبي دعا لمواجهة بوتين ساعده على تغيير كل هذا، على الأقل دوليا”.

وقال رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو له: “أريد تحتيك، بوريس، لأنك الرجل الذي يعلمنا دروس التاريخ وتأطير القرار الذي نتخذه من خلال القصص القديمة التي تعيدها إلى الحياة”. ومضى ترودو بالحديث عن فرار أكثر من 70 ألف أوكراني أثناء الحربين العالميتين، ودعم موقف جونسون من روسيا في حال قرر بوتين غزو أوكرانيا.

ولو كان جونسون ممتنا من موقف ترودو، إلا أنه عزز من رؤيته حول “بريطانيا العالمية” والتي تشير إلى وضعها بعد البريكسيت وأنها ستكون قوة دولية وحجر أساس في السياسة العالمية. وأسهمت أوكرانيا في حذف فضيحة الحفلات من العناوين الرئيسية للأخبار. وقال مساعد إن جونسون “أجرى مقابلة يوم الأربعاء وهذه هي المرة الأولى منذ أسابيع لم يُسأل عنها” أي الحفلات. وأكد 10 داونينغ يوم الجمعة، أن جونسون ملأ استبيانا من الشرطة حول الحفلات التي شارك فيها، وهو واحد من 88 موظفا في الحكومة طُلب منهم ذلك. وقال أحد العارفين: “ملأه في نهاية الأسبوع وركز اهتمامه على أوكرانيا”. وفي سلسلة مقابلات أجرتها الصحيفة مع عدد من المسؤولين  والمساعدين والمعلقين، قالوا إن تحركات جونسون هي محاولة منه لإقناع النواب بقدرته على قيادة الأزمة، وأن المساعدين له في داخل الحكومة قد تعلموا من دروس مهزلة الخروج من أفغانستان.

وكان رئيس الوزراء متفائلا بحلّ دبلوسي للأزمة، وأخبر مساعديه بأن بوتين (69 عاما) “يفكر بأن يرمش أولا” وذلك بعد زعم روسيا أنها سحبت قواتها من الحدود الأوكرانية. إلا أن الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية قدمت صورة كئيبة، وكشفت عن تحرك المزيد من القوات الروسية. ويُعتقد الآن أن هناك 190 ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية، وهو أكبر حشد عسكري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وحذرت ليز تراس، وزيرة الخارجية البريطانية، المشاركين في مؤتمر ميونيخ قائلة: “هذه أخطر لحظة على الأمن الأوروبي منذ الأربعينات من القرن الماضي، وعلينا التحضير لأسوأ السيناريوهات، وأظهرت روسيا أنها ليست جادة دبلوماسيا”. ويرى المسؤولون البريطانيون أن خروج بريطانيا من النادي الأوروبي منحها مرونة لاتخاذ موقف متشدد. وفي خطابه أمام مؤتمر ميونيخ، دعا جونسون إلى “إظهار تضامن غامر” من الغرب. ولكن جونسون كان قلقا من النفوذ الذي يمارسه بوتين على أوروبا من ناحية الغاز والنفط. وفي لقاء عقده الأسبوع الماضي قال جونسون إن “بوتين يسيطر على أوروبا بفوهة المدفعية”. مضيفا “فوهة فارغة”.

وقال مصدر في 10 دوانينغ ستريت، إن شركة غازبروم خفضت من إمدادتها للغاز إلى أوروبا منذ وقت طويل، مما يعني أن بوتين كان يحضّر لحشوده على أوكرانيا منذ أكثر من عام. تماما كما فعلت مارغريت تاتشر ومدير مجلس مناجم الفحم إيان ماكغريغر عندما خزّنا الفحم للتغلب على إضراب عمال المناجم في الثمانينات من القرن الماضي.

أما الدرس الثاني الذي أكده جونسون في ميونيخ، فقد كان التأكيد على أهمية التحالف بين جانبي الأطلنطي، وذلك في رد على رؤية الرئيس إيمانويل ماكرون الداعية إلى “أوروبا مستقلة”. ويقول الوزراء إنه كان على الولايات المتحدة وبريطانيا عدم ترك فرنسا وألمانيا للإشراف على “اتفاق مينسك” فهو يعني شيئا مختلفا لكل من روسيا وأوكرانيا. فموسكو ترى فيه خطة لبلقنة أوكرانيا.

ويرى مستشار لرئيس الوزراء أن الأسابيع الماضية كانت مرضية لجونسون، كونها أكدت أهمية بريطانيا للولايات المتحدة. وقال: “كل إدارة ديمقراطية تأتي إلى الحكم وتقول إن ألمانيا هي قلب أوروبا ونريد تعميق العلاقات معها. هذا يستمر لحين الأزمة الأمنية المقبلة”. وفي الوقت الذي اختلفت فيه أمريكا وبريطانيا حول توقيت الانسحاب، إلا أنهما عملتا جنبا إلى جنب في أزمة أوكرانيا وخاصة كيفية فرض العقوبات. وضغطتا على ألمانيا لإلغاء أنبوب الغاز “نورد ستريم 2”. وقال مسؤول أمني: “اعترفت ألمانيا أنه ليس من المناسب المضي به لو غزا بوتين”.

في مكالمة مع الرئيس جو بايدن في يوم عيد الحب، قال جونسون إنه يريد عمل كل شيء للمساعدة، فردّ بايدن: “لن نعمل أي شيء بدونك أيها الصديق”. وتحسنت العلاقة بين  جونسون وماكرون بعدما ساءت عقب البريكسيت وتدفق المهاجرين عبر القنال الإنكليزي.والمكالمة الأخيرة بينهما كانت الأفضل منذ مدة طويلة.

وفي الوقت الذي شكل البيت الأبيض “فريق النمر” لدراسة سيناريوهات الحرب التي قد تندلع، ساعد البريطانيون في التحليل، ونسق الجهود البريطانية، مستشارُ الأمن القومي سير ستيفن لافغروف مع فريق يعمل مع مجلس الأمن القومي واللجنة اللأمنية المشتركة.

ويحصل جونسون على تقارير يومية في الساعة الثامنة صباحا. ويلتقي مجلس الأمن القومي والوزراء والمسؤولين ويشاركون في اجتماعات اللجنة الطارئة “كوبرا”. وهناك خلية يطلق عليها “غربان الليل” والتي تحاول رؤية الأمور في العمق، وينسق عملها وزارة الدفاع. وبناء على المعلومات التي يحصل عليها المسؤولون، كان جونسون والمخابرات الداخلية “أم أي 5” والخارجية “أم أي 6” على استعداد للكشف عن معلومات سرية حول خطط روسيا لتنصيب حكومة عميلة في كييف أو القيام بحملة مزيفة “راية زائفة” لتبرير الحرب.

وأنشأت وزارة الخارجية وحدة حرب المعلومات لمواجهة عمليات التضليل الروسي بالتعاون مع الحلفاء. ويعرف جونسون أن نجاة الحكومة  الأوكرانية لا تعتمد على أدائه، بل مصداقية بريطانيا ما بعد البريكسيت وديمومة حكومته التي هي على المحك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    هههههههه يبدو ذلك ولكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة

  2. يقول د.منصور الزعبي:

    الموضوع بسيط و قذر في امريكا و بريطانيا، لانتخاب رئيس او رفع رصيده و لرفع نسبة تأييد الناخب دوما هم بحاجة لعدو و حرب ،لا يهم حجم الضحايا و الدمار

إشترك في قائمتنا البريدية