سؤال قديم جدًا، قِدم وجود الإنسان، هل يمكن لرجل وامرأة أن يكونا صديقين حقيقيّين، مثل الصداقة بين امرأتين أو بين رجلين؟
ما الذي نعنيه بقولنا، صداقة حقيقية! هل هو البَوح بكل ما يجول في خاطر أحدهما، وفي كلِّ ما يواجهه من تفاصيل حياته اليومية، فيجد أحدهما في الآخر ملاذه في قضايا أسريّة ومادية أو عاطفية وحتى صحيّة!
هل هناك قضايا حسّاسة جدًا، لا يستطيع الرجل أن يبوح بها إلا لصديقٍ رجل، ولا تستطيع المرأة البوح بها إلا لإمرأة صديقة! أم أنه من الممكن وجود صديق من الجنس الآخر والبوح له بأكثر المواضيع حساسية! وإذا بلغت العلاقة إلى مثل هذا العمق، ألن تتحول إلى حب!
كثيرًا ما تنشأ هذه التساؤلات بعد فشل علاقة عاطفية، ويقرّر الطرفان احترامًا لبعضهما أن يواصلا العلاقة كصديقين! قد يكون قرار الصَّداقة نوعًا من الدفاع عن النفس في مواجهة الهزيمة العاطفية.
هناك من قال بأن الصداقة بين الرجل والمرأة هي حبٌ فاشل؟ وقال آخرون إن الصداقة بين الرجل والمرأة هي حبٌ مُؤجّل! فالصداقة إذا استمرت ستتحول إلى انجذاب جنسي وحُبٍّ.
لا أرى تناقضًا، فالصداقة هي نوع من الإعجاب والحب، والفصل بينهما مصطنع، فأنت لا يمكن أن تصادق من لا تحبه، وقد تكون أرقى أنواع الحب.
فهل في إمكان الطّرفين الترفع وعدم التفكير في علاقة جنسية، حتى وإن نشأت بينهما هذه الثقة الكبيرة التي تعني حبًا؟
هنالك نساء يدّعين بأن الصداقة بين الرجل والمرأة أكثر نجاحًا من الصداقة بين امرأة وامرأة، فالمرأة تحتاج لمن يعرف عالم الرجال، تستشيره في قضايا خاصة، مثلًا عن رأيه في تصرف ونوايا وكلام شخص ما تجاهها! تريد نصيحة من رجل يفهم الرَّجل.
كذلك الأمر بالنسبة للرجل، فهو يحتاج إلى صديقة قد يستشيرها في قضية عاطفية مع شريكته أو حبيبته، أو مع أنثى يريد إقامة علاقة معها.
هناك من قالت إن الصداقة هي أن ينظرا إلى بعضهما كأخوة، وهذا يعني عدم وجود أي تجاذب جنسي بينهما.
في الماضي كنا نسمع عن تآخٍ بين رجل وامرأة، ربما أن ظروف الحياة القاسية وصعوبة التنقّل كانت تؤدي إلى حاجة امرأة ما إلى رجل لإعانتها، أو العكس. ولإبعاد الشبهات في العلاقة، يعلنان أنهما مـتآخيان، وهذه العلاقة البريئة كانت تمتد لعقود وأجيال، يعرفها كل أبناء القرية أو العشيرة ويحترمونها.
هناك من يقول إذا انفصل الزوجان فممكن لهما أن يبقيا صديقين، وذلك إذا كانت نفساهما طيّبتين وخاليتين من الحقد وتجمعهما مصلحة الأبناء، الحقيقة أنني لم أصادف حالة كهذه، فجميع المنفصلين الذين عرفتهم لا علاقة بينهما سوى لضرورات، مثل نقل طفل إلى المدرسة أو المشاركة في مناسبة لأحد الأبناء، وبقية العلاقات معدومة، حتى مع الحلقة القريبة من الزوج أو الزّوجة، وهذا يختلف من مجتمع إلى آخر.
تقول إحداهن إن الصَّداقة بين الزوجين شرط لنجاح العلاقة الزوجية، كي لا يضطر أحدهما إلى البحث عن من يقوم بدور الصديق، بدلًا من الزوج أو الزوجة، لأن كليهما يحتاجه. ممكن لمثل هذا الصّداقة أن تنشأ في ظروف عمل مشترك بين الجنسين، إذا كسب كلٌ منهما ثقة الطرف الآخر، وكانت هناك مصلحة في صداقة تجعل من عملهما أكثر نجاعة وراحة وربما متعة للطرفين، إذا لم يكن لدى أحدهما أو لدى كليهما فراغٌ عاطفي يحتاج إلى ملئه.
يدّعي البعض أن عامل الغيرة قد يدخل في العلاقة بين رجل ورجل أو بين امرأة وامرأة، مثل تحقيق الذات والنجاح على المستوى المهني والربح المادي، وقد تنشأ منافسة صامتة بين الصّديقين، ولكن هذه الغيرة لا تنشأ بين رجل وامرأة صديقين، وإذا نشأت فهي أقلُّ حدّة، لأننا عادة نقارن نجاح امرأة ما بنجاح نساء أخريات، ولا نقارنها برجال يعملون في المجال نفسه، وكذلك الأمر بالنسبة للرجل.
هناك من تقول بأنها تشعر بالأمان أكثر مع صديقها الرجل، وتعتمد عليه في مواجهة الصُّعوبات، وتلجأ إليه وقت الحاجة، وتجده متجاوباً أكثر لخدمتها ومساعدتها بصدق.
هنالك بحث أُجري في جامعة مينوسوتا الأمريكية، جاء فيه أن 41% من الرجال يسيئون تفسير تودّد المرأة وتقرّبها منهم، ويفهمونه على أنه إيحاء جنسي، مقابل 29% من النساء فقط يشعرن بهذا الشعور، هذا البحث في مجتمع أمريكي، وأعتقد أن نسبة من يسيئون التفسير سترتفع في المجتمعات العربية بسبب الكبت الجنسي، مع تفاوت ما، بين مجتمع عربي وآخر.
هناك أبحاث تقول بأن الصداقة بين الرجل والمرأة، إما أن تتطور إلى حبٍ وتجاذب جنسي لأن هذه طبيعة بشرية، وإلا فإنهما يبدآن في التباعد عن بعضهما، بمختلف الذرائع، مثل الانشغال بالعمل وغيرها، حتى تكاد العلاقة تتلاشى.
في تراثنا العربي والإسلامي تحذيرات ونهي عن اجتماع الرجل بالأنثى، إلا بوجود مَحرم للمرأة.
المشكلة تبدأ عندما تختلط الأمور، ويصبح من الصعب على أحد الطرفين أو على كليهما تحديد العلاقة إذا ما زالت في طور الصداقة الحميمة، أم أنها أخذت منحى الحب والانجذاب الجنسي، وهل هذا ارتقاء في العلاقة، أم أنه تدهور في المشاعر السامية إلى ما هو أدنى.
في قصة مسحوق الهمس ليوسف إدريس، يعشق أحد السجناء ما يظنه صوت امرأة وأنينها في الزنزانة المجاورة لزنزانته، ويعيش على هذا الصوت والأنين،
بل ويحاروها من خلال النّقر على الجدار، حتى يكتشف أنه في آخر زنزانة في طرف المبنى، ولم يكن هناك زنزانة إلى جانبه ولا أنثى، سوى تلك التي صنعها في خياله.
رأيي أن الصداقة هي درجة راقية من درجات الحُبّ، وكلما كانت الصداقة أكثر عمقًا كانت أقرب إلى الحبّ، ويتعلق بالطرفين وسنّهما وظروفهما، إذا ما كانا يريدان لهذه الصداقة أن تمضي نحو أمواج الغرام وصخبه، أم يبقيانها على شواطئ المشاعر الهادئة المنضبطة.
تذكرني هذه الكلمات بكلمات الراحله نوال السعداوي حين تحدثت خلال احدى لقاءاتها عن علاقة الرجل بالمرأه وان الاستقامه والصدق والحقيقه بداخلنا تجعلنا مرغوبين اكثر من اي ميزه اخرى ،
هنالك الرائعون القله القلائل لربما
الذين بأمكانهم تنمية والحفاظ على كلمة صداقه ولكنهم قليليون جدا ونادرون ..
صداقة النساء غالبا ما تميزها الغيره والمنافسه وهذا الامر غير موجود بين الرجل والمرأه في الصداقه بل على العكس احتواء وتشجيع
لكننا بمكان ينتقد المصافحه فكيف بالصداقه ،
اوافقك الامر جدا ان الاغلبيه يسيئون فهم التودد واللطف او التعامل بأخلاق من قبل المرأه ويحرفونه لما يريدون ويحلو لهم
والبعض كما قالت ماجده الرومي
(غير ان الشرقي لا يرضى ور غير ادوار البطوله)?
موضوع جميل استاذ سهيل
بعض المطلقات يسيطرن على الأطفال إنتقاماً من أبوهم!
هناك شيئ إسمه التحاور لأجل الأطفال وليس الصداقة بعد الطلاق!! ولا حول ولا قوة الا بالله
أخرج الترمذي وأحمد من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان . وصححه ابن حبان والحاكم .
قال المناوي : (إلا كان الشيطان ثالثهما) بالوسوسة وتهييج الشهوة ورفع الحياء وتسويل المعصية حتى يجمع بينهما بالجماع أو فيما دونه من مقدماته التي توشك أن توقع فيه، والنهي للتحريم .اهـ. من فيض القدير .
الله الخالق صانع الذكر والأنثى
يقول حرام ، هذه هي النهاية ، ولا جدال بعد
مقال جميل جدًا لا تكاد تنهي قراءته حتى تخرج منه محملًا بالعديد من الأسئلة في نهايته ترى الحب قابع في جهته والصداقة قابعة في جهتها والسراط الفاصل بينهما والأجمل تلك الحاجة الانسانية التي تخبرك بأننا كبشر لا يمكننا ان لا نحيا دون أيٍّ منهما ..دمت ودام مداد قلمك الجميل
اقوى دافع بشري بعد حفظ الذات هو حفظ النوع البشري، وهذا يتم عمليا من خلال الزواج او العلاقات غير الشرعية، ولا ثالث لهما الا في قاموس يوتوبيا الصداقة!.
برأيي، قد يكون منظور “الصداقة بين الرجل و المرأة “صادقاً من طرف المرأة و لكن لا اعتقد ان الرجل قادر على حفظ المسافة الفاصلة و ما هي الا فترة قد تطول و قد تقصر حتى تسيطر عليه شريعة الادغال.
كاتب المقال المحترم ربما قصد مجتمعات أخرى , عالم آخر, وقد أعطى مثالا من أمريكا. كي تصل المجتمعات العربية أو الإسلامية لهذه المرحلة عليها أن تنتظر وبدون مبالغة ربما مئات السنين هذا إن استطعنا تغيير العقليات وإلا فلن يحصل ذلك أبدا والجواب سهل, لأن كل علاقة وكل محادثة وكل لقاء وليس حتى صداقة بين ذكر وأنثى في قامومس العقلية العربية معناه “ جنس “ و “ علاقة غير شرعية “ أو “ حرام “ دون دليل أو برهان , لأن الدلائل والبراهين في هكذا علاقة لاحاجة إليها.
أما في مجتمعات الغرب مثلا هناك صداقات حتى مع عربيات وبعلم الزوجات , علاقات صداقة رائعة.
إلى الاخ عبد الكريم البيضاوي. كلامك صحيح فيما يتعلق بان العلاقة بين الجنسين هي أكثر راحة و واقعية و ليست دائما مرتبطة دائما بالجنس كما هو الوضع في المجتمعات المحافظة مثلا العربية و الغير عربية كالهند و بعض دول أوروبا الشرقية.
لكن انت تعرف تماما ان هذه العلاقات لا تخلو من هفوات جنسية و ربما الكثير منها خصوصا عندما يدخل الكحول مع قليل من الإكتآب بينهما. ناهيك عن العلاقات المحرمة و حالات الاغتصاب الكبيرة جدا رغم وجود حرية جنسية بلا حدود.
أخي أحمد ثق بكلامي, هناك صداقة خالصة بين الجنسين , لاذكر فيها للجنس على الإطلاق, علاقة أخوة جميلة رائعة فيها الضحك والترويج عن النفس ( بحكم اللغة المشتركة, إن كانت ابن البلد وفيها كذلك مواضيع مهمة وحتى بالغة الأهمية أحيانا ).
أنا أعيش في دولة أوروبية شمالية, الجنس فيها ليس طابوها كما في البلدان العربية . الجنس بين الذكر والأنثى ليس بالحدة المعروفة عند العرب. الجنس يكون إن توفرت شروطه والصداقة ليست من بينهم , فالصداقة تقام بين الجنسين ولو بحضور الكحول كما تفضلت, لكن هناك حدودا حمراء مرسومة في ذهن الإثنين لاأحد منهما يتخطاها.أتفق معك إن قلت أن الكبث الجنسي قد يخرج صاحبه عن جادة صوابه, لكن الجنس فقط من أجل الجنس فلا أحد يفكر فيه. علاقة الحب التي يرجو صاحبها من ورائها الجنس, ليست نفسها علاقة الصداقة والأخوة, أنا أتحدث لك عن مجتمعات الغرب, أما عند العرب فذاك شيء آخر,لأن العلاقة لن تكون على الإطلاق. الشكوك والظنون قد توصل بهما إلى الزنازن إن حضر شهود الزور.
الصداقة بين الرجل و المرأة ممكنة و لكن ليست مضمونة لان مشاعر الإنسان متغيرة بشكل مستمر.
هنالك بعض الحالات الناجحة عن الصداقة بين الجنسين مثلا صداقة الاخوة و الاقارب و صداقات العمل و صداقات الفكر و السياسة و ايضا الصداقات حيث لا يوجد انجذاب جنسي مثال ذلك العلاقة بين المثليين.
لكن في كثير من الحالات عندما تتعمق العلاقة مثيرا تنزلق الى انجذاب جنسي او فشل ما. و المجتمعات تزخر بقصص العلاقات المحرمة او الفاشلة بين الحنسين و بعضها ادى الى طلاق او فشل علاقات الطرفين مع شركائهم او أزواجهم.
رأيي الشخصي ان الله خير من يعرف النفس البشرية و ما توسوس. لذلك امرنا الإسلام بالتفريق بالمضاجع بين الاخوة، و وضع ضوابط للاختلاط. و هذا هو سر الحياة الانجذاب للاخر لكي نستمر!
مبدع كالعادة أستاذ سهيل .