ثمة وعي شعري جديد بدأ يتشكل مع ظهور الفضاء السيبرنطيقي الذي غير المفاهيم، وأدى إلى بزوغ طراز جديد في الكتابة شعرية. والحق أنه لا يمكن إنكار أهمية ما يتيحه هذا الفضاء عبر وسيط إلكتروني عقّد طبيعة العلاقة بين الثنائيات التقليدية، بتحويلها من علاقة مادية بحتة، إلى علاقة لا مادية إلكترونية. فما المقصود بالوسيط السيبرنطيقي؟ وما هي أهم الخصائص التي يتميز بها؟ وما هي أبعاد هذه الفضاءات المتشعبة التي جرّت الكتابة الشعرية إلى دهاليزها، حتى أنها أصبحت قدرا محتوما، في هذه الألفية الجديدة؟ وما مصير القراءة البسيطة (القارئ العادي) والقراءة العالمة (الناقد) في ظل تحول الحياة من الواقعي/المادي المحسوس إلى الافتراضي/الفيزيائي؟
نقصد بالوسيط، كما ورد في عنوان هذه المقالة، الجهاز الإلكتروني، الذي عبره تتحقق العملية التواصلية الشعرية (والأدبية عامة) بشكل افتراضي/رقمي، مختلف تماما عن أشكال التواصل التقليدية، كالقراءة والكتابة وتقنية الفيديو وأشرطة الكاسيت. لقد كانت البداية الأولى لهذا النوع من التواصل الجديد، على صعيد الأدب، سنة 1959، من خلال محاولات «تيو شوتز» في ألمانيا، لكن سرعان ما تطور مفهوم الأدب، وأضحى خاضعا لمجموعة من الثنائيات الإلكترونية التي تمت معالجتها آليا، ما جعله أدبا رقميا بامتياز.
ومعلوم الآن، أن الأدب الرقمي (نشير إلى أن لهذا النوع من الأدب تسميات عديدة) يعني كل الأشكال الشعرية والسردية التي تستعمل الوسيط اللامادي الإلكتروني، مع شرط استثمار كل الخصائص والإمكانات التي يتيحها هذا الوسيط، من صورة وصوت وحركة… بحرفية عالية، إن على مستوى الإنتاج أو التلقي.
إننا اليوم، في هذا القرن الميلادي الجديد، باعتبارنا مهتمين وفاعلين في مجال الشعر، نجد أنفسنا أمام وضع مختلف للكتابة الشعرية، وللأدب بشكل عام.. وضع حرر المؤلف، نسبيا، من دوائر الرقابة التي كانت تقيد حريته في السابق، بفضل تكنولوجيا المعلوميات، بوصفها سلطة واقعية تتجاوز الإنسان أحيانا، الشيء الذي جعل الانطباع الأولي تجاه هذه السلطة هو إحساسنا بشيء من الاغتراب الذي بدأ، مع مرور الوقت، يتبدد شيئا فشيئا.
أغلب الظن أن المنظرين، في بداية هذه الطفرة السيبرنطيقية، قد وجدوا صعوبات جمة، في استيعاب هذه الظاهرة الجديدة، وكذا تقديم تعريف خاص بالأدب الذي ارتبط بتكنولوجيا المعلوميات هذه. لكنهم سرعان ما تفاعلوا معها إيجابا، وشرعوا يعرفون هذا الأدب، ويستخلصون خصائصه الأساسية. فها هو المفكر الفرنسي فيليب بوتز Philippe Bootz في كتابه « ما الأدب الرقمي؟» Qu est ce que la littérature numerique، يرى أن من خصائص هذا الوسيط الجديد: الخوارزمية، وهي «مجموعة من القواعد المنطقية التي يتم ترميزها بلغة برمجية لإنتاج نتيجة»(ترجمة محمد أسليم) ثم التوليدية التي تعني أن المولِّد «يبني في زمن واقعي، أي أثناء تنفيذه، ميديا أو أكثر (نصا، صورة، صوتا…) تقترح للقراءة» وعطفا على ذلك نلفي خاصية الحسابية، حيث يستخدم البرنامج، خوارزميات من الحساب الرياضي للتحكم في مسارات الشاشة أو المؤثرات الصوتية والبصرية.
إن العمل الشعري، في شعرية الوسيط، هو نشاط تواصلي بين المؤلِّف والقارئ، على أرضية فضاء مركب ومتشعب. وتبعا لهذا التوصيف، فإن العمل/ النص الشعري لم يعد مجرد «كائن» وإنما صار نسقا ديناميا سمته الأساسية اللااكتمال.
وتبقى الخاصية التفاعلية، هي أهم خاصية، تتميز بها الأعمال الشعرية (الأدبية) الرقمية، ذلك أن هذا الوسيط يتعدى كونه مجرد بيانات مشفرة، يتحكم فيها الترميز الثنائي، إلى إحداث نشاط «مادي لدى القارئ وعلى التجاوب مع هذا النشاط» (فيليب بوتز). هذا الأمر يعني أن القارئ هو جزء أساس من هذه العملية. ومن ثم نصل إلى الاستنتاج الآتي، هو أن شعرية الوسيط تقوم على التفاعل بين المؤلف من جهة، وبرنامج الوسيط من جهة ثانية، وتفاعل القارئ من جهة ثالثة.
والحاصل، بالنظر إلى ما سبق، أن شعرية الوسيط، تتميز بكونها نسبية، لأن نتائج التفاعل تختلف من قارئ إلى آخر. فكلما اختلف جهاز الكومبيوتر، من حيث حجم شاشته وبرامجه، تباينت القراءة، ذلك أن نتيجة القراءة بين قارئين، مثلا، لكل واحد منهما حاسوبه الخاص، لن تكون واحدة، بل إنهما سيشعران كما لو أنهما يقرآن عملين مختلفين. وهذا أمر مختلف عما اعتدنا عليه في القراءة التقليدية.
وعلى عكس ما كان يعتقده البعض، فإن جهاز الكومبيوتر ليس مجرد آلة باردة، وإنما هو وسيط حي، إذ بفضله يصبح ما كان مخزنا حاسوبيا، في صلب المعالجة الآلية التي تخضع لرقابة الإنسان ذاته، وبتوجيه منه. وبذلك يمكن القول إن شعرية الوسيط شعرية دينامية، وليست البتة باردة، لأن نية «القصدية» وهي خاصية أخرى أضيفها إلى خصائص بوتز السابقة، أصبحت هي الفارق في هذه العملية. فالمؤلف يدرك تمام الإدراك أنه يستعمل وسيطا إلكترونيا مركبا، لإنتاج عمله الأدبي، كما أن القارئ على وعي تام بأنه أمام عمل شعري/ أدبي، وعليه أن يقرأه باستعمال وسيط إلكتروني. والخلاصة التي يمكن الخروج بها مما تقدم، هي أن خاصية القصدية تعتبر أهم ميزة تتميز بها شعرية الوسيط، بوصفها شعرية تتفادى أن تكون مجرد شعرية آلية، باردة، لا روح فيها. وهذا يعني أنها شعرية تضمن لقطبي العملية الإبداعية، المؤلف والقارئ، حضورهما الفعال، باعتبارهما ذاتين تعملان بطريقة مستقلة إلى حد ما.
إن العمل الشعري، في شعرية الوسيط، هو نشاط تواصلي بين المؤلِّف والقارئ، على أرضية فضاء مركب ومتشعب. وتبعا لهذا التوصيف، فإن العمل/ النص الشعري لم يعد مجرد «كائن» وإنما صار نسقا ديناميا سمته الأساسية اللااكتمال.
ولئن كانت القراءة العادية (البسيطة) من خلال الوسيط، لا تطرح أي مشكلة من جهة المعالجة والأجرأة، لأنها بكل بساطة تقوم على التلقي العفوي، ولا تحتاج إلى ضبط منهاجي، فإن القراءة العالمة (النقد) ما تزال غير قادرة على مواكبة هذا النوع من الكتابة، خصوصا في مجال الشعر، باعتراف النقاد أنفسهم. فليس هناك، لحدود الساعة، نظرية أدبية خاصة بالأدب الرقمي التي من شأنها أن تفرز وعيا نقديا، بمناهج مضبوطة، قادرة على سبر أغوار هذه الأعمال. وهذا يتطلب مجهودا مضاعفا من قبل الجهات المسؤولة عن صناعة الذكاء الإنساني، من خلال المبادرة إلى فتح أوراش لصناعة وعي شعري/ أدبي جديد، يأخذ بعين الاعتبار كل هذه المستجدات السيبرنطيقية المستحدثة. أوراش تراهن بالدرجة الأولى على مناهج تربوية بديلة مستخلصة من قلب المعرفة السيبرنطيقية التي أصبحت قدر البشرية.
لكن في انتظار ذلك، على المهتمين بالنقد الأدبي أن يفكروا مليا في ضرورة إيجاد حلول، ولو مؤقتة، لعملية تلقي هذه الأعمال، عبر أجرأة العملية بطرق منهاجية مضبوطة حتى لا نسقط في تعويم الأعمال الأدبية وتمييعها.
صفوة القول إن شعرية الوسيط، في مجال الأدب والشعر تحديدا، وعلى الرغم من بعض الشوائب التي تبدو الآن، توفر للمؤلف قدرة لا نهائية على إنتاج وتوليد عالم، لم يكن بإمكان هذا المؤلف خلقه من قبل. لعله استيهام الخلود، كما يقول جان بيير بالب.
شاعر وكاتب مغربي
صادم في عنوان وصدمنة في عنوان آخر، ?
في عنوان (صادم) تجد تعليقات كثيرة،?
بينما في عنوان (صدمنة) لا تجد غير تعليقي، ?
أو لماذا قيل إذا الغلطة بتمرق … مرّقها …
وإذا المشكلة مش مستاهلة … لا تكبّرها …
إذا الذي غلط معاك إعتذر … إقبل إعتذاره …
هوّنها عالناس … بتهون عليك …
الدنيا مش راحمة حدا … والروتين والضغوطات عالكل …
زي ما بقولوا :
“بلاش الغلطة تمحي المحبّة … خلّي المحبّة تمحي الغلطة ”
حبوا بعض … الحياة قصيرة جداً … لا تستحق الحقد والبغضاء …هذه خلاصة مفهوم الأسرة الإنسانية،
الإدارة والحوكمة في أمريكا (الدولة) بعد 2008، فضح أفعالها (إدوارد سنودن) في عام 2013 بخصوص الهيمنة والتحكم والسيطرة، على كل أدوات (الأتمتة)، في أجواء سوق (العولمة)،
كما فضحها قانون تغيير معنى (الأسرة) في قاموس لغة الدولة عام 2015،
هذه جعلت الجميع، يدعم كسر أسس مفهوم (الدولة)،
والتي هي (النقد/العملة e-Currency)، و(التسجيل/التدوين BlockChain) ولذلك نحن في سوق صالح (الحلال) نعمل على الجيل الثاني من (e-Payment & e-Economy) على الأرشيف العثماني وفق أسس مفاهيم (الشركة القابضة) وليس (الوقف)، لتكوين إيرادات للجميع، الإنسان والأسرة والشركة المنتجة للمنتجات الإنسانية وبالتالي الدولة وليس العكس.??
??????