الحوار الوطني ليس عصا سحرية لكنه يفتح الأبواب للتعامل مع الأزمات… وبايدن يواجه بموقف عربي موحد من القضية الفلسطينية

حسام عبد البصير
حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي» : انتهت قمة جدة وما زالت تداعياتها تتوالى، وقد سادت حالة من الاستياء الواسع أوساط المساجد والتجمعات المختلفة بسبب إعلان جيل تماري بأنه أصبح أول مراسل إسرائيلي، يتمكن من دخول مكة المكرمة والشروع في رحلة فيها. كما أكد أنه “المراسل اقترب من برج الساعة والكعبة، والوصول إلى جبل عرفة”.
ومن التصريحات الرئاسية التي اهتمت بها صحف أمس لثلاثاء 19 يوليو/تموز: أكد الرئيس السيسي استعداد مصر لتلبية الاحتياجات الألمانية وأوروبا من الغاز، من منطلق العلاقات الوطيدة، وكذلك من منطلق مساهمة مصر في المشاركة في حل ما يعترض العالم من أزمات.
ومن أخبار الحوادث: شهد الطريق الصحراوي الشرقي حادثا مروريا مروعا، حيث اصطدم أتوبيس بسيارة نقل مقطورة أمام الكيلو93 في مركز ملوي، وأسفر الحادث عن مصرع وإصابة 55 شخصا، تم نقل الضحايا لمستشفى ملوي التخصصي. ومن أخبار الوسط الثقافي: وجهت الفنانة الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة الشكر للدكتور مصطفى الفقي المدير السابق لمكتبة الإسكندرية بعد انتهاء مدة توليه إدارة المكتبة، وقالت إن الدكتور مصطفى الفقي أحد أهم أيقونات التنوير في مصر، مشيرة إلى أنه نجح خلال توليه المسؤولية في تطوير أساليب عمل المكتبة وخلق حالة مميزة من الحراك الفكري والثقافي. ومن الأخبار العامة: أكد المهندس عمرو خطاب المتحدث باسم وزارة الإسكان، أن الجزء السطحي من ممشى أهل مصر مجاني وسيظل هكذا، ولكن التذكرة التي تم فرضها شاملة هي على الجزء السفلي وشاملة كل الخدمات والباركينغ، موضحا أن الجزء السفلي يحتوي على مشروعات استثمارية. ومن أخبار الفنانين: تنظر محكمة جنح التهرب الضريبي، محاكمة الفنان أحمد آدم في اتهامه بالتهرب الضريبي. وكشفت تحقيقات النيابة تهرب آدم من سداد مبلغ 300 ألف جنيه ضرائب عن برنامجه «آدم شو» عام 2013.
باقية بعدنا

ليست المسألة فقط، كما أوضح مرسي عطا الله في “الأهرام” جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة، التي يراهن الإسرائيليون على دفنها بمرور الزمن مثلما جرى دفن انتهاكات حقوق الإنسان كافة ضد الفلسطينيين ضمن خطة جهنمية لدفن القضية الفلسطينية بأكملها.. ولم يجرؤ المجتمع الدولي مرة واحدة على معاتبة إسرائيل لمجرد أنها تحظى بالدعم والرعاية والحماية من جانب أمريكا. شيرين أبو عاقلة مجرد حالة من آلاف الحالات التي أزهقت أرواحها في الأراضى الفلسطينية المحتلة، والذين لقي أغلبهم حتفهم كضحايا للتعليمات الصارمة التي تسمح للجنود الإسرائيليين باستخدام الرصاص دون تمييز، وحتى مع التعليمات الخاصة باستخدام الطلقات المطاطية فإن الجنود الإسرائيليين يستخدمون ـ في أغلب الأحيان ـ الطلقات المعدنية المغطاة بالمطاط، التي تحدث إصابات قاتلة. لقد قتلت شيرين أبو عاقلة على مرأى ومسمع من العالم كله على يد قوات الاحتلال للدولة «النموذج» التي يراد دمجها في المنطقة، رغم أنها ما زالت مصرة على انتهاج التفرقة العنصرية ضد عرب عام 1948، الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، حيث تتسع الهوة في مجالات التعليم والصحة والخدمات الأساسية بين القطاع اليهودي والقطاع العربي، وقد شهدت السنوات الأخيرة تراجعا حادا بشأن التزام الدولة الإسرائيلية بضمان الحقوق الاجتماعية من إسكان وتعليم وصحة وفرص عمل للمناطق العربية. إن الدولة النموذج التي يسعى الرئيس الأمريكي بايدن لدمجها في المنطقة، هي الدولة التي فيها فجوات كبيرة ليس فقط بين اليهود والعرب، وإنما أيضا بين اليهود «الأشكيناز» ذوي الأصول الأوروبية واليهود «السفارديم» ذوي الأصول العربية والافريقية والآسيوية، بل إن المناطق البدوية ذات الأغلبية العربية تعكس عمق التمييز العنصري، حيث لا توجد في المؤسسات التعليمية في هذه المناطق أبنية تعليمية دائمة، ولا شبكات مياه ولا خطوط كهرباء ويخضع السكان لإجراءات أمنية سيئة ومعقدة جدا، لا تماثلها إلا الأوضاع السيئة للمواطنين العرب المتشبثين بالبقاء في القدس الشرقية. هل يمكن لأحاديث الدمج الإقليمي أن تجد آذنا صاغية عند شعوب المنطقة، قبل إقرار السلام العادل والشامل وإزالة كل الملاحظات سالفة الذكر، خاصة ما يتعلق بالقدس والمستوطنات؟

قضيتنا الأزلية

نبقى مع جرحنا الذي لم يعد يلتفت له كثير من حكامنا بصحبة عمرو الشوبكي في “المصري اليوم”: أعلن الرئيس الأمريكي، في قمة جدة، تمسكه بحل الدولتين، حتى لو اعتبره «بعيد المنال»، وزار الأراضي الفلسطينية، بعد أن قاطعها ترامب، وأعلن تقديم دعم للشعب الفلسطيني والقطاع الطبي في القدس، وأعاد ضخ الأموال الأمريكية في منظمة غوث اللاجئين (أونروا)، التي سبق أن منعها سلفه. والمؤكد أن موقف الديمقراطيين من القضية الفلسطينية أفضل من الجمهوريين، خاصة أن هناك تيارات مدنية وحقوقية داعمة للحق الفلسطيني وتدعم الحزب الديمقراطي في كل الاستحقاقات الانتخابية، ومع ذلك فإن هذا الموقف المبدئي الأفضل من الموقف الجمهوري ظل في إطار النوايا الطيبة، التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، لأنها لا تحمل أي خطة أو قدرة على تحقيق السلام. والحقيقة أن خطة تسوية للصراع تتطلب إرادة داخلية أمريكية غير متوفرة في الوقت الحالي، لأن الضغط على إسرائيل، ولو من أجل احترام قرارات الشرعية الدولية، سيعني فقدان جزء من التأييد الداخلي وخسارة دعم «لوبيات» أخرى مؤثرة، وهو يتطلب إدارة قوية في ولايتها الثانية غير منشغل فيها الرئيس بحسبة نجاحه في الانتخابات، وهو ما لا ينطبق على الرئيس بايدن. كما أن هناك كثيرا من التيارات الداعمة للديمقراطيين، التي تدافع عن حق الدولة اليهودية في الحياة، وتعتبر ما تقوم به «حماس» إرهابا، وترى إسرائيل ديمقراطية وجزءا من النموذج الغربي، الذي يتشابه في الشكل وجانب من المضمون مع النظام الإسرائيلي.

قد يغيرون المعادلة

انتهى عمرو الشوبكي خلال حديثه عن الواقع المحيط بالقضية الفلسطينية إلى ما يلي: أن صورة البلد المحتل الذي فيه رئيس دولة ورئيس حكومة ووزراء كأنه بلد مُحرَّر ومستقل جعلت فلسطين في مكانة التي لا حصّلت دولة طبيعية منسجمة مع وظائف المسؤولين فيها، ولا تنظيم تحرر وطنيّا كما كانت في عهد منظمة التحرير الفلسطينية، بقيادة الزعيم الراحل ياسر عرفات، كما أن الصورة التي أعطتها «حماس» في غزة تقول، إنها ارتاحت لاستمرار الخلاف الفلسطيني لأنه يسمح لها بالسيطرة على القطاع، وركز كل طرف، (أي السلطة وحماس)، على مواجهة بعضهما بعضا، ونسيا وجود احتلال إلا في المناسبات. الإدارة الأمريكية الحالية عادت إلى الموقف الأمريكي التقليدي الداعم لإسرائيل، ولكنه يقر بحق الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة، وهو الحق الذي سحبه ترامب.
ومع ذلك، فإن هذا الموقف لن يتحرك نحو أي فعل إيجابي، إلا إذا وجد شريكا ونموذجا فلسطينيّا قادرا على التأثير والفعل المنظم، وهو غير حادث حتى اللحظة. الخطاب الفلسطيني يكرر في ظل انقسامه مقولات تنسى أو تتناسى أن أولويات العالم وأمريكا لم تعد القضية الأكثر عدلا، أي الفلسطينية، إنما التنافس مع الصين وقضايا التغير المناخي، وأزمة الطاقة والتحدي الإيرانى وغيرها. ستبقى هناك فرصة أمام نضال عرب الداخل في تغيير معادلة الاحتلال والدولة العنصرية، وربما سيعود حل الدولة المدنية الواحدة، الذي طرحته حركات التحرر الوطني العربية بقيادة عبدالناصر في ستينيات القرن الماضي، حلّا للصراع.

بوسعه لو أراد

كان يمكن لحديث الرئيس الأمريكي بايدن عن حل الدولتين، على حد رأي جلال عارف في “الأخبار”، أن يكتسب بعض الأهمية الحقيقية، لو أنه أقر بمسؤولية السياسة الأمريكية في الوصول للوضع الذي أصبح فيه هذا الحل – في رأي بايدن – بعيد المنال. ولو أنه كشف عن خطوات لتصحيح الخطأ ولوقف الوصول إلى ما حذر منه الرئيس الفلسطيني أبومازن، من أنه إذا كان حل الدولتين ما زال متاحا اليوم.. فإنه لن يكون كذلك غدا لو أقر بايدن بالحقائق.. لقال إن إسرائيل لم تؤمن يوما واحدا بسلام عادل يقوم على حل الدولتين فعلا، وإن ثلاثين عاما في ظل اتفاق أوسلو كانت في حقيقتها سباقا إسرائيليا في التهام الأرض وتهويد القدس، وتثبيت أركان الاحتلال، وتقطيع أوصال الضفة الغربية، وزرع المستوطنات في أرض فلسطين، وإنهاء أي فرصة حقيقية لقيام الدولة الفلسطينية. ولو أقر بايدن بالحقائق.. لاعترف بأن إسرائيل لم يكن في مقدورها أن تفعل ذلك إلا بالدعم الأمريكي الكامل الذي وفّر كل الإمكانيات العسكرية والاقتصادية لإسرائيل، ووفر لها الحماية من المحاسبة على جرائمها، ومنع النظام الدولي من عقابها على انتهاكها المستمر لكل القوانين والقرارات الدولية لسبب واحد وحيد.. وهو القرار الأمريكي بأن إسرائيل فوق القانون وخارج المحاسبة، ولو أن بايدن يرى بالفعل – كما قال- أن حل الدولتين هو الحل المطلوب، لكان قد فتح بابا للأمل في بقاء هذا الحل على قيد الحياة، لكان قد طلب إيقاف عمليات الاستيطان، وأكد عدم شرعيتها حتى يبقى ما يمكن التفاوض عليه من أجل حل الدولتين، لكن بايدن الذي وقف في القدس يعلن اعتزازه بصهيونيته رغم أنه غير يهودي، اكتفى بالتبرع لمستشفى وتطييب خاطر أبومازن، وتصريح حل الدولتين بعيد المنال.. ثم مضى إلى الهدف الحقيقي وهو مد النفوذ الإسرائيلي في المنطقة، والترويج لمشروعات الدمج، والتطبيع المجاني، ليكتشف في اجتماعات جدة، أن فلسطين حاضرة، وأن كل أحاديث الدمج والتحالف والتطبيع بعيدة المنال، وبأكثر مما هو الحال في حل الدولتين الذي يلفظ أنفاسه.

تسير للهاوية

الشهادة الأهم على الأفول الأمريكي، الذي بات حديث الكثير من الكتاب والمراقبين حول العالم، خاصة في عالمنا العربي واهتم بالشهادة نفسها الدكتور محمد السعيد إدريس في “الأهرام”، جاءت على لسان السيناتور الأمريكي المستقل برنارد سوندرز، في محاضرة شديدة الأهمية استعرض فيها ملامح هذا الأفول، وتحدث عن حاجة الأمريكيين إلى نظام سياسي بديل للنظام الحاكم الآن في واشنطن. تحدث سوندرز عن مظالم النظام الأمريكي وانسحاق الطبقة العاملة والطبقة الوسطى في ظل «حكم الأقلية» المسيطرة على الثروة والسلطة. وفسر ذلك بقوله «نحن نتجه إلى نظام حكم أوليغاركي (حكم الأقلية) يسيطر عليه عدد قليل ممن يملكون المليارات من الدولارات» وأوضح أن المخيف في الأمر أن «هؤلاء المليارديريين يملكون بالإضافة إلى الثروة الهائلة سلطة سياسية هائلة، وأن أكثر من نصف الشعب يعيشون على الكفاف». واختتم سوندرز شهادته أن «اللامساواة في الدخل بين الأمريكيين الآن، ليس لها مثيل في التاريخ الأمريكي، ولا بد من العمل على إنهاء النظام السياسي الفاسد، حيث تشتري الأموال الانتخابات لمصلحة حكومة تمثل كل الشعب الأمريكي». ربما يكون من الضروري السؤال المهم الذي طرحه الكاتب: كيف حدث هذا؟ وأين ذهب النموذج الأمريكي للحداثة؟ هل كان أكذوبة؟ وكيف سينعكس الأفول الاقتصادي ـ السياسي الأمريكي على الأبعاد الثقافية للحداثة الأمريكية؟

«روشتة» فاسدة

هذه الأسئلة السابقة تعيدنا وفق رؤية الدكتور محمد السعيد إدريس إلى ظاهرة فرضت نفسها على كثير من دول العالم الثالث في عقدى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وبلغت ذروتها في عقد التسعينيات مع سقوط الاتحاد السوفييتي وتفكك حلف وارسو، ونعني بها الترويج لما يمكن تسميته «روشتة التقدم والازدهار الأمريكية» التي عرفت بسياسات «إجماع واشنطن» والتي كانت تستهدف فرض التبعية الأمريكية على كل العالم، وهو الترويج الذي وصل إلى درجة مطالبة دول العالم الثالث بـ«مقايضة هدف الاستقلال بهدف الحداثة»، والقول بأن السير على طريق الحداثة يتطلب التضحية بالاستقلال الوطني والقبول بالتبعية لأمريكا. وامتد الأمر إلى المطالبة بقبول تسوية للصراع العربي – الإسرائيلي وفق الإملاءات والشروط الأمريكية ـ الإسرائيلية من منظور المقايضة بين الحقوق (الفلسطينية المشروعة) والحداثة، أي الحصول على مصالحة الغرب وإسرائيل من أجل تحقيق التقدم والازدهار، كما اشتملت أيضا على مجموعة من الإجراءات على الدول المعنية اتباعها لإحداث تغييرات جذرية في البنية الاقتصادية، كمقدمة لتغييرات أحدث البنى الاجتماعية ومنظومات القيم والأفكار. هذه الروشتة كانت «فاسدة» أدت إلى إفساد اقتصادات الدول التي اتخذتها كنموذج لتحقيق التقدم والرخاء، لأنها لم تكن تهدف في الواقع لتحقيق ذلك التقدم والرخاء في تلك الدول، بقدر ما كانت تهدف إلى فرض التبعية وتدمير المجتمعات من الداخل. والآن في ظل كل شواهد الأفول الأمريكي والصعود الصيني ـ الروسي كيف سيكون حال سياسات التبعية؟ هل ستبقى الدول صديقة أمريكا حريصة على تبعية لم تعد أمريكا قادرة على حمايتها؟ السؤال مهم الآن ويخص عالمنا العربي قبل غيره، هل آن الأوان للبحث عن نموذج بديل للتقدم والازدهار مع سقوط النموذج الأمريكي، ليس فقط في الاقتصاد والسياسة، بل الأهم هو منظومة القيم والأفكار والأخلاقيات التي يحملها هذا النموذج.

الأمير انتصر

اهتم عماد الدين حسين في “الشروق” بالجدل الدائر بشأن الاستقبال الفاتر لبايدن في السعودية، حيث استقبله في مطار جدة أمير منطقة مكة، وليس الملك سلمان أو ولي عهده محمد، الذي كان في استقبال قادة دول مجلس التعاون ومصر والعراق والأردن في المطار. الذين انشغلوا بهذا الموضوع نسوا حقيقة مهمة وهي أن ضيوف أمريكا يتم استقبالهم رسميا في البيت الأبيض، وليس لدى وصولهم إلى المطارات الأمريكية، في حين أن القادة العرب يستقبلون الملك سلمان أو ولي عهده في المطار، وهو ما فعله معهم بالمثل محمد بن سلمان، لكن البعض يحاجج ويقول إن القادة السعوديين كانوا يستقبلون كل الرؤساء الأمريكيين في المطار لدى زيارتهم السعودية، حتى وهم يدركون أن الرؤساء الأمريكيين لا يعاملونهم بالمثل لدى زيارتهم الولايات المتحدة. المهم أن بايدن زار جدة وحضر القمة العربية الأمريكية، والتقى مع محمد بن سلمان في لقاء منفرد. وفي تقرير مراسلة “الغارديان” البريطانية في القدس بيثان ماكيرنان، فإن «النفط تغلب على حقوق الإنسان» وأن بايدن اضطر إلى تقديم تنازلات في الشرق الأوسط، وأن صورته وهو يصافح بن سلمان بقبضتيهما بدت أكثر استرخاء وألفة مما كان يقصده بايدن من عدم السلام بالأيدي. المراسلة البريطانية نقلت عن مسؤول سعودي أن زيارة بايدن لإسرائيل وللضفة وبقية تفاصيل الرحلة كانت مجرد حشو للسبب الحقيقي لمجيء بايدن، وهو اللقاء المنفرد مع محمد بن سلمان. اللقاء برمته انتقدته بشدة خطيبة خاشقجي التركية خديجة جنكيز. هذه الرواية تنسف إلى حد كبير معظم ما قاله بايدن وأركان إدارته عن هذه القضية. وتجعل ترامب أكثر واقعية، حينما رفض مقاطعة السعودية اقتصاديا بعد الحادث معللا ذلك بأن الصين وروسيا هما اللتان سوف تستفيدان من ذلك. الخلاصة أن بايدن جاهد كثيرا ألا تبدو رحلته للمنطقة وللمملكة مخصصة للقاء بن سلمان، وأغلب الظن أنه لم ينجح في ذلك.

حققوا نصرا

اعترف محمد البهنساوي في “الأخبار”، بأن العلاقات الأمريكية العربية كانت تشهد استخفافا أمريكيا، وكان تبرير البعض بحاجة عدة دول عربية للحماية الأمريكية، لكن هل ما زالت تلك النظرية وتبريرها قائما؟ الإجابة تجسدت في قمة جدة بين دول الخليج ومصر والعراق والأردن مع الرئيس الأمريكي، وما لا يختلف عليه أحد حتى المتربصون بالدول والزعماء العرب، أنهم حققوا نصرا قويا في مواجهة العم سام ورئيسهم الصهيوني – باعترافه – جو بايدن، والأهم من النصر دلالته على بدء النضج العربي. هذا النضج لم يبدأ بتلك القمة، بل نعيش مخاضه منذ سنوات ونحن نرى خروجا عربيا محسوبا وذكيا من العباءة الأمريكية، التي كانت تخنق كل محاولات الخروج لقرون، وتجسد العمل العربي المشترك بعدة مواقف آخرها الحرب الروسية الأوكرانية، التي أدارها معظم القادة العرب باقتدار خلق موقفا عربيا يحترمه الجميع، ويجبر الغرب على تحسس خطواته ما بين القاهرة والرياض وأبوظبي، للاستفادة من هذا التنسيق العربي الذي تم تتويجه بالإعداد لقمة جدة ورحلات مكوكية واجتماعات بين عدة مدن عربية. بايدن المعجون في السياسة الأمريكية منذ نعومة أظفاره فوجئ بالوضع العربي المغاير، فقد حاول ممارسة تلك الألاعيب القديمة مع السعودية، الدولة الأهم للأمريكيين، بمحاولات الضغط على المملكة، خاصة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وإعلان بايدن رفضه لقاء بن سلمان وأنه سيجعل السعودية دولة منبوذة، ولن يزورها، وجاء الثبات السعودي، خاصة من ولي العهد في مواجهة تلك المحاولات المحفوظة مفاجئا لبايدن ومساعديه، وانتهت برضوخ أمريكي تام للسعودية، وكعادة الأمريكيين التراجع عن مواقفهم لخدمة مصالحهم، وجاء بايدن إلى جدة ولقاء ولي العهد السعودي مدركا قواعد جديدة للعبة مع العرب بدأت وعليه اتباعها، وهذا خدمة كبرى للنضج العربي، واعتقد أن الاستقبال السعودي الفاتر لبايدن عكس الاستقبال الحار للزعماء العرب، وما تم تسريبه من ردود ولي العهد على بايدن في اجتماعهما، تأكيدا جديدا للنضج العربي ولقواعد جديدة لطالما حلمنا بها أن قوتنا في وحدة مواقفنا، وأن العلاقات الأمريكية العربية مهمة للطرفين وتقوم على المصالح المشتركة.

سقف مجهول

هل للحوار الوطني سقف يجب عدم تخطيه وخطوط حمر يجب عدم الاقتراب منها؟ اجاب طلعت إسماعيل في “الشروق”: السؤال ربما تعكسه طبيعة التصريحات والآراء التي أخذت طريقها إلى وسائل الإعلام، وتلك التي ظهرت خلال لقاءات أو ندوات عامة. فقد فتحت الدعوة التي أطلقها الرئيس السيسي بابا أمام الأحزاب والتيارات السياسية، والقوى الفاعلة في المجتمع للتعبير عن رؤيتها لأولويات العمل الوطني، وعززت، من فرص النقاش العام بشأن القضايا والتحديات التي تواجهها مصر في الوقت الراهن، وفي مقدمتها الأزمة الاقتصادية، في ظل الانعكاسات السلبية للتوسع في القروض، وما سببته الحرب الروسية الأوكرانية من ارتفاع في أسعار الطاقة والغذاء. ووسط أماني، ولا نقول رغبات فقط، ينتظر المهمومون بمستقبل هذا الوطن، أن تتحول جلسات الحوار الوطني إلى ساحة لطرح كل الأفكار والآراء، وأن يركز المتحاورون على صلب التحديات، وألا ينجر البعض إلى الحديث في قضايا هامشية، وفرعيات قد تستهلك طاقة المشاركين في النقاش بأمور لا طائل من الإسهاب فيها، وأن يضطلع مجلس أمناء الحوار الوطني، الذي يعقد اجتماعه الثاني بالدور المهم الذي أسند إليه لإنجاح هذا الحوار، وهو قطعا ليس بالمهمة اليسيرة. قد يضع البعض المحور السياسي بما يتضمنه من حديث عن قضايا حقوق الإنسان، والحبس الاحتياطي، والمناخ الضاغط لعمل الأحزاب، ومنظمات المجتمع المدني، وسقف الحرية المتاح لوسائل الإعلام، على قمة الأولويات التي يجب طرحها على مائدة الحوار الوطني، وأن يتم الإلحاح على ضرورة إعادة النظر في العديد من القوانين التي تقيد العمل السياسي، وأن يحتل ملف الإفراج عن جميع المحبوسين في قضايا تتعلق بالحريات المساحة الأهم في كل نقاش.

لعلهم يرون النور

ربما يضع آخرون وفق ما يرى طلعت إسماعيل زيادة الأعباء المعيشية على الشرائح الاجتماعية المختلفة، خاصة الفقيرة والوسطى، من غلاء أسعار، وآخرها رفع سعر البنزين والسولار، وضعف الرواتب في مواجهة غول التضخم، على رأس كل الأولويات في أي حوار. فالأزمة الاقتصادية، وتداعياتها الاجتماعية تظل جوهر ما نعانيه، في ظل أزمات دولية، لا تتيح لأحد التحكم في مساراته التنموية بسهولة، وبما يصعب معه الوصول إلى النتائج المرجوة من بعض المشروعات التي لا تأتي بعوائد مالية تعطي تكلفتها على المدى القريب، وربما تحتاج إلى سنوات طويلة لجني ثمارها. الحوار الوطني لن يكون عصا سحرية لحل مشكلات ومواجهة تحديات بالجملة، لكنه يفتح الأبواب والنوافذ لسماع أكثر من صوت للتعامل مع أزمات تراكمت عبر سنوات، وألقت ظلالها السلبية على المجتمع المصري الذي يجتهد في البحث عن مخرج آمن من عثرات أصابته بتشوهات، لعلنا نلمس نتائجها ليل نهار، ويجب عدم الاستسلام لها على كل حال. وفى تقديري يبقى الحوار الوطني وإن لم يحدث اختراقات كبرى في كل القضايا المطروحة للنقاش، فرصة للتقليب في سلم أولويات العمل الوطني في هذه المرحلة الصعبة، التي تمر بها مصر، ولعل الإفراج عن المزيد من المحبوسين وبأعداد أكبر كثيرا مما شاهدناه في الفترة الأخيرة، يظل المكسب الأول الذي ننتظره من هذا الحوار، وبما يعيد الثقة في جدوى العمل العام، ويدعم في الوقت ذاته أسس بناء الدولة المدنية الحديثة التي نحلم بها جميعا.

بين غادة وغادة

اهتم سليمان جودة في “المصري اليوم” بالجدل المثار على خلفية سرقة لوحات الفنان الروسي من قبل فنانة مصرية تربطها علاقة بوزيرة سابقة:
تساءل الكاتب الأستاذ بشير حسن عن علاقة الفنانة غادة والي، التي سرقت لوحات الفنان الروسي، بالدكتورة غادة والي وزيرة التضامن السابقة، المديرة الحالية في مقر الأمم المتحدة في ڤيينا.. وقد أطلق سؤاله داعيا إلى تحديد مدى مسؤولية الوزيرة السابقة عما جرى حتى لا يظل الموضوع يتدحرج مثل كرة الثلج، ثم يصبح كرة من اللهب في النهاية. وحقيقة الأمر أن السؤال في محله، وليس فيه أي درجة من التجني على أحد لأنه ليس من الممكن أن يدور كل هذا الصخب حول الموضوع، ولا من المتصور أن تصل أصداء الموضوع إلى روسيا، ثم لا نعرف طبيعة علاقة غادة والي الفنانة بغادة والي الوزيرة. الجميع يعرفون أن غادة الفنانة سرقت لوحات من فنان روسي، وأنها علقتها في محطة من محطات مترو الأنفاق، وأن الفنان الروسي اكتشف الأمر، وأنه صاح بأعلى صوته يطلب حقه.. ولم تجد هيئة المترو مفرّا من رفع اللوحات، والاعتذار له عما حدث. وفي الوقت نفسه انتشر مقطع من ڤيديو يصور الوزيرة السابقة، وهي تقدم الفنانة في أحد المؤتمرات، ولا بد من أن المقطع قد تسبب في حرج.. وقد توقعت بعدها أن تبادر الدكتورة غادة والي على تقديم تفسير للأمر، أو تقديم اعتذار صريح من جانبها في أقل القليل.. ولكن هذا لم يحدث، وبقي الموضوع بالفعل مثل كرة من الثلج تتضخم كلما تدحرجت، بينما الوزيرة السابقة تلتزم الصمت. إن قضية السرقة علنية وثابتة، وهيئة الأنفاق أزالت اللوحات وقدمت اعتذارها إلى صاحبها. وقد قيل إن الفنانة ابنة شقيق الوزيرة المشكلة هي في الحديث عن أن الوزيرة قدمت الفنانة في مؤتمر كانت الدولة كلها حاضرة فيه. والرسول، عليه الصلاة والسلام، يقول: «إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم القوي تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد».
بغوا علينا

قضية الخلاف بين الأمة ظلت مثار جدل اهتم بتأصيله صبري الموجي في “المشهد”: لم يزد قولُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في حق من خرجوا عليه وهو ولي أمر المسلمين في معركة الجمل على عبارة: (إخواننا بغوا علينا)، فلم يصفهم بالشرك، ولا النفاق، ولم ينف عنهم الإسلام، إنما نفى عنهم الإيمان أو كماله. ولا غرو فإن عبارةَ علي رضي الله عنه أكبرُ دليل على حرص الإسلام علي الألفة والجماعة، أما التشرذم والفرقة وتبديع المسلمين بعضهم بعضا، بل تكفيرهم بعضهم بعضا، إن دل علي شيء فإنما يدل علي عوار الفكر، وقصور الفهم. وبعيدا عن التعصب والتشنج أقول، إن كان جائزا أن يُخطئ بعضُنا بعضا في أمور العقيدة، وما كان قطعيَّ الثبوت، ما دام قد توافر الدليل على خطأ المخالف، وعُلم مناطه ومقصدُه، وغيرها من القواعد الأصولية، فإنه لا يجوز تخطئة بعضنا في الأمور المختلف عليها، واتهام المخالف بالكفر حتى إن كان رأيُه مرجوحا. والسبب في ما أقول هو أن وحدة المسلمين من أهم مقاصد الشرع، التي أمر الله بها في غير موضع من كتابه العزيز كقوله سبحانه (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، كما حض عليها نبيُه في أحاديث كثيرة منها (مثلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائرُ الأعضاء بالسهر والحمى).

العبرة بالدليل

من صور الخلاف غير المُبرر التي عكرتْ على صبري الموجي فرحته بعيد الأضحى المبارك هذا العام، الخلافُ حول مسائل هي محل خلاف بين علماء الأمة من قديم وإلى الآن، وهو ما يتطلبُ ألا يصادر أحدٌ رأي أحد، وألا يُبدع أحدٌ أحدا، ومن باب أولى ألا يُكفر فريقٌ الفريق المخالف، بل لا بد من أن نوسع دائرة الحوار، ونؤصل لقاعدة النقاش بُغية التعلم لا التعالُم، دون تنازع ولا تجريح، وأن نُنصتَ لصوتِ العلم، فالحكمةُ ضالةُ المؤمن أنى وجدها فهو أحقُ الناس بها. من هذه المسائل كذلك مسألةُ الاحتفال بمولد النبي هل هو جائزٌ أم غيرُ جائز؟ والجواب: الاحتفالُ بمولد النبي جائزٌ طوال العام، وليس في الثاني عشر من ربيع الأول، الذي مقطوع بأنه يوم وفاته وليس يوم مولده، وإذا كان الاحتفالُ جائزا فإن طريقة الاحتفال المُتبعة حاليا، والتي يكثر فيها الاختلاط والصخب، وترتكب فيها المحرمات والفواحش، كما يحدث في الموالد وحلقات الذكر البدعي هي المحرمة، أما الاحتفال الحقيقي فيكون بإحياء سنته، واتباع أوامره، وتلاوة القرآن، الذي يُعدُ معجزتَه الخالدة، والبرهان الساطع على صدق نبوته، وغيرها من صور الاحتفال المشروعة التي ترفع صاحبها لا أن تهوى به إلى أسفل سافلين. ومن الخلافات أيضا (صدقةُ الفطر) التي تكون في آخر شهر الصيام هل هي نقود أو حبوب؟ والمسألة فيها راجحٌ وهو إخراجُها حبوبا، ومرجوحٌ وهو إخراجها نقودا، والرأي الأول عمل به كثيرون، والثاني عمل به غيرهم، فلكل سندُه ودليله، دون أن يكفر البعض الآخر أو حتى يفسقه، وبمراجعة نصوص الفريقين (استفت قلبك وإن أفتوك)، المهم أن تُخرج صدقتك رحمة بالفقراء الذين يفتشون في صناديق القمامة عن كسرة خبز تقيم أودهم. ومن الخلافات أيضا صيغةُ التكبير أيام العيد، وهل يصلى فيها علي النبي أم لا؟ وباختصار نقول وردت الصيغتان، ولكن الأرجح صيغة عدم الصلاة، أما الصيغة الثانية والتي يُصلى فيها على النبي وآله، وردتْ عقب معارك النصر لبيان عزة الإسلام.

ثروات منسية

نتحول نحو مصدر مهمل للدخل القومي يطلعنا على تفاصيلة جمال رشدي في “الوفد”: 100 مليار دولار أرباح دولة ألمانيا من القمامة سنويا، فلدى ألمانيا منظومة عمل مدعومة بقوانين جعلتها دولة رائدة في ذلك المجال، وتوجب القوانين الألمانية على المواطنين فصل القمامة المنزلية، ففي المنزل الألماني 4 حاويات للقمامة، حاوية لبقايا الطعام وأخرى للكرتون وثالثة للبلاستيك والرابعة للزجاج المكسور، والكهربائيات يتم إلقاؤها في حاويات خاصة، يبدأ سعر النفايات بـ100 يورو ويختلف باختلاف جودتها، فهناك طريقتان لتحقيق الأرباح في ألمانيا الأولى إعادة تدوير القمامة لتكون مواد أولية أو حرق المواد التالفة وتوليد الطاقة منها، وبقايا الطعام يتم تحويلها إلى أسمدة وبيعها للمنشآت الزراعية، لدرجة أن ألمانيا تطلب شراء النفايات من الدول جيرانها مثل إيطاليا والسويد وهولندا. وتخرج البيوت الألمانية نحو 14 مليون طن من المخلفات الصلبة سنويا. في المقابل تقول وزارة البيئة في برلين إنه يوجد حتى الآن 68 مصنع حرق بطاقة إنتاجية تبلغ نحو 18 مليون طن لحرق المخلفات المنزلية، فضلا عن مخلفات المصانع والمكاتب الإدارية. ومن ثم يتم استغلال الحرارة الناتجة عن الحرق في إنتاج البخار أو الماء الساخن، أو في تشغيل التوربينات لإنتاج الكهرباء، تعالج الصناعات الألمانية سنويا ما قيمته 500 مليار يورو من المواد الخام، ويشكل هذا المبلغ 45% من تكاليف الإنتاج، في حين تشكل الأجور 18% فقط، بجانب تشغيل مئات الآلاف في ذلك النشاط المتنوع. في شهر إبريل/نيسان الماضي قال النائب محمد أبوالعينين وكيل مجلس النواب، خلال ترؤسه اجتماع لجنة الإدارة المحلية في المجلس لمناقشة منظومة إدارة المخلفات، أن حجم المخلفات في مصر يبلغ 90 مليون طن سنويا، ومصر يمكنها أن تكون رائدة في تكنولوجيا تدوير المخلفات في القارة السمراء، فهي تمتلك ثروة من المخلفات لإقامة منظومة بيئية وصناعية لتطوير المخلفات. وليس مستغربا أن تعرض بعض دول شرق آسيا استيراد المخلفات من مصر.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    لا صدمة ولا هم يحزنون بنو صهيون عادوا إلى مكة والمدينة منذ زمان يا هامان فلا داعي لذر الرماد في العيون لأجل العرش الغاية تبرر الوسيلة

إشترك في قائمتنا البريدية