الخرطوم ـ «القدس العربي»: يبدو أن الخلافات تترسخ أكثر، داخل المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة في السودان، حيث أعلنت أطراف معارضة للرئيس محمد الأمين ترك، الإثنين، تعين بديل عنه، ووقع الاختيار على العمدة إبراهيم أدروب، والذي سمي، رئيسا للهيئة القيادية، وأكدت رفضها «التدخلات والاملاءات» من قبل اللجنة العليا لحل قضايا الشرق بقيادة قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي».
وشهد المجلس، خلافات واسعة، تفاقمت عقب إعلان ترك، تجميد عمل التنظيم العشائري، ذي النفوذ الواسع شرق البلاد، في يونيو/ حزيران الماضي، وإصداره قرارا بتسليم كل متعلقات المجلس من أختام وأوراق مروسة لأمانة حكومة ولايتي كسلا والبحر الأحمر، بعد اجتماع عقده مع أنصاره في مدينة أركويت.
وبعد إعلان ترك، أعلنت مجموعة من مكونات المجلس، في مدينة بورتسودان، بقيادة مقرر المجلس عبد الله أوبشار، عدم الاعتراف بقراراته، مشددة على أن الاجتماع الذي تم في أركويت مجرد اجتماع أهلي لا علاقة له بالمجلس.
ووجهت قيادات في المجلس، انتقادات واسعة لـ«حميدتي» محمد حمدان دقلو، مؤكدين رفضهم للجنة العليا لحل قضايا شرق السودان.
واتهموا اللجنة التي يترأسها «حميدتي» بـ«عدم الحياد والسعى إلى تفتيت المجلس الأعلى لنظارات البجا عبر سياسة فرق تسد وشراء الذمم».
وكان القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، قد أصدر نهاية العام الماضي، قرارا بتكوين لجنة عليا لحل قضايا الشرق برئاسة نائبه «حميدتي» وشملت مهامها اتخاذ التدابير اللازمة لحل أزمة شرق البلاد، عبر معالجة جذور الأزمة وتوحيد رؤى مكونات المنطقة.
وقالت المكونات المناوئة لترك، في بيان أمس، «عملا بالمبادئ الأساسية للمجلس، وتنفيذا لمقررات مؤتمر سنكات 2020، أعلنت تعيين هيئة قيادية جديدة للمجلس وتضم العمدة إبراهيم أدروب رئيسا، وكلا من أحمد محمد بيتاي وأحمد عثمان حاج تيتة، نوابا له، على أن يتم تعيين نائب ثالث من العموديات المستقلة».
كما قررت تشكيل هيئة قيادية عليا وفق هيكلة المجلس وتوصيات مؤتمر سنكات ومقتضيات تمثيل المكونات، على أن يكون الحد الأدنى لأعضاء هيئة القيادة 17 شخصا وأن لا تتجاوز 21 شخصا.
وأبقت القرارات، على الأمناء والأمانات السابقة مع فصل كل أمانة وإنشاء أمانات متخصصة، ونصت على تشكيل لجنة للأمانات بقيادة الرئيس ونوابه والأمين العام، على أن تستعين اللجنة بمن تراه مناسبا، بالإضافة إلى إنشاء مكاتب تنفيذية للولايات.
وقالت إنها ستتواصل مع جميع الجهات والأشخاص ذوي الصلة، لمعالجة ما وصفته بـ«الاختلالات السابقة ورأب الصدع بين جميع الفرقاء» مشيرة إلى، تشكيل لجنة عليا لعقد لقاءات مع جميع القيادات من المحليات والولايات وتنوير القاعدة الجماهيرية.
ويأتي ذلك، تمهيدا لعقد ملتقى جامع للقيادات في المجلس بمشاركة الأحزاب السياسية والقوى الحية ورجال المال والأعمال والشباب والطلاب والمقاتلين ومنظمات المجتمع المدني لمناقشة متطلبات المرحلة المقبلة، وفقا للبيان.
رفض «التدخلات والإملاءات»
وأشارت إلى عقدها اجتماع، أمس الأول، أكد على «وحدة البجا أرضا وشعبا والتمسك بقضاياه المصيرية» مضيفة أن المجلس أنشئ من أجل حماية «الحقوق التاريخية» التي ناضل من أجلها قادتهم الأوائل عبر الكفاح المسلح، وتنفيذا لمقررات مؤتمر سنكات ومواصلة النضال لنيل الحقوق المشروعة، كاملة غير منقوصة.
قالوا إنهم سيتواصلون مع جميع الجهات لـ«رأب الصدع بين جميع الفرقاء»
وأكدت رفضها «التدخلات والإملاءات» من قبل اللجنة العليا لحل قضايا الشرق بقيادة «حميدتي» مشددة على أن هذه اللجنة «حادت عن أهدافها وعملت بسياسة فرق تسد وسعت لتمزيق الوحدة مكونات البجا، كما سعت إلى تفتيت المجلس بالعمل مع مجموعة استطاعت التغلغل داخله، وتمرير أجندة وسياسات مدعومة بالاغراءات لتمزيق الوحدة، حتى وصل الأمر إلى إصدار توجيهات مركزية صارمة للمقربين من حميدتي مصحوبا بأداء القسم أمام المستشارين وتقديم فروض الولاء والطاعة له».
وأشارت إلى أن «خطوة تجميد المجلس جاءت كتداعيات لتحركات تلك المجموعة» مؤكدة رفضها لتلك القرارات والخطوات التي وصفتها بـ «الأحادية والتي تسعى لطمس قضية البجا».
وأضافت: «لقد ظللنا نراقب المشهد عن كثب، ونحن ننشد وحدة أساسها وجوهرها القضية التي فقدنا من أجلها خير أبنائنا مؤمنين بروح العمل الجماعي وإتاحة للمساحة للتقارب بين الأطراف» مشيرة إلى بذلها جهودا عديدة لدعم كل المبادرات التي سعت لتقريب وجهات النظر داخل مجلس البجا وإبعاد الجهات التابعة للمجلس السيادي.
وتابعت أن «كل المبادرات كانت تصطدم بالحائط ولا تجد أذنا صاغية، وكان آخرها مبادرة الشيخ أونور طه فكي أور والتي تغيّب عن اجتماعاتها ممثلو مجموعة ترك».
نقاط جوهرية
وأكدت أن «خلافات المجلس ليست قبلية أو شخصية، وإنما نقاط جوهرية، كانت سببا رئيسيا للخلاف وتباين الآراء، أهمها إبعاد لجنة حميدتي والمستشارين التابعين له عن قضية المجلس والشرق حفاظا على الوحدة والتماسك».
ودعت لـ«قطع التواصل مع لجنة حميدتي التي تتهمها بالقيام بضرب وحدة المجلس مطالبة ترك وأنصاره بالاختيار ما بين مجلس البجا ولجنة حميدتي، وأن يكون ذلك عبر إعلان رسمي في وسائل الإعلام».
وقالت إن «الجميع، حال التوافق، يجب أن يعودوا إلى منصة التأسيس ومقررات مؤتمر سنكات والمبادئ الأساسية لتأسيس المجلس» معتبرة تمسك مجموعة ترك بـ«لجنة حميدتي» أمرا «مخيبا للآمال».
تحمّل التجاوزات
وأضافت، أنها «قامت بمد حبل الصبر وتحمل التجاوزات داخل المجلس ورهن قراراته لجهات سيادية وتمرير أجندة سياسية سعت لتفتيت المجلس وسرقة موارد الإقليم بعد تغييب المجلس عن المشهد وتفويض أشخاص عملوا من أجل المكاسب الشخصية».
وشددت على أن «السكوت والتنازل عن قضايا البجا يعتبر خيانة عظمى وإن الصفوف قد تمايزت» مشيرة إلى أن خطوتها المقبلة «ستكون الابتعاد عن الخلافات والإساءات والصراع الداخلي والتركيز على تنفيذ مخرجات مؤتمر سنكات».
ومن أبرز مطالب مؤتمر سنكات الذي انعقد بحضور «حميدتي» الذي تسلم توصياته، في سبتمبر/ أيلول 2020، منح مواطني شرق السودان حق تقرير المصير، وإلغاء مسار الشرق في مفاوضات السلام وإيقاف المخططات الزراعية والصناعية ونشاط التعدين في مناطق الشرق إلى حين التوصل إلى تسوية واضحة تحقق مصالح الإقليم.
وحسب، المكونات المناوئة لترك، العدو الأول للمكونات في شرق السودان، هي الحكومة لإقرارها مسار الشرق في اتفاق السلام الموقع في 3 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وشمل اتفاق السلام الموقع بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية التي تتكون من حركات مسلحة وتنظيمات معارضة، خمسة مسارات مناطقية، بينها مسار الشرق الذي يرفضه مجلس البجا معتبرا الجهات التي وقعت عليه لا تمثل شرق السودان.
وتصاعدت مؤخرا موجة من الانتقادات الموجهة ضد اتفاق السلام الموقع بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية، على خلفية اتهامات وجهها ناشطون لعدد من قادة الحركات المسلحة بالفساد وتمكين المقربين منهم في مؤسسات الدولة.
ونشطت خلال الأيام الماضية، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بإلغاء الاتفاق، تحت شعار «أنا متضرر من اتفاق السلام» أكد، خلالها، الناشطون أن الاتفاق منح قادة الحركات والتنظيمات المعارضة في الجبهة الثورية، امتيازات في السلطة على حساب ضحايا الحرب الذين لا يزالون يواجهون أوضاعا إنسانية بالغة التعقيد.