أيّاً ما كانت الدوافع والملابسات، فإن إسقاط إيران طائرة التجسس الأمريكية المسيّرة والأكثر تطوراً داخل أجوائها ومياهها الإقليمية يشكّل صفعة مدوّية لأمريكا وانتصاراً باهراً لإيران.
أمريكا ما زالت حائرة ومربكة ومنقسمة على نفسها. رئيسها ترامب، الأحمق أحياناً والمتقلّب دائماً، يدعوه البعض في بلاده إلى اتخاذ موقف متشدّد من إيران، مضمونه ردّ الصاع صاعين. البعض الآخر يدعوه إلى اتخاذ موقف رصين يحفظ ماء وجه أمريكا وهيبتها من دون أن يتسبّب بحرب مع إيران تُغرق المنطقة برمتها في حرب طويلة ومكلفة.
ترامب حائر بين الدعوتين. يشعر بأن عليه مراعاة موقف حلفائه في العالم، ولاسيما الاوروبيين منهم، الذين يدعونه إلى الترصّن وعدم الانزلاق إلى هاوية عنفٍ غير مبرر وغير مجدٍّ في هذه الآونة. كما يشعر بأن عليه ايضاً مراعاة «اسرائيل» وحلفائها العرب الجدد، أعداء إيران القدامى، الخائفين على انفسهم ومصالحهم من الجمهورية الإسلامية، وقوى المقاومة العربية التي تصطّف معها في جبهة واحدة ضد أمريكا و»اسرائيل». غير أن اول وأهم مَن يتوجّب على ترامب مراعاته ووضع مصالحه في الحسبان هو ترامب نفسه، ترامب الذي رشّح نفسه، عشيةَ إسقاط طائرته التجسسية، إلى ولاية رئاسية ثانية. فهل يعقل أن يفوز مرةً اخرى وهو الذي تعهد للشعب الامريكي، في غمرة المعركة الرئاسية قبل نحو اربع سنوات، بأنه سيكون حريصاً على عدم دفع أمريكا إلى خوض أيٍّ حرب طويلة الأمد في العالم، لأن التورط في حربٍ مع إيران ستكون بالضرورة حرباً طويلة، مدمّرة ومكلفة؟
الأرجح أن ترامب سيكون حريصاً على إشعار الشعب الأمريكي، كما العالم، بأنه لن يفرّط في الدفاع عن هيبة أمريكا التي نالت منها إيران كثيراً بإسقاطها طائرة التجسس الاكثر تطوراً من جهة، ومن جهة أخرى تأكيد حرصه على عدم زج نفسه وبلاده في حربٍ مع إيران ستكون بالضرورة طويلة وذلك قبل أشهر معدودة من انتخابات رئاسية مفصلية. أجل، الأرجح أن ترامب سيحاول توجيه ضربة لإيران يبدو معها انه لم يفرّط في «واجب» صون هيبة أمريكا، إنما من دون الانزلاق إلى حرب طويلة مع الجمهورية الاسلامية. كيف؟
تَردَدَ في اوساط سياسية ودبلوماسية عربية وأممية أن ترامب قد يقوم بتوجيه ضربة محدودة ومؤذية لإيران مصحوبةً بدعوة معجّلة التنفيذ إلى اجراء مفاوضات بين الدولتين لتسوية الخلافات المتفاقمة بينهما. كيف يمكن أن يكون ردّ إيران؟ إذا ما اخذنا ظاهر الحال في الاعتبار، فإن تصريحات مرشد الجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي وغيره من القادة السياسيين والعسكريين تشير إلى امرين لافتين: الأول، أن إيران لن تتردد في الردّ على ايّ اعتداء عليها بقوةٍ وعيارٍ متناسبين. الثاني، أن إيران لن توافق على إجراء مفاوضات مباشرة مع أمريكا، طالما أن عدوان هذه الاخيرة يقع في غمرة انتهاك سيادتها على إقليمها البري والبحري والجوي.
ماذا عن المفاوضات غير المباشرة؟
الأرجح أن ترامب سيكون حريصاً على إشعار الشعب الأمريكي، كما العالم، بأنه لن يفرّط في الدفاع عن هيبة أمريكا
ليس ثمة من يتبرع بجوابٍ أو رأي حول هذا السؤال في طهران. لكن ثمة سؤالاً آخر: إذا ما وجدت طهران أن لا مناص من الردّ على أي ضربة امريكية محتملة، فهل أن ردها سيكون على قواعد عسكرية؟ أم على مصالح أمريكية في المنطقة؟ وهل يشمل أو يتركّز على قواعد ومصالح لحلفاء أمريكا الإقليميين كـ»اسرائيل» أو السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين؟
ليس ثمة من جوابٍ حاسم. غير أن بعض المعلّقين السياسيين والخبراء الإستراتيجيين المتابعين لوقائع الصراع الامريكي – الإيراني يعتقدون أن الامر يتوقف على مكان انطلاق ادوات العدوان. فإذا كان مكان انطلاق الطائرة أو الصاروخ المعاديين قاعدة أمريكية في دولة إقليمية، فإن إيران لن تتردد في ضرب الدولة «المضيفة» للدولة المعتدية أو المسهّلة لانطلاق أدوات العدوان من اراضيها. كل هذه الامور مهمة وتستحق الاهتمام. لكن ثمة اموراً اخرى تبدو أكثر اهمية، إنها الدلالات التي يتوجّب استخلاصها من كل الذي جرى بغية تعزيز القدرة على توقّع أو حتى ترجيح ما يمكن أن يحدث.
لعل اولى الدلالات المستخلصة هذه القدرة السيبرانية التي تتمتع بها إيران وتمكّنها من استشعار طائرة التجسس الامريكية المسيّرة والاكثر تطوراً ومتابعة مسارها الطويل في اجواء إيران ومياهها الاقليمية، ذلك يشير بل يؤكد امتلاكها رادارات واجهزة استشعار بالغة الحساسية والدقة وعالية الكفاية التقانية، وإلاّ لما أمكنها متابعة مسار طائرة التجسس الامريكية وتحديد المكان المناسب لإسقاطها.
ثانية الدلالات امتلاك إيران صواريخ متنوعة ومتطورة وفي مقدورها إسقاط طائرات وصواريخ معادية من طرازات متطورة جداً لا تملكها إلاّ دول كبرى، كالولايات المتحدة مثلاً، وإن من شأن ذلك الحدّ من سطوتها وتحكّمها بالدول الاخرى الادنى تسليحاً والأضعف اقتصاداً والاقل قدرة.
ثالثة الدلالات تمتع القيادة الايرانية بإرادة قوية للتقرير والمواجهة والحسم، كما الحرص على الندّية، رغم التفاوت في القدرات العسكرية والاقتصادية مع العدو الحقيقي أو المفترض.
رابعة الدلالات إدراك القيادة الإيرانية واقع موازين القوى الاقليمية والدولية واتقان فن لعب بعض الدول ضد بعضها الآخر، والاستفادة تالياً من التضارب والتناقض في ما بينها على نحوٍ يمكّنها من تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وأمنية وازنة.
خامسة الدلالات أن تراجع ترامب عن مهاجمة إيران شكّل هزيمة سياسية مدوّية للولايات المتحدة، الأمر الذي يعزز تخوّفات الصقور والمتطرفين في واشنطن وتل ابيب من تسارع تطوير قدرات إيران التكنولوجية والسيبرانية والصاروخية ما يحملهم على التمسك بسياسة محاصرتها ومتابعة عملية إرهاقها بالعقوبات الاقتصادية، وربما التفكير جدّياً بتوليف مخطط سياسي وعسكري لاحتوائها وحتى شنّ حرب عليها اذا اقتضى الامر.
باختصار، أمريكا سقطت في امتحان تعزيز الهيبة في ما نجحت إيران في امتحان حماية السيادة وصون الكرامة وممارسة الندّية في وجه كبرى دول العالم واقواها واكثرها شراسة.
والصراع ما زال مستمراً ومتصاعداً.
كاتب لبناني
*مقال جميل ومتوازن .
اعتقد ان ترامب (الطبل الاجوف) لن
يشن اي حرب خوفا من الخسارة.
الأمريكيون يبدؤون بالهجرة من اميركا بعد إسقاط إيران لطائرة التجسس الأمريكية و انهيار الدولار أمام التومان الإيراني و خروج مظاهرات ضد الرئيس الأمريكي ترمب احتجاجا على سوء الأوضاع في اميركا !!
إيران أثبتت أنها الاقوى حتى إشعار آخر.
صد عدوان حرس ثوري إيران على خطوط ملاحة بحرية وجوية وأمن طاقة وتجارة دولية يتم بمساعدة المقاومة الشعبية بجنوب وغرب إيران لفصل الساحل الشرقي للخليج العربي وشط العرب وبحر عمان عن إيران بعمق مائتي كيلومتر ووضع تلك المنطقة الحيوية ومواطنيها وثرواتها الهائلة تحت حماية دولية لإنشاء حكم انتقالي من المواطنين الأصليين عرب وبلوش وصولاً لإنتخابات حرة شفافة برعاية أممية وقصر إنفاق ثروتها على تحسين معيشة مواطنيها، وسيسرع ذلك بسقوط العصابة المتحكمة بإيران وانهيار أذرعها الأمنية واستعادة شعوبها لحريتهم وكرامتهم
نحن الشعوب العربية لا يعنينا من ينتصر في هذا الصراع لان موضوع هذا الصراع هو اقتسام كعكة المشرق العربي بعد ان تمكن حليفي الامس من وأد الربيع العربي وكسر ارادة الانسان العربي وتدمير مدنه وتهجيره من وطنه بذريعة محاربة الارهاب وعلى الشعوب العربية ان تقاوم كل قوى الشر التي تستهدفها سواء اكانت متصارعة او متحالفة