صراع على قيادة تجمع المهنيين السودانيين واتهامات متبادلة بـ«الاختطاف الحزبي» و«البيع» للعسكر

عمار عوض
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: يتواصل تصاعد الخلاف داخل تجمع المهنيين، الذي قاد الثورة في السودان، على خلفية الانتخابات الخاصة بالقيادة، إذ اعتبرت 6 تشكيلات من أصل 18 ما جرى «اختطافا حزبيا وسياسيا»، ودعت لـ«تكوين قيادة مؤقتة تسييرية»، لكن مصادر من السكرتاريا الجديدة، نفت ذلك، مشيرة إلى أن «حديث الاختطاف ذر للرماد في العيون، كانت انتخابات مشهودة وهم وخسروها والآن يحاولون إثارة معركة واتهامات لتبرير خسارتهم».
في ظل كل ذلك، يجد قياديون أن الصراع في التجمع «انعكاس لصراع رأسي يمتد من مجلس السيادة مرورا بالحرية والتغيير نفسها وصولا لتجمع المهنيين الذي ظهر فيه العرض وليس المرض».
وكان تجمع المهنيين قد أجرى انتخابات الأسبوع الماضي، وتم اختيار قيادة جديدة من 9 أشخاص، بعد التوافق على آلية الانتخابات الداخلية، كما جرى تصعيد 4 لتمثيل التجمع في المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير».
والتجمع يتكون من 18 تشكيلا كل واحد يُمثل بشخصين بمجموع 36 ، يشكلون القاعدة الانتخابية التي تختار سكرتارية التجمع وتضم 9، وتظهر قائمة الأسماء التي جرى الإعلان عنها تمثيل 13 تشكيلا فقط في القيادة الجديدة.
وتكتلت أول أمس 6 تشكيلات في التجمع، وأصدرت بيانا مشتركا عدت فيه ما حدث «اختطافا سياسيا للتجمع» وشككت في العملية الانتخابية.
وضم التكتل التحالف الديمقراطي للمحامين، تجمع مهنيي الموارد البشرية، لجنة أطباء السودان المركزية، تجمع البيئيين السودانيين، تجمع مهنيي الأرصاد الجوي، تجمع المهندسين السودانيين.
وأشار البيان إلى جملة نقاط منها «المخالفات اللائحية والتنظيمية التي حدثت في اجتماع مجلس التجمع بتاريخ 10 مايو/ أيار 2020 حيث تم التكتل السياسي لتيار موحد قبل الانتخابات، وخرق مصفوفة الهيكلة المجازة بإجماع الأجسام، وإجراء الانتخابات بعد خرق اللائحة».
كما تمت العملية الانتخابية، طبقاً للبيان «دون إجازة خطاب الدورة والميزانية، إضافة إلى انتخاب أعضاء من خارج مجلس التجمع لعضوية بعض الهيئات».

قيادة مؤقتة

ودعا البيان إلى قيام قيادة مؤقتة تسييرية وفق اللائحة السارية مدتها ثلاثة أشهر للقيام بمراجعة الأوضاع التنظيمية للأجسام المكونة للتجمع، وإجازة اللائحة والهيكل وإكمال البناء التنظيمي، وإجازة الوجهة النقابية والسياسية لتجمع المهنيين، وتمثيل التجمع لدى الحرية والتغيير، وعقد المؤتمر الأول لتجمع المهنيين»، مؤكدا على «وحدة التجمع وعدم جره للانقسامات».
الصحافي علاء الدين محمود، أحد قيادات شبكة الصحافيين الداعمة للسكرتاريا الجديدة، قال لـ «القدس العربي»، «ما حدث هو انتخابات كاملة شاملة لدورة جديدة بعد انتهاء أجل السابقة، وقد شارك فيها الجميع من أعضاء السكرتارية السابقة، والجميع من الأجسام والصور الفوتوغرافية وصور المحضر، تشهد على ذلك».
وأضاف «حتى المحامي عربي (ممثل تحالف المحامين الرافض للسكرتاريا الجديدة) هو الذي كلف بكتابة النظام الذي أقيمت على أساسه العملية الانتخابية، وقام بذلك مع زميله المحامي الفاتح حسين، ولكن لأن بعضا منهم كان يضمن الفوز استمروا حتى النهاية حتى إذا ظهرت النتيجة فقدوا رشدهم تماما، وها هم يتآمرون، رغم أقليتهم، على التجمع الذي كان يعاني من سيطرة شلة معينة، وها هي الشلة تهزم، لكنها تريد جر الأجسام إلى مستنقع الانقسامات».
في السياق، بين أحد قيادات سكرتاريا تجمع المهنيين بعد أن حجب هويته، لـ «القدس العربي» أن»بعض ممثلي الأجسام حصلوا على 19 صوتا وهي أكثر من 50٪ إن كان هناك تكتل لحصلوا على نسبتهم فقط وهي 30٪. لقد كانت انتخابات نزيهة، وهناك شيوعيون منظمون ترشحوا مع المجموعة الأخرى وسقطوا، كما أن السكرتاريا الجديدة عدد المنظمين فيها بشكل صارخ أقل من النصف، والشارع السياسي السوداني يعلم ذلك جيدا».

ستة تشكيلات ترفض نتائج الانتخابات الأخيرة… وقيادي: ما يحصل انعكاس للخلافات في مجلسي الحكم

وأضاف أنهم «ماضون في عملهم حيث عقدوا لقاءات مع القوى السياسية ومن بينها الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة، والجبهة الثورية وعدد آخر من الأحزاب السياسية، كما أعلنا ترحيبنا بخطوة زيادة مرتبات الموظفين في جهاز الدولة من الحكومة الانتقالية باعتبارها مطلبا اساسيا لنا».
وأردف «ليس من حقهم مخاطبة الحرية والتغيير لمنعنا من تمثيل التجمع، وليس من حقهم الدعوة لأي مؤتمر، كما أنهم لا يمثلون السكرتاريا القديمة، وهم بلا شرعية تخول لهم ذلك».

تمييع التجمع

وأوضح أن «الشعب السوداني يعلم ما فعلوه من تمييع للتجمع ودوره، بعد تسلمهم للقيادة عند خروجهم من السجن في 11 أبريل/ نيسان، ليجدوا ثورة مكتملة أنجزناها في سكرتاريا الظل، ولكنهم أضاعوا مكتسباتها بالاتجاه نحو التسوية مع العسكر عبر الوثيقة الدستورية المختلة التي شاركوا في التفاوض حولها وكتابتها ودجنوا عملية التغيير تماماَ، ولدينا الأدلة الكاملة على ذلك منذ اجتماعهم مع العسكر في مزرعة حجار وما نتج عنه من تبعات سياسية يعاني منها السودان إلى اليوم نتيجة بيعهم التجمع للمجلس العسكري».
وزاد «نحن لا نسعى للشقاق وسنحاور أجسامهم وسنعمل على إكمال مسيرة التغيير، ولسنا معنيين بالمجموعة الحزبية التي اجتمعت في دار حزب البعث من الذين ضيعوا التجمع واتفقوا في اجتماعهم على إعادة اختطافهم للتجمع لصالح العسكر ومعسكر التسوية، بالمقابل تدمير التجمع، الذي كانوا يرددون أن مهمته انتهت بنجاح الثورة ويجب أن يذهب لمتحف التاريخ السياسي، ونحن نرفض هذا المخطط، ونعمل لاستعادة التجمع لفاعليته وإكمال متطلبات الثورة».
في المقابل، رأى أحد القيادات من التشكيلات المعترضة على انتخاب السكرتاريا الجديدة، في حديث مع الـ«القدس العربي»، أنه من «ناحية إجرائية، حديثنا واضح في بياننا المنشور حول عيوب العملية الانتخابية، لكن الذي كان واضحا لنا هو أن تيارا داخل الشيوعي فشل في حسم صراعه داخل الحزب حول تفسير ما يحدث في السودان إن كان تسوية أو ثورة، ونقل صراعه لتجمع المهنيين للانتصار لموقفه وإرباك المشهد باختطافه للتجمع».
وتابع، رافضاً الكشف عن هويته، «هناك أيضا مجموعة داخل الحرية والتغيير تريد تغيير مركز القيادة في الحاضنة السياسية، وعلى رأسها تيار داخل حزب الأمة، كان وراء تجميد نشاط الحزب وعدة واجهات أخرى في التجمع، هؤلاء جميعا تحالفوا من أجل بدء معركتهم لتغيير الوضع الراهن عبر تجمع المهنيين وهم يخدمون دون أن يدروا أو بدراية تامة القيادات السابقة لجهاز الأمن والمخابرات».
وأضاف: «هم يهددون عملية السلام برمتها ويريدون نسفها مستقبلا لتسهل لهم إعادة عقارب الساعة للوراء، لكننا لن نسمح لهم بذلك وسنعمل على تنوير بقية الأجسام التي تغيب عنها حقائق الأشياء وطبيعة الصراع».
إلى ذلك، نحا أحد القيادات المهنية من المخضرمين في حديث مع «القدس العربي» منحى آخر وقال «الاصطفاف الظاهر في تجمع المهنيين هو اصطفاف ظاهر لآخر خفي يمتد من أعلى الهرم السياسي إلى أدناه، حيث يبدأ من رأسي مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) مرورا بالحرية والتغيير التي تشهد اصطفافا ما بين الداعين للإصلاح الهيكلي والمتمسكين بطريقة العمل الحالية، وصولا إلى تجمع المهنيين المصطف ما بين تيار إكمال الثورة وتيار الاستمرار في التسوية والشراكة بين المدنيين والعسكريين».
وزاد « هذا الانقسام الرأسي الذي يبنى عليه الاصطفاف في المستويات الثلاثة إذا لم تتم معالجته سيقود البلاد إلى صدام دام جدا وكارثي».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية