قبل أيام كتبت في «تويتر» أعزي أحد المعارف في وفاة ابنته، ليأتي تعليق غريب لا علاقة له بالموضوع يقول: «طيب انتي لماذا لا تتعضي وتتحجبي وتلتزمي وتطيعين خالقك قبل فوات الاوان كفى بالموت واعضاً!» أنقلها لكم بأخطائها اللغوية والكتابية كما وردتني. طبعاً، في رد فعل بشري طبيعي، حضرني غضب مما ارتأيته تطاول في التغريدة، بعدها بقليل ميزت الجانب الفكاهي وراودتني فكرة شريرة في تشكيل رد مصحوب بسخرية، يمكنني مثلاً أن أستهدف لغته، وهي حركة نقدية ضعيفة يراد بها عادة إغاظة الطرف الآخر أكثر من تبادل حوار معه. يمكنني أن أذهب إلى حسابه وأقرأ تغريداته وأصطاد منها ثغرة، فكلنا لدينا من هذه الثغرات الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، فأتبادله الاتهامات بعدم الالتزام. بعدها بقليل، بعد أن سمحت لنفسي ببضع ساعات ابتعاداً عن التغريدة، وحين قاومت شخصنتها، وقفت خارج الدائرة وتأملت… هي ظاهرة مبهرة.
تلك طبعاً ليست ظاهرة جديدة ولا حتى كتابتي عنها مستجدة، كلنا، ذات زمن أو آخر، استعلينا وتم الاستعلاء علينا بمواقف نعتقدها أخلاقية أو إيمانية، وهي أحداث أنهكتها أنا نقداً وشكوى، إلا أن شيئاً ما في هذه التغريدة جدد الفكرة وأعطاها بعداً آخر في رأيي، وأنا هنا سأتكلم دفاعاً عن نفسي ونقداً للآخر بالطبع، بما أن المقال مقالي والعمود عمودي. كاتب التغريدة مثلاً لم «يحشم» مناسبة تعليقي، تقديم عزاء، ولم يأخذ وقتاً كافياً للنظر في عربيته، لغة القرآن الكريم مصدر إعجاز الدين الإسلامي الذي يجتهد هو دفاعاً عنه، والأهم أنه تصور في نفسه مكانة أخلاقية ودينية تؤهله للوعظ والإرشاد. ولقد أعدت أنا تغريد فقرته قائلة: «مذهلة هذه الظاهرة القديمة الساذجة. ما الذي يجعل بشرا يعتقد أن له حق الوعظ والإرشاد؟ تلتزم بشكل أو ملبس أو ممارسة وفجأة يصبح لك حق الوعظ المغلظ والتهديد المبطن؟ يقول بعض الباحثين أن الإعتقاد بامتلاك الحق المطلق يتسبب في الشعور بفوقية أخلاقية تسمح بالإرشاد الاستعلائي والتهديد المباشر»، أنقلها لكم كذلك بأخطائها اللغوية. ميزتُ أخطائي وتلاعبي بالهمزات، لكنني تركتها دون تعديل، أستحق أنا إحراجها جزاء لي على أنني فكرت أن أسخر من أخطائه، وإن لم أنفذ الفكرة. هذه التغريدة ستذكرني أن أتفادى السخرية الفاضية المبتعدة عن الموضوع حتى لو كانت خفية في رأسي ولم أصرح بها أو أستخدمها.
إلا أن ما يستحق النقاش فعلاً هي تلك المشاعر الاستعلائية التي تدفعنا، كبشر أحياناً، لتوجيه النصح وتقديم الإرشاد، وكلنا -بلا استثناء- بيوتنا من زجاج. الملاحظ هو أن هذه الظاهرة تقوى عند الملتزمين دينياً، أياً كان دين التزامهم، وهي تشتد تحديداً عند المسلمين المعجونين بفكرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دون –فعلياً- تأمل معناها أو محاولة مراجعة تفسيرها وطرق تطبيقها، الذين يعتقدون تماماً بمسؤوليتهم عن نشر الدين القويم، كل حسب وجهة نظره، واستحقاقهم للحسنات في حال النشر، والآثام في حال عدم القيام بالكافي منه. هو واجب ديني بالنسبة للمسلمين، في مفهوم البعض، أن ينشروا الدين، وأن يعظ بعضهم بعضاً، وأن يشيروا إلى المخالفات، وأن يصوبوا «المخطئ». ومخالفة هذا التوجه، أو توخي حريات الآخرين، أو التغاضي عما يعتقده الفرد المسلم إثماً.. كلها ستشكل بحد ذاتها آثاماً عظيمة.
وفي بعض الدراسات المثيرة للاهتمام، يقول الباحثون إن الاستعلاء الإرشادي والشعور بالفوقية الأخلاقية، اللذين هما سمة بشريـــة عمـــوماً، يقويان تحديداً عند من يعتقد في امتلاكه الحق المطلق أو بشعوره بالانتماء للدين الحقيقي الأوحد. فمن جهة، الاعتقاد بالحق المطلق يخول صاحبه لنشر هذا «الحق» بكل الطرق، بدءاً من الحسنى وانتهاء بالفرض العنيف، كما أن الشعور بالانتماء لدين الحق الأوحد يشعر صاحبه بالأمان؛ أن مهما تجاوز هو لفظياً أو تعاملياً أو حتى جسدياً، فإنه مغفور الذنب بحكم انتمائه إلى هذا الدين، ومن حيث إن غايته ستبرر دائماً وسيلته.
الانتماء إلى أي أيديولوجيا يؤمن الإنسان بها تعطيه بطبيعته سمة استعلائية تحتاج لكثير من الإرادة لمقاومتها. فالانتماء إلى جماعة ما هو فعل يزود الفرد بالقوة والأمان، والاعتقاد بالسمة الأخلاقية المميزة لهذه الجماعة، أنها تمتلك الأخلاق والحق، تضفي على هذا الفرد شعوراً استحقاقياً بأن من حقه تقويم الآخر، إرشاده، بل وتعزيره إن لزم الأمر، فالأخلاق في جانبه، والاستحقاق في جانبه، وإرضاء الخالق سيتحقق من خلال تفعيل هذا الاستحقاق، فما الذي يمنع من هذا التفعيل؟
ورغم الفهم التام لمنبت هذه المشاعر، بل رغم مروري بها، كما كل البشر، واكتشاف استعلاء ممارستها، ورغم ما أعرفه وسبق أن اختبرته من الحاجة إلى إرادة حديدية لتفاديها.. إلا أنها تبقى ظاهرة مثيرة للدراسة والاهتمام جداً: الشعور بأحقية الوعظ، إعطاء النفس هذه الفسحة بالتطفل على أشخاص لا أعرفهم ولا أفقه شيئاً عن حياتهم، بالنصح والإرشاد بل والتهديد والوعيد. وفي خضم كل ذلك، نسيان كم أنا -أتكلم عن نفسي لا المغرد- صغيرة وخطاءة ومتهاونة أحياناً، تحديداً فيما أعظ به. من المهم أن نبقى نتذكر كم نحن مساكين، مكشوفون، متعالون، بل ومضحكون حين نلوح بمبادئنا أمام الآخرين. الكثير من الإرادة مطلوب لتحقيق ذلك، صراع كل ساعة في الحياة.
هذه وجهة نظرك يا دكتورة!
ولكن:
قد يكون في بعض الإرشاد هزة للنفس تجدد التفكير فيما كنا نعتقد من أمور!! ولا حول ولا قوة الا بالله
لا بد للإرشاد والوعظ والنصيحة أن تكون غير مباشرة وغير مخصصة لشخص معين!
هناك من تكون له ردة فعل عكسية بسبب عنف النصيحة!! ولا حول ولا قوة الا بالله
بالنسبة لي يا دكتورة وأنا من قراء مقالاتك بهذه الجريدة العريقة أقول:
أنا أتقبل النصيحة من الجميع مهما كانت قاسية, لأنها تكشف لي عن الرأي الآخر!
وأتقبلها مهما كانت جارحة من الأصدقاء, لأنهم يريدون مصلحتي!! ولا حول ولا قوة الا بالله
*** وفي خضم كل ذلك، نسيان كم أنا -أتكلم عن نفسي لا المغرد- صغيرة وخطاءة ومتهاونة أحياناً،
*** وفي خضم كل ذلك، نسيان كم أنا صغيرة وخطاءة ومتهاونة أحياناً،
(لا حاجة للجملة المعترضة ما دامت المتكلمة واضحة من الصفات المؤنثة المنتهية بالتاء المربوطة!)
قال لي أخ بأنه توقف عن الذهاب للمسجد بسبب شخص نهره لأنه يضع دبلة ذهب بإصبعه!
فقلت له: وهل هذا المسجد بيت لله أم لهذا الشخص الغير مهذب؟ ولا حول ولا قوة الا بالله
ديننا الإسلام دين تسامح فحتى تعاملنا مع أصحاب الديانات الأخرى ,واجب علينا التعامل معهم باحترام فديننا لا يمنعنا من التعامل معهم وحتى إقامة العلاقات الإجتماعية كالزواج من نصرانية أويهودية ثم هناك شيئ لا يفهم لما الإسلام السني دوما يتلقى السهام والإسلام الشيعي همه أكبر وأعلى من مشاكلنا فإيران معاركها وجودية وإثبات الذات أما معاركنا فهي محاولة إقناع لست ضد الإسلام الشيعي ولكنه سؤال يفرض نفسه هل نخبنا أدنى مستوى من نخب الشيعة .
الى خالد
التسامح لا معنى له بوجود شرط ان الغير مسلم مجبور يغير دينه اذا اراد الزواج من السلمة
الا تعتقد ان الشخص اللذي يغير دينه بقصد الزواج لن يكون اسلامه صافية بل لغاية
1-الحمد لله الذي عافانا من التويتر وإخوته: الفيس بوك والتوك توك والانستجرام وما لا أعرف. فهذه التطبيقات كما يسمونها صارت تشغل عشاقها عمن حولهم، فضلا عمن أدركتهم لعنة القراءة والكتابة في مجتمع لا يحب القراءة والكتابة، ويرفع أهل الجهل وأشباه المتعلمين فوق العلماء وأساتذة الجامعات وأصحاب المهن العليا، ويمنح من يملكون النبوت من العساكر والمستبدين شرف قيادة الأمة والتحدث باسمها وتقرير مصيرها ومستقبلها القاتم!
وسائل التواصل الاجتماعي جعلت الأبناء والأحفاد في غياب شبه تام عمن حولهم، إذا ناديت عليهم لا يسمعون، وإذا طلبت منهم شيئا لا يستجيبون، لأن التطبيقات الساحرة أخذتهم إلى الأعماق،،
2-المهم، لو حاسبنا محدودي الثقافة والخبرة على ما يقولون في وسائل التواصل، ووقفنا عند كل كلمة يكتبونها، أو تغريدة يصدرونها لما انتهينا من الجدل والنقاش، هناك من يكتبون بدافع من أنفسهم، وهناك من يكتبون ضمن كتائب الذباب الأزرق الذي ترعاه دول وأحزاب في المنطقة، تؤمن أن ما يفرضه النبوت، يجب أن يمتد إلى وسائل التواصل..
وتظل قضية الحجاب مرهونة بالدين والمجتمع. الإسلام واضخ في هذه المسألة “يدنين عليهن من جلاليبهن..” ، ” ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها” فضلا عن اتفاق الفقهاء على تعريف ما يظهر من المرأة والرجل، وارتباط ذلك بالعبادة الأولى وهي الصلاة، وهناك من يرفض ذلك من الناس ، ومسئوليته أمام الله. “وكل إنسان ألزمنه طائره في عنقه”.
3-المجتمع له تقاليد وعادات منذ الجاهلية، وامرؤ القيس تحدث عن المرأة بوصفها “بيضة خدر…” وإلى عهد قريب في مصر كانت السيدة التي لا تلبس الملس أو الكرك، وتكتفي بالطرحة السوداء والثوب الأسود الذي كان يسمى( الباسمة) تعد من طبقة أقل، وكانت الفتيات تحتجز في البيت عندما يصلن إلى سن الشباب، ويقال عنها “محجوبة”، وهي أرفع منزلة من تلك التي تخرج إلى السوق، أو الحقل، أو شاطئ النهر لملء الجرار وغسل المواعين والثياب..
تغيرت الأحوال، ونقل الناس عن الغرب طرق اللبس، فارتدت النساء الفساتين التي تكشف الرأس وربما الصدر والأكتاف والسيقان، والرجال يلبسون البدلات بدلا من الجلابيب والطرابيش، واختفى الملس والكرك والطربوش جميعا. وهناك الآن من القبائل من يرفض تعليم المرأة، وبعضها يقاطع ابنته التي تعمل مذيعة في التلفزيون أو الإذاعة،
4-وفي كل الأحوال اختلطت معايير الدين مع العادات والتقاليد، وخرج أخيرا رجل دين غير مسلم في فيديو مصور، يعاتب العروسين اللذين حضرا الإكليل بدون احتشام، ونبه غاضبا إلى أن ذلك يسيء إلى المسيح عليه السلام.
وفي نهاية الأمر، فإن المرأة حين ترى الجيش الأبيض يغزو مفرق الشعر، فإنها تلجأ إلى الصبغة السوداء، وحين يبدأ سقوط الشعر وتقصر خصلاته، ويخف إلى حد كبير بحيث لا يجدي الصبغ أو القص، يكن اللجوء إلى الطواقي أو الإيشاربات، ليس تحجبا، ولكن تهربا.
أما آن لنا أن نعثر على قضية تستحق بذل الجهد وتضيع الوقت؟