القاهرة- “القدس العربي”:
قال صندوق النقد الدولي إن حجم الخسائر التي لحقت بالاقتصاد المصري جرّاء ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011، طفيفة.
جاء ذلك في تقرير قدّر فيه الصندوق حجم الخسائر التراكمية التي أصابت الاقتصاد المصري خلال العقد التالي لثورة 2011.
وتتنافى النتائج التي توصل لها الصندوق مع التصريحات العديدة للرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي، الذي يحمّل ثورة يناير، مسؤولية الانهيار الاقتصادي الذي تشهده بلاده، معتبراً أن الثورة كلفت بلاده 400 مليار دولار.
وقال الصندوق، في تقريره، إن حجم الخسائر التي لحقت بالاقتصاد المصري في العقد التالي للثورة يمكن تحقيقها في غياب أحداث سياسية حادة.
أوصت ساييه باستمرار رفع الفائدة بحذر وتقليص دور الدولة في الاقتصاد، عبر الإسراع في تطبيق سياسة ملكيات الدولة.
وبحسب تقديرات الصندوق، فإن الاقتصاد المصري كان سينمو في حالة عدم قيام الثورة من 9.2 نقطة على مقياس الصندوق، في 2010، ليصل إلى 9.38 نقطة بحلول 2020. لكن ما حدث أدى إلى تباطؤ نموه ليصل إلى 9.28 نقطة تقريبًا فقط.
وتناول التقرير قيمة الناتج المحلي في مصر، ولفت إلى أنه بلغ في عام 2010، 288 مليار دولار تقريبًا، وارتفع خلال العشر سنوات التالية ليصل في 2020 إلى 412 مليار دولار، ما يعني نمو الناتج الإجمالي بحوالي 45% في ضوء هذا.
وقدر الصندوق إجمالي أصول الشركات المملوكة رسميًا لمختلف جهات الدولة، بما فيها القوات المسلحة، بحوالي 50 في المئة من الناتج القومي الإجمالي، وهو الوضع الذي وصفه بأنه «يؤدي إلى زيادة تركيز القروض والترابط بين ميزانيات القطاع العام، مما يؤدي إلى تضخيم مخاطر المالية العامة»، خاصة باعتبار الوضع المالي الضعيف لبعض تلك الشركات وحصولها على دعم حكومي لتحسين أدائها المالي.
وقال الصندوق، في تقريره، إن البنوك المملوكة للدولة لها حصة كبيرة من القطاعات المصرفية في مصر، قدرها بنحو 74%، ما يؤدي بدوره إلى مخاطر مالية أكبر.
ولفت الصندوق إلى أنه، منذ 2019، ارتفعت حصة أصول البنوك المستثمرة في الدين الحكومي بشكل كبير، ما يُعرض القطاعات المصرفية لتقلبات في المخاطر السيادية وظروف التمويل، ما يؤدي بدوره إلى تضخيم مخاطر الالتزامات الطارئة على الحكومة.
العديد من المخاطر المالية تحيط بالاقتصاد المصري، بحسب تقرير الصندوق، منها تقلّب أسعار الفائدة، الذي يزيد من تكلفة الاقتراض وخدمة الديون، ويقلل من النشاط الاقتصادي، ما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، وارتفاع تكلفة الاقتراض بالعملة المحلية.
جاء التقرير بالتزامن مع زيارة نائبة المدير العام لصندوق النقد الدولي أنطوانيت ساييه إلى القاهرة لمراجعة سياسات مصر الاقتصادية وتنفيذ التوصيات الخاصة بالصندوق، وهي الإجراءات التي وعدت مصر بتنفيذها، وحصلت بموجبها على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
وأوصت ساييه باستمرار رفع الفائدة بحذر وتقليص دور الدولة في الاقتصاد، عبر الإسراع في تطبيق سياسة ملكيات الدولة.
وتعد هذه هي المرة الثالثة التي تلجأ فيها مصر إلى الصندوق، حيث سبق ذلك مرتان في السنوات الست الماضية، أولاهما في عام 2016، عندما حصلت على تسهيل ائتماني بقيمة 12 مليار دولار لدعم برنامج طموح للإصلاحات الاقتصادية، والثاني بقيمة 5.2 مليار دولار لتخفيف الأثر الاقتصادي لجائحة كورونا.
إلى ذلك ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 32.7 في المئة، خلال مايو/ أيار الماضي، ليلامس أعلى مستوياته في يوليو/ تموز 2017 الذي وصل 32.9 في المئة.
جاء ارتفاع معدل التضخم، بحسب تقرير البنك المركزي المصري، مدفوعًا بزيادة سنوية في أسعار مجموعة الطعام والمشروبات.
ووافق مجلس النواب المصري، الإثنين، نهائياً على مشروع قانون بربط الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2023/ 2022.
وتبلغ قيمة المقدر من الاستخدامات في السنة المالية 2023/2024 نحو 4،349،2 مليار جنيه، موزعة بين المصروفات البالغة نحو 2،990،9 مليار جنيه، ومتطلبات حيازة الأصول المالية البالغة نحو 43،4 مليار جنيه، وأخيراً سداد القروض المحلية والأجنبية، والبالغة نحو 1،315،9 مليار جنيه.
وزير المالية المصري قال إن ارتفاع أسعار السلع عالمياً والآثار السلبية للحرب الروسية الأوكرانية ظهرت تداعيتها في ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع سعر الفائدة.
ويتضمن مشروع موازنة السنة المالية 2023/2024 زيادة سنوية لجملة الإيرادات بنحو 41% مقارنة بموازنة العام السابق، لتصل إلى 2،142 مليار جنيه.
وتبلغ نسبة المقدر من قيمة المصروفات بمشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2023/2024 بنحو 2،990،9 مليار جنيه مقارنة بموازنة السنة المالية 2022/2023 والبالغة نحو 2،235،9 مليار جنيه، ومن ثم فإن الزيادة في تقديرات مشروع الموازنة 755،0 مليار جنيه بمعدل زيادة قدرها 330،8 %.
محمد معيط، وزير المالية المصري، قال إن موازنة العام المالي استثنائية، نظراً للظروف التي يمر بها العالم أجمع، والتي انعكست على أرقام ومؤشرات الموازنة، لأنها نتاج وترجمة للإستراتيجيات والتحديات.
وأضاف الوزير أن ارتفاع أسعار السلع عالمياً والآثار السلبية للحرب الروسية الأوكرانية ظهرت تداعيتها في ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع سعر الفائدة.
ولفت معيط إلى أن هناك 35 هيئة اقتصادية تحقق أرباحاً بلغت 196 مليار جنيه، وتحقق فائض 37 مليار جنيه، وتابع: “لدينا 3 هيئات تحقق خسائر، ومنها الهيئة الوطنية للإعلام، التي بلغت خسائرها 12.2 مليار جنيه، بالإضافة إلى الهيئة القومية للإنفاق، والتي تحقق خسائر بـ 11.7 مليار لالتزامها بتمويل مشروعاتها، إلى جانب هيئة السكة الحديد، وتقدر خسائرها بـ2.9 مليار جنيه لما تتحمله من أعباء ممثلة في استكمال عدة مشروعات وتحديث إشارات وخلافه.
ولفت إلى أن الموازنة العامة للدولة ستدعم تلك الهيئات بـ 10 مليار جنيه، بالإضافة إلى دعم هيئة التأمينات الاجتماعية بـ 2.2 مليار جنيه لدعم أصحاب المعاشات، مؤكداً على تأييد توصية لجنة الخطة والموازنة بالمجلس بضرورة توفيق أوضاع الهيئات الخاسرة.
ورداً على انتقادات نواب المعارضة، بشأن عدم التزام الحكومة بنسبة المخصصات للتعليم والصحة في الميزانية التي أقرها الدستور، نفى وزير المالية مخالفة الدستور، لافتاً إلى تخصيص 591،9 مليار جنيه للتعليم في الموازنة الجديدة، و99،9 مليار جنيه للبحث العلمي.
وقال: نحن ملتزمون بنسب الاستحقاقات الدستورية، وتم مراعاة عدم الازدواج في حساب النفقات.
وتشهد مصر أزمة اقتصادية طاحنة، تعيدها المعارضة المصرية إلى السياسات الاقتصادية التي تتبناها السلطات في مصر، التي دفعت بالديون إلى مستوى غير مسبوق، وصل إلى أكثر من 155 مليار دولار.