صندوق النقد: السودان اجتاز العقبة الأخيرة نحو تخفيف أعباء الدين

حجم الخط
0

لندن: قال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في بيان يوم الثلاثاء إنه قرر أن السودان قد بلغ نقطة أخذ القرار المطلوبة وفقا لمبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، ما يعني أن بوسعه البدء في تخفيف ديونه البالغة أكثر من 56 مليار دولار.

وقال مسؤول بالصندوق الشهر الماضي إنه بعد ربع قرن من إطلاق صندوق النقد والبنك الدولي المبادرة، أصبح السودان الاقتصاد قبل الأخير الذي يجتاز هذه العملية وهو “الحالة الأكبر على الإطلاق بفارق كبير”.

وأعلن الصندوق عن تسهيل ائتماني ممتد للسودان بقيمة 2.5 مليار دولار ومدته 39 شهرا تقدم في هيئة منح وقروض منخفضة الفائدة.

وببلوغه “نقطة أخذ القرار”، سيشهد السودان انخفاض دينه الخارجي إلى نحو 30 مليار دولار في فترة قريبة نسبيا. وقالت كارول بيكر رئيسة بعثة الصندوق إلى السودان إن الديون ستقل إلى ستة مليارات دولار عندما يحقق السودان خفضا شاملا لا يمكن العدول عنه للدين بعد ما يقدر بنحو ثلاثة أعوام، عند بلوغه “نقطة الاستيفاء”.

ويقول محللون إن القرار اتُخذ بوتيرة سريعة غير مسبوقة وهو نتيجة إبداء دولي لحسن النوايا تجاه القادة المدنيين في البلاد وإصلاحات اقتصادية سريعة ومؤلمة.

وقال إيان كلارك الشريك بمكتب الاستشارات القانونية وايت أند كيس الذي يقدم الاستشارات للحكومة بشأن إعادة هيكلة الدين من خلال المبادرة مع المستشار المالي لازارد “كانت الرحلة طويلة للسودان، لم تنته بعد، لكنه تقدم مهم حقا على طريق البلد نحو مستقبل أكثر رخاء”.

وعانى السودان من العزلة والعقوبات على مدار عقود، وشهد خلال الأزمة الاقتصادية اقتراب معدل التضخم من 400 في المئة ونقص في السلع الأساسية والخدمات وتراجع الأمن الغذائي.

وعقب الإطاحة بعمر البشير في أبريل/ نيسان 2019، توصل الجيش والمدنيون لاتفاق تقاسم سلطة هش. وعلى مدار العام المنصرم، نفذت الحكومة الانتقالية العديد من الإصلاحات الاقتصادية الرئيسية من بينها إلغاء دعم الوقود وخفض حاد لسعر صرف العملة في ظل برنامج ضروري للإعفاء من الدين تحت رقابة صندوق النقد الدولي.

ماذا بعد؟

قال مجدي أمين المستشار البارز لوزارة المالية قبل القرار، إن السودان يحتاج الآن لأن يبين للصندوق أنه حقق استقرارا على مستوى الاقتصاد الكلي، ومستمر في تحسين مؤسساته، وأنه سيستغل الأموال التي تتاح له نتيجة تخفيف عبء الدين لخفض الفقر. وأضاف أن الخرطوم لا يسعها التخلف عن سداد الديون المتبقية خلال تلك الفترة.

وأعباء ديون السودان لا تقل عن 50 مليار دولار. ويدين بمبلغ 19 مليار منها لدول نادي باريس والمبلغ ذاته لدول من خارج النادي مثل الكويت والسعودية والصين. وتبلغ الديون التجارية الضخمة ما لا يقل عن ستة مليارات دولار ومثلها لمنظمات متعددة الجنسيات قبل تسوية الديون المتأخرة العام الجاري.

ولم تتم تسوية الدين بالكامل وحساب الفائدة السابقة المستحقة، وهذا يعني أن المبلغ سيكون أكبر ويقدر البعض بأنه قريب من 60 مليار دولار.

وفي الشهر المقبل، سيحدد نادي باريس نسبة الإعفاء من الدين ويُتوقع أن تكون حوالي 70 في المئة. وعادة يسري اتفاق مماثل على دائنين آخرين.

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان يوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة “يسعدها الانضمام لأعضاء آخرين في نادي باريس سيقدمون إعفاءات فورية ومستقبلية”.

ليس حلا ناجعا

من بين 39 دولة مؤهلة للمبادرة، لم يتبق سوى السودان وإريتريا من الدول المشاركة.

وثبت أن البرنامج ليس حلال ناجعا. فقد تقدمت ثلاث من الدول التي أنهت البرنامج، وهي إثيوبيا وزامبيا وتشاد، حاليا بطلبات لتخفيف عبء الدين ضمن برنامج إطار عمل مشترك لمجموعة العشرين أطلق العام الماضي، كما اضطرت دول أخرى مثل موزمبيق والكونغو لإعادة هيكلة ديون.

وقال مسؤول بصندوق النقد إن بلوغ نقطة القرار يعني أنه من المتوقع أن يقدم صندوق النقد للسودان تسهيلا ائتمانيا ممددا لمدة ثلاثة أعوام لإتاحة تمويل مباشر فيما تمضي الخرطوم قدما في تنفيذ إصلاحات.

وهذا أمر حيوي لحكومة السودان المثقلة بالأعباء، والتي تكافح لتمويل واردات الوقود والعقاقير. ويقدر الصندوق أن السودان سيحتاج تمويلا خارجيا يتجاوز سبعة مليارات دولار خلال العامين المقبلين.

وبالنسبة لسودانيين كثيرين، كانت الإصلاحات اللازمة لبلوغ هذه النقط باهظة التكلفة: واضطر عدد كبير من الأسر لخفض الإنفاق على الغذاء والانتقالات مع ارتفاع الأسعار.

وقال جوناس هورنر محلل شؤون السودان لدى مجموعة الأزمات العالمية “من الضروري أن تبلغ (الحكومة) على نحو سليم المواطنين التسلسل والمنحنى الذي سيأخذه كي لا ينظرون ولا يرون سوى الألم”.

(رويترز)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية