تونس- “القدس العربي”:
يتواصل الجدل في تونس حول الخطابات الأخيرة للرئيس قيس سعيد، والتي يلقيها من ثكنات الجيش والمراكز الأمنية، فضلا عن تركيزه في خطابه الأخير على تصدي الجيش والأمن لـ”المؤامرة” التي تحيكها القوى الخارجية ضد البلاد.
ورغم أن الرئيس التونس يؤكد دوما على ضرورة احتفاظ المؤسسة العسكرية بحيادها المتواصل منذ ستة عقود، إلا أن بعض المراقبين يرون في ذلك “إقحاما” للجيش بشكل غير مباشر، فضلا عن لجوئه لاستخدام مصطلحات “عسكرية”، ما يجعل خطاباته أقرب للقادة العسكريين، على عكس شخصية الحقوقي والخبير الدستوري، التي لازمت سعيّد لعقود عدة، حتى أن البعض بات يلقّبه بـ”أبو الدستور”.
وكان الرئيس التونسي زار أخيرا مقر وزارة الداخلية وعددا من الثكنات العسكرية والأمنية، وألقى فيه خطابات شديدة اللهجة، توعّد فيها بتصدي الجيش لمن يتآمرون مع القوى الخارجية لإسقاط الشرعية السياسية في البلاد.
كما لمّح أيضا إلى إمكانية حل البرلمان، في حال استمرار تعطل أعماله، مشيرا إلى أن لديه وسائل قانونية كثيرة متاحة في الدستور “هي كالصواريخ على منصات إطلاقها”، وقال إنه لن يتردد في استخدامها لمنع انهيار مؤسسات الدولة.
وكتب زهير إسماعيل، المحلل السياسي والقيادي السابق في حزب الحراك: “رسائل سياسيّة من ثكنات الأمن والجيش ودعوة الجنود والأمنيين إلى الاستعداد لمواجهة المتآمرين! ولا مرجعيّة للديمقراطيّة والدستور والاختيار الشعبي الحر ومؤسساته، سوى إحالات غامضة على القانون الذي يحمي الشرعية (أية شرعيّة؟)، ولكنّه دون المشروعية! وحديث عن متآمرين مع الخارج يريدون إدخال البلاد في الفوضى لن يكون لهم مكان حتّى تحت الثرى”.
وأضاف: “جهة واحدة هدّدت البلاد وتآمرت على مسارها الديمقراطي مع جهات إقليمية معلومة على المباشر بتعطيل مجلس نواب الشعب منذ أوّل جلسة له في شهر جانفي… فَلِمَ لا يشار إليها بدقّة، ولِمَ الآن وبعد كلّ هذا التأخير؟ ثمّ إنّ هذا الملف من مهامّ النيابة والقضاء ولا يعالج ببيانات سياسيّة من الثكنات على طريقة النّظم العسكريّة”.
https://www.facebook.com/zouhair.ismail/posts/10220855301483712
ودوّن المؤرخ والمحلل السياسي د. عبد اللطيف الحنّاشي: “الخطاب السياسي التونسي ومفردات العنف من “الظلالُ والموتُ لأعداء ديمقراطيتنا”، إلى امتلاك صواريخ على منصات إطلاقها. تواتر مثل هذه المفردات في مناخ الأزمة المركبة (الاقتصادية والسياسية والاجتماعية) التي تعيشها تونس لا ينبئ بخير، خاصة والجارة ليبيا على أبواب حرب (نتمنى أن لا تقع)، ستكون تداعياتها خطيرة على البلاد على جميع الصعد والأمنية منها خصوصا”.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=10221040513676591&id=1655203706
وفي فيديو بثه على صفحته في موقع “فيسبوك”، تساءل الدكتور رياض الصيداوي، رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية في جنيف: “ماذا تخفي زيارة قيس سعيد الفجائية فجرا إلى القوات الخاصة للجيش التونسي وإلى وزارة الداخلية؟ ومن هم المتآمرون على تونس؟ و ما العمل لمواجهتهم؟ ومن هي أجهزة المخابرات العربية والأجنبية التي تتدخل في الشأن التونسي وتمول أحزابا ضد أخرى؟ وأين يقف قيس سعيد في الداخل وفي الخارج؟”.
https://www.facebook.com/Riadh.AlSidaoui/posts/3122412487795560
وكتب الناشط في حركة النهضة، محمد جعيدان: “لم أفهم إصرار قيس سعيد على خوض معاركه السياسية من فضاء ثكنات القوات الحاملة للسلاح أمنية كانت أم عسكرية. لرئيس الدولة الحق في الوئام والخصام مع أي طرف سياسي ومن حقه أيضا خوض المعارك السياسية. هذا لا يختلف فيه عاقلان، لكن وجب عليه خوض معاركه والإصداح بمواقفه بعيدا عن منابر القوات الحاملة للسلاح. الزج بالقوات العسكرية في المناكفات السياسية أخطر ما يمكن أن تعيشه تونس في أي زمان وتحت أي ظرف”.
https://www.facebook.com/sahli.nahdhawi/posts/2961451303947498
وتعيش تونس حاليا أزمة سياسية كبيرة، تسبب بها المشهد البرلماني المتشدد، والذي أفرز طبقة سياسية متنافرة ومتخاصمة دوما، حيث تسبب الصراع المتواصل في استقالة الحكومة مؤخرا، وثمة انقسام شديد حاليا بين معسكري “الغنوشي” و”الفخفاخ” حول هوية رئيس الحكومة المقبلة، وهو ما دعا عددا من السياسيين لمطالبة الرئيس قيس سعيد لجمع لفرقاء السياسيين وإنهاء الخلاف فيما بينهم، بهدف إنقاذ البلاد التي تعاني من وضع اقتصادي واجتماعي متردٍ، فاقمته أزمة فيروس كورونا، التي كبدت البلاد خسائر كبيرة على مختلف الأصعدة.