صورة إسرائيل.. والـ 15 مقعداً: صراع على شرعية “المشتركة” أم دولة برئيس متهم جنائياً؟

حجم الخط
0

في هذه الأيام بعد ثلاث حملات انتخابية في السنة، يبدو أن كل مرشح جدير أكثر أو أقل يسارع إلى التباهي بماضيه العسكري – الأمني بدلاً من أن يقول أقوالاً واضحة عن جوهر دولة إسرائيل. لست مرشحاً، ولا أعتزم أن أتباهى “بكمّ من النجوم التي لي على الحزام”، أو في أي وحدة خدمت في الجيش الإسرائيلي، أو في المخابرات الإسرائيلية، هذا ليس مهماً. الأمر الوحيد ذو الصلة هو كوني مواطناً في دولة إسرائيل، هو يهودي وصهيوني ومؤيد متحمس لرؤيا دولة إسرائيل اليهودية والديمقراطية، بروح وثيقة الاستقلال. وبما يتناسب مع ذلك، أريد لدولتنا أن تكون دولة مع أغلبية يهودية واضحة. ولكن ليس أقل من ذلك، أريد دولة تمنح حقوقاً مدنية كاملة لكل مواطنيها، بلا استثناء.

لكل مواطنيها معناه ليس فقط لمواطنيها اليهود، بل وأيضاً لمواطنيها المسلمين، والمسيحيين، والدروز، والشركس، والبهائيين والملحدين.. للجميع. المواطن هو مواطن، ولهذا عارضت على رؤوس الأشهاد قانون القومية، قانون شعبوي، معيب وغبي يقوض الرؤيا الرسمية لوثيقة الاستقلال. صحيح، قد لا تكون هذه رؤيا كاملة ولكني لا أزال (وكثيرين آخرين) أتماثل معها لأنها تعطيني البنية التحتية القيمية والأخلاقية لأن أشعر بأن هذه هي الدولة التي أنتمي إليها، أحبها وأريد أن أدافع عنها. دولتي. الدولة التي أريد لأولادي وأحفادي أن يعيشوا فيها.

بالإلهام الديمقراطي لوثيقة الاستقلال إياها، فإن لمواطني إسرائيل العرب الحق في التمثيل في الكنيست. هم شركاء شرعيون للائتلاف أو المعارضة. في الداخل أو في الدعم من الخارج. بفضل هذه الوثيقة، نشأ حزب مواطني إسرائيل العرب، ألا وهو القائمة المشتركة. تلك القائمة التي يتعاون معها بيبي بين الحين والآخر، مثلما كان يحتاج لأن يحل الكنيست، أو في 1995 حين حاول مع الأحزاب العربية إسقاط حكومة يسارية في تصويت حجب الثقة. هكذا ينبغي أن يكون. القائمة هي شريك شرعي، ولكن ليس لبيبي فقط.

نعم، أعارض بشدة آراء التجمع الديمقراطي، وكان يسرني لو كانت المحكمة العليا شطبت ترشحهم ومنعتهم من التنافس في انتخابات الكنيست. ولكن بنفس القدر، أعارض بشدة أيضاً آراء الكهانيين العنصريين اليهود، وكان يسرني لو كانت المحكمة العليا منعتهم من التنافس هم أيضاً. بشكل شخصي، كان يسرني لو كانت كل الكنيست تتشكل من أحزاب صهيونية وليس عنصرية. ولكن هذا بالضبط هو جوهر الديمقراطية. طريقة نظام تحتوي بشجاعة تنوع من الآراء والمواقف، وبالطبع تسمح بتمثيل لكل مواطني الدولة، صهاينة أو غير صهاينة. في هذا عزتنا، وهذا هو أساس وجودنا.

وعليه، فإن شطب أكثر من نصف مليون مواطن من خلال جعل الـ 15 مقعداً للمشتركة غير شرعية، إلى جانب التحريض ضد من يتحدث معهم.. هو اجتياز لخط أحمر.

هذا صعود درجة خطيرة وجسيمة في حملة الكراهية التي تحرض اليهود ضد اليهود واليهود ضد العرب. مقلق جداً؟ كمية الكراهية غير المسبوقة هذه مجند ةكي تنقذ متهماً وحيداً من إجراء قضائي. هذه الكراهية تستخدم هذه الأيام كأداة تماماً من أجل محاولة إنقاذ المتهم من تشريع شرعي ومناسب، لا يمكن لنائب متهم بالجنائي بموجبه أن يتلقى من الرئيس التفويض لتشكيل حكومة. ما هو الذي أكثر منطقاً من تشريع كهذا؟ أي ديمقراطية معافاة تضع متهماً بالجنائي وبجنائيات فيها عار، على رأسها؟

يجدر بنا أن نستوعب: لا يدور الحديث هنا عن صراع بين يسار ويمين. فأنا أحترم وأجل رجال يمين حقيقيين مثلما كان الراحل مناحم بيغن، ومثلما هم -أطال الله بعمرهم- ابنه بني بيغن، وميخائيل ايتان أو دان مريدور. أولئك أناس مع آراء يمينية متماسكة أكثر من كثير من تافهي الليكود اليوم. ولكن إلى جانب ذلك فإنهم ليبراليون وديمقراطيون حقيقيون.

وعليه، فإن الصراع الجاري في هذه الأيام ليس على شرعية القائمة المشتركة كشريك سياسي للتصويت أو للحكومة، هذا صراع أعمق على صورة دولة إسرائيل الصهيونية، اليهودية والديمقراطية التي قامت وفقاً لرؤيا الآباء المؤسسين. في مثل هذه الدولة، فإن القائمة المشتركة هي أيضاً شريك شرعي وجدير، وفقاً للمواضيع التي على جدول الأعمال.

في مفارقة شعرية، فإن ذاك “المخلوق” الذي خلقه بيبي في 2015 في دعوته غير الديمقراطية التي تقترب من العنصرية (العرب يتدفقون…) ثار عليه في 2020. والآن، فإن غانتس ورفاقه في القمرة الذين سارعوا للتخفي في صورة اليمين لبيبي وليبرمان في الحملات الانتخابية الثلاث الأخيرة، يضطرون إلى أن يتصدوا لمسألة شرعية ذاك “المخلوق” كشريك سياسي جدير، وذلك من أجل الامتناع، ربما، عن انتخابات رابعة. وبعد عدد من الحملات الانتخابية التي حاولت فيها الأحزاب الكبرى أن تشرح سبب كون الطرف الآخر ليس جديراً أو ليس شرعياً، ويواجهها الواقع بمن حاولوا التملص منه كمن يتملص من النار، فإننا بعد هذا قد نبارك الخروج بقول واضح عن صورة ومستقبل الدولة اليهودية والديمقراطية.

رفاقي مواطني دولة إسرائيل، هذا هو الوقت للأيضاح والقول على رؤوس الأشهاد – نعم، القائمة المشتركة أيضاً شريك سياسي شرعي. بالضبط مثلما هم الأصوليون غير الصهاينة شركاء شرعيون، وبالضبط مثلما هم العنصريون الكهانيون “شُرعوا” سياسياً دون تردد، في صالح الصراع على حصانة متهم بلفور.

“انطلاقاً من الثقة بإسرائيل، أدعو كل من تعز عليه دولة إسرائيل اليهودية والديمقراطية، وكل من يؤمن بالديمقراطية وبمساواة الحقوق المدنية الكاملة في دولة إسرائيل، أن يقول ذلك بفخار، سواء في الحديث في الميادين أو في الشبكات الاجتماعية المختلفة. علينا أن نسمع صوتنا بلا خوف ونكافح في سبيل الصورة اليهودية والديمقراطية لدولتنا. فلن يفعل أحد هذا بدلاً عنا.

لأن من لا يقول رأيه بشكل واضح وقاطع، ومن يخبئ مواقفه ويفزع من حملة الكراهية المقززة لليكود، سيصبح غير مرئي وعديم الوزن ومذعوراً. في واقعنا السياسي لا يأبه أحد بالمذعورين، فهم ببساطة يذوون.

من يدعوننا خونة أو غير يهود أو يساريين بسبب تأييدنا الواضح وغير المساوم من جانبنا على الصورة الأصلية والمرغوب فيها لدولة إسرائيل، هو الخائن الحقيقي لجوهر دولة إسرائيل اليهودية والديمقراطية التي تقوم على أساس الحرية والعدالة والسلام في ضوء رؤيا أنبياء إسرائيل.

بقلم: يوفال ديسكن

 يديعوت11/3/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية