لاتزال بعض الصور التي لا تنسى، في إطار ثورات الربيع العربي، تفرض نفسها على عقلي وفكري، لما لها من دلالات مع غيرها، مما يجب معه أن تـــــؤرق بال من يقدم على الترشح للرئاسة في أي بلد من بلادنا، ومن يختاره الشعب رئيسا، فلا يهدأ له بال، ولا يغمض له جفن حتى يقضي على ما يستطيع من الأسباب التي أدت الى حدوث تلك الصور. أول تلك الصور، صورة البوعزيزي في تونس، الذي كان يريد فقط أن يعيش مع أسرته عيشة متواضعة جدا، وشعر بالإهانة في التعامل مع البيروقراطية التونسية في نظام بن علي، فكان ذلك سببا لتغيير نظام فاسد وهروب رئيس أذل الناس كثيرا، وقيد الحريات وطرد الكفاءات والخبرات الى الخارج، لتبحث عن مأوى أو ملجأ آمن أو لقمة عيش، وبلدهم أحوج ما يكون إليهم للتنمية.
الصورة الثانية، صورة الدعوة للتظاهر في مصر يوم 25 يناير/كانون الثاني 2011، والاستهانة بتلك الدعوة من قبل المستبدين وبعض الحركات والاحزاب، فضلا عن السعي لسحق من وراءها ومن فيها، فكانت محاولات السحق، خصوصا يوم الجمل، بعد محاولات الاستمالة والاستعطاف الفاشلة من الرئيس المعزول، سببا في جلب مزيد من الوقود الى النيران المشتعلة، لتزيدها قوة وإشتعالا وحريقا. وقف المتظاهرون أو الثوار الجدد في مشهد، شهد له العالم أجمع، بعد أن فاجأهم ذلك المشهد الحضاري العظيم حيث رأينا، المسلم مع المسيحي، الكبير مع الصغير، الرجل مع المرأة، الصحيح مع السقيم، الغني مع الفقير، جمعهم هدف واحد هو التغيير، لم تسيطر على أي منهم فكرة خاصة أو رأي حزبي أو مصلحة طائفية، بل ضرورة التغيير. وقد نجح هذا الهدف، ولو أنه لم يكتمل لأسباب واهية، ولكنها خطيرة، منها تفرق الثوار وكأن هناك خطة محكمة وضعت لذلك، فتغيرت الصورة رغم كثرة القيادات والائتلافات.
صورة ثالثة، هي صورة الثوار في اليمن، يقظة وصحوة وثورة سلمية كاملة لم يتوقع سلميتها المراقبون عندما شاهدوا الخناجر على صدور الرجال، ظنوا أن الحرب الأهلية قادمة لا محالة، خصوصا مع شراسة النظام في القتل والتدمير وانتهاك حقوق الانسان والاصرار على التوريث، فقد حاول كثير من الحكام العرب التشبه بالملوك، ولكن هذه الصورة الجميلة لم تمنع حتى اليوم الطائرات الأمريكية بدون طيار من أن تطارد الارهابيين كما يزعمون، الا انها لا تفرق بين إرهابي ينتمي لـ’القاعدة’ أو غيرها، وبين المواطنين المسالمين الذين ليس لهم أدنى اهتمام بالسياسة، وربما يعنيهم التخزين أي القات، أكثر من أي شيء آخر في هذه الدنيا. الطائرات الأمريكية لا تنسق مع المسؤولين في اليمن، بل تجاوزتهم، وكأنهم يحكمون بلدا آخر غير اليمن. ولا يستطيع المسؤولون في اليمن أن يمنعوا تلك الطائرات، فهي تقنية عالية جدا في يد باطشة مهيمنة، والبيئة اليمنية بيئة ساعية في أول طريق التقدم والتنمية. ولاتزال تسعى للخروج من الصراع، الذي تغذيه أطراف خارجية ويعاني منه البلد حتى بعد تغيير النظام.
الصورة الرابعة، هي صورة الوضع في ليبيا بعد الثورة على الطاغية القذافي، والخلاص منه بأبشع صورة، ولا أظنها طرأت على باله يوما ما، كما قال لي بعض المعنيين بالأمـــر الليــبي وبالثورة. ليست هناك دولة ولا نظام في ليبيا اليــوم. الحـــالة أشــبه اليوم بالحالة الأفغانية، بعدما ساءت وتطــورت الى صـــراع داخلي واستعانة بالقوى الخارجية، وتدخـــل أمـــريكي سافر في شؤون أفغانستان.
في ليبيا اليوم الصراع قائم بين الجماعات المتعددة وفق ما لدى كل منها من فلسفة وإمكانات وتسليح وتشدد وتطرف وتكفير ودعم أو مساندة، بعضها خارجي. الناتو ليس بعيدا عن المشهد، بل المراقبة قائمة، والتدخل المرئي وغير المرئي قائم . وهنا أيضا تستطيع أمريكا أن تقبض على من تشاء في ليبيا، وتحملهم الى أمريكا لمحاكمتهم، والدولة المريضة تشاهد المنظر عن كثب ولا تسطيع أن تفعل شيئا، بل ربما يكون هناك بعض التواطؤ مع الأمريكان ضد الشعب الليبي المكافح.
الصورة الخامسة، وهي ذات صلة، قد تكون مباشرة أو غير مباشرة، بالصور السابقة، هي صورة الرئيس بوتفليقة، وهو يتنقل على كرسي متحرك يوم الانتخابات الرئاسية في الجزائر، طمعا أو حبا أو استشعاراً أو استهزاءً بالمسؤولية في فترة رئاسية قادمة في الجزائر. الشيء غير المفهوم هو تمسك كثير من الرؤساء والملوك والأمراء بالكرسي حتى يأتيهم الموت. نادرا ما نرى في العالم العربى رئيسا سابقا يسير بين الناس مطمئنا في بلده بعد أن يترك الرئاسة. صورة كارتر في أمريكا قد تكون أبرز صورة لرئيس خرج من الرئاسة منذ أكثر من ثلاثين سنة، ولايزال يشارك في الحياة السياسية والاجتماعية في أمريكا ولصالح أمريكا واستراتيجياتها، لهذا أقول استعرنا الديمقراطية من دون مضمون.
الرؤساء في بلادنا في الغالب الأعم يموتون على الكرسي، وبعضهم قد يحكم بلده من القبر (خاصة من كان زعيما رئيسا)، لفترة تطول أو تقصر حتى يثق الناس، أو يتجرأ أحدهم على الاشارة الى أن هناك من يمكن أن يكون حاكما مقبولا لهم.
شعوبنا تحتاج الى مزيد من التثقيف لكي تدرك معنى الديمقراطية التي استوردناها من الغرب، أو معنى الاسلام الذي أهملناه كثيرا، ولم يشاهد المواطن العربي نماذج تجعله يتمسك بالاسلاميين عندما جـــاءوا الى الحكم في أفغانستان بعد حرب وجهاد طــويل، ولم يشاهد المواطن ذلك النموذج الاسلامى العظيم في العــــراق ولا في مصر ولا في ليبيا ولا في تونس ولا فـــي السودان ولا في المغرب تحت حكم الاسلاميين. ربما حالة الهـــدوء والاستقرار في المغرب تدعو للاعجاب، ولكن مسيرة التنمـــية والعدل والاستقلال الكامل ومساعدة الآخرين، وصولا لنموذج يجتذب الآخرين الى الحكم الاسلامي لاتزال تحتاج الى وقت وجهد كبيرين.
الصورة السادسة، هي صورة الوضع في سوريا ولا يراه المرء أو يقرأه في سوريا وحدها، بل ربما يقرأه في أماكن كثيرة من العالم، عندما يرى بعض السوريين بعد أن كانوا في استقرار يصاحبه ظلم يتسولون في بلدان كثيرة أو يخضعون لشروط لم يكونوا يقبلونها وهم في بلدهم آمنين مطمئنين، ليس المواطن المهاجر فقط هو الذي يخضع لظروف سيئة وشروط تعسفية لكي يعيش، بل النظام نفسه يخضع لشروط قاسية للتخلص من أجنحة القوة مثل الاسلحة الكيماوية، في حين أن الترسانة الصهيونية بجواره لم يجرؤ أحد على الحديث عنها، وتتغاضى عنها أمريكا خصوصاً والغرب عموماً. التخلص من الأسلحة السورية مثل قص جناح الطائر حتى لا يستطيع أن يحلق بعدها، وهو المطلوب حتى تشعر اسرائيل بالأمن والأمان مع جيرانها، فتعتدي كما تشاء على الفلسطينيين وعلى غيرهم، من دون خوف أو ردع. اشترك في هذا الجرم كل من أوصل سوريا إلى حالة الفوضى والضعف الذي نشاهده اليوم .
هناك صورة أخرى غير السابقة ذكرني بها مقال الصديق الدكتور صلاح أبوالفضل (من بريطانيا) الذي نشر في ‘الشروق’ يوم 23 أبريل/نيسان الحالي بعنوان ‘الفقر عدو الرئيس الجديد والوطن’. مقال جميل ذكرني بصورة الذين يأكلون من الزبالة وأموال بعض العرب تستثمر في غير مكانها، وفائض الطعام، خصوصاً أثناء الحفلات الذي يمكن أن يطعم الملايين، وزكاة المال التي لو جمعت لما بقي في بلادنا جائع ولا عريان. أيضا هذه الصورة تستدعي بعض من يموتون جوعاً، خصوصاً في أفريقيا بسبب الجفاف أو المرض من دون علاج، ومنها الصومال الذي تشارك في الحكم فيه الحركة الاسلامية بكل أطيافها، أحيانا في الحكم أو خارجه، كأنهم لا يرون الجوع ولا المرض، وانخرطوا في صراع مرير لا يعلم مداه إلا الله تعالى. يكلمني بعض المواطنين، وهم يبكون من صورة الفقر والزبالة وأطفال الشوارع والشحاتين العجزة، ولهذه الصور المرعبة مقالات أخرى.
‘ كاتب مصري
سامحك الله يا استاذ، عندما أقرأ ما يكتبه الأستاذ سليم عزوز من دفاع على الشرعية والوقوف مع المظلوم ومساندة الاخوان في محنتهم، وأقرأ ما تكتبه انت في نفس اليوم وفي نفس العدد وأنت من الإخوان في السابق، وأرى وقوفك مع الانقلاب ودعمك لمنسوب الدماء وضربك لإخوانك السابقين… أقول قول الرسول الكريم أن نسأل الله حسن العاقبة/ سلام
صور لا تنسى
صورة الفلسطنيين المحاصرين من دولة السيسي
صورة الشهداء في رابعة وهي محروقة
صور الانتهاكات بحق الحرائر و المعتقلين
صور السواح الإسرائليين و هم يدخلون مصر آمنيين
صور اذلال الفلسطننين في معبر رفح
شكرا عزيز
“صور لا تنسى
صورة الفلسطنيين المحاصرين من دولة السيسي
صورة الشهداء في رابعة وهي محروقة
صور الانتهاكات بحق الحرائر و المعتقلين
صور السواح الإسرائليين و هم يدخلون مصر آمنيين
صور اذلال الفلسطننين في معبر رفح”