‘صوملة’ لبنان، وعدم ‘لبننة’ الصومال

حجم الخط
1

file1397854944

هل نحن في دولة تتشكل من مجموعات بشرية تخطت مراحل غريزيتها الطبيعية الدونية الساقطة! أم نحن في مستشفى للمجانين! أم في مزرعة للدواجن يحيط بجدرانها المتهدمة وحوش كاسرة استساغت طحن عظام الديكة والدجاج والصيصان بعد نهش لحومها الطرية؟ أم على مركب نخرت قاعدته فئران الطحين الفاسد وغلبت على عيون قبطانه ثمالة ليس بعدها صحوة؟ أم في نفق لا مخرج منه، تضخ في داخله سموم النفط والغاز، المعبأة في عباءات الشبق الذكوري الخليجي من أجل دعم السياحة والإزدهار الإقتصادي، المرتكز على الواقي الذكري وحبوب منع الحمل؟ أم نحن في محيط قان تتقاسمه أسماك قرش تهريب الحشيشة والهيرويين مع حيتان تبييض الأموال في المصارف وفي الإستثمارات العقارية الهائلة! أم نحن في سجن كبيرلا يدخله سوى أصحاب الضمير والرحمة والحق، ويقوم بحراسته لصوص ومجرمون وقتلة! أم نحن على شفير هاوية عميقة، لا قرار لها، ووراءنا ذئاب جائعة؟
لبنان هو كل ما سبق ذكره معا، وكل ما يمكن أن يتصوره خيال بشري عاقل، من صور مآس ومظالم وأهوال!بين ليلة وضحاها، توقفت جميع وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية عن تغطية الأحداث الدموية الجارية في سوريا، وعن مقابلة ‘قادة محاور’ القتال المأساوي المتكرر بين حي باب التبانة، وحي جبل محسن، في مدينة طرابلس، وعن السيارات الملغمة العابرة من سوريا الى الداخل اللبناني، وتحول الإنتباه الى قطع الطرقات الرئيسية من قبل المطالبين بحقوقهم من العمال المياومين في شركة كهرباء لبنان المنهوبة، ومتطوعي الدفاع المدني وأساتذة التعليم الأساسي والثانوي والجامعي. وعوضا عن تغطية صور الإجرام البشع الدائر بين الأطراف المتصارعة على ‘عظمة’ السلطة، بدأت تغطية جموع المتظاهرين والجموع المطالبين بـ’فتات موائد أمراء الميليشيات’، وراء الدخان الأسود لإطارات المطاط المشتعلة في وسط الطرقات.
في البداية، ظن كثيرون أن ما يحصل من حملات مطالبة بالحقوق هو ناتج عن توافق بين جميع نقابات العمال والمستخدمين، لكن تبين لاحقا أنه قد أعد سيناريو خبيث بين جميع ‘أمراء الحرب’ الذين يقبضون على السلطة المتسلطة، من أجل إستيعاب النقمة الشعبية المقموعة، واستعادة أدوارهم في التحكم بأرواح الناس وتقاسم أرواح القطعان مع حيتان أموال المصارف ومافيات الإستثمارالعقاري، وبالتنسيق الفاضح مع المصرف المركزي، الذي لا يزال ظل نقوده مفقودا لدى عامة الشعب طوال أكثر من ثلاثة عقود.
وفي ليلة برلمانية مكفهرة، عاد بعض نواب كتل القطعان الشعبية الى تصدر المنابر الإعلامية وتبرير عدم موافقة البرلمان على إقرار مطالب المتظاهرين المحقة، وبكل وقاحة مفضوحة. كما عمد بعض نواب كتل قطعان بشرية أخرى الى إلتزام الصمت، تحت شعار: ‘إذا بليتم بالعاصي فاستتروا’، مع العلم أن معظم المتظاهرين ينتمون الى قطعان مزارع الذين لاذوا بالتستر.
إنها حقا مأساة بشرية مؤلمة، حين تحرم ‘قطعان’ هذه المخلوقات من لقمة عيشها. وهي أيضا، مأساة أنسانية مطلقة، لان هذه الـ’قطعان’، لم تصل بعد الى مرتبة الوجودية الإنسانية الحقة، والمطالبة بإسقاط هيكلية الفساد والإستغلال والتسلط!!
إننا في ‘لبنان لاند’، الذي هو أسوأ حالا من ‘صومال لاند’. ولست أرى أفقا للتغيير سوى في إعلان ‘صوملة’ لبنان، واستبعاد ‘لبننة’ الصومال.
سعد نسيب عطاالله لبنان

 

 

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فاروق قنديل ـ النمسا:

    كلام مرعب أصاب الحقيقة في كبدها …..

إشترك في قائمتنا البريدية