يحدث أن تكون حبة قمح شاء القدر أن تهبط على ضفاف الليطاني لتورق أكباش توت بري.. تارة تكون مسرحا كبيرا يتّسع لهزائم وانكسارات وأحزان، وتارة أخرى حبة ماسية من عقد ضائع تأبى الانخراط مع صنف آخر.
٭ ٭ ٭
يحدث أن ترى في مرآتك صراخ روحك.. تقترب منها لعلك تنقذها، إلا أنّك تزداد تورّطا فيها، ينشقّ من بين خطوطها تيّار حلزوني، يقفز في جلبة بهلوانية أمام المرآة وفي داخلها، مقلقلا هدأة أحلامٍ لمّا تزل محض فكرة. وأنت تتراجع إلى الوراء، مرآتك شاشة عملاقة، تعرض المصارعة الحرة وتتوج الفائز، تبحث عن جهاز إطفائها، تحتج على العنف، فإذا به يسبح في البحر ويرقص على الشجر ويبيع أكياس غزل البنات للأطفال ويأتمنه الناس على أرواح أطفالهم
***
هناك، في الجلبة البهلوانية تقف في الصف لتدخل من جديد إلى دوامة مرآتك
لتستمع إلى صراخ روحك.
٭ ٭ ٭
يحدث أن تنظر من أعلى الجسر، فترى الحرائق تنهب السهول، تغوص الجداول بعيدا من تسلّل جريان اللهيب، تدور ألسنتها، وتدور لتخنق الأعمدة. ينهض ضباب أزرق من فجوة الوادي، يطفئ النار، ويرمي وشاحا يخفي به بقايا الجسر. سرعان ما يرتفع الضباب، تتداعى الأعمدة مرة واحدة في حفرة عمياء كشاب يئس من الحياة فسقط سقطة خاطفة.
في الطريق إلى المقبرة… لم يرافقه سوى الوشاح الأزرق.
كاتبة لبنانية