مع تزايد الضغوط الأمريكية على الاقتصاد الإيراني وايصاله إلى حافة الاختناق، نفذت ضربة صاروخية تبنتها حركة أنصار الله الحوثية على المنشآت النفطية الاستراتيجية السعودية. وقف العالم على أطراف أصابعه، وتوقع العديد من المراقبين ردا قاصما حاسما ستقوم به الولايات المتحدة الأمريكية دفاعا عن مصالحها ومصالح شركائها السعوديين، لكن لم يحصل شيء حتى الآن.
الكثير من الأسئلة طرحت بعد هذه الضربات التي وصفها المراقبون بأنها «خطوة ستحرف مسار الأحداث في الشرق الأوسط، وتغير الكثير من الحسابات»، لكن السؤال الأول الذي يطرح هو، متى سترد الولايات المتحدة؟ وهل سيكون الرد على شكل ضربة محدودة لحفظ ماء الوجه؟ ومن جانب آخر، إذا تلقى الإيرانيون ضربات أمريكية، هل سيقفون مكتوفي الأيدي؟ علما أن إيران رسميا، ومنذ اللحظات الاولى، أعلنت موقفها من الازمة ونفت أي علاقة لها بضربات أرامكو.
عندما أقال الرئيس الأمريكي ترامب مستشاره للأمن القومي جون بولتون يوم 10 سبتمبر الجاري، قرئ الأمر على انه خطوة يقدمها ترامب باتجاه التفاوض مع إيران والابتعاد عن الحرب، لأن بولتون كان أهم صقور ادارة ترامب، وكان دائم التهديد بضربات استباقية توجه لإيران، قبل أن تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة، كما كان أبرز من طالبوا باتخاذ قرار ضرب إيران، ردا على إسقاط الايرانيين للطائرة المسيرة الأمريكية في 20 يونيو الماضي. وقد اتخذ الرئيس ترامب قرار الضربة العسكرية حينها نتيجة ضغوط فريق بولتون، لكنه تراجع عنها في آخر لحظة نتيجة الخسائر البشرية المتوقعة بحسب ما أعلن الجانب الامريكي. إلا أن المفارقة تبدو أن من تلقف فرصة إزاحة بولتون هو الجانب الآخر، إذ نفذت الضربة الصاروخية ضد المنشآت النفطية السعودية فجر السبت 14 سبتمبربعد اربعة ايام فقط من إقالة بولتون، فهل باتت إيران وحلفاؤها الآن هم من يلعب لعبة دفع الازمة باتجاه حافة الهاوية؟
الصدمة التي شابت موقف الشارع السعودي والتي تحولت بعد ذلك إلى نوع من المرارة والاحباط تقف خلفها عدة أسباب، فالكل ينظر إلى أصحاب القرار في السعودية نظرة من تعرض للنصب والاحتيال، فبعد أن وضعت المملكة بيضها كله في سلة ادارة ترامب منذ زيارته الاولى للرياض، ورغم أكبر صفقات تسليح نفذتها المملكة عبر تاريخها مع إدارة ترامب، التي استحوذت على حوالي 500 مليار دولار من أموال المملكة، كل ذلك لم يحم المصالح الاستراتيجية السعودية. وبضربة ربما شنتها قوات حركة أنصار الاسلام الحوثية بصواريخ بدائية وطائرات مسيرة رخيصة الثمن، موجهة بدقة إلى الخاصرة الرخوة في الاقتصاد السعودي، ليصحو السعوديون يوم 14 سبتمبر وقد انهارت صادرات بترول المملكة إلى النصف. وهنا يطرح السؤال المفزع، اذن ماذا سنفعل اذا شنت إيران ضرباتها العسكرية التي يمكن أن تطال كل المراكز الحيوية في المملكة؟
ترامب وإدارته ووعوده في النهاية لم يحموا السعودية من أبسط هجوم، وقد كلفها ذلك كثيرا
بعد أكثر من أسبوع، مازال رجل الشارع السعودي ينتظر تقارير التحقيقات السعودية والدولية، التي ستكشف مصدر الضربات، إذن أين الرادارات ووحدات الصواريخ المضادة ونظم المضادات الجوية المتفوقة، التي اشترتها المملكة بمليارات الدولارات؟ ولماذا لم تعمل كل هذه التقنيات التي أهدر السعوديون اموالهم عليها على حماية سماء السعودية من هجوم تشنه «ميليشيات» الحوثي، كما يطيب للاعلام السعودي تسمية اليمنيين؟ لكن من جانب آخر، هل كانت ضربات بقيق وخريص، وهما أكبر معملين للبترول في العالم مستبعدة من الاستهداف؟ ألم تعمل السعودية ومن خلفها ادارة ترامب على تأمين المكان الذي قد يعرض الاقتصاد العالمي إلى هزة؟ والإجابة نجدها في تقرير أمريكي نشره مركز الدراسات الاستراتيجية الدولي (CSIS)ومقره واشنطن، قبل حوالي شهر من الاحداث، ففي تقرير مؤرخ بـ 5 أغسطس الماضي، حمل عنوان «تهديد إيران للبنى التحتية الحرجة في السعودية: تداعيات التصعيد الأمريكي – الإيراني»، أشار التقرير إلى أن خطر استهداف المنشآت التابعة لأرامكو من قبل إيران لا يزال ملموسا، رغم إنفاق الشركة مبالغ هائلة على تأمين البنى التحتية الخاصة بها. ولفت التقرير إلى أن هجوما محتملا قد ينفذ باستخدام صواريخ وطائرات مسيرة، بالإضافة إلى عمليات تشل الشبكات الإلكترونية بهدف تحييد مراكز القيادة والمطارات والمنظومات الدفاعية للجيش السعودي قبل تنفيذ الاعتداء. واشار التقرير بدقة وتحديد إلى أن الهجوم على مصانع النفط الخام في المملكة سيمثل الخطرا الأكبر، وحدد: «من بين هذه المصانع يعد معمل بقيق أكثر ضعفا، لكونه أكبر مصنع لاستقرار الخام على مستوى العالم يمر عبره يوميا أكثر من 7 ملايين برميل». إذن لماذا لم تتخذ اي جهة خطوة عملية في تعزيز حماية هذه المنشآت؟
التصريحات الرسمية الايرانية جاءت متزامنة، مع الحشود العسكرية التي شهدها ميدان الاستعراض العسكري السنوي في طهران يوم 22 سبتمبر بمناسبة ذكرى الحرب العراقية الإيرانية، فقد صرح الرئيس الإيراني حسن روحاني من على منصة الاستعراض بشأن الازمة قائلا: إن إيران «ستقدم خطة في الأيام المقبلة بالأمم المتحدة» للتعاون من أجل ضمان أمن «الخليج الفارسي ومضيق هرمز وخليج عمان» بين دول المنطقة. وأضاف أن بلاده مستعدة للتفاوض، وتتمتع بالمنطق، لكنها لن تقبل الاستسلام والذل، وستدافع بكل قوة عن أرضها. وأكد أن بلاده لن تعتدي على أي دولة، لكنها في المقابل لن تسمح للآخرين بالاعتداء على أراضيها وحدودها، وستواجه هذه التهديدات بكل قوة. كلمات روحاني جاءت محذرة، ومن موقف اراده أن يبدو موقف قوة في ظل العقوبات الخانقة التي تعاني منها طهران.
المفارقة الاخرى جاءت من رد فعل حركة أنصار الله الحوثية في صنعاء، إذ عرضت الحركة وقف استهداف الأراضي السعودية بالصواريخ والطائرات المسيرة، وقالت إنها تنتظر إعلاناً مماثلاً ممن يستهدفون اليمن، مطالبة بالانتقال مباشرةً إلى مفاوضات جادة، تفضي إلى الحل السياسي الشامل، في ظل وقف تام لإطلاق النار. وقال مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى لجماعة أنصار الله الحوثية، في خطاب بثته قناة «المسيرة» الفضائية الناطقة باسم الحوثيين: «نأمل من الرياض أن ترد على هذه المبادرة بأحسن منها، وإن لم تستجب السعودية للمبادرة واستأنفت القصف، فسيكون من حقنا الرد عليها، وننتظر إعلاناً مماثلاً بوقف كل أشكال الاستهداف الجوي لأراضينا». فهل سيقبل السعوديون الأمر ويرضخون لمطالب الحوثيين بالعودة لمفاوضات السلام؟ خصوصا بعد أن غدا الوضع اليمني أكثر ضبابية اليوم، بعد أن انشقت الامارات العربية عن الجهد السعودي في محاولة للاستحواذ على اليمن الجنوبي، عبر توطيد نفوذ شخصيات موالية للإمارات، وطرد عبد ربه منصور هادي المدعوم سعوديا والموالين له من عدن.
الرد الأمريكي على الازمة جاء باهتا، ولم يصل إلى مستوى التوقعات، وهذا الامر زاد من قلق السعوديين، فقد غرد الرئيس ترامب على حسابه في تويتر مجموعة تغريدات في اليوم الثاني من الهجوم، وقال في تغريداته يوم 15 سبتمبر 2019؛ إن الولايات المتحدة «على أهبة الاستعداد» للردّ على الهجوم الذي استهدف البنية التحتيّة النفطيّة السعوديّة، وكانت واشنطن قد حمّلت إيران مسؤوليته. وأضاف «تعرّضت امدادات النفط في المملكة العربية السعودية للاعتداء. هناك سبب للاعتقاد بأننا نعرف الجاني»، وتابع: «نحن على أهبة الاستعداد، لكننا ننتظر أن نسمع من المملكة العربية السعودية بشأن من يعتقدون أنه سبب هذا الهجوم، وبأي شروط سوف نتحرك».
وكانت قراءات أغلب المحللين والمتابعين لأزمة ضربات أرامكو وموقف إدارة ترامب منها تقول؛ صحيح أن ترامب انسحب من الاتفاق النووي مع إيران العام الماضي، وصحيحٌ أنه أعاد فرض عقوبات اقتصادية قاسية عليها، إلا أنه يقاوم بكل قوة أي محاولات لجرِّه إلى حربٍ معها. ورغم أن الرئيس ترامب لم يخجل يوما من أن يعلن جهاراً نهاراً أن على السعودية أن تدفع مقابل الحماية الأمريكية، وقد دفعت بالفعل الكثير، إلا أن ترامب وإدارته ووعوده في النهاية لم يحموا السعودية من أبسط هجوم، وقد كلفها ذلك كثيرا. ويبدو أن الرئيس ترامب لن يقدم على خطوة الحرب، خصوصا في ظل حشد طاقات فريقه لخوض انتخابات الرئاسة في العام المقبل، والنتيجة أن على من اعتمد عليه، ودفع له مئات المليارات أن يبحث عن حلول منطقية أخرى تخرجه من أزمته.
كاتب عراقي
استاذ صادق ، لازلت اؤمن بان امريكا هي من قام بالضربة للاسباب التالية: اولا. عدم وجود اي خسائر بشرية نتيجة الضربة. ثانيا. عدم القدرة على كشف الطائرات والصواريخ التي ضربت الموقع ، مع وجود تكنولوجيا امريكية متقدمة قادرة على كشف ذلك ، سواء في القواعد الامريكية وهذا مايشكك اكثر بان مصدر الضربة كان ايران وليس امريكا نفسها ومن داخل الاراضي السعودية. ثالثا. دقة اصابة الاهداف ، يوكد ان المصدر امريكي وليس ايراني. رابعا. توقيت الضربة ليس بمصلحة ايران تماما. خامسا. عدم امتلاك ايران لصورايخ قادرة على الطيران بارتفاعات منخفضة (30 الى50 متر) وقادرة على تفادي التضاريس الجغرافية ، ومثل هذه التكنلوجية موجودة بصواريخ (كروز، توما هوك، الامريكية وصاروخ اكسوزيت (فرنسي جو/ارض مضاد للسفن ) وهذه الصواريخ فيها تفاصيل وصورة الهدف ، لذلك لاتخطيء…امريكا كذبت سابقا بخصوص ابراج نيوريوك ، ومن يكذب مرة يكذب الف مرة… لكن هل اتفقت مع ايران على ذلك ، وماهي الاهداف من الضربة؟؟ تحياتي ياوردة.
صد عدوان حرس ثوري إيران على ملاحة بحرية وجوية وأمن طاقة عالمي وتجارة دولية يتم بحلف دولي لتدمير كامل بنية إيران الإرهابية مع دعم مقاومة جنوب وغرب إيران لفصل سواحل شرقي الخليج العربي وشط العرب وبحر عمان عنها بعمق 300كم وطول 2400كم وإعادة المنطقة وثرواتها الهائلة لمواطنيها عرب وبلوش كما كانت قبل إهداءها لإيران من بريطانيا العظمى بفترة استعمار وبالتالي قصر إنفاق ثروات المنطقة لتحسين عيش مواطنيها، وسيسرع ذلك بسقوط نظام إيران وقطع تمويله وانهيار أذرعه الأمنية واستعادة باقي شعوب إيران لحريتهم وكرامتهم
ولماذا لا تقوم السعودية بذلك؟ لماذ الأعتماد على أمريكا والغرب وهي رابع أكبر دولة في العالم في شراء الأسلحة
كانت عصا الله التي خرجت من المجاهدين اليمنيين. أنت خارج عن الدين ومريح ، وليس المجاهدين اليمنيين. لقد رأيت الهجوم على منشأة أرامكو ، لكنك لم تشاهد الآلاف من القنابل التي استهدفت النساء والأطفال اليمنيين.
امريكا هي التي ضربت ارامكو ..