ضرورة القيام بخطوات عملية تسعى لهيكلة وزارة داخلية جديدة تحترم القانون… والاحتجاج عرض لمرض سياسي ينبغي علاجه

حجم الخط
2

القاهرة ـ ‘القدس العربي’ لا أخبار أو موضوعات مثيرة أو لافتة للانتباه نشرتها صحف أمس الأربعاء 19 فبراير/شباط باستثناء الخبر الذي أعلنه المتحدث العسكري بإلقاء القبض على اثنين من النصابين هما محمد عبد العظيم عبد الجواد ومجدي حنفي محمود حسن أعلنا عن إنشاء مؤسسة علمية اسمها ‘بكره’ لتنظيم المؤتمرات، قامت بالاتصال برجال أعمال وأصحاب شركات خاصة وشخصيات عامة ودعتهم لحضور ندوة تعقدها في الثاني عشر من الشهر المقبل في أحد الفنادق عنوانها ‘التاريخ الوطني للمؤسسة العسكرية المصرية والانتخابات الرئاسية رجال ومواقف وبطولات’ وحدد رسم اشتراك الفرد بألف ومئتي جنيه. ونفى المتحدث باسم الجيش العقيد أحمد علي أي صلة للجيش أو المشير السيسي بهؤلاء، وأن الجيش لا دخل له بأي عمل سياسي وأن أسماء العسكريين الواردة في الدعوة لإناس لا علاقة لهم بالجيش فلا هم ضباط فيه ولا على المعاش. وتذكرنا عملية النصب هذه بشركات أخرى للنصب ظهرت أيام الرئيس الراحل أنور السادات، ومنها مؤسسة اسمها ‘الديك الذهبي’ منحت جائزتها على شكل ديك. كما ظهر نصابون أيضا في عهد مبارك وتورطت شخصيات رسمية معهم اعتقادا أن في هذا رفع من شأنها .
ونشرت الصحف أيضا بيان جماعة أنصار بيت المقدس الذي أعلنت فيه مسؤوليتها عن حادث أتوبيس طابا، وأمهلت السائحين ثلاثة أيام للهرب من مصر.
وأصدر النائب العام المستشار هشام بركات قرارا بإحالة ضابطين في المخابرات الإسرائيلية، هاربين، ومصري اسمه رمزي محمد أحمد وخطيبته سحر إبراهيم محمد، إلى محكمة الجنايات بتهمة التخابر مع إسرائيل. كما أستقبل المشير السيسي وفدا من الكونغرس الأمريكي.
ونقلت الصحف خبر وصول قائد القوات الجوية الروسية إلى القاهرة على رأس وفد عسكري. واجتماع رئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوي مع رؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة وتأكيده أن العمليات الإرهابية الأخيرة سببها الحصار الذي يخنقهم في سيناء. كما ذكرت الصحف استمرار إضراب شركة المحلة وقرار تحويل قرية حلايب التي تتبع مدينة شلاتين، إلى مدينة. والاتصالات مع دول العالم لإيجاد حل لمشكلة سد النهضة مع إثيوبيا .
كما بدأ زميلنا وصديقنا حمدين صباحي حملته الانتخابية بزيارات للأحزاب السياسية لعرض برنامجه عليها، وأكد أنه لو فاز في الانتخابات فسيعين المشير السيسي وزيرا للدفاع وقائدا عاما للجيش. والى بعض مما عندنا:

مرحبا بكل المرشحين
في الانتخابات الرئاسية القادمة

ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على إعلان زميلنا وصديقنا زعيم التيار الشعبي حمدين صباحي ترشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية وتعرضه لانتقادات من جانب البعض قال عنها يوم الاثنين زميلنا في ‘الجمهورية’ السيد نعيم :
‘لن يقبل الناس ولن يقبل العالم رئيسا لمصر يفوز بالتزكية، خاصة أن المصريين ليسوا جميعا على قلب رجل واحد أو اجتمعت كلمتهم على اختيار واحد، ففي مصر كثير من التيارات السياسية والدينية المتنوعة الأهداف والتوجهات والميول نحو هذا أو ذاك، لذلك يجب على الناس الذين يريدون رئيسا بالتزكية ويكرهون ويعادون من يتقدم للترشح إلى جانب مرشحهم المفضل أن ينسوا تماما موضوع التزكية وأن يتفهموا ضرورة تنوع المرشحين وزيادة عدد المنافسين على منصب الرئاسة حتى نأخذ الديمقراطية شكلا وموضوعا بالطريقة المثلى وليست على طريقة هؤلاء فقط .
مرحبا بكل المرشحين في الانتخابات الرئاسية القادمة، مرحبا بالمشير عبد الفتاح السيسي ومرحبا بحمدين صباحي ومرحبا بسامي عنان ومرحبا بعبد المنعم أبو الفتوح ومرحبا بكل من يجد نفسه لائقا ومهيأ وقادرا على القيام بأعباء هذا المنصب الخطير وتحمل تبعاته والسير بمصر نحو الأمام’.

قيادات التيار الشعبي تحدد مسار صباحي

لكن هذا الموقف الذي عبر عنه نعيم لم يعجب عددا من الناصريين ومنهم زميلنا في ‘الأسبوع’ محمد الباجي الذي قارن بين موقف حمدين الناصري وموقف أحمد شفيق من ترشح السيسي وقال عنهما: ‘بحسه الواعي أعلن الفريق أحمد شفيق أقوى مرشحي الانتخابات الرئاسية السابقة، الذي حالت بينه وبينها الأهواء والمواءمات والمؤامرات التي شاركت فيها أطراف عديدة، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والتنظيم الدولي للإخوان.
أعلن الفريق أحمد شفيق ثقته الكاملة في استحقاقه الرئاسي وفي الشعب المصري العظيم، ولكنه يرى في المشير السيسي قائد اللحظة الذي لبى نداء الشعب وانحاز له وعبر بمصر من هوة سحيقة كادت تودي بها إلى أزمنة سحيقة من التخلف والركود والتراجع، ومن ثم فهو يرى الرئاسة حقا من حقوقه الواجبة ويقف إلى جواره داعما ومؤيدا… مرشح سابق وحيد هو الصديق العزيز حمدين صباحي هو الذي تحرك متخليا فيما يبدو عن التزامه داخل جبهة الإنقاذ، مضحيا بأقرب أصدقائه ومؤيديه السابقين، متحدثا باسم التيار الشعبي معلنا انه مرجعيته الذي سيحدد مصيره بالنسبة للمنافسة على منصب الرئيس، وقد تسابقت قيادات التيار الشعبي والمتحدثون الرسميون يفرضون على حمدين مواقف ويقررون له مسارات لا أعتقد أنه في الظروف العادية كان يمكن أن يقرأها، وليكن معلوما أن شباب حملة حمدين صباحي تسببوا في انفجار مفاجئ نتج عنه أخدود عميق بين حمدين وجبهة الإنقاذ التي ينتمي إليها، وأخدود آخر بينه وبين أصدقائه ومؤيديه في المرة الأولى والمتعاطفين معه من الكتاب والمفكرين. وأعداد غفيرة من مؤيدي المشير السيسي الذين انتظروا أن ينضم إليهم حمدين صباحي بخلفياته السياسية وتقديره لموقف الجيش الوطني وعدم حساسيته من الدور الوطني الذي يمكن أن يلعبه الجيش الذي انبثق فيه جمال عبد الناصر ليغير مجرى التاريخ’.

مصر أحوج ما تكون إلى نماذج
وطنية كبيرة متعددة الاتجاهات

ونظل في ‘الأسبوع’ لنقرأ أيضا لزميلتنا الناصرية والجميلة قبل الناصرية رغم أن الاثنين لا يفترقان زينب منتصر قالت على خلاف الباجي: ‘المشهد الانتخابي القادم يؤشر إلى الأوفر حظا في المنافسة، قطبان كبيران من أقطاب الناصرية هما السيسي وحمدين، مع احترامنا لكل من يتقدم تباعا وتنطبق عليه شروط الترشح لأننا أحوج ما نكون الى نماذج وطنية كبيرة متعددة الاتجاهات متنوعة الانتماءات، لأن الشعب المصري يريدها منافسة حقيقية وحرة حتى ينفي ما يشاع من قبل الجماعة وحلفائها والغرب وأعوانه من كونها مبايعة أو حلقة ‘تنصيب’ للمشير السيسي، أو مسرحية معدة سلفا أو مولدا شعبيا كبيرا يراد للمصريين ان يغرقوا في تفاصيله، وما ان يفيقوا حتى يروا الصورة شديدة القتامة والسواد، كما أصر عليها الأستاذ هيكل في صالون التحرير، من دون أن يضيء لنا دربا أو شعاعا في نهاية النفق. الأمر الذي أصاب مجموعة الصالون بالإحباط مثلهم مثل الشعب المصري تماما، لكن بعض أصوات الصالون قطعت الصمت ورفضت صورة هيكل القاتمة شديدة السواد لأن هذا يؤدي بالناس لليأس والقنوط، على جانب، وثانيا لا يتطابق مع التغيير الذي طرأ على الشعب المصري الذي جعله يقوم بثورتين ويطيح برئيسين في أقل من ثلاثة أعوام’.

عبد الناصر اعتبر الفنون
سلعة يجب توفيرها ودعمها

ومن ‘الأسبوع’ إلى ‘الأخبار’ في اليوم ذاته الاثنين وزميلنا وصديقنا بمجلة ‘صباح الخير’ أكرم السعدني ابن عم زميلنا وصديقنا الراحل زعيم الساخرين محمود السعدني وهو ناصري قال: ‘سيظل هذا الطيف الحالم لجمال عبد الناصر يراود مكانه على خريطة العرب يثير الجدل حول تجربته العظمى ويكتسب كل يوم مريدين ودراويش وأعداء وأصدقاء فقد كان زعيما فوق العادة، ادخره القدر ليجيء في موعده مع الخلود. ارتفعت قامته كما لم ترتفع قامة أي زعيم مصري من قبل أو بعد، انحاز إلى السواد الأعظم من شعب مصر، فاختار صفوف الفقراء والمهمشين ليكون واحدا منهم، عاش مثلهم وهكذا أيضا مات وليس في خزانته أموال ولا ياقوت ودهب ومرجان والحمد لله، مات وكل ثروته مئتا ربطة عنق كلها هدايا من رؤساء وزعماء عصره وزمانه ذلك. استطاع ناصر أن يبني لنا مصنعا وأن يعظم المساحة المزروعة وأن يبني السد العالي وأن يعيد توزيع الثروة والأراضي الزراعية، وأن يؤمم الصراع الطبقي، ولم يغفل الرجل الجانب الثقافي عندما اعتبر الفنون سلعة يجب توفيرها وتدعيمها لكي تصل إلى محدودي الدخل، موسيقى وفنا شعبيا وأفلاما ومسلسلات وكتبا ودراسات ومجلات ثقافية ومسرحا، كل هذا في متناول الجميع فلم يتطرف أحد ولم يكفر أحد مجتمعه. لأنني مع الأسف لم أعش المرحلة الناصرية ولكنني كنت شديد الشغف بقراءة كل ما كتب عنها، فقد أدركت مدى ما يكنه البسطاء من شعب مصر والشعب العربي بأكمله لنضال وتاريخ هذا الرجل، الذي كان الباعث الحقيقي للقومية العربية. في شخصيته تجسيد الحلم العربي بالوحدة ولكن مع الأسف وقفت كل القوى تشهد هذا النهوض والبعث العربي والشموخ الذي اتخذ من القاهرة قاعدة للانطلاق واكتملت المؤامرة وأجهضت في عام 1967 ومات ناصر بعدها بـ3 سنوات وتحول إلى طيف يراودنا، وحلم نمني النفس بالوصول إليه’.

مخاوف من عودة الدولة القمعية

ثم نصل إلى عمود ‘جلسة كهربا’ يوم الثلاثاء وصاحبه عمرو حسني الذي ايد حمدين بقوله: ‘تجاوزات في الأقسام والكمائن وتعذيبها للشباب المعارضين الرافضين لممارساتها تزيد من مخاوف عودة الدولة القمعية، وتجعلني أمنح صوتي لمرشح يعلن رفضه لتلك التجاوزات، التي لا يمكن تبريرها بمكافحة الإرهاب. وأولى فوائد المنافسة التي يخوضها حمدين صباحي على منصب الرئيس، أنها يجب أن تدفع المشير السيسي فور إعلانه عن الترشح إلى التصريح عن عزمه على القيام بخطوات عملية موقوتة تسعى لهيكلة وزارة داخلية جديدة تحترم القانون. يخطئ من يظنون أن رجلا يمتلك تاريخا نضاليا مشرفا كحمدين صباحي يقبل القيام بدور الكومبارس لإضفاء المصداقية على انتخابات محسومة مقدما، وعليهم أن ينصتوا جيدا إلى همهمات الخوف التي يصدرها المجتمع لكثرة ما يلمسه من انتهاكات صارخة للحريات وللقانون.
رفض حمدين لتجاوزات الداخلية يكفي لكي يجعل منه مرشح الثورة حتى ان كان سيقف في مواجهة شعبية المشير العارمة التي صنعتها بطولته في يونيو/حزيران وأكدها حب الجماهير الخائفة من سيناريوهات المؤامرة الكونية’.

توكل كرمان ترسم رؤية
جديدة للعالم من خلال التقسيم

وإلى بعض المعارك والردود التي يضرب أصحابها في كل اتجاه لا يلوون علي شيء ويبدأها يوم الاثنين زميلنا في ‘اليوم السابع’ دندراوي الهواري بمهاجمة الجميلة اليمنية والاخوانية توكل كرمان بقوله عنها: ‘الناشطة اليمنية توكل كرمان الفائزة بجائزة نوبل للسلام عام 2011 نظرا لدورها في الثورة اليمنية بجانب كونها عضو الهيئة الاستشارية لمنظمة الشفافية الدولية، وعضو اللجنة الأممية لرسم رؤية جديدة للعالم، لاحظ جيدا المسمى اللجنة الأممية لرسم رؤية جديد للعالم، وعضو مجلس الشورى ‘اللجنة المركزية’ لحزب التجمع اليمني للإصلاح، وهو التيار الذي يعد الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين باليمن، وبعد مرور ثلاث سنوات من حصولها على الجائزة ودورها البارز في تنفيذ مخطط رسم رؤية جديدة للعالم من خلال التقسيم والتمزيق، فإن اليمن الآن انقسم إلى ستة أقاليم والتحول من مفهوم الدولة إلى مفهوم ‘الكانتونات’ الصغيرة، التي لا حول لها ولا قوة، المثير للغثيان أن كرمان لم تكتف بتدمير وطنها وإنما أرادت أن تدس أنفها وتنفث سمومها في الجسد المصري’.

‘ذُكرت في القرآن الكريم..’
مقولة المصريين الغريبة

والى زميلنا في ‘الجمهورية’ مدير عام تحريرها محمد أبو كريشة وقوله وهو في قرف عن شعب الكنانة التي ذكرها الله في قرآنه وغير ذلك من الأمور: ‘هناك مقولة غريبة عند المصريين إذا أرادوا التدليل على رأيهم في أمر ما، وهي انه مذكور في القرآن ‘كذا مرة’ يعني يقولون مثلا ان مصر محروسة لأن الله تعالى ذكرها في القرآن ست مرات صراحة ومش عارف كام مرة ضمنا، ويقولون ان أكبر دليل على تقدير الإسلام للمرأة انه جعل سورة باسمها في القرآن وهي سورة النساء. ويقول المصريون ذلك وكأنهم ‘جابوا الديب من ذيله’ وعرفوا واكتشفوا ما لم يكتشفه أحد.. وهو أمر مضحك حقا لو تأملته، فلو كان الأمر كما يقول المصريون لاستنتجنا أن الله تعالى كرم أبا لهب بذكر اسمه في القرآن الكريم وكرم فرعون والسامري وآزر وجالوت وقارون وهامان وغيرهم من الطواغيت بذكر أسمائهم في القرآن الكريم، وبهذا التفسير العبيط والتأويل المضحك يمكن أن يقال ان الله تعالى كرم إبليس الذي ورد اسمه في القرآن عشرات المرات ويقال أيضا إننا يجب أن نقدس ونحترم الحيوانات والحشرات التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، مثل الحمار والنمل والنحل والبقرة والعجل والذباب والذئب والكلب والهدهد، وكما قلنا إن أكبر دليل على تقدير الإسلام للمرأة هو تسمية سورة باسمها في القرآن الكريم، وهي سورة النساء نقول أيضا انه نفس الدليل على تقدير الإسلام للعنكبوت والبقرة يعني المرأة مثل العنكبوت والبقرة في درجة التكريم..’.

المجرم الحقيقي ليس شخصاً بل
سياسات أمنية اقتصادية واجتماعية

وننتقل الان الى جريدة ‘المصري اليوم’ لنقرأ للكاتب عمرو الشوبكي رأيه في مهنية الشرطة يقول:’ حين تحدثت عن شهداء الشرطة في مقال الأحد الماضي جاءتني رسائل كثيرة بعضها علق على ملاحظاتي التي أبديتها على الأداء المهني للشرطة، والبعض الآخر أبدى اعتراضه على ما ذكرته عن صمت بعض المنظمات الحقوقية على هذا الاستهداف المتكرر لرجال الشرطة على يد العصابات الإرهابية والإجرامية، كما جاء في رسالة نصية للأستاذ بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، مؤكداً إدانة المنظمات الحقوقية منذ الثمانينيات للإرهاب.
مشكلة الشرطة في جانب حقوقي تتعلق بانتهاكات يمارسها أفراد وتسيء للجهاز بأكلمه، سواء كانت بحق سياسيين أو مواطنين عاديين، وفي جانب آخر قد يكون أكبر هناك مشكلة مهنية، سواء في هذا العدد الهائل من رجال الأمن المركزي والغياب الكامل لشرطة مكافحة الشغب المحترفة لأسباب ترجع لعدم وجود ميزانية كافية، أو قضايا توسيع دائرة الاشتباه التي تعكس خللاً مهنياً في طريقة جمع المعلومات وغيرها. وقد جاءتني رسالة من السيد آدم صالح، أحد رجال النيابة، حول موضوع المهنية وطريقة العمل كانت بدورها لافتة وذات دلالة حين قال: ‘صدقت، إشكالية الشرطة هي خلل منهجي في العمل، هذه إشكالية الشرطة معنا، أما إشكاليتنا معها فهي أننا ننتقم منها من دون إصلاح، وعن قرب ومن خلال عملي في أكثر من منطقة أستطيع أن أقول لك بوضوح إن اداء الشرطة هو واحد ‘منهج تقييم عمل الضابط’. لقد تحول الضابط المكافح للمجرم إلى سبب في صنعه من دون أن يدري، تماما كما تفعل الولايات المتحدة، لأن المجرم الحقيقي ليس شخصاً، بل سياسات أمنية اقتصادية واجتماعية، فمثلاً لا يوجد في الشرطة إحصاء لمجموع القضايا التي عملها الضابط، ولا ينظر إلى مصير تلك القضايا في المحكمة، فعندما تجد أن ضابطاً قام بعمل أكثر من عملية ضبط وتحرير محاضر ثم تقضي المحكمة بالبراءة للجميع، لو كان هناك منهج لتقييم هذا الضابط على عمله لعوقب تأديبياً..
كل هذا يبدو صحيحا وإصلاحه واجب، والتفكير فيه خارج صندوق البيروقراطية مطلوب، ولكن في نفس الوقت يجب ألا ننسى أن هذا الجهاز يدفع كل يوم شهداء لشباب في عمر الزهور من دون أن يسمعوا من كثير من منتقديه كلمة طيبة وتقديراً للدماء التي تسيل كل يوم لصالح أمن الشعب والوطن..
مناقشة مشكلات الشرطة يجب أن تكون في هذا الإطار، أي الاعتراف بحجم العبء الملقى عليهم، وحجم التضحيات التي يدفعونها كل يوم وإقناعهم بأن الإصلاح ومحاسبة المخطئين هو في صالح جهاز الشرطة وليس بغرض الانتقام منه أو تصفية الحسابات’.

الببلاوي والحراسة المشددة

والى زميل ظريف آخر هو صديقنا الإخواني محمد حلمي المشرف على صفحة المهروشة بجريدة ‘المصريون’ الأسبوعية المستقلة التي تصدر كل يوم اثنين وقوله في فقرة صباحك عسل عن رئيس الوزراء:
‘المسؤول الوحيد الذي يحظى بحراسة مشددة فوق العادة هو السيد حازم الببلاوي التزاما من الحكومة بحماية الآثار وحيدة النسخة’.

عودة الاحتجاجات العمالية ناقوس خطر

ونبقى في ‘المصري اليوم’ ومقال الكاتبة نادين عبدالله عن عودة الاحتجاجات العمالية تقول:’ شهدنا هذا الأسبوع عودة جديدة للاحتجاجات العمالية، وعلى رأسها إضراب عمال غزل المحلة للمطالبة بحقوقهم المادية، بالإضافة إلى إقالة رئيس مجلس إدارة الشركة. لسنا ممن يسعدون بكثرة الاحتجاجات أو الإضرابات، لأننا نراها قبل أي شيء عرضا لمرض سياسي ينبغي علاجه قبل أي شيء. يحتج العمال منذ 2005 بكل جرأة وشجاعة لاسترداد حقوقهم المسلوبة، ولذا فهم يستحقون كل التقدير والتحية. إلا أنه من الواجب على أي نظام سياسي طبيعي أن يعمل على علاج الأسباب التي أدت، ومازالت، إلى الغضب الاجتماعي لأن تراكمه لن يفيد.
فأول هذه الأسباب يتعلق بمشكلة تردي الأجور ومستوى المعيشة للعاملين بجهاز الدولة أو في القطاع العام على السواء. فالإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها حكومة نظيف منذ 2004 لم يستفد منها سوى قطاع صغير من الطبقة الوسطى، فارتفعت مؤشرات الاقتصاد الكلى من دون أن تشعر الغالبية العظمى بآثار ذلك أو تنعم به. بالفعل، انخفض مستوى الدخول بشدة بسبب ارتفاع التضخم، وحتى الآن لم نستطع علاج هذا الأمر. صحيح أن الدولة تعاني، حاليا، من وضع اقتصادي متردٍ لا يسمح لها بإعادة توزيع الثروة أو الدخل، لكن ربما تستطيع، لو أرادت الإصلاح، أن تتلافى سببين آخرين يدفعان لزيادة الاحتجاج الاجتماعي.
ونذكر بالذات سوء الإدارة المالية والتقنية التي تعاني منه شركات القطاع العام، وعلى رأسها شركة المحلة. ففي أغلب الأحيان يجبر عمال القطاع العام على الشغل على مكينات متهالكة لا تهتم الإدارة بصيانتها، مما يؤثر على إنتاج المصنع، بل قدرة الشركة على التصدير. فقد تضاءلت الأخيرة بصورة كبيرة مؤخرا. وقد تفجرت هذه الأزمة واشتعلت داخل شركة المحلة، منذ 2007، حين سمعنا وقتئذ باندلاع احتجاج عمالي يطالب بإقالة رئيس مجلس الإدارة، إثر تراكم ديون الشركة وارتفاع خسائرها المتلاحقة رغم محاولة العمال زيادة الإنتاج.
والحقيقة هي أن الأمر لا يتوقف عند ذلك بل تعاني هذه المؤسسات بعمالها من انسداد واضح في قنوات التواصل الطبيعية بين الإدارة أو الدولة من جهة، والعمال من جهة أخرى. وفي ظل غياب همزة الوصل النقابية بين العامل وصاحب العمل يصبح الاحتجاج أو الإضراب هو الوسيلة الوحيدة المتاحة لإجراء تفاوض مع صاحب العمل على المطالب. فعليا، لم يعد إصلاح الاتحاد العمالي الرسمي ترفا كما يتخيل البعض، بل بات ضرورة ملزمة لتلافي تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي على السواء.
قطعا، وأخيرا، عودة الاحتجاجات العمالية وارتفاع عددها مجددا ليس سوى علامة تدق ناقوس الخطر، فهل هناك من ينتبه؟’.

صحافة خدمة السلطان
والأبواق تشوه الوسط الإعلامي

ونخرج من ‘المصري اليوم’ ونتوجه الى ‘الشروق’ لنتعرف من الكاتب عمرو حمزاوي عن ماهية التشوهات الخطيرة التي تحدث عنها في عموده ‘هامش من الديمقراطية’ الذي يقول فيه: ‘تحدث صحافة خدمة السلطان وأبواق الأجهزة الأمنية وبرامجهم الفضائية تشوهات حادة في المساحة الإعلامية المصرية والمهن المرتبطة بها. لست من هواة شخصنة الأمور العامة، ولست من الذين يختزلون المسالب في نفر من المتجاوزين أو المتورطين، ولست من المعنيين بالرد المستمر على الإفك الذي يروجه خدمة السلطان وأبواق الأجهزة الأمنية عن المدافعين عن الديمقراطية وحقوق الإنسان عبر توظيف الصحافة والبرامج الفضائية لثقتي في أن الإفك لا يدوم في الأرض وأن التعامل معه إن بصيغة تفنيدية أو بصيغة انتقامية يصرف النظر والجهد عن العمل على تحقيق صالح الوطن في لحظة تحديات كبرى. لذلك لست براغب هنا بالاشتباك مع كتاب أعمدة لا يمتلكون الكثير من الأفكار ولا يجيدون إلا التعريض بآخرين، إما طلبا لشيء من الاهتمام العام أو أملا في أن يلتفت أحد في دوائر الحكم والنفوذ والمال، أو في أي من مؤسسات وأجهزة الدولة إلى ‘الخدمات الرائعة’ التي يمكن أن يقدموها لاغتيال المعارضين معنويا وشعبيا، ولا تشعرني صحف أبواق الأجهزة الأمنية وبرامجهم الفضائية إلا بالإشفاق على من تدربوا في الجامعات والمعاهد أو في محطات مهنية على البحث عن المعلومة وتوثيقها ونشر الحقيقة والالتزام بالموضوعية والنزاهة، ثم تحولوا في إطار علاقة ‘الاستتباع في مقابل الحماية والعوائد’ إما إلى مروجين لتقارير أمنية بدرجة رؤساء تحرير الصحف أو مرددين لمفردات التقارير هذه كتابة وعلى الهواء مباشرة بدرجة ‘مفكرين كبار’ و’خبراء استراتيجيين’ أو منفذين مباشرين لتعليمات دوائر الحكم والنفوذ والمال أو المؤسسات والأجهزة لتخوين هذا وذاك واغتيال آخرين معنويا وشعبيا بدرجة ‘صحافيين وإعلاميين مخضرمين’
ما يهمني ويعنيني هو رصد التشوهات الحادة التي تحدثها صحافة خدمة السلطان والأبواق وبرامجهم الفضائية في المجال الإعلامي المصري. وهذه التشوهات يتصدر قائمتها الطويلة إلغاء قيمة المعلومة والحقيقة والموضوعية والنزاهة المهنية، وإحلال ممالأة السلطان ونفاق الحكام وقبول الالتحاق بدوائر النفوذ والمال بحثا عن الحماية والعوائد والمصالح الشخصية (معنوية ومادية) كمنظومة بديلة ليس لها إلا أن تفسد العمل الصحافي والتلفزيوني.
ويلي ذلك خطر صرف نظر واهتمام الأجيال الوسيطة والشابة العاملة في المجال الإعلامي عن الاجتهاد والتطور الذاتي وتنمية القدرات المهنية ومن ثم الحيلولة دون الارتقاء جماعيا بالصحافة وبالقنوات الفضائية. جيل الشيوخ والمجموعات المتقدمة في العمر حسمت اختياراتها وبين صفوفها أسماء كثيرة لم تنقلب على المعلومة والحقيقة والموضوعية، وأسماء أكثر قبلت الاستتباع وخدمة السلطان وتمارسهما بإمكانيات تتفاوت. الأجيال الوسيطة والشابة هي التي تتحول إلى ضحية بدفعها بعيدا عن القراءة والإطلاع والمتابعة والتوثيق واختبار أساليب جديدة في الكتابة الصحافية والتغطية التلفزيونية، والزج بها إلى البحث عن موضع قدم في شبكات الممالأة والنفاق الواسعة ومزاحمة من سبقوهم إلى الاستتباع وبنفس الأدوات المعهودة – الترويج لتقارير الأجهزة الأمنية وتنفيذ تعليمات الحكام والنافذين وملاك الصحف والقنوات الفضائية…’.

أعلنوها ثورة شبابية ثم تنكروا لها

ونختتم مع زميله عمرو خفاجي في عدد اليوم نفسه ومقاله عن تحالف الماضي الذي يتحدث فيه عن صراع الاجيال في مصر يقول:’ لم يتوقف الجدل خلال السنوات الثلاث الماضية، عن مفاهيم الصراع الجيلي في مصر ودور الشباب وتمكينهم، مع الإشارات المتكررة لدولة ‘العواجيز’ التي تحكمنا، وطبعا لم يخلص هذا الجدل لشيء حتى الآن، أولا لأن الموضوع لم تتم مناقشته بجدية، وثانيا ازدحام الأحداث وتباينها خلق واقعا جديدا طرد هذه النوعية من الجدل من ساحة النقاش العام، ليتبقى أمامنا عنوان وحيد بليد اسمه صراع الأجيال، يبدأ من ضرورة إحالة من يصل إلى سن الستين للتقاعد، من أجل منح الفرصة للشباب، وينتهي عند الأفكار المسنة التي يطرحها الكبار، وبينهما ملاحظات دائمة عن غياب الشباب من مواقع القيادة والمسؤولية. الأكيد أننا لا يمكن أن ننكر فكرة صراع الأجيال، التي هي بالضرورة عبارة عن مجموعة من صراعات الأفكار الجديدة والقديمة، وإذا أضفنا مكون الثورة لهذا الصراع، فسنكتشف بسهولة حقيقة الأمر وطبيعة الصراع التي بدت لنا في الكثير من المواجهات والأزمات، معركة حقيقية بين الثورة والاصلاح، بين التغيير الشامل العاجل، وبين التغيير الجزئي البطيء، الشباب ينتمون للفكرة الأولى، خاصة أنهم في مقدمة ضحايا الواقع، بينما الأجيال الأكبر سنا يدعون الحكمة بطبيعة الحال ويصارعون من إجل التغيير بهدوء.
المشكلة أن هذا الصراع، الذي كان واضحا في بدايات الثورة، سرعان ما انطفأ مع نشوب صراعات أخرى وطرح أسئلة بديلة لفكرة صراع الأفكار الجديدة والقديمة، فقد أطلقت الثورة لجام جميع الصراعات والثنائيات التقليدية التي كانت مخبأة في ثنايا جميع الأنظمة التي أعقبت ثورة يوليو/تموز وما نتج عنها، المدني/ العسكري، المدني/ الديني، العلماني/ الاسلامي، الليبرالي/ الاسلامي، أو خلق معارك نشأت مع الثورة، النظام الجديد/ النظام القديم، الثورة/ الفلول، وهكذا في ثنائيات متكررة تتنكر في صفات وأسماء متباينة، فتاهت قضية الشباب بعد أيام قليلة من تنحي مبارك وبدء الحديث عن تكوين النظام الجديد، رغم أن الجميع أعلنوها ثورة شبابية في البداية، ثم سرعان ما تنكروا للاثنين.. إنها ثورة وانها شبابية، ومع مارس/اذار أصبحت إسلامية، وعند شهر أبريل/نيسان بدأ إلقاء القبض واعتقال الشباب.
ومع قرب موعد الانتخابات الرئاسية الجديدة، لم تظهر قضية الشباب في الآفق حتى الآن، وكأنها كانت قضية عابرة هامشية غير أصيلة في متن الثورة، أو في موجاتها المتعددة، وهنا تحديدا، في تقديري، تتجلى فكرة صراع الأجيال، فبغض النظر عن الاتجاهات أو الأيديولوجيات، كانت الانحيازات واضحة خلال السنوات الماضية ضد هؤلاء الشباب، فمرسي لم يتذكرهم إلا في الخطاب الذي سبق رحيله، بدأ يتحدث عن مشاركتهم في الحكم، رغم أنه وجماعته لم يلتفتوا لهم مطلقا بدءا من انتخابات برلمان 2011، حيث تحدث الاخوان طويلا عن التحالف مع شباب الثورة، ثم اختاروا في قوائمهم كبار الأحزاب التقليدية مثل حزب الكرامة، وعثروا على مرشحين تخطوا الستين، والآن حتى الكلام عن الشباب اختفى، وهو ما يعني أننا نسعى لتكرار ما حدث خلال السنوات الماضية، بدون أن نلتفت مجددا إلى أن هناك جيلا جديدا تحرك يبحث عن حظوظه واستحقاقاته، ولا يمكن تصور أي مستقبل قريب بدونهم.. فلماذا لا نفهم ذلك ونصر على التحالف مع الماضي برجاله وأفكاره؟’.’

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جابر الزبن:

    العجب لدرجة القهر على الذين يصرون ان تكون الانتخابات خالية من الانتخاب جوفاء ويريدونها عرس استفتاء يا اخي ليترشح من يرى بنفسه الكفائة وانتخب من تراه مناسبا

  2. يقول Mosa:

    احد الأسباب القوية لوقوف حمدني صباحي ضد مرسي هو إصراره على انتخابات مبكره لعلها تأتي به حاكما لمصر ولما فشل في ذلك الطلب تحالف ليسقط مرسي مع العسكر ونسي ان الديمقراطية تأتي باختيار الشعب لمن يريدونه بغض النظر اتفق معهم ام اختلف
    اما في حاله فرض الأمر بالقوة العسكريه فلا مجال لمن ليس لديه القوه العسكريه ان ينافس وإلا فانه يخدع نفسه و و اذا أصر صباحي على المنافسة فعليه ان يتوقع الا ينال ١٠ في الماءه مما ناله في الانتخابات النزيه السابقة .
    لقد اضاع حمدين فرصه ان يكون رئيساً محتملا في كل مره في ظل نظام ديمقراطي ولكن الان تجد وساءل الإعلام المصريه مع كثرتها ان مجرد استضافته أصبحت حملا ثقيلا لا تطيقه

إشترك في قائمتنا البريدية