ضمان سياسي وعسكري امريكي للعرب ولكن.. بلا رصيد

حجم الخط
52

العراق اليوم ليس استثناء في حالته السياسية المتوترة كما كان منذ عام الفين وثلاثة الى عام الفين وأحد عشر، فعدوى العراق قد اجتاحت المنطقة بأسرها. وفي غضون ثلاث سنوات اصبح الحديث عن الاستقرار تندرا. فلقد كان يُنظر الى العراق على انه بؤرة للأزمات على مدار الثلاثين سنة الماضية تخللتها صراعات مع ايران ثم مع الغرب المستأسد بسبب انهيار الند الأشتراكي، وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية.
وكانت نتيجة هذه التوترات والأزمات ان خاض العراق مختاراً ومجبراً ثلاث حروب طاحنة وحصار قاس اجهزت جميعها على قدرته التنموية واضعفت كوامن التقدم العظيمة التي كان الجميع يراها فيه، اشقاؤه واصدقاؤه واعداؤه. وكأي حرب لم تكن حروب العراق استثناء فقد خرج منها العراق مدينا ومنهكا وشعبه العظيم تعب يبحث عن فرصة عيش بسلام وامان. ويتعمق الكثير من الباحثين والسياسيين وحتى المبتدئين منهم في البحث في اسباب تلكم الحروب والأزمات ولكن نتائج الأحداث اليوم امضى من اسبابها، بل هي تغني في البحث في اسبابها.
المهم انه عندما كان العراق استثناء في واقعه السياسي الخارجي والداخلي انذاك مقارنة بجيرانه ومحيطه الجغرافي لم ينتبه الكثير من الأشقاء والجيران الى امكانية توسع الأزمة العراقية لتشمل المنطقة بأسرها، بل وربما ابعد من ذلك بكثير، ليس لعيب في تحليلاتهم او في استراتيجية رؤيتهم للأمور ولكن لأن الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة اعطى ضمانات على المكشوف على انهاء الحالة العراقية الاستثنائية، وانه مع إنهاء حكم الرئيس صدام حسين ونظامه ستعود المنطقة آمنة مستقرة كما يتمناه ابناؤها.
ولم يكن يتصور البعض ان امريكا التي اصدرت هذا الضمان ولم يكن لديها رصيد سياسي او عسكري يغطيه. وان امريكا هذه الدولة العظيمة ليس لدى مقاتلها روحية القتال طويل الأمد. بل حتى اقتصادها ليس بقادر على تغطية نفقات حرب طويلة ليس ضد العدو الواضح مثل العراق فقط، بل وامام الأعداء المحتملين مثل ايران. فبعد حرب سريعة لأسقاط حكم الرئيس صدام حسين ساعد فيها الجهد الأيراني الأستخباري والعسكري، شعر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش انه قد انهى مهمته وهكذا شعر الكثير من جيران العراق ومحيطه الجغرافي.
لقد هرب الرئيس الأمريكي الى الأمام واعلن الأنتصار المبكر في العراق وكانت الحرب قد بدأت لتوها ولا زال الطريق طويلا. وعندما آن له ولأدارته ان يعلنا لمحيط العراق العربي وغير العربي عن رصيد الولايات المتحدة السياسي والعسكري لتغطية الضمان الذي تكفلّت به هي وحليفاتها من الدول الغربية، انسحبت امريكا من العراق تاركة العراق يغرق في بركة من الدم والفساد. الى هنا ولم يكن احد من جيران العراق يتصور ان الولايات المتحدة ستترك العراق وبأي ثمن بيد غريمتها المزعومة إيران. وأيران دولة اقليمية اصابها الورم نتيجة شعورها بالتفرد في قطبية المنطقة الأقليمية بعد غياب العراق وتراجع السعودية عن دورها لصالح قطر وانشغال تركيا باحلام الأنضمام الى منطقة اليورو، وهذا الورم له استحقاقاته الداخلية والخارجية، ومن استحقاقاته المشروع النووي الأيراني والندية للولايات المتحدة في حل مشاكل دول المنطقة، ومنها لبنان وسوريا وفلسطين والبحرين واليمن ومصر وقبلها جميعا افغانستان والعراق.
انسحبت الولايات المتحدة من المشهد المتصلب لتأخذ دور السياسي الوديع الذي يبحث عن الحلول قليلة التكاليف. لم يعجب هذا الدور الجديد الذي تمارسه الولايات المتحدة لا حلفاؤها الاستراتيجيون في الغرب و’اسرائيل’ ولا حلفاؤها التاريخيون على الضفة العربية من الخليج العربي. لقد تراجعت الولايات المتحدة عن أداء دورها السياسي والعسكري كقوة عظمى في عهد الرئيس اوباما ولم يكن حقيقة هو المسؤول عن هذا التراجع، بل سابقه بوش الذي شن حربا ضروسا لا يملك نهايتها ولكنه اعطى ضمانا سياسيا وعسكريا مكشوفا لجيران العراق من العرب، ولما حان سداده انفضح.
ستحاول اوروبا سداد فاتورة الولايات المتحدة وستقف لها روسيا بالند مستندة على التراجع الأمريكي وحيوية الغاز الروسي، وكل ما اتمناه ان لا يبقى العرب يراهنون على ضمانات بلا رصيد.
الدكتور محمود خالد المسافر
رئيس مؤسسة النهضة العلمية/ ماليزيا
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مجدالدين سلامة:

    الرئيس الفرنسي=قبل ان تبذل اموال فرنسا للبنان عليك اولا ان تلغي ضريبة الحجاب على الفرنسيات وان تسددها لهن فهن اولى بهذه الاموال وان تقوم ضد ايران التي ستاخذ هذه الاموال باخدامها عبر الحزب

  2. يقول مجدالدين سلامة:

    الرئيس الامريكي-طبق قانون قيصر على الكبار ايران وروسيا ثم على بشار وعصابته

  3. يقول مجد الدين سلامة:

    فضيحة=موقع الجامعة العربية الالكتروني لايوجد به خدمة التواصل الالكتروني ليتواصل اهل الابداع معهم

  4. يقول مجد الدين سلامة:

    على الرئيس الامريكي-عليك القضاء على زعيم حزب لبنان الشيعي والمليشيات الشيعية في لبنان وسوريا والعراق واليمن لتكون حليف للعرب بحق لان هذه مليشيات ارهابية مجرمة

  5. يقول مجد الدين سلامة:

    ايها العرب=لاتدمروا ليبيا ببعبؤ الاخوان الاخوان بارضكم وبفكره موجود ويغزوكم عبر الانترنت انتبهوا من الوصايا الخارجية الثدميريةالتي تهدف لاضعافكم عليكم تقديم المبادرات لاصلاح الوضع ومع العالم الاسلامي ايضا

  6. يقول مجد الدين سلامة:

    مبادرة =لحل الوضع بليبيا تقسيمها عبر المختلفين لحفظ الدم العربي بشرط حرية التنقل بين القسمين للمواطنين وتعويضهم

  7. يقول مجدالدين سلامة:

    الى سفراء فينا=تقفيل المساجد نتيجة عمل واحد اوجماعة من المسلمين لايبرر تقفيلها كمكان للعبادة والعلم كيف لوعمل مسيحي واحد اوجماعة عمل مثل هذا ضد المسلمين هل هذا يسوغ لحكومتكم تقفيل جميع الكنائس

  8. يقول مجدالدين سلامة:

    الى التحالف والمالكي وهادي=لقد طالت المدة على التحرير لم تححروا ولامحافظة واحدة في الشمال راجعوا خخطكم العسكرية وراجعوا الفساد العسكري والمدني

  9. يقول مجدالدين سلامة:

    الى الدول التي تريد التطبيع=لاتنسوا مطالبة امريكا بفك حصار غزة وعودة اللاجئين واصحاب المخيمات ال فلسطين ياحبايبي

  10. يقول مجدالدين سلامة:

    الى الساسة في اليمن اصحاب الشرعية=لماذا تقايضون في الجنوب كلما استولى الانتقالي على مناطق جاءات مشاريعكم التنموية التي كانت غائبة والتي يحتاجها الجنوب من قبل

1 3 4 5 6

إشترك في قائمتنا البريدية