أنقرة: قال البروفيسور في جامعة شمال النرويج، مادس غيلبرت، إن الدول الغربية تدعم مشروع إسرائيل الاستعماري، لأنها اعتادت على قتل السكان الأصليين.
وأضاف: “يبدو أن الدول الاستعمارية السابقة في أوروبا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، تدعم بطريقة أو بأخرى المشروع الاستعماري (إسرائيل)، لأنّها قوى استعمارية سابقة اعتادت على قتل السكان الأصليين وسرقة أراضيهم”.
وأكد أن “عدم تعامل بعض الدول مع الأحداث في غزة كما تتعامل عادة مع الأزمات في العالم يخلق معايير مزدوجة”.
وأوضح أن “الأوضاع في غزة صعبة للغاية ويمكن وصفها بأنها كارثية”.
وأشار إلى أن “2.2 مليون شخص في غزة يتعرضون للقصف الوحشي والجوع والعطش وظروف الشتاء القارص منذ أكثر من 8 أسابيع”.
وتابع: “شهد قطاع غزة مقتل أكثر من 20 ألف شخص بسبب القصف الإسرائيلي 70% منهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 52 ألف آخرين”.
ولفت إلى أن “حوالي عشرة آلاف من هذه الإصابات تتطلب علاجاً جراحياً للبقاء على قيد الحياة”.
ونبه إلى أن “8 آلاف من الـ19 ألف شخص الذين ماتوا خلال 8 أسابيع كانوا من الأطفال”، واصفاً هذا رقم بأنه “رهيب”.
بحسب البروفيسور النرويجي، فإن “نصف سكان غزة هم من الأطفال”. وأردف: “نحن نعلم أن 80% من السكان (حوالي 1.9 مليون شخص) أصبحوا بلا مأوى بسبب القصف الإسرائيلي”.
وتابع: “إسرائيل تأمر السكان بالذهاب جنوبا، وحتى لو ذهبوا جنوبا، فإن الوضع ليس آمنا لأنهم يتعرضون هناك أيضا للقصف والقتل”.
وحمل غيلبرت إسرائيل سبب تدهور الوضع الإنساني في غزة، مشيراً إلى أن “تل أبيب لا تسمح بدخول ولو كميات صغيرة من المساعدات الإنسانية، في ظل تدهور أوضاع الخدمات الصحية الفلسطينية والبنية التحتية الصحية والاجتماعية بسبب الهجمات الإسرائيلية”.
وشدد البروفيسور والدكتور النرويجي مادس غيلبرت، على أن “الهجمات على مرافق الرعاية الصحية والموظفين في قطاع الصحة بغزّة غير مسبوقة”.
وقال: “لا أعرف أي حالة في التاريخ ركزت فيها الهجمات العسكرية على استهداف المستشفيات ونظام الرعاية الصحية والعيادات الطبية وسيارات الإسعاف والعاملين في مجال الرعاية الصحية مثل ما يحدث اليوم في غزة”.
وأضاف: “غزة كانت تضم 34 مستشفى يوفر الرعاية الصحية حتى يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأن تلك المستشفيات كانت تعمل بأكبر قدر ممكن من النشاط في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 16 عاماً”.
وتابع: “هناك في غزة اليوم فقط 11 مستشفى عامل، تعمل في ظل قدرات محدودة بسبب القصف والهجمات الإسرائيلية”.
وفيما يتعلق بالهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مستشفيات “العودة والشفاء وكمال عدوان”، أوضح غيلبرت أن “المستشفيات تعاني من صعوبات في توفير الوقود والغذاء والمياه والمستلزمات الطبية”.
وأكد أن “حق الناس في الحصول على الرعاية الصحية سُرق في قطاع غزة، وسط تعرض أكثر من 50 ألف شخص من أصل 2.2 مليون شخص لإصابات بالغة”.
وذكر أن “قطاع الرعاية الصحية في غزة يواجه مجتمعا تحتاج فيه الحالات الشائعة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والربو والحمل إلى رعاية مستمرة”.
وأشار إلى أن “المرضى في القطاع لا يتمكنون من الحصول على علاج نظيف بعد أن قطعت إسرائيل المياه عن غزة، وأن الأشخاص الذين يعيشون في الملاجئ ومخيمات اللاجئين يتعرضون أيضاً للعديد من الأمراض المختلفة بسبب نقص المياه”.
وأردف: “هذه الحالات تشمل الالتهابات الجلدية، والتهابات الجهاز الهضمي مع الإسهال والقيء، والحمى، كما تظهر أيضاً أمراض معدية وخطيرة مثل التهاب الكبد وشلل الأطفال”.
قال غيلبرت إنه فقد العديد من زملائه الأطباء الذين يعرفهم بشكل شخصي، بسبب الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، واصفاً الوضع بـ”الفظيع والمؤلم”.
وأضاف أن “أكثر من 300 من العاملين في مجال الرعاية الصحية مثل الأطباء والممرضين والمسعفين وأخصائيي العلاج الطبيعي والصيادلة قتلوا خلال الهجمات الأخيرة”.
وأوضح أن قطاع الرعاية الصحية في غزة تعرض لخسارة كبيرة، مردفاً: “العاملون الشجعان في مجال الرعاية الصحية لم يتخلوا أبداً عن مرضاهم وبقوا معهم، حتى عندما تعرضوا لتهديد مباشر بالقتل من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي”.
وأفاد البروفيسور النرويجي بأن “الدول الأوروبية والغربية فرضت على الفور عقوبات اقتصادية وسياسية على روسيا بعد غزوها أوكرانيا”.
وتساءل: “أين العقوبات على جرائم الحرب الإسرائيلية؟ أين العقوبات على احتلال فلسطين؟ أين العقوبات على الهجمات الشنيعة على المرافق الصحية المدنية في غزة؟”.
وأشار إلى أن هناك أيضا معايير أخلاقية مزدوجة، عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.
وشدد على أن “القانون الدولي لم يؤخذ في الاعتبار عندما يتعلق الأمر بفلسطين أو العراق، لكن يتم تطبيقه عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا و(الأشخاص البيض)”.
وطالب غيلبرت بـ”عالم أكثر عدلا يتم العمل فيه بما يتوافق مع حقوق الإنسان وحقوق الطفل، وبما يتوافق أيضا مع قواعد الحرب والصراع في إطار القانون الدولي”.
ووجه غيلبرت نداء للرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أجل مواصلة دعم قضية غزة، قائلا إنه أحد أبرز القادة المؤيدين بشكل قوي للقضية الفلسطينية.
وذكّر غيلبرت بمستشفى الصداقة التركية الفلسطينية في غزة، والذي بُني كهدية صداقة من الشعب التركي للفلسطينيين.
وأوضح أنه عمل في هذا المستشفى، حيث يتم منذ 3 سنوات توفير العلاج لمرضى السرطان، مشيراً إلى أن “إسرائيل قصفت المكان ودمرته، وتم إجلاء مرضى السرطان مع بعض المصابين”.
وطلب غيلبرت من الرئيس أردوغان “مواصلة دعم عمليات إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة، خاصة في مجالات الغذاء والمياه والوقود والإمدادات الطبية والتدفئة”.
وأشار إلى أن “تركيا بلد عظيم ويسمح لها وضعها بزيادة دعمها لغزة على المدى الطويل”.
ساند الطبيب النرويجي مادس غيلبرت، طوال حياته المهنية الممتدة لأكثر من 4 عقود، الشعب الفلسطيني، ووقف إلى جانبه في وجه الهجمات الإسرائيلية.
والتقى غيلبرت بالفلسطينيين لأول مرة في العشرينات من عمره، عام 1981، وهو العام الذي حاصرت فيه إسرائيل بيروت الغربية، وقد كرّس حياته لهذه القضية بعد وقوفه على محنة الشعب الفلسطيني.
وقدّم غيلبرت في غزة خدمات جليلة، خاصة في الهجمات التي تعرّض لها القطاع في أعوام 2006 و2009 و2012 و2014، قائلاً: “أي شخص لديه ضمير يجب أن يخبر العالم عما يحدث في فلسطين المحتلة”.
وإلى جانب إنتاجه أفلاما وثائقية عن غزة، شارك مادس غيلبرت في تأليف العديد من الكتب حول غزة أبرزها: “عيون في غزة” و”ليلة في غزة”.
(الأناضول)