الرباط ـ «القدس العربي»: في خطوة تصعيدية، رفضت الحكومة المغربية تأجيل امتحانات طلاب كليات الطب والصيدلة، عقب أكثر من 6 أشهر من مقاطعة مفتوحة للامتحانات والدروس النظرية والتطبيقية والتداريب الاستشفائية، معلنة أنه سيتم الحفاظ على البرمجة الحالية للامتحانات على أن تفتتح الدورة الربيعية أمس 26 حزيران/ يونيو، وبعدها دورتها الاستدراكية قبل متم شهر آب/أغسطس.
ومنذ كانون الأول/ديسمبر 2023، خاض مئات من طلاب كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان وقفات احتجاجية أمام مقر البرلمان في الرباط، وإضرابات شاملة عن الدروس النظرية والتطبيقية والتدريبات الاستشفائية، رفضاً لتخفيض سنوات التكوين، من سبع سنوات إلى ست سنوات، مع المطالبة بتسريع طلبات الاعتماد الدولية، لتكوينات الدكتوراه لدى المنظمات المعتمدة، بالإضافة إلى تنظيم 5 فترات تدريب على طوال السنة الجامعية مع مراعاة شهر من العطلة.
أزمة طلاب الطب باتت تلاحق رئيس الحكومة عزيز أخنوش، فخلال لقاء حواري كان مخصصاً لعرض حصيلة نصف الولاية الحكومية، أول أمس الثلاثاء في مدينة فاس (وسط البلاد)، توجه إليه طالب طب بالسؤال حول الحلول الممكنة للملف الذي عمَّر لأكثر من نصف عام، وهو ما أجاب عنه أخنوش قائلاً: “تدرسون في شعبة جد مهمة، ونُعوِّل عليكم في أن تكونوا في المستوى المطلوب وأن تنهوا دراستكم وتلتحقوا بالمستشفيات المغربية خدمة للمواطنين والوطن”. وأوضح: “طلب الطلاب تأجيل الامتحانات إلى ما بعد عيد الأضحى، وهو ما استجبنا له، ولا يمكن أن نستجيب مرة أخرى لتأجيل آخر”.
وأكد أخنوش أن الحكومة تفاعلت مع طلاب الطب والصيدلة إيجاباً، وتابع: “استجبنا لكل مطالب الطلاب، وتجاوزنا معهم مسألة تقليص سنوات الدراسة والتكوين، إلى بسط مسألة البرنامج التكويني والبيداغوجي وحذف نقطة الصفر وتعويضها بالنقطة المحصَّل عليها عقب الامتحانات، واستجبنا لمطالب المنحة وغيرها من المطالب”، وأبرز أن الإشكاليات جميعاً تمت تسويتها، والأمور باتت واضحة وعلى الطلاب الالتحاق بمدرجاتهم وإجراء امتحاناتهم، لأن المغاربة في حاجة إليهم مستقبلاً”.
وخرج مصطفى بايتاس الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، بتصريح توضيحي بخصوص ملف طلاب كليات الطب والصيدلة تلاه على المباشر، الثلاثاء، وأوضح أنه سيتم استدراك فترات التداريب الاستشفائية التي جرت مقاطعتها انطلاقاً من الموسم الجامعي المقبل، وتعويض نقطة الصفر من بيان النقط بالنقطة المحصل عليها خلال الدورة الاستدراكية للفصل الأول، وإعادة البت في العقوبات تفاعلا مع المبادرة لاجتياز الامتحانات يوم 26 حزيران/ يونيو. الخرجة الإعلامية غير المعتادة للناطق الرسمي باسم الحكومة، جاءت عقب بلاغ لـ “اللجنة المغربية لطلاب الطب وطب الأسنان والصيدلة”، قالت فيه إنها “فوجئت بخطوة أحادية للحكومة أخلَّت بالتزامات مشتركة، تتمثل في إعادة برمجة الامتحانات مباشرة بعد عيد الأضحى في استغلال صريح لتضارب آراء الطلاب ومحاولة لشق الصف الداخلي الذي لم يعرف إلا الوحدة والصمود”.
وأكدت لجنة طلاب الطب، ضمن بلاغ استمرار الطلاب في المقاطعة المفتوحة لكل الأنشطة البيداغوجية بما في ذلك الامتحانات والتداريب الاستشفائية والدروس النظرية والتطبيقية. كما أعلنت تسطير حملة وطنية تحت شعار ”مواجهة السياسات السلبية بالمواطنة الإيجابية”، دعت عبرها إلى المشاركة في حملة وطنية واسعة للتبرع بالدم، ومبادرة لتنظيف الشواطئ والحدائق العمومية أمس الأربعاء، اليوم المقرر لانطلاق الاختبارات.
وعبّر طلاب الطب والصيدلة عن عدم تخليهم عن ممثلي زملائهم الموقوفين وكذا الراسبين، واعتبار أن كل الطلاب موقوفون وراسبون ويجمعنا نفس المصير. كما أعلنوا عن نيتهم تسطير “برنامج نضالي ميداني” مباشرة بعد الامتحانات، وتأسيس خلايا استماع بمشاركة أطباء نفسيين لـ “تجاوز الضَّرر النفسي إثر التطورات الأخيرة على الطلاب وذويهم، بعد كل ما تعرضوا له من حملات ترهيب وتضييق”.
ووصفت “اللجنة المغربية لطلاب الطب وطب الأسنان والصيدلة” نتائج الاجتماع الوزاري المنعقد الأسبوع الماضي، بحضور كل من وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزير الصحة والحماية الاجتماعية والوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة، بكونها “لم ترقَ مخرجاته لتطلعات جموع الطلاب، بل فيها تراجع مهول عما تم التأسيس له آنفاً كأرضية للعمل المشترك وتأكيد على تشبث الوزارتين بنهج مبدأ الحوار الصوري المبني على العرض فقط والوعود الشفوية”.
وتساءل البلاغ بلغة شديدة اللهجة عن “الجدوى من عرض مقترح إن لم تكن النية تضمينه في محضر اتفاق كتابي، وإن كان مماطلة وإطالة لأمد الأزمة أم تضارباً في وجهات نظر يقع الطلاب ضحيتها”.
ويرى طلاب الطب المغاربة أن “سيناريو السنة البيضاء الذي نُسَاقُ له سوقاً قرارٌ سياسيٌ محض، كُلفَته على بلادنا باهظة؛ لما له من تأثير سلبي على التقدم السليم لمشروع إصلاح المنظومة الصحية المرتكزة أساساً على التكوين الطبي والصيدلي من جهة، وعلى الصحة النفسية لـ 25 ألف طالب وذويهم من جهة أخرى”.
الناطق الرسمي باسم الحكومة، كانت له وجهة نظر أخرى علاقة بمخرجات الاجتماع المذكور والذي ضم الوزراء الثلاثة، إلى جانب عمداء كليات الطب والصيدلة، وممثلي طلاب كليات الطب والصيدلة. وأشار إلى أن الحكومة أكدت تحملها المسؤولية كاملة بخصوص ضمان جودة التكوين الطبي في المغرب، كما دعت إلى ضرورة تحمل جميع الأطراف لمسؤولياتهم في هذا الملف، لاسيما الطلاب وأولياء أمورهم، والذي يجب ألا يخرج عن طابعه التعليمي والتربوي.