الجزائر- “القدس العربي”:
شغلت تصريحات عبد القادر بن قرينة أحد أبرز منشطي الحملة الانتخابية لصالح الرئيس المرشح عبد المجيد تبون، الرأي العام الوطني في الجزائر، بسبب طبيعتها التي اعتبرت استفزازية وصادمة أحيانا، خاصة عندما تحدث عن ممارسته التزلف بقناعة.
وباتت تصريحات بن قرينة في الأسبوع الأول للحملة الانتخابية لرئاسيات 7 أيلول/ سبتمبر المقبل أكثر ما يتم تداوله على مواقع التواصل، بتعليقات في أكثرها ساخرة ومنتقدة لكلامه، في وقت يحاول أنصاره الدفاع عنه بالتأكيد على أن ما يقوله يتم تحريفه عن معناه.
وأكثر ما أثار التفاعل مؤخرا، حديثه في تجمع انتخابي جنوب البلاد، أنه يعتز بكونه “شيّاتا” وهو مصطلح بالدارجة الجزائرية يعني “متزلفا”، معتبرا أن “الشيتة شعبة من شعب الإيمان” في محاكاة للحديث النبوي، وهو ما جلب عليه سخطا وانتقادات واسعة، اعتبرت كلامه غير لائق.
وفي السياق العام لهذا الفيديو الذي انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل، كان بن قرينة يقول إنه يعتز بكونه “شياتا في خدمة الوطن” و”شياتا في خدمة المواطنين وتنظيف الطريق لهم”، مؤكدا أن “الشيتة في هذه الحالة هي شعبة من شعب الإيمان”. ورغم اجتهاد بن قرينة في إخراج مصطلح “الشيتة” عن معناه الأصلي، إلا أن الكثيرين لم يتقبلوا هذه الطريقة في المخاطبة، خاصة مع ما تمثل “الشيتة” من معان مذمومة عاش الجزائريون بشكل كبير إرهاصاتها في فترة الرئيس الراحل، عندما وصل التزلف لحد تكريم صور الرئيس الذي كان غائبا بسبب المرض.
وعاد بن قرينة وهو رئيس حركة البناء الوطني التي تنتمي للتيار الإسلامي، لإثارة الجدل من جديد بتصريح آخر من نفس الطينة، قال فيه إن الرئيس خط أحمر، وهو يمثل وحدة الأمة وتمجيد الدين الإسلامي وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، معتبرا أن “من يمس عبد المجيد تبون، فإنه يمس فيّ وفي عرضي وفي أمي وفي ابني وفي زوجتي”.
وتحدث مرة أخرى بأسلوب مثير مستعرضا قوته وقربه من الرئيس، قائلا: “ألتقي الرئيس دوريا. وفي كل مرة نَتْڨَرَّعْ (أتجشأ) على وزير من الوزراء، إلا ويقيلونه. منذ 8 أشهر قال لي تبون لا تحدثني عن الوزراء حتى تمر الرئاسيات”.
وليس هذا الأسلوب جديدا على بن قرينة الذي شغل منصب وزير للسياحة في حكومات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فقد سبق له قبل أشهر دعوة الجزائريين للعمل “خبارجية” (ناقل أخبار) لدى الرئيس ومختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية، لتحصين البلاد من العدو الخارجي.
وقال في تجمع لحزبه بولاية تمنراست أقصى جنوب البلاد، إنه يجب على كل الجزائريين والجزائريات العمل (مخبرين) لدى القوى الأمنية وجنود الجيش الوطني الشعبي، ولرئيس الجمهورية وقائد الأركان وقادة النواحي العسكرية، ولدى كل الأجهزة الأمنية، من أجل ألا يتسلل أي عدو للمساس بأمننا وبجزائرنا”.
وجاء توظيف بن قرينة لكلمة خبارجي، تماهيا مع استعمال هذا المصطلح من قبل الرئيس عبد المجيد تبون في اتهام صحافيين ونشطاء بالعمل لصالح سفارات وقوى أجنبية، تعقيبا على قرار العدالة سجنهم. وكانت أول مرة وظف فيها تبون هذا المصطلح، قبل سنتين، عند الحديث عن قضية الصحافي خالد درارني الذي قضى أكثر من سنة في الحبس.
وعرف بن قرينة الذي احتل المرتبة الثانية في رئاسيات 2019 وتحول لمساند للرئيس تبون بعد ذلك، بتصريحاته وخرجاته الغريبة التي تكسبه حضورا وتفاعلا على مواقع التواصل. ومن أشهر ما قاله وبقي عالقا، دعوته سنة 2021 لشركة (صيدال) لصناعة الأدوية إنتاج دواء جديدا يسمى الفياغرا السياسية للتنشيط السياسي”، مثيرا موجة سخرية عارمة على مواقع التواصل، في حين رأى آخرون حديثه لا ينسجم مع منطلقاته الإسلامية.
وعدا هذه التصريحات التي يجلب بها الانتباه، يؤكد رئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة، في خطابه على أن عبد المجيد تبون، هو الرجل الأنسب لقيادة البلاد إلى بر الأمان وصد ما يصفها بالمؤامرة الخطيرة التي تهدف إلى ضرب استقرارها وأمنها”.
ويدعو بن قرينة وفق ما قال في آخر تجمع له بولاية النعامة، إلى “التكاتف لمواجهة أطماع الأعداء الذين يتربصون بنا شرا، وذلك من خلال المشاركة بقوة يوم 7 سبتمبر المقبل ودعم رجل المرحلة المترشح الحر، عبد المجيد تبون”. وأكد أن دعم تبون سيمكن من استكمال بناء الجزائر الجديدة من خلال تجسيد مختلف البرامج والمشاريع التنموية التي تجسد منها الكثير خلال العهدة المنقضية.
وكانت صحف جزائرية شهر أيار/ مايو الماضي قد نقلت أن الرئيس تبون غاضب من مظاهر التزلف نحوه، “بعد ملاحظة عودة ممارسات قديمة”، كانت منتشرة في فترة سلفه. وما أثار غضب الرئيس، وفق هذه الأخبار، رفع “تيفو” عملاق يحمل صورته في إحدى التجمعات السياسية التي نشطها حزب التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني أكبر أحزاب الأغلبية الرئاسية، وهو المهرجان الذي أعلنت فيه هذه التشكيلة السياسية دعم الرئيس عبد المجيد تبون للترشح لعهدة رئاسية ثانية.
وسبق للرئيس تبون في بداية عهدته أن منع المسؤولين من استعمال لفظ “الفخامة” في مناداته، في رسالة أراد من خلالها إظهار رفضه لتكرار الممارسات المغالية في عبادة الشخصية التي كانت في فترة سلفه عبد العزيز بوتفليقة. وقبل مدة، نددت الرئاسة الجزائرية، بتكريم جامعة باتنة شرق البلاد، للرئيس عبد المجيد تبون عبر لوحة فنية تحمل صورته، واصفة ما جرى بالتصرف السيء الذي يستحضر “حقبة مشينة” من تاريخ البلاد.