عدوان على سورية يستوجب الردّ

اذا لم تكن هذه الهجمات الصاروخية الاسرائيلية على سورية ‘اعلان حرب’، وعدوانا سافرا، وانتهاكا لحرمة سيادة دولة تعيش حربا اهلية، وبطريقة انتهازية بشعة، فما هي الحرب اذن؟
هذه الهجمات الاسرائيلية المتلاحقة تؤكد ان سورية مستهدفة لأنها تشكل خطرا على دولة الاحتلال، في وقت ترتمي فيه معظم الحكومات العربية في احضانها، وتنسق معها، وتتنازل عن ثوابت فلسطينية من اجل ارضائها.
نحن على ابواب حرب اقليمية مدمرة، واذا اندلعت هذه الحرب فإن اسرائيل والدول الداعمة لها، او العربية المتواطئة معها، تتحمل المسؤولية الكاملة عنها، لان اسرائيل هي البادئة بالعدوان، وهي التي تستفز من خلاله الردّ السوري، او الايراني، فلماذا لا ترسل سورية صواريخ لحزب الله وهي التي تتلقى اطنان الاسلحة من امريكا، ولماذا لا تملك سورية صواريخ تلجأ اسرائيل الى تدميرها، وهي التي تحتل اراضي سورية وتتربع على ترسانة نووية ومئات الآلاف من الصواريخ؟
لا نستغرب، بل لا نستبعد، ان تردّ سورية هذه المرة على العدوان، وان لم تردّ فإنها ستخسر هيبتها ، وكل من يقف في خندقها، وكل ادبياتها حول الممانعة والصمود، فالشعب السوري، والشعوب العربية كلها، لم تعدّ مستعدة لتصديق مقولة الردّ في المكان والزمان المناسبين.
ما يجعلنا اكثر قناعة هذه المرة، بأن الردّ ،وبأي شكل من الاشكال قد يكون حتميا، هو ان الغارات الاسرائيلية الاخيرة على اهداف سورية، سواء كانت معامل نووية، او قــــوافل صاروخـــية في طريقها الى حزب الله، باتت تتكرر وبوتيرة متسارعة، ما يوحي بأنها قد تتكرر في الايام المقبلة، وقد تسير جنبا الى جنب مع غارات امريكية جوية تحت ذريعة اختراق ‘الخط الاحمر’ الذي تحدث عنه الرئيس الامريكي باراك اوباما.
ولعل التصريحات التي ادلى بها السيد عمران الزعبي وزير الاعلام السوري، بعد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء وقال فيها ‘ان هذا العدوان الاسرائيلي يفتح الباب واسعا امام جميع الاحتمالات، ويجعل الوضع المعقد في المنطقة اكثر خطورة’، وان ‘على الدول الداعمة لاسرائيل ان تعي جيدا ان شعبنا ودولتنا لا يقبلان الهوان’، هي تصريحات غير مسبوقة في جديتها ووضوحها وتعاطيها مع هذا العدوان.
لم يسبق ان صدرت بيانات او تصريحات بهذه القوة والوضوح عن السلطات السورية، والتفسير الأبسط لها ان كيل ضبط النفس السوري قد طفح، وان الخيارات امامها بدأت تضيق، وابواب الهروب من المواجهة قد تكون اغلقت.
‘ ‘ ‘
اسرائيل وامريكا في عجلة من امرهما، ومعهما كل الدول العربية الداعمة لهما، فحال الجمود على الجبهة السورية الذي دخل عامه الثالث، وصمود النظام طوال هذه الفترة، بل ووصول تقارير عن تحقيقه بعض التقدم في جبهات القتال، هذا الجمود تريان انه لا يجب ان يستمر، ولا بدّ من الحسم.
الخوف من سقوط الصواريخ والاسلحة الكيماوية السورية في ايدي جماعات سنية (الجماعات الجهادية) او شيعية (حزب الله) تستخدم ضد اسرائيل لاحقا، او من قبل النظام حاليا، كآخر محاولة من اجل البقاء، هو الذي يقف خلف هذا العدوان الاسرائيلي.
النظام السوري استطاع ان يمتص جمــيع الغارات الاسرائيلية السابقة، سواء تلك التي وقعت قبل اندلاع الانتفاضة الشعبية في صيغتها السلمية، او بعدها، لانه كان يفعل ذلك تحت مسمى الاستعداد وتعزيز القدرات الدفاعية، والحفاظ على سورية الوطن والشعب، ولكن الآن الصورة تغيرت بالكامل، واسباب ضبط النفس تبخرت، فسورية مدمرة ممزقة، واكثر من مئة الف من خيرة ابنائها قتلوا، وجيشها انهك، واربعة ملايين من اهلها شُردوا في الداخل والخارج، فلماذا الخوف الآن؟
الكثير يتساءلون في العالمين العربي والاسلامي عن قيمة الاحتفاظ بهذه الصواريخ السورية اذا كانت لن تستخدم للردّ على هذه الإهانات الاسرائيلية، والاستباحات المتكررة للكرامة الوطنية السورية؟
يتفهم الكثيرون عدم اخذ النظام السوري زمام المبادرة في الهجوم على اسرائيل في ضربة استباقية، ولكنهم لا يتفهمون عدم دفاعه عن نفسه وبلاده في مواجهة مثل هذا العدوان.
امريكا تدافع عن اسرائيل، وتبرر هذا العدوان الصارخ بأنه دفاع عن امنها من قبل دولة لم تطلق رصاصة عليها وتواجه خطر التفكك والصراع الطائفي، فلماذا لا يفعل حلفاء سورية، روسيا وايران على وجه التحديد، الشيء نفسه والتحرك سياسيا وعسكريا لوقف مثل هذا العدوان؟ فالاسلحة التي تدمرها الغارات الاسرائيلية روسية وايرانية بالدرجة الاولى.
‘ ‘ ‘
يجب ان تدرك الجماعات الجهادية الاسلامية ان اسرائيل تريد اسقاط النظام السوري ليس من اجل تسليم الحكم في سورية لها، وانما لبدء معركة اخرى، تشارك فيها الولايات المتحدة ودول عربية واقليمية اخرى للقضاء عليها، وتجربة صحوات العراق هي درس لا بدّ من الاستفادة منه.
السلطة في سورية في حال سقوط النظام ستسلم الى جهة مستعدة لـ’تنظيف’ البلاد من الجماعات الجهادية، حسب توصيف المسؤولين الغربيين، والعاهل الاردني تحدث عن ذلك صراحة عندما قال ان واشنطن تتوقع انتهاء هذه المهـــمة في غضون سنتين او ثلاث بعد اسقاط النظام.
لا بدّ ان القيادة السورية تدرك جيدا، او هكذا نأمل، انه اذا كان نظامها سيسقط، فمن الاكرم له ان يسقط في حرب ضد المحتل الاسرائيلي، وبعد تكبيده خسائر كبرى، خاصة انه البادئ في العدوان، فالأشجار تموت واقفة.
النظام السوري يجب ان يعلن وقفا شاملا للعمليات العسكرية ضد معارضيه، في اطار الدعوة لمصالحة وطنية من اجل التركيز على مواجهة العدوان الاسرائيلي، وكم سيكون موقف المعارضة بطوليا ومسؤولا لو قابلت هذا الاعلان بما هو افضل منه.
الحرب في اعتقادنا بدأت، والمنطقة على شفير هاوية بلا قاع، وينتابنا احساس بأنها ستكون حربا مختلفة في ادواتها ونتائجها، حربا ستغير خريطة المنطقة، ولا نرى انتصارا اسرائيليا فيها، فإذا كانت اسرائيل لم تحسم حربا استمرت 34 يوما مع حزب الله اللبناني لصالحها، فهل ستنتصر في هذه الحرب التي اشعلت فتيلها، خاصة اذا تحولت الى حرب اقليمية او دولية؟ لا نعتقد ذلك.
Twitter:@abdelbariatwan

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول nagham:

    كل الشعوب الحره وكل الشرفاء ستقف في خندق واحد ضد اسرائيل وشرذمتها

    وهذه الضربات وحدتنا سنه, شيعه و مسيحين

    معا لردع الفتن ومعا لبناء حياه خاليه من الجبن

  2. يقول kamil:

    مرحبا أستاذ عبد الباري عطوان يعني نظام الطاغية بشارليس نظام الممانعه والمقاومه وهل هذا النظام الفاسد ليس هو الذي سيحرر فلسطين بعد أن باع الجوﻻن .وللعلم فكل الممانعين والمقاومين وإيران ذوأسرائيل هم عمله واحده ضد العرب والمسلمين .ومن جهة رده على أسرائيل لن يحصل وهذا الذي تراه هو مسرحيه ﻻتفهما إﻻ بعد تفكير عميق وربط كثيرا من اﻷ مور ببعضها وأنت أفضل العارفين.وشكرا

  3. يقول Syrian_g:

    بسم الله الرحمن الرحيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين)

    و يقول عليه الصلاة و السلام : ” أَهْلُ الشَّامِ سَوْطُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَرْضِهِ فَيَنْتَقِمُ بِهِمْ مِنْ سَائِرِ عِبَادِهِ ، وَحُرِّمَ عَلَى مُنَافِقِيهِمْ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى مُؤْمِنِيهِمْ ، وَلَنْ يُمِيتَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ إِلَّا هَمًّا وَغَمًّا “

  4. يقول نبيل:

    سيدي الفاضل أول ما قام به الثوار الشرفاء هو تدمير محطات الرادار السورية لما تشكله من خطر على الجمهورية الاسلامية الاسرائيلية الفاضلة , يقولون ان نضام بشار قاتل و مستبد و مغتصب ،أاما النظام الامريكي و الاسرائيلي و وو و (بدون ذكر الدول العربية الفاضلة رحمة الله عليها) فهو نظام عادل و إنساني أنظر الى حال العراق و أفغانستان و ليبيا و الصومال وووو فالحمد لله الذي انعم علينا بنعمة الغباء و الهبل

  5. يقول طارق المغرب:

    في نظري الغرب لايتدخل الان لانه يريد سوريا مدمرة كليا وهدا في صالحهم كلهم لانهم يريدون الاستفادة من صفقات اعادة الاعمار مثل الصقور الجائعة اضافة الى سوريا ضعيفة اقتصاديا وعسكريا هو حلم اسرائيلي والان اسرائيل تجهز كليا على ماتبقى من قوة عسكرية حتى لايكون لسوريا بعد الاسد اي قوة عسكرية ولو هزيلة كتلك الموجودة لدا الاسد والسبب في هدا كله هو نرجسية الاسد مثله مثل القدافي لا يتوانى في تدمير بلده لتحقيق رغبته . تحية لبنعلي وللسعودية لو فر الاسد من زمان لكنت احترمه

  6. يقول د. ابو رفعت:

    صدقت يا استاذ عبد الباري” سوريا مستهدفة لانها تشكل خطرا على دولة الاحتلال في وقت ترتمي فيه معظم الحكومات العربية في أحضانها وتنسق معها وتتنازل عن ثوابت فلسطينية من اجل إرضائها ” ان هذا ما يفسر بدقة سبب ما تتعرض له سوريا من كوارث وبرعاية عربية خسيسة متوافقة مع اهداف امريكا والصهاينة ومن هنا نقول ان كل من يستهدف سوريا سواء من العربان او الغرب او المرتزقة التكفيريين الإرهابيين هو صهيوني بامتياز كما ان حال الامة لن ينصلح مع وجود حكامها الحاليين فعلى شعوبهم واجب قومي هو قلعهم من جذورهم وإرسالهم الى مزبلة التاريخ المكان الذي يليق بهم فقد انكشفوا حتى من ورقة التوت وحتى الشجب او استنكار للعدوان الاخير على تفاهة محصلته لم يبادر معظمهم بفعلة. وكذلك حال من يسمون انفسهم زورا وبهتانا” جماعات جهادية اسلامية ” فالجهاد براء من أمثالهم ولا يمتون الى الاسلام باي صلة ولو عصبوا رؤوسهم وكبروا فهم عملاء صهاينة يباركون للصهاينة عدوانهم ويفرحون عندما تتعرض سوريا للعدوان الغاشم من العدو الذي ينسق معهم ويرحبون به هذا لوحده يخرجهم من الملة ويستدعي الرد السوري العنيف عليهم وتصفيتهم وهو ما حاولت اسرائيل ان تجنب حلفائها المرتزقة حدوثه لهم بهذا العدوان بعد ان وصل وضعهم الى حد اليأس بفعل ضربات الجيش السوري الموفقة للخلاص منهم. ولا نشك في ان سوريا سترد على هذا العدوان الغاشم ولكن براس باردة هادئة متروية فمن شبه المؤكد ان العدوان كان بمباركة امريكا لان رئيسها الذي يثبت باستمرار عبوديته لإسرائيل برره وبكل صفاقة بالدفاع عن النفس وهو يعلم انه كاذب مكشوف  فربما كان القصد جر سوريا الى معركة جانبية ليتيحوا لإتباعهم الإرهابيين المجال ليحققوا ما عجزوا عنه لحد الان. اما محاولة استعمال المنطق السليم مع هؤلاء التكفيريين بالقول ان دورهم سيأتي اذا سقط النظام وسيقضى عليهم لاحقا من حلفائهم الحاليين فهو شيء لا يستوعبه من باع نفسه للشيطان وغسل دماغه فلم يعد قادرا على التفكير والمحاكمة واصبح يتصرف كالآلة حتى ان الشعور الانساني انعدم عندهم ولا يفكرون الا بلقاء الحوريات ومن هنا نقول ان اعلان الدولة لوقف العمليات العسكرية ضد هذه النوعية من المخلوقات يعد انتحارا كونهم من بارك لإسرائيل عدوانها وتشفى وكبر استحسانا فالخيانة

  7. يقول عابر حدود:

    يا سيد عبدالباري انت تقول “لا بدّ ان القيادة السورية تدرك جيدا، او هكذا نأمل، انه اذا كان نظامها سيسقط، فمن الاكرم له ان يسقط في حرب ضد المحتل الاسرائيلي”
    انت تأمل أن يكون لدى هذ النظام قليل من الشرف .. أبشرك بأن هذا النظام لا يحمل ولا ذرة شرف .. فمن ينتهك الأعراض و يقتل الأبرياء و يقصف و يدمر أي شرف يرتجى منه؟ ثم إنه قد وجد أصلا لحماية شذاذ الآفاق أولئك بطريقة أكثر دهاء ربما و لكن المشيئة الإلهية فضحته .. ووحدها المشيئة الإلهية ستقضي عليه.

  8. يقول djerba /tunisia:

    الحاضر أثبت أن العرب قبائل متناحرة وستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .وبشار الأسد لن ثم لن يرد العدوان الإسرائيلي على الصهاينة بل سيكون العدوان على شعبه فهذه اللعبة المفضلة لدى العرب تقتيل بعضهم والإحتماء بالأجنبي وتاريخهم أثبت ذلك أنهم قبائل يعبدون الأجنبي وينحرون إبن جلدتهم . بالرغم من الثروات التي يملكونها لاعلوم لا إقتصاد لا تكنولوجيا لا فلاحة لاصناعة لاطب لاتعليم .الجهل هو سيدهم وتقتيل بعضهم هو هواياتهم فعبدة الذات الأميرية والملكية لاتنتظر منهم ردا .

  9. يقول لطفي سليمان:

    Posted May 6, 2013 at 3:54 PM
    كالعادة وكما حصل في السابق بشار يحتفظ بحق الرد في الوقت المناسب !!! أليس انسب أوقات الرد هو الآن وقبل ان ترد عليك إسرائيل وعلي صمتك الجبان وخوفك بهجوم آخر ؟ أم انت اسد علي شعبك الأعزل وفأر أمام الأعداء؟ لن يتغير حال آلامه العربية إلا عندما يحكمنا قاده مثل قاده إسرائيل . للأسف الشديد

  10. يقول سامح // الامارات:

    حتىّ لا نقسوا على ( الأسد ونظامه الأجوف ) : ـ
    ممكن ووارد أن يقوم بالخطوات التالية : ـ
    1 ـ الإيعاز ( لجماعة جبريل ) القيام بعدة عمليات في الجولان المحتل فقط .
    2 ـ القيام بقصف صاروخي ومدفعي لبعض المواقع الإسرائيلية بالجولان .
    أماّ قصف ( تل أبيب ) ممكن يقوم به ( الأسد ) وهو غارق في أحلامه ونومه .
    ( ايران ) : مستحيل تتدخل مباشرة لأسباب معروفة للجميع .
    ( حزب الله ) جاهز للرد ولا ينقصه الشجاعة وينتظر الوقت والظرف المناسب :
    مع التنويه أنّ : زج عناصره خلف الأسد ( خطأ إستراتيجي قاتل ) .
    * باقي ( الدول العربية ) …متفرجين …وشاهد مشافش حاجة …؟؟؟
    حياكم الله وشكرا .

1 11 12 13 14 15

إشترك في قائمتنا البريدية