أيام فقط بعد الرحيل المفاجئ للمدرب الفرنسي باتريس كارتيرون عن نادي الزمالك، ها هو السويسري رينيه فايلر مدرب الأهلي يصنع الحدث ويقترب من الرحيل عن القلعة الحمراء في سيناريو مماثل يشبه الزلزال الذي يضرب العريقين ويخلف ارتدادات يصعب ترميمها، بل يشبهه البعض بالعدوى التي انتقلت من الزمالك الى الأهلي، في وقت ذهب البعض الى الحديث عن مؤامرة تضرب معقل الناديين قبيل أيام عن موعد نصف نهائي دوري أبطال افريقيا، وتشعل وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي التي اعتبرت بدورها رحيل المدربين عن المعقلين أمرا غريبا، واستبعدت عامل الصدفة، خاصة وأن الأمور كانت تسير على ما يرام خلال الفترة الماضية التي فاز فيها الأهلي بالدوري، وفاز الزمالك بكأسي السوبر المصري والافريقي، وبلغا بعدها نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا.
البداية كانت برحيل الفرنسي باتريس كارتيرون إلى نادي التعاون السعودي مع تحمله تكاليف دفع قيمة الشرط الجزائي، وهو ما اعتبره كالمعتاد رئيس النادي مرتضى منصور بمثابة مؤامرة حيكت ضد فريقه قبل موعد قاري مهم بعد تألقه محليا وقاريا وفوزه الأخير في الدوري المصري على الأهلي بالثلاثة، ما دفع بمنافسه الأبدي ورئيسه الشرفي الأسبق تركي أل الشيخ وإدارة نادي بيراميدز، على حد قوله، إلى السعي بكل الطرق نحو ترحيل المدرب الفرنسي وبعدها التشويش على لاعبيه عشية موعد قاري مهم بتقديم عروض مغرية لنجومه.
مساعي الزمالك فشلت في إقناع مدربه بالبقاء، فلجأت إدارة الفريق الى الاستنجاد بمدربها الأسبق البرتغالي جيمي باشيكو الذي سبق له أن درب الزمالك قبل أن يهرب الى الشباب السعودي ومن ثم الى الصين، ليدخل في بطالة دامت ثلاث سنوات فيعود الهارب ليعوض هاربا آخر في سيناريو لا يحدث سوى في المسلسلات المصرية الدرامية التي يعاني فيها البطل لكنه لا يموت، لكن الغريب في الأمر أن الجمهور لم يعد يعرف من هو البطل ضمن ثلاثي المعادلة، هل هو كارتيرون، أم مرتضى منصور، أم هو كاتب السيناريو الذي كرر حكاية هروب أخرى بطلها السويسري رينيه فايلر مدرب الأهلي الذي سيرحل بدوره خلال الساعات الأولى لمطلع أكتوبر/تشرين الاول مستندا على أحد بنود العقد الذي يسمح له بالمغادرة قبل العاشر من أكتوبر بدون شروط من الأهلي.
مساعي إدارة النادي الأهلي بدورها فشلت في إقناع الرجل بالاستمرار، على الأقل إلى غاية نهاية مسابقة دوري الأبطال، رغم محاولاتها تقديم عرض للتوقيع على ملحق للعقد وتجاوز مرحلة صعبة وحساسة في حياة النادي الذي يدفع ثمن الهفوة التي ارتكبها في صياغة العقد الذي يربطه بالمدرب السويسري ويسمح له بالرحيل بدون تعويض، ليجد نفسه في مأزق تحمل التبعات والبحث عن البديل الذي سيكون محليا لا محالة بحكم ضيق الوقت والحاجة الملحة الى مدرب يعرف البيت جيدا وهو ما ينطبق على الكابتن محمد يوسف أو اللاعب السابق عماد النحاس الذي يشرف على المقاولين العرب.
اذا كانت وجهة كارتيرون معروفة منذ بداية الأزمة بعدما دفع قيمة الشرط الجزائي، إلا أن وجهة السويسري رينيه فايلر مدرب الأهلي لم تتضح بعد، ما يعزز كذلك الشكوك في نظرية المؤامرة التي سادت في بعض الأوساط الكروية، خاصة اذا كانت وجهته المقبلة نادي بيراميدز الذي سبق له وأن أغرى السويسري براتب خيالي، فضلا عن عروض أندية خليجية تترصد الوضع إيمانا منها بأن المدرب الذي ينجح مع الأهلي أو الزمالك وسط ضغوطات جماهيرية وإعلامية أكيد سينجح مع أي فريق خليجي، لكن الغموض يبقى يكتنف هوية البديل تحت ضغط الوقت والجماهير والاعلام، وموعد نصف نهائي دوري الأبطال الذي لم تعد تفصلنا عنه سوى بضعة أيام.
مهما كان البديل فإن الأكيد أن رحيل باتريس كارتيرون عن الزمالك ثم رينيه فايلر عن الأهلي في نفس الوقت وبنفس الشكل لا يمكن أن يكون من باب الصدفة، ولا يمكن أن يكون بسبب مؤامرة متبادلة بين الفريقين، لكنه أبدا ليس من باب الصدفة أيضا أن يحدث نفس المصير لعملاقي الكرة المصرية في نفس الوقت دون تدخل طرف ثالث يسعى الى خلط الأوراق والتشويش على الناديين أو إلهاء الرأي العام في مصر عن قضايا أساسية مهمة كما جرت العادة في كل مرة، خاصة وأن الأمر يتعلق بالفريقين الأكثر شعبية في مصر.
بعيدا عن نظرية المؤامرة التي تبقى قائمة، يجمع جزء كبير من المتابعين للشأن الكروي في الأهلي والزمالك على وجود خلل في التعامل وسوء في التسيير والتقدير والتخطيط في نهاية الجزء الأول من المسلسل، في انتظار الجزء الثاني الذي بدأ في الزمالك بتعيين مدرب جديد، أو بالأحرى ممثل جديد لن ينتزع لقب البطولة من الرئيس مرتضى منصور، في وقت دخل مسلسل الأهلي حلقاته الأخيرة بسيناريو تكميلي يحبذ البطولة الجماعية على الفردية المطلقة، ويعطي الوقت قبل اتخاذ القرار الملائم لكيان يملك تقاليد وثقافة بعيدة عن الارتجال والتهريج.
اعلامي جزائري
رحيل مدربي الزمالك والأهلي في فتره زمنية متقاربة مجرد مصادفة بحته ولا مجال لأي مؤامره في هذا الرحيل لمدربا الناديان .
ليتنا نكون واقعيين ونستفيق يوما ما من سباتنا العميق وننظر حولنا كيف تسير الأمور في الجهة الأخرى الذين لا يأمنون إلا بالعمل الجاد والنية الصادقة المرافقة له. المؤامرة أصبحت عندنا كحائط قصير نعبر به للجهة الأخرى بسهولة. كاردرون يجري وراء المال بعدما أسال لعابه العرض الجد مغري والذي لا يقاوم أما السويسري فكذالك لن يخرج من هذه الدائرة وتزامن ذالك في وقت واحد صدفة. إنتقلت للأسف الشديد نظرية المؤامرة من ساحة السياسة إلى ساحة ملعب كرة القدم…متى نستفيق؟