تتحفنا قناة ‘ام بي سي’ السعودية كثيرا من خلال برامجها المتعددة والمتنوعة. من هذه البرامج سباق الأغنية العربية الذي يبث في نهاية الاسبوع. لا شك ان سلبيات هذا العمل اكثر بكثير من ايجابياته. لقد اتبعت الفضائيات العربية النمط الغربي في تنويع البرامج والهدف بدون ادنى شك سياسي ديني، فالمغزى هو الهاء الامة عن مجاراة الاحداث السياسية التي تقع في عالمنا العربي والاسلامي واحداث مخلفات الربيع العربي واهمها الحرب الطائفية التي تدور رحاها في سورية. لا ريب ان تلك البرامج اضحت في وضع مشبوه تنذر بحقيقة الثقافة المسمومة التي تنهش لحمنا وتدمي قلوبنا. محمد عساف اسم في الاخبار، هذا الشباب ينحدر من عائلة فلسطينية هجرت من بلدها الاصلي قسطينة قضاء غزة قسرا، ابان النكبة ولجأت الى مخيم خان يونس للاجئين. اقيمت على اراضي القرية عدة مستوطنات منها مستوطنة ‘قريات ملاخي’، التي يقطنها يهود قدموا من اوروبا الغربية! اهمية القرية انها تقع على الطريق الاستراتيجي الذي يربط القدس ويافا بالمجدل على الساحل الفلسطيني، كانت البلدة مشهورة قبل النكبة بزراعة الحبوب والحمضيات حيث تربتها الخصبة، فجاء تدميرها ضمن احداث النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني من اجل افراغ فلسطين من محتواها الديني وتمزيقها من الجسد الاسلامي والعربي. لقد قصدت بريطانيا عرابة منح فلسطين لليهود من ذلك ايجاد منطقة عازلة في الشرق الاوسط لتمرير مخططها الذي يكمن في تفتيت الامة وتقطيعها اربا اربا، فعلى بعد عدة كليومترات من بلدة قسطينة المدمرة والى الجنوب الغربي تقع بلدتا كدنا وبيت جبريل المدمرتان على تراب تلك القريتين وقعت معركة اجنادين بين جيش المسلمين وجيش الروم، وانتهت المعركة بنصر ساحق للاسلام، الذي غير وجه التاريخ لتصبح الدولة التي اسسها الرسول عليه الصلاة والسلام والتي تعدت في حياته حدود الجزيرة العربية وبعض اجزاء من الشام، الدولة التي اخرجت الناس من الظلمات الى النور وسطع نورها بعد ذلك في ارجاء الارض. بعد تلك التوطئة اروم التكلم هنا عن بعض الاقلام المسمومة التي سارت مع الاعداء في محو وطمس مقومات الشخصية الاسلامية التي تحدت قبل ذلك العالم من خلال علومها ونهجها السليم، لقد تخطت تلك الاقلام الخطوط الحمراء ونعتت برنامج سباق الاغاني والمشتركين بابطال العرب، الذين رفعوا اسم بلادهم عاليا تيمنا بالقادة الذين وهبوا حياتهم لتمكين الامة وتمكين الاسلام فوحدوا الامة وازالوا السدود والحدود وفتحوا الاندلس الى ان وصلت الدعوة الاسلامية مشارف فرنسا. هذا التاريخ المشرف تآكل بفعل عوامل التعري السياسي للنيل منا وضمن مخطط مدروس ما زالت بنوده تطبق حتى ساعة الناس هذه. لنعود الى الاغنية محور هذه المقالة، سواء كانت عاطفية ممزوجة بالحب العذري او التي تعبر عن حب الديار فهي لا تصل الى درجة المساهمة الفعالة في توحيد الصف، ولم الشمل، فهذا العساف يغرد من بيروت املا في لم شطري البلاد وما زالت المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية تراوح مكانها، اللهم ان كلماته التي نثرها بعبق الموسيقى في ارجاء العالم جلبت له حفنة من الاصوات اهلته الى ان يصل الى مرحلة متقدمة وتاه السواد الاعظم من محبي الطرب في طريق لا يغني ولا يسمن من جوع، اما البقية فقد وقفوا على اطلال الذكريات ليتذكروا قرى ومدن وفلسطين التاريخية المدمرة التي بلغت حوالي اربع مائة قرية مدمرة ما فتئت ترنو الى من يحررها منالاسرائيليين. يا ليت الاغنية توصلنا الى دروب النصر وتحرير القدس الذي يهود امامنا وتدمر ابنيته الشاهدة على اسلاميته وتاريخه العريق. واخيرا ان برنامج سباق الاغنية لا يخلو من الترف المادي وحتى الجسدي. احدى الممتحنات في البرنامج تسربلت ثيابا نفيسة الثمن وتزينت بعقود الالماس والذهب قدرت قيمتها بملايين الدولارات، وفي نفس السياق قدمت شركة جوال الفلسطينية عروضا مغرية لتشجيع الشعب للتصويت لصالح المتسابق الفلسطيني، وقال الموقع الاخباري الذي نقل الخبر ان اكثر من مليون واربعمائة رسالة ارسلت من اجل انجاح المتسابق الفلسطيني، اذن اموال طائلة ذهبت ادراج الرياح في الوقت الذي لا تجد فيه الاف العائلات الفلسطينية ما تسد رمق اطفالها ولا تجد ملجأ تأوي اليه وهذا ينسحب على العرب، وبشكل عام في مصر الفقر المدقع وملايين الناس تروح خماصا وتعود خماصا والجوع يأكل احشاء اطفالهم، ولكن لا مغيث.