وصل تنظيم “عرين الأسود” المسلح في نابلس إلى نهاية طريقه بعد بضعة أسابيع من بدئه العمل، كما ضعفت في منظمة “كتيبة جنين” أيضاً في الأسابيع الأخيرة، فكلتاهما لم تصمدا أمام الضغط الذي مارسه عليهما الجيش الإسرائيلي، وكذا ضغط أجهزة أمن السلطة الفلسطينية التي نجحت في احتوائهم دون سفك دماء. في نابلس قتل قسم من أعضاء التنظيم، وآخرون سلموا أنفسهم للأجهزة. أما في جنين فقد استنزف رجال التنظيم بشكل مشابه. هكذا عملياً وصل الأول إلى نهاية طريقه رغم استعراضاته وإيضاحاته بأنه من السابق لأوانه تأبينه، وقل حجم نشاط ذاك التنظيم الذي في جنين صاحب التقاليد الأطول كمركز للمقاومة.
يخلف التنظيمان وراءهما “إرثاً قتالياً” ونموذجاً يحاول كثير من النشطاء، حالياً، كأفراد في أماكن مختلفة في الضفة الغربية الاقتداء به. ودافع أعمالهم هو الإحباط من الواقع الفلسطيني الداخلي البشع والمتواصل المتمثل بغياب القيادة والاتجاه والطريق، مما خلق فراغاً يسمح -بزعمهم- لإسرائيل العمل في المناطق التي تحت سيطرة السلطة الفلسطينية كما تشاء. حركة فتح، و”م.ت.ف”، والسلطة الفلسطينية التي تمثل قطباً واحداً من الفراغ، تواصل رغم ضعفها الكبير الاعتماد على القواعد التي تقررت في اتفاقات أوسلو كالفكر الأساس، بما في ذلك السعي إلى المفاوضات السياسية، والتنسيق الأمني والعلاقات الاقتصادية مع إسرائيل. بالمقابل، تسعى حماس للمحافظة على قواعد اللعب الجديدة التي نشأت بينها وبين إسرائيل في قطاع غزة، والتي أدت إلى هدوء لسكان المنطقة وتسمح بإعمار وتنمية البنى التحتية في القطاع. ليس لحماس مصلحة في خرق هذه القواعد والدخول في مواجهة أخرى مع إسرائيل، وجلب الدمار والخراب للقطاع. وهكذا فإن السلطة وحماس تسعيان للمحافظة على إنجازاتهما التي تعتمدان عليها في الصراع بينهما – ما دام خيار الوحدة المنشودة بينهما لا يلوح في الأفق. وعليه، فإن مدى عمر كل تنظيم كـ “عرين الأسود” قصير؛ لأن حكمه أن يصبح هدفاً لجهاز الأمن الإسرائيلي ولخصم في نظر أجهزة الأمن الفلسطينية، وكذا لأنه لا بنية تنظيمية أو شخصية له تعالج الرسالة التي يسعى لتحقيقها من خلال أعماله وتحويلها إلى مفهوم فكري يعرض على الجمهور اتجاهاً مختلفاً عن ذاك الذي تعرضه القيادتان القديمتان: فتح وحماس. فما بالك أن القاسم المشترك لهؤلاء الشباب لا يقوم على أساس رؤية أو ميل سياسي مشترك، وأن كل طريق بديل يعرضونه قد يفكك تنظيمهم.
إن الضعف القيادي وضياع الطريق أخذا يلوحان بعد بضع سنوات من الانقسام بين قطاع غزة والضفة الغربية، مع فشل مسيرة أنابوليس، وتعاظما جداً من 2015 حين تولت حكومات إسرائيلية تتميز بخط يميني واضح، أزالت عملياً خيار المفاوضات والتسوية السياسية عن جدول الأعمال، ما رفع علامة استفهام حول جدوى الطريق السياسي في الساحة الفلسطينية. كما أن الفساد الذي ينكشف بقوة أكبر كلما تمسكت السلطة الفلسطينية بالحكم هو مادة اشتعال متراكمة. هذا هو الأساس لتنظيم كعرين الأسود، لشباب (من سنوات العشرين وحتى بداية سنوات الأربعين)، ممن ليس لهم قواسم سياسية محددة مشتركة. أما العطف الشعبي لأعمالهم، والمهرجانات العديدة التي أجروها، والتغطية الإعلامية الكبيرة التي أعطيت لهم، والانشغال المكثف لإسرائيل بهذه الظاهرة… فقد زادت سمعتهم في نظر العديد من الشباب وجعلتهم نموذجاً للاقتداء.
سلوك المقلدين -عدي التميمي الذي قتل المجندة نوعا لازار على حاجز شعفاط في 8 تشرين الأول، ومحمد الجعبري، منفذ عملية الخليل التي قُتل فيها رونين حنانيا في 29 تشرين الأول – يدل على استعداد للتضحية يختلف عن ذاك الذي أبداه منفذو العمليات الانتحارية الإسلاميون في الماضي. فقد سعوا لخلق صورة “أبطال” يحملون السلاح حتى بعد أن يصابوا. فمنفذ العملية الذي قتل المجندة لم يعثر عليه على مدى عشرة أيام واكتشف مرة أخرى عندما جاء لينفذ عملية ثانية أخرى على مدخل “معاليه أدوميم” في 19 تشرين الأول. المنفذ الذي واصل إطلاق النار حتى بعد أن أصيب بعدة رصاصات إلى أن صفي، ترك رسالة أوضح فيها بأن كل ما يريده هو أن يكون نموذجاً لشباب آخرين، مع العلم أن ليس في فعله ما يحقق تحرير فلسطين. أما الثاني، الذي كان على ما يبدو مرتبطاً بحماس، فقد أوضح في رسالة تركها بأنه لا يعمل باسم تنظيم، وكل سعيه أن يموت شهيداً. بالمقابل، ثمة بيان نشره رجال “عرين الأسود” مجده ووصفه كواحد من أسود الخليل. في عمليتي دهس آخرين، انكشف سلوك مشابه للمنفذين الذين واصلوا العمل حتى بعد أن أصيبوا: دهس مزدوج في 30 تشرين الأول في النبي موسى وعلى الحاجز المجاور، ودهس ضابط الجيش الإسرائيلي على حاجز “بيت حورون” في 1 تشرين الثاني.
تواتر العمليات من هذا النوع، إلى جانب نقد حاد موجه للسلطة الفلسطينية بسبب محاولات أبو مازن الأخيرة مزيداً من قضم جهاز القضاء الفلسطيني – مثل إقامة مجلس أعلى برئاسته لكل الهيئات القضائية في السلطة، وقراره حل نقابة الأطباء المنتخبة دون تفسير مقنع، كل هذه تدل إما على فجوة كبيرة بينه وبين الجمهور أو على تمترسه في الحكم بينما يتزايد الهياج ضده والترقب لرحيله. هذه فترة انتقالية تتميز بشلل سياسي، بغياب قدرة عمل على إعادة بناء المجتمع وترقب بائس لجهة خارجية تنقذ الساحة من شللها. إسرائيل، وبقوة أكبر بعد انتخابات تشرين الثاني 2022 تعزز الفهم المتبلور منذ زمن بعيد في أوساط الفلسطينيين بأنها لن تعترف بهم كشعب ذي حقوق لتقرير المصير، وأن ليس لها أي مصلحة في الدفع قدماً بحل الدولتين أو المعالجة الناجعة لعنف المستوطنين اليهود ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم. وهكذا تساهم إسرائيل كثيراً في تسريع سياقات التفكك في الساحة الفلسطينية.
رجال “عرين الأسود” وأولئك الذين يأتون أو سيأتون بعدهم يقولون لإسرائيل بأنهم لا يؤمنون بأن بوسعهم أن يطردوها من أراضي السلطة الفلسطينية ومن الضفة الغربية، وأن نيتهم رفع المسألة الفلسطينية إلى جدول أعمال المجتمع الإسرائيلي. كما إنهم يريدون القول للسلطة الفلسطينية بأنهم ملوا دورها كعميلة مع الاحتلال الإسرائيلي وأنه لا يحتمل مواصلة التنسيق الأمني مع إسرائيل دون استئناف المسيرة السياسية. كما يسعون لوضع حد للفساد داخل مؤسسات السلطة، وخلق حلول عمل للخريجين الكثيرين في الجامعات.
اشتد التدهور في مكانة السلطة الفلسطينية وفي مكانة أبو مازن الشخصية بشكل واضح من قراره في أيار 2021 إلغاء الانتخابات للمجلس التشريعي. فهو يواصل الحكم بقوة حقيقة أن ليس له بديل متفق عليه وغياب القدرة على الاتفاق على بديل، وكذا بقوة أداء المؤسسات التي نشأت في عهده وتثبتت في وعي الجمهور كعنوان، بينما المقدرات المادة التي تحت تصرفه تحفظ ولاءها وأداءها. إسرائيل التي هي الأخرى كانت معنية بإلغاء الانتخابات، مطالبة الآن بإعادة تقويم سياستها. فهل كان امتناعها عن الحوار مع الجانب الفلسطيني أجدى لأمنها؟ وإلى أي مدى ردع محافل فلسطينية عن التوجه إلى العنف؟ هذه المراجعة يفترض أن تشير إلى الحاجة إلى إعادة إطلاق علاقاتها مع الفلسطينيين، والإعلان عن أبو مازن أو من سيحل محله ويسير في طريقه كشريك، وعن الاستعداد للبدء في حوار معه لأجل إحلال الاستقرار وإعادة زرع الأمل في أوساط الفلسطينيين.
الحكومة الجديدة التي ستقوم في إسرائيل قريباً والتي يرى عنصر قوي فيها أن الفلسطينيين رعايا بمكانة ضعيفة مطالبين بإبداء الولاء والتسليم بالحكم الإسرائيلي، وكذا ترى في استمرار مشروع الاستيطان تجسيداً لوجودها كجسم سياسي- ستكون مطالبة بلا شك بمراجعة منظمة الاعتبارات التي توجه منذ أكثر من 55 سنة جهاز الأمن في نشاطه داخل “المناطق” [الضفة الغربية] وفي علاقاته مع السكان الفلسطينيين.
كيف تمنع انفجارات عنف في أماكن مختلفة في المنطقة ذاتها في واقع تعيش فيه جماعتان سكانيتان معاديتان، فيما يعتمل الغضب والمشاعر الوطنية الفلسطينية بشكل دائم. كيف يمنع انفجار واسع بين جماهير فلسطينية غير مسلحة؟ إذا لم يكن في نية إسرائيل أن تستجيب للتوقعات الفلسطينية في المجالات الوطنية والسياسية أو لاستئناف الحوار السياسي مع الطرف الفلسطيني فعليها أن تقترح بديلاً محترماً يعطي جواباً للوضع اليائس بين الفلسطينيين، لتنمية اندماجهم في الاقتصاد ومراكز العمل الإسرائيلية وبقدر ملموس من المساواة. في الساحة الداخلية في إسرائيل، ستحاكم الحكومة الجديدة وفقاً لمدى الهدوء الذي سيسود في ساحة النزاع وبالأفق الذي تخلقه لمستقبلها كدولة يهودية. أما الأسرة الدولية فستحاكم الحكومة وفقاً لمعاملتها مع السكان الفلسطينيين.
بقلم: يونتان تسوريف
نظرة عليا 14/11/2022
بل عرين الأسود هو الذي سيسود رغم أنف دويلة الإجرام الاسرائيلي الصهيوني العنصري البغيض بحق الفلسطينيين هذي عقود وعقود وعقود والله ينصر فلسطين و يهزم إسرائيل شر هزيمة يارب العالمين عاجلا غير آجل ????????????????
عرين الأسود ستكسر أكذوبة دويلة الخراب والسراب الصهيوني الاسرائيلي العنصري البغيض التي لا تقهر، وإن كانت أمريكا اللعينة الخبيثة وأوروبا العنصرية المنافقة تدعمانها هذي عقود وعقود وعقود، فما بني على باطل فهو باطل و دويلة الباطل إسرائيل المحتلة لأرض فلسطين إلى زوال مهما طال الحال ??????????????
عرين الاسود تمت محاربته
حكومة إسرائيل القادمة بقيادة نتنياهو كما الحكومات الإسرائيلية السابقة لن تستجيب لحوار سياسي يفضي إلى إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإحلال سلام عادل شامل كامل دائم يؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة المطلقة وعاصمتها القدس.
جميع المعطيات والمؤشرات تؤكد أن حكومة نتنياهو القادمة تقول أن إسرائيل سوف تسير قدما في ضم الضفة الغربية وعزل المحافظات الفلسطينية عن بعضها بعضا من خلال إنشاء إنفاق وجسور وطرق التفافية تربط المستوطنات غير الشرعية المقامة في الضفة الغربية بعضها بعضا بالإضافة إلى شرعنة 62بؤرة استيطانية وبذلك من وجهة نظرها بذلك تكون قد اجهضت حل الدولتين بشكل نهائي.
الفلسطيني لن يستسلم أمام ما تقدم، وحتما سيخرج ألف عرين اسود حتى لو لم تكن ضمن إطار تنظيمي حزبي منظم ممنهج، أو غير متبنى من تنطيمات موجودة أصبح همها الأول والأخير البقاء على رأس سلطة وهمية هشه لا تلبي أحلام وطموحات شعب فلسطين المحتل المكلوم…
سيأتيكم غضب الله تعالى وجنوده من حيث لم تحتسبوا. وسيهدم بيت العنكبوت الذي شيدتوه بالكذبة الصهيونية على أرض فلسطين. كل فلسطين من النهر إلى البحر. وإنتظروا إني معكم من المنتظرين