عواصم: تكدس العقوبات الاقتصادية الغربية لمعاقبة روسيا على غزوها لأوكرانيا مجموعة جديدة من العوامل المجهولة على الاقتصاد العالمي الذي تضرر بالفعل بسبب جائحة فيروس كورونا وعشر سنوات من القروض منخفضة الفائدة.
وتعد محاولة استبعاد قطاعات كاملة من الاقتصاد الذي يحتل المركز الحادي عشر على مستوى العالم من النظام التجاري غير مسبوقة في عصر العولمة مع الأخذ في الاعتبار أيضا أن روسيا هي المورد لسدس جميع السلع.
وستؤثر العقوبات التي تم الكشف عنها حتى الآن على أعمال البنوك الروسية التي تتعامل بالدولار واليورو والجنيه الاسترليني والين. كما ستحد قيود التصدير الأمريكية من وصول روسيا إلى الإلكترونيات وأجهزة الكمبيوتر بينما تعمل العواصم الأوروبية على تعديل ضوابط وإجراءات مماثلة للتصدير لاستهداف قطاعي الطاقة والنقل.
وفي الوقت الحالي، لن تفرض الدول الغربية على الاقتصاد الروسي أي شيء مثل العزلة، فالغاز الذي تعتمد عليه أوروبا سيستمر في التدفق وستحتفظ البنوك الروسية بإمكانية الوصول إلى نظام تبادل الرسائل المصرفية العالمي سويفت .
لكن لا يزال من الممكن اتخاذ المزيد من الإجراءات العقابية، في حين أن فوضى الصراع والتدابير المضادة المتوقعة من قبل موسكو تجعل من المحتمل أن يكون هناك بعض العزلة للاقتصاد الروسي وموارده الضخمة.
وقالت مجموعة أوراسيا لاستشارات المخاطر السياسية في مذكرة إن ” من المرجح أن تتسبب الحرب والعقوبات واحتمال قيام روسيا برد فعل انتقامي مؤثر في صدمة ركود عالمي قاسية”.
وأضافت “من المرجح أن تتسبب العقوبات المفروضة على البنوك والتجارة الروسية في اضطرابات خطيرة في التجارة العالمية والعلاقات المالية مع آثار واسعة النطاق”.
وسيكون التأثير المبدئي متواضعا، لا سيما بعد عامين من كوفيد-19 واللذين شهدا ركودا عالميا.
وقالت شركة أكسفورد إيكونوميكس إنها تتوقع الآن أن يصل التضخم العالمي هذا العام إلى 6.1 بالمئة ارتفاعا من 5.4 بالمئة، استنادا إلى تأثير العقوبات واضطراب الأسواق المالية وارتفاع أسعار الغاز والنفط والغذاء.
وعلى الرغم من أن هذا سيزيد من المخاوف بشأن تكلفة المعيشة، خفضت أكسفورد توقعاتها لنمو الناتج العالمي 0.2 نقطة إلى 3.8 بالمئة هذا العام و0.1 نقطة فقط إلى 3.4 بالمئة في عام 2023.
وهذه الجرعة الصغيرة من “التضخم المصحوب بالركود الاقتصادي” تمثل مشكلة للبنوك المركزية التي تحاول تقليل التحفيز وإعادة أسعار الفائدة الأساسية إلى ما يشبه المعدل الطبيعي بعد عقد من الزمن وهي بالقرب من الصفر.
لكن في الوقت الحالي، يوجد إجماع على أن التشديد يمكن أن يستمر بحذر.
محور
ستعتمد التغييرات الهيكلية الأكثر عمقا على كيفية تأثير العقوبات في الوقت المناسب، لا سيما في مجالات السلع والطاقة والتمويل.
وقال أحد المحامين المتخصصين لرويترز إنه حتى بدون استبعاد البنوك الروسية من نظام سويفت، فإن مجرد تأثير العواقب القانونية على أي بنك غربي يثبت أنه انتهك العقوبات يمكن أن يكون له “تأثير مخيف على الأعمال”.
الشيء نفسه ينطبق على الخدمات المالية الأخرى.
وتظل كيفية تطبيق العقوبات على موارد الطاقة والسلع الروسية الضخمة غير واضحة.
وتنتج روسيا عشرة بالمئة من النفط العالمي وتزود أوروبا بأربعين بالمئة من الغاز. كما أنها أكبر مصدر للحبوب والأسمدة في العالم، وأكبر منتج للبلاديوم والنيكل، وثالث أكبر مصدر للفحم والصلب، وخامس أكبر مصدر للأخشاب.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن العقوبات مصممة بحيث يكون لها تأثير تجميد طويل الأجل على الاقتصاد الروسي. فكيف يمكن أن ترد موسكو على تلك العزلة الزاحفة؟
وقالت وزارة الاقتصاد الروسية اليوم الجمعة إنها تتوقع اشتداد ضغوط العقوبات التي تعرضت لها منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، وإنها تخطط لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع دول آسيوية.
وسيعتمد مثل هذا المحور بشكل خاص على رؤية بكين فائدة في ظهور تكتل تجاري صيني روسي كبديل قابل للتطبيق للقنوات الغربية.
وبعد مشاكل سلاسل التوريد في عصر الجائحة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاقم ارتفاع الأسعار ونقص السلع اللذين يضران بالاقتصاد العالمي.
(رويترز)