عشرات القتلى بعد توسع الاشتباكات بين «تحرير الشام» و«الجبهة الوطنية» شمال سوريا

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي» : تتسع دائرة الاشتباكات المحمومة بين فصائل المعارضة السورية وهيئة تحرير الشام التي تشكل جبهة النصرة نواتها الصلبة، لليوم الثالث على التوالي، حيث امتدت من ريف حلب الغربي، إلى ريف معرة النعمان في القطاعين الجنوبي والجنوبي الشرقي من ريف إدلب، ثم إلى ريف حماة، ما خلف أكثر من 80 قتيلاً بينهم مدنيون وأطفال، فيما ينظر النظام السوري إلى الاقتتال في آخر منطقة خارجة عن سيطرته كهدية من النصرة تشرعن له التدخل في المنطقة. يجري ذلك وسط بروز رغبة النصرة في القضاء على بعض تشكيلات المعارضة والثأثر منها، وتمكين مستوى وجودها وترسيخ بقائها؛ وهو ما يقتضي توسيع نطاق السيطرة وتعزيز مصادر القوة والثروة لـلـ «نصرة» على الأرض،
الاقتتال الدامي بين كبرى فصائل الشمال السوري، دعا الأطراف إلى طلب النفير العام من مقاتليها، حيث أصدرت الجبهة الوطنية للتحرير المقربة من الحكومة التركية، بياناً، أعلنت خلاله النفير العام لصد «عدوان هيئة تحرير الشام»، وقالت في بيانها ان القيادة العسكرية «تعلن النفير العام على كامل التراب المحرر للتصدي لتلك الاعتداءات وردع الظالم واسترداد المناطق كافة التي اغتصبتها ولن نسمح لمن ضلت بوصلة سلاحه أن يتحكم بثورة ضحى لأجلها ملايين الناس». وأشارت إلى أن «هيئة تحرير الشام تضحي بتضحيات ملايين الناس على حساب طموحها بحب السلطة»، داعية المهاجرين إلى مناصرتها في القتال أو اعتزاله.

الاقتتال يمتد

وامتد الاقتتال من ارياف حلب وإدلب إلى محافظة حماة، حيث بدأت بين تحرير الشام و»نور الدين زنكي» يوم الثلاثاء في ريف حلب الغربي وامتدت إلى سراقب ومحيط معرة النعمان وجبل شحشبو وجنوب إدلب ثم إلى مناطق في سهل الغاب في ريف حماة، في ظل انقطاع للطرق الرئيسية وطرق الإسعاف والإمدادات التموينية.
ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان هجوماً تنفذه حركة أحرار الشام الإسلامية المنضوية تحت راية الجبهة الوطنية للتحرير على مواقع هيئة تحرير الشام في منطقة قسطون في سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، في حين لا تزال المعارك العنيفة متواصلة على محاور عدة ضمن جبل شحشبو في الريف الإدلبي، بين الجبهة الوطنية للتحرير من طرف، وهيئة تحرير الشام من طرف آخر، في ظل هجمات معاكسة تنفذها الوطنية للتحرير لاستعادة ما خسرته لصالح تحرير الشام منذ صباح أمس الخميس، إذ تمكنت من استعادة كل من ميدان غزال وشهرناز والديرونة وشير مغار ومزرعة الجاسم وجب سليمان وشولين، فيما بقيت ارينبة وكرسعا والفقيع، تحت تسيطر عليها تحرير الشام بعد هجمات أمس الخميس، أما في القطاع الغربي من ريف حلب، فتستمر الاشتباكات بين حركة نور الدين الزنكي، وبين هيئة تحرير الشام، بوتيرة عنيفة على محاور بلنتا والجينة ومحاور أخرى في المنطقة.

«معارك مصيرية» في ريف حلب… و«النصرة» تسعى «لشرعنة» وجودها

وارتفع عدد قتلى جبهة النصرة حسب المرصد السوري لحقوق الانسان إلى 41 على الأقل فيما ارتفع قتلى حركة نور الدين الزنكي إلى 34 خلال المعارك، في حين قتل 6 مدنيين بينهم ممرض وطفلان، في القطاع الغربي من ريف حلب، فيما تسببت الاشتباكات بجرح وأسر عدد كبير من مقاتلي الطرفين.
وتدل المؤشرات على ان الجبهة الوطنية توسع نطاق عملياتها للسيطرة على الخط الواصل بين «عفرين» شمال غربي حلب وبين «دارة عزة» غربها، من اجل قطع الطريق أمام جبهة النصرة التي تحاول السيطرة على خط الاتصال بين منطقة عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون من جهة ومنطقة خفض التصعيد الرابعة من جهة ثانية، حيث تمكنت الجبهة الوطنية المدعومة من انقرة في هجوم معاكس استخدمت خلاله الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، من استعادة قرى عدة كانت قد خسرتها لصالح «تحرير الشام» تقع في جبل شحشبو شمال حماة، أهمها قرى شهرناز، وجب سليمان، والديرونة، وقره جرن، وميدان غزال، ومزرعة الجاسم، في جبل شحشبو.
ووفقاً لمصادر محلية فقد هاجمت «هيئة تحرير الشام» مناطق سيطرة حركة أحرار الشام المنضوية تحت لواء «للوطنية للتحرير» في جبل شحشبو، وسيطرت على أكثر من 10 قرى وبلدات في ريف إدلب الجنوبي وجبل شحشبو.
وحسب مراقبين فإن سلوك هيئة تحرير الشام في القتال والرغبة في القضاء على بعض فصائل المعارضة، وانتزاع مناطق سيطرتها يركز على الحفاظ على وجودها وبقائها، وهذا «يقتضي ترسيخ نفسها كتنظيم جهادي محلي، بمعنى آخر أنها تسعى لإخراج نفسها من دائرة وقوائم الإرهاب، وبالتالي ليس مستبعداً أن تغير اسمها وشكلها وهيكلها لنموذج موازٍ يتناسب مع ذلك».
كما تسعى الهيئة إلى «تحسين مستوى وجودها وبقائها؛ وهذا يقتضي توسيع نطاق السيطرة على الأصعدة كافة، وبالتالي تعزيز مصادر القوة والثروة على الأرض، إضافة إلى محاولتها تحصيل الشرعية؛ عبر تحويل العلاقة مع القوى الدولية بحكم الواقع إلى عامل «حماية» لها، وهذا يعني أنها لا تسعى إلى تحصيل هذه الحماية عبر توفير الرعاية للسكان المحليين».
عمر رحمون أحد أبرز عرابي المصالحات مع النظام السوري في مناطق سورية عدة عقب على الهجمات التي تشنها النصرة على فصائل المعارضة عبر حسابه على «تويتر» معتبراً ذلك هدية للنظام السوري لا تقدر بثمن وكتب «بكل تأكيد فان هجوم جبهة النصرة على الزنكي مكسب كبير للجيش السوري. فاجتثاث فصائل المعارضة وتفرد جبهة النصرة الإرهابية في إدلب يعطي الجيش السوري شرعية الهجوم وتطهير إدلب من الإرهاب». وتابع «ما تقدمه جبهة النصرة من خدمات لنا تعجز الكلمات عن تقديرها وشكرها».

دعوة إلى الانشقاق

وأصدر المجلس العسكري في بلدة كفرومة، ، بياناً، اتهم فيه «هيئة تحرير الشام» بالطعن بأهداف الثورة، مطالباً عناصر الهيئة «بالانشقاق عن صفوفها خلال مدة أقصاها 48 ساعة وتسليم الأسلحة للمجلس العسكري في البلدة ومحاسبة جميع من يتخلف عن ذلك». وجاء في بيان المجلس العسكري «بعد بغي هيئة تحرير الشام، على فصائل الثورة السورية في الشمال السوري وإلحاق الضرر بالثورة السورية والعمل ضد أهدافها بشكل واضح للعيان، وحرصاً منا على حقن الدماء».
وأضاف المجلس، في بيانه أن «بلدة كفرومة بجميع مكوناتها المدنية والثورية توجه رسالة إلى عناصر هيئة تحرير الشام في بلدة كفرومة، بالانشقاق عن صفوف الهيئة، وتسليم السلاح للمجلس العسكري في غضون 48 ساعة من تاريخ صدور البيان».
وأشار المجلس العسكري إلى أن «كل من يعلن انشقاقه ببيان واضح وصريح ويتعهد بعدم العودة، له ما لنا وعليه ما علينا، وكل من يبقى في صفوف الهيئة ممنوع من العودة إلى البلدة أو المرور فيها، مشدداً على محاسبة كل من يثبت تورطه بالتعامل مع فصيل هيئة تحرير الشام بقتال الفصائل العسكرية وحمل السلاح ضدهم و»إراقة دمائهم ودماء المدنيين».

فتوى شرعية

المجلس الإسلامي السوري دعا في بيان له، فصائل الجيش السوري الحر إلى التوحد لمواجهة ما سماه «بالبغي» من قبل هيئة تحرير الشام، وقال المجلس في بيانه، إن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) قد أدمنت البغي على كتائب الجيش الحر وقتل وأسر المدنيين الأحرار، حيث لا يردع قيادتها رادع من دين أو خلق عن ارتكاب الفظائع وإراقة الدماء.
وتابع «قامت هيئة تحرير الشام بالبغي على أكثر من خمسة عشر فصيلاً عسكرياً مجاهداً، مما أضعف الجبهة ضد النظام الأسدي المجرم، وهي ترفض في كل مرة التقاضي إلى محكمة شرعية مستقلة في أي نزاع يقع بينها وبين غيرها من الفصائل بل تعمد إلى القتال وكأنها الحاكم الشرعي للمنطقة على طريقة الخوارج والبغاة الذين ابتليت بهم هذه الأمة منذ زمن بعيد» مشيراً إلى التوقيت الذي تعمدت فيه هيئة تحرير الشام شن عملياتها ضد الجيش الحر، حيث تصب الأخيرة اعمالها على ترتيب صفوفها والتجهيز من اجل قتال قوات قسد.
ودعا المجلس «فصائل الجيش الحر إلى الوقوف صفاً واحداً لدحر هذه الهيئة الباغية حتى لا تتمكن من العودة إلى العدوان مرة أخرى». ملمحاً إلى استخدام الشباب «وقوداً لمعارك» ودعا المجلس «الهيئات الثورية وجميع أنصار الثورة الأحرار إلى التظاهر والاحتجاج ضد العمل الآثم والعدوان الغاشم الذي تقوم به هيئة تحرير الشام».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية